Breadcrumb
تحذير أممي من عواقب الصراع الإقليمي على سوريا وتأكيد الحاجة إلى استئناف العملية السياسية
جاء ذلك خلال جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي، بعد ظهر اليوم الأربعاء، لبحث الوضع في سوريا. وقال بيدرسون إن تبعات الصراع في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها غزة، وفي لبنان، تنعكس على سوريا، مؤكدا أن سوريا "تتطلب اهتمامنا الجماعي".
وأوضح أن التطورات الأخيرة هي بمثابة تذكير صارخ بهشاشة الوضع في سوريا، مشيرا إلى أن "المقاربات الجزئية أو سياسات إدارة الصراع لا يمكن أن تُعالج حجم التحديات المتزايدة التي تواجهها سوريا".
وأشار غير بيدرسون إلى أن سوريا لا تزال تعاني من حالة من الصراع العميق، "حيث ينقسم السوريون سياسياً وجغرافياً في مناطق مختلفة، ويتعرضون لضغوط هائلة ومختلفة". وأكد أنه لا يوجد حل سريع لتلك التحديات، معربا عن خشيته من أننا سنستمر في رؤية سوريا تعاني من أزمة تلو الأخرى دون نهاية، ما لم تُستأنف العملية السياسية بقيادة السوريين وبتيسير من الأمم المتحدة، والتي توقفت منذ فترة طويلة.
ومضى قائلا: "يحتاج السوريون اليوم إلى الحماية العاجلة من خلال عملية خفض التصعيد والدعم اللازم لمواجهة الأزمات الواحدة تلو الأخرى. ويحتاجون أيضاً إلى مسار سياسي شامل للخروج من الصراع وتنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2254، الذي يعيد سيادة سوريا، ويعيد كرامة الشعب السوري الذي عانى طويلاً، ويُمكّنه من تقرير مستقبل بلاده بشكلٍ مستقل، ويُساهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة".
وأكد المبعوث الأممي الحاجة إلى تعاون وانخراط الأطراف السورية وجميع الأطراف الرئيسية.
أسرع وتيرة من الضربات الجوية الإسرائيلية
قال بيدرسون إن الشهر الماضي شهد أسرع وتيرة من الضربات الجوية الإسرائيلية وأوسعها نطاقاً خلال السنوات الثلاث عشرة الماضية، حيث تم قصف عشرات المواقع في جميع أنحاء سوريا، بما فيها المناطق السكنية، حتى في قلب العاصمة دمشق.
وفي المجمل، ذكرت الحكومة السورية أن إسرائيل ضربت الأراضي السورية أكثر من 116 مرة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، مما أدى، وفقا للحكومة، إلى مقتل أكثر من مائة شخص.
خمس خطوات عاجلة
وقال المبعوث الخاص إلى سوريا إننا نشهد الآن توافر كافة العناصر اللازمة لعاصفة عسكرية وإنسانية واقتصادية تضرب سوريا المدمرة بالفعل، مع عواقب خطيرة ولا يمكن توقع مداها على المدنيين وعلى السلم والأمن الدوليين. ووجه في هذا الصدد خمس مناشدات عاجلة:
أولا، لابد من حماية سوريا من آثار الصراع الإقليمي. وجدد في هذا الصدد الدعوة إلى احترام سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها.
ثانيا، لابد من تهدئة التوترات الإقليمية بشكلٍ فوري. وهنا كرر دعوة الأمين العام إلى وقفٍ فوري لإطلاق النار في غزة ولبنان.
ثالثا، هناك خطر من أن يؤدي التصعيد الإقليمي إلى انهيار اتفاقيات وقف إطلاق النار التي نصت على وأدت – وإن كان بشكل غير مثالي – إلى تجميد خطوط التماس داخل سوريا لما يقرُب من أربع سنوات. وأكد الحاجة إلى مزيد من العمل لخفض التصعيد وصولا لوقفٍ شامل لإطلاق النار على المستوى الوطني بما يتماشى مع القرار 2254.
رابعا، يجب على جميع الجهات الفاعلة، السورية والدولية - بما فيها إسرائيل - الامتثال لأحكام القانون الدولي الإنساني، بما في ذلك مبادئ التمييز والتناسب والحذر.
خامسا، ذكّر المبعوث الخاص بأهمية وجود قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك، مشددا على ضرورة التزام الطرفين بشروط اتفاق فض الاشتباك.
فرار المئات من لبنان إلى سوريا
وأشار بيدرسون إلى فرار مئات الآلاف من السوريين واللبنانيين من لبنان إلى سوريا – "إلى بلدٍ يشهد هو نفسه صراعاً متصاعداً". وقد أفادت مفوضية شؤون اللاجئين بعبور نحو 425 ألف شخص إلى سوريا في الأسابيع الأخيرة، هرباً من الضربات الجوية الإسرائيلية والعنف. نحو 72% منهم سوريون، والباقي أغلبهم من اللبنانيين. وأكد بيدرسون من جديد ضرورة حماية السوريين أينما كانوا، بمن فيهم النازحون من أماكنهم وأولئك الذين بقوا حيث هم.
ترحيب بإبقاء الحدود مفتوحة
مديرة العمليات والمناصرة في مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، إيديم وسورنو سلطت في حديثها لمجلس الأمن الضوء على ثلاث قضايا رئيسية وهي التأثير الإنساني المتزايد للأعمال العدائية في المنطقة على سوريا؛ الأزمة الهائلة والمستمرة في سوريا؛ والحاجة المُلحة لضمان دعم كافٍ لكل من الاستجابة الطارئة والإنعاش المبكر.
وقالت المسؤولة الأممية: "لشهور، ظللنا نعرب عن قلقنا بشأن المخاطر التي يُشكلها تصاعد النزاع في الشرق الأوسط وتأثيره على الوضع الإنساني المُزري بالفعل في سوريا. ونشهد الآن هذه المخاطر تتكشف".
وأبدت ترحيبها بإبقاء الحكومة السورية حدودها مفتوحة أمام الوافدين وتسهيلها بعض إجراءات الهجرة، مشيرة إلى أن الحكومة أنشأت مراكز لاستضافة اللاجئين اللبنانيين في 10 محافظات؛ وأصدرت تعليمات بتقديم غرف فندقية بأسعار مخفضة؛ ومنحت اللاجئين إمكانية الوصول إلى خدمات التعليم والصحة من خلال المؤسسات الوطنية.
عودة في ظل ظروف قاسية
وأشارت إلى تصريحات المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، خلال زيارته الأخيرة إلى سوريا، والتي قال فيها إن السوريين يعودون إلى بلادهم تحت ضغط شديد من الأعمال العدائية في لبنان. وأكدت ضرورة ضمان سلامتهم وأمنهم وحقوقهم الأساسية في سوريا، "ويجب أن يتمتعوا بحرية الوصول إلى وجهاتهم المُفضلة".
وأضافت أن من المهم بالقدر نفسه أن تتمتع المنظمات الإنسانية بوصول غير مُقيد إلى الوافدين وجميع الأشخاص المحتاجين، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة تدعم عمل الهلال الأحمر العربي السوري والشركاء الآخرين لتقديم المساعدة الأساسية الفورية للوافدين الجدد، بما في ذلك المياه والغذاء والبطانيات والمساعدة الصحية والدعم القانوني.
أزمة إنسانية مُتفاقمة
وقالت إيديم وسورنو إن هذه التطورات تحدث على خلفية الأزمة السورية، بوصفها إحدى أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، مشيرة إلى أن أكثر من 16.7 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدة، ونزح أكثر من 7 ملايين شخص داخليا. ولا تزال النساء والفتيات يتحملن عبئا غير متناسب، بما في ذلك زيادة مخاطر العنف القائم على النوع الاجتماعي.
وأوضحت أن التدفق الجديد للنازحين يؤكد أهمية إيجاد حلول مستدامة للأشخاص الذين يعتمدون على المساعدة الإنسانية لسنوات.
ومن أجل تحقيق ذلك، قالت إيديم وسورنو إن الأمم المتحدة وشركاءها وضعوا اللمسات الأخيرة على استراتيجية الإنعاش المبكر للفترة من 2024 إلى 2028 والتي سيتم إطلاقها في الأسابيع المقبلة. وتهدف الاستراتيجية، وفقا للمسؤولة الأممية، إلى حشد الدعم لبرامج المساعدة الإنسانية المُستهدفة والمُعتمدة على المناطق ومتوسطة الأجل، كمُكمل للتدخلات قصيرة الأجل في إطار خطة الاستجابة الإنسانية.