تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مسؤولة أممية تحذر من تحديات كبيرة في هايتي تحول الأمل إلى قلق عميق

قالت مسؤولة أممية إن الوضع الأمني في هايتي لا يزال هشا للغاية، حيث تستمر معاناة الهايتيين في جميع أنحاء البلاد مع تصاعد أنشطة العصابات الإجرامية وتوسعها إلى ما هو أبعد من العاصمة بورت أو برنس، الأمر الذي ينشر الرعب والخوف، ويرهق أجهزة الأمن الوطني.

جاء هذا في الإحاطة التي قدمتها الممثلة الخاصة للأمين العام في هايتي، ورئيسة مكتب الأمم المتحدة المتكامل هناك، ماريا إيزابيل سلفادور أمام مجلس الأمن مساء اليوم الثلاثاء، بتوقيت نيويورك.

وأفادت سلفادور بأن هناك أكثر من 700 ألف نازح داخلي، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 22 في المائة في الأشهر الثلاثة الماضية، مضيفة أنه "على الرغم من التقدم الأولي الذي أحرزته العملية السياسية، والذي تحدثت عنه في تموز/يوليو، فإن هايتي تواجه الآن تحديات كبيرة، مما يحول الأمل إلى قلق عميق".

ونبهت إلى أن النساء والرجال، وخاصة الأطفال، يتحملون وطأة الفظائع التي ترتكبها العصابات، والتي تؤدي إلى جرائم القتل والاختطاف والعنف الجنسي بوحشية لا تصدق في المناطق المتضررة.

وقالت إن العصابات تستخدم العنف الجنسي بشكل منهجي كسلاح للإرهاب والخضوع، مما يتسبب في معاناة لا توصف للنساء والفتيات، فضلا عن الفئات الضعيفة الأخرى.

الممثلة الخاصة للأمين العام في هايتي، ورئيسة مكتب الأمم المتحدة المتكامل هناك، ماريا إيزابيل سلفادور أثناء إحاطتها أمام مجلس الأمن.
UN Photo/Eskinder Debebe
الممثلة الخاصة للأمين العام في هايتي، ورئيسة مكتب الأمم المتحدة المتكامل هناك، ماريا إيزابيل سلفادور أثناء إحاطتها أمام مجلس الأمن.

 

بعثة الدعم الأمني

وتحدثت المسؤولة الأممية عن انضمام وحدات كينية لبعثة الدعم الأمني متعددة الجنسيات في هايتي في حزيران/يونيو، حيث وصفت وجودهم بأنه مرحب به، لكنها أشارت إلى أنه "بعيد كل البعد عن أن يكون كافيا".

ونبهت إلى أنه على الرغم من بعض التعهدات المقدمة لصندوق الاستئمان، لا تزال بعثة الدعم الأمني متعددة الجنسيات تعاني من نقص حاد في الموارد، مما قد يؤثر على الانتشار ويعيقها عن القيام بمهامها في دعم الشرطة الوطنية الهايتية.

وعن دعم العملية السياسية في هايتي، قالت سلفادور أفادت بتطوير استراتيجية شاملة لدعم تلك العملية التي تقودها هايتي، مضيفة أن هذه الاستراتيجية تتضمن الحاجة إلى تعزيز الحوار الوطني الشامل، وتعزيز الدعم للإصلاحات الانتخابية والدستورية، ودعم الأمن العام من خلال تعزيز التعاون مع الشرطة الوطنية الهايتية ووزارة الأمن الوطني.

وأشارت إلى تصاعد التوترات بين المجلس الرئاسي الانتقالي في البلاد والحكومة، داعية السلطة التنفيذية ذات الرأسين إلى وضع الخلافات جانبا والتركيز على معالجة انعدام الأمن وإصلاحات الحكم والاستعدادات الانتخابية.

"الوقت يمضي بسرعة"

وحذرت الممثلة الخاصة من أن الوضع الإنساني في هايتي لا يزال مأساويا للغاية. وقالت إن "انعدام الأمن الغذائي يؤثر على ما يقرب من نصف السكان، كما أن سيطرة العصابات على الطرق الرئيسية أدت إلى تعطيل توزيع السلع والخدمات الأساسية بشكل كبير".

وأفادت بأن المرافق الصحية في بورت أو برنس لا يعمل منها سوى 20 في المائة، أما المرافق الصحية العاملة على مستوى البلاد فهي 40 في المائة، ويفتقر 45 في المائة من السكان إلى إمكانية الحصول على مياه الشرب النظيفة.

وشددت سلفادور على أن ترتيبات الحكم الانتقالي الجديدة، والنشر المتوقع لبعثة الدعم الأمني واحتمال إجراء انتخابات قبل نهاية عام 2025، شكلت "بصيصا من الأمل. ومع ذلك، فإن الوقت يمضي بسرعة".

وأكدت أن هناك حاجة إلى مزيد من الجهود لإعادة بناء الثقة العامة وضمان شرعية العملية السياسية، مضيفة أن دعم جهاز الأمن الهايتي وتمويل بعثة الدعم الأمني متعددة الجنسيات يعدان أمران أساسيان.

زيادة مذهلة

بدورها، قالت المديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسف، كاثرين راسل في إحاطتها أمام مجلس الأمن، عبر الفيديو، بصفتها المناصرة الرئيسية حول الوضع الإنساني في هايتي لدى اللجنة الدائمة المشتركة بين الوكالات، إن "الوضع الكارثي تدهور أكثر" في هايتي.

وأضافت: "شهدنا هذا العام زيادة مذهلة في حوادث العنف الجنسي المبلغ عنها ضد النساء والأطفال، بما في ذلك العنف القائم على النوع الاجتماعي. كما تقوم الجماعات المسلحة بتجنيد الأطفال واستخدامهم بنشاط في عملياتها".

وقدرت راسل أن الأطفال يشكلون ما بين 30 إلى 50 في المائة من أعضاء الجماعات المسلحة، "ويتم استخدامهم كمخبرين وطهاة وعبيد جنس، ويُجبرون على ارتكاب العنف المسلح بأنفسهم".

وأفادت بأن خمسة ملايين ونصف المليون شخص، بمن فيهم ثلاثة ملايين طفل، احتاجوا إلى مساعدات إنسانية حتى الآن هذا العام. ونبهت أيضا إلى أن الأزمة حرمت الأطفال من حقهم في التعليم، حيث فقد حتى الآن أكثر من 300 ألف طفل فرصتهم في التعلم.

المديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسف، كاثرين راسل أثناء إحاطتها أمام مجلس الأمن عبر الفيديو بشأن الوضع في هايتي.
UN Photo/Eskinder Debebe
المديرة التنفيذية لمنظمة اليونيسف، كاثرين راسل أثناء إحاطتها أمام مجلس الأمن عبر الفيديو بشأن الوضع في هايتي.

 

"لا ينبغي لنا أن نخذلهم"

وحذرت المسؤولة الأممية من أن العنف وانعدام الأمن يقوضان قدرة الجهات الفاعلة الإنسانية على الوصول باستمرار إلى الهايتيين المحتاجين. وقالت راسل: "مع تدهور الظروف يوما بعد يوم، يتعين علينا أن نوسع بشكل عاجل الاستجابة الإنسانية، بما في ذلك في المناطق التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة".

ودعت مجلس الأمن إلى اتخاذ عدد من الخطوات المهمة لمساعدة شعب هايتي بما فيها استخدام نفوذ أعضائه على الجهات الفاعلة في الدولة والجماعات المسلحة لحماية حقوق الإنسان، ولإنهاء الانتهاكات الجسيمة لحقوق الأطفال، ووقف الهجمات على البنية الأساسية المدنية.

ودعت أيضا إلى زيادة التمويل الإنساني المرن بشكل كبير للجهات الفاعلة الإنسانية على الأرض، وزيادة الاستثمارات التكميلية في الخدمات الاجتماعية الأساسية، وتحسين دعم الحماية للعمليات الإنسانية على الأرض. وقالت راسل إن "الهايتيين وخاصة أطفال هايتي، يعتمدون علينا. ولا ينبغي لنا أن نخذلهم".

أزمة معقدة

الممثل الدائم لهايتي لدى الأمم المتحدة، أنطونيو رودريغي شدد في كلمته أمام المجلس على أن بلاده تواجه تحديات متعددة لا تهدد الأمن القومي فحسب، بل تشكل أيضا تهديدا للسلام والأمن في المنطقة. وقال إن "هايتي لا تزال تواجه أزمة معقدة ومتعددة الأوجه، تشمل تحديات أمنية واقتصادية واجتماعية وحقوقية وتنموية وإنسانية".

وأوضح أن بلاده تواصل العمل بشكل وثيق مع الشركاء الدوليين لتلبية احتياجات الفئات الأكثر ضعفا، مضيفا: "نسعى جاهدين لتعزيز قدرة مؤسساتنا على مواجهة هذه التحديات بطريقة مستدامة".

وتحدث عما وصفه بـ "وضع مثير للقلق" متمثل في عمليات ترحيل جماعي لهايتيين من جمهورية الدومينيكان، مؤكدا أن هذه الإجراءات يجب أن تكون متسقة مع المبادئ الأساسية للقانون الدولي، مشيرا إلى أن تلك الممارسات تشكل انتهاكا للحقوق الأساسية وتتعارض مع الاتفاقات الدولية.

كينيا تتعهد بالمزيد

ممثل كينيا الدائم لدى الأمم المتحدة، إيكيتيلا لوكالي الذي تقود بلاده بعثة الدعم الأمني متعددة الجنسيات أكد أن البعثة تعد عامل تمكين حاسما يتيح لهايتي فرصة تحقيق تقدم ملموس على المسارين الأمني والسياسي. وأضاف أن بلاده تبذل قصارى جهدها للوفاء بتعهدها بإرسال 1000 ضابط شرطة إلى هايتي.

وأشار إلى أنه رغم أن بعثة الدعم الأمني متعددة الجنسيات تشكل تدخلا حاسماً ومبتكرا، "إلا أنها جزء من الحل فقط. لن يتحقق استقرار هايتي إلا من خلال نهج متعدد الأوجه يعالج الأسباب الجذرية للتحديات التي تواجهها". وأكد أن بلاده ستواصل العمل مع شعب هايتي لاستعادة الأمن من أجل تحقيق الرخاء الاجتماعي والاقتصادي.