تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الأمم المتحدة: الوضع الإنساني في غزة "يتجاوز الكارثة" والنزوح مستمر من خان يونس والشمال

حذرت المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، كاثرين راسل، من أن الوضع الإنساني في غزة "يتجاوز الكارثة" في ظل غياب الظروف اللازمة لاستجابة قوية واضطرار الأسر مرارا وتكرارا إلى الهروب من العنف.

وفي بيان صدر اليوم الأربعاء، قالت راسل إن العائلات في غزة تواجه "أهوالا جديدة مع مرور كل أسبوع". 

وأضافت المسؤولة الأممية "تستمر الهجمات المدمرة على المدارس ومواقع النازحين داخليا، مما أسفر عن مقتل مئات آخرين من الفلسطينيين، كثير منهم من النساء والأطفال، وجعل المستشفيات المكتظة بالفعل تنهار تحت الضغط".

"ندوب دائمة"

وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف إن العنف والحرمان في غزة يخلقان "ندوبا دائمة على أجساد وعقول [الأطفال] الضعيفة. والآن، ومع انهيار الصرف الصحي ومعالجة مياه الصرف الصحي، ينضم فيروس شلل الأطفال إلى قائمة التهديدات، خاصة بالنسبة لآلاف الأطفال غير المحصنين".

وأشارت إلى الجهود التي تبذلها الوكالات الإنسانية للاستجابة، "لكن الوضع المزري والهجمات ضد العاملين في المجال الإنساني لا تزال تعيق جهودنا". وضربت مثالا بسيارتي اليونيسف اللتين تعرضتا لإطلاق نار يوم أمس أثناء انتظارهما عند نقطة انتظار محددة بالقرب من نقطة تفتيش وادي غزة. وأضافت: "كانت إحدى السيارتين في طريقها لنقل خمسة أطفال صغار للم شملهم مع والدهم بعد مقتل والدتهم".

عملية إنسانية متعثرة

وأشارت المديرة التنفيذية لليونيسف إلى أن ما لا يقل عن 278 من عمال الإغاثة في قطاع غزة قد قُتلوا بالفعل - وهو رقم قياسي - "في حين تعرض آخرون للأذى، أو مُنعوا من القيام بعملهم". وشددت على الحاجة إلى تحسين البيئة الأمنية بشكل فوري للسماح لعمال الإغاثة بالوصول بأمان إلى المجتمعات التي يعتزمون خدمتها.

وقالت راسل "ببساطة، ليست لدينا الظروف اللازمة في قطاع غزة لاستجابة إنسانية قوية. يجب أن يكون تدفق المساعدات دون عوائق ويجب أن يكون الوصول منتظما وآمنا".

ودعت جميع أطراف النزاع إلى احترام التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين والبنية التحتية التي يعتمدون عليها. وقالت "لقد آن الأوان لإنهاء هذه الأزمة، وإعادة الرهائن إلى عائلاتهم، وأن يحصل أطفال غزة على مستقبل صحي وآمن".

أطفال ينتظرون في طوابير من أجل الحصول على الطعام في غزة.
© UNRWA
أطفال ينتظرون في طوابير من أجل الحصول على الطعام في غزة.

استمرار النزوح في خان يونس

يأتي هذا في الوقت الذي قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن الأعمال العدائية المكثفة والنزوح على نطاق واسع مستمر في خان يونس حيث انتقل معظم الناس إلى منطقة وصفتها السلطات الإسرائيلية بأنها "منطقة إنسانية".

وأوضح المكتب في آخر تحديث له اليوم الأربعاء أن تلك المنطقة ــ التي أصبحت الآن أصغر مما كانت عليه قبل أمر الإخلاء الصادر يوم الاثنين ــ مكتظة بالفعل وتفتقر إلى أي بنية أساسية أو خدمات تقريبا للأشخاص الموجودين هناك.

وأفاد بأنه تواصل هاتفيا مع مئات الأشخاص العالقين في مناطق القتال في خان يونس، داخل المنطقة المصنفة للإخلاء، ويشمل هذا أكثر من 300 شخص يحتمون في المدارس. وجدد المكتب الإشارة إلى أن من بين هؤلاء العالقين أشخاصا ذوي قدرة محدودة على الحركة وأفراد أسرهم الذين يساعدونهم.

وشدد المكتب على أنه يتواصل مع جميع أطراف الصراع لضمان سلامة هؤلاء الأشخاص، لكن لا تزال التقارير تفيد بسقوط ضحايا مدنيين في منطقة خان يونس، كما وردت إليه أنباء عن قصف مدرستين هناك. وأضاف أن منظمة الصحة العالمية وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني تمكنتا من إجلاء ستة من الجرحى ونقلهم إلى المستشفى الميداني التابع للهيئة الطبية الدولية، وانتشال جثتي شخصين قتلا في الملاجئ.

مساعدة النازحين من الشمال

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عبور الناس استمر من شمال غزة إلى جنوبها، مفيدا بأنه وشركاءه يقومون بتسجيل أولئك الذين يعبرون وتزويدهم بالمياه والطعام وغير ذلك من الإمدادات، بما في ذلك الرعاية الصحية الأساسية والإحالات الطبية والمعلومات الحرجة وخدمات حماية الطفل.

ولفت إلى أن العاملين في المجال الإنساني الذين كانوا يقدمون المساعدة اضطروا إلى الانتقال إلى مسافة 800 متر جنوبا، في أعقاب القصف بالقرب من نقطة التفتيش الإسرائيلية الذي وقع في وقت سابق من هذا الأسبوع.

وفي شمال غزة، أفادت منظمة الصحة العالمية بأن الخدمات الصحية في مستشفى الأهلي استؤنفت جزئيا، بعد أن أدى انعدام الأمن في المنطقة إلى توقفها عن العمل لبضعة أيام. وتمكنت المنظمة من توصيل الوقود والإمدادات الطبية الضرورية للغاية إلى المستشفى في وقت سابق من هذا الأسبوع.

وتعمل المنظمة كذلك مع الشركاء ووزارة الصحة في غزة لبدء تدابير الاستجابة في أعقاب اكتشاف سلالتين من فيروس شلل الأطفال من النوع 2 في ست عينات بيئية. وأكد مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية أنه يواصل مع شركائه الإنسانيين فحص الأطفال، وكذلك النساء الحوامل والمرضعات للكشف عن سوء التغذية، وتقديم العلاج، مضيفا أنه منذ منتصف كانون الثاني/يناير، تم فحص ما يقرب من 170,000 طفل دون سن الخامسة وأكثر من 10,000 امرأة حامل ومرضعة.

وقال إنه تم تشخيص أكثر من 11,500 من هؤلاء الأطفال بسوء التغذية الحاد، وهم يتلقون العلاج.

شح الإمدادات

وكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) أفادت بأن 24 شاحنة فقط تحمل الإمدادات الإنسانية دخلت القطاع عبر كرم أبو سالم في جنوب القطاع يوم الأحد، فيما لم تدخل أي شاحنة يوم السبت، ووصلت 46 شاحنة إلى غزة يوم الجمعة عبر معبر إيريز الغربي (بيت حانون) فقط.

وبالمقارنة مع شهر حزيران/ يونيو، عندما دخلت ما يقرب من 1300 شاحنة إلى القطاع، يبلغ إجمالي عدد الشاحنات في شهر تموز/ يوليو 674 شاحنة فقط حتى الآن.

ونقلا عن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، قالت الأونروا إنه في الفترة ما بين 1 و21 تموز/يوليو، دخل ما يزيد قليلا عن 2.1 مليون لتر من الوقود إلى غزة، بما في ذلك 378,700 لتر في 21 من الشهر الجاري. ويعادل هذا حوالي 103 آلاف لتر من الوقود يوميا، أو ربع الكمية اللازمة لاستدامة الأنشطة الإنسانية المقدرة بحوالي 400,000 ألف لتر.

وأكدت الأونروا أن نقص الوقود لا يزال يقوض العمليات الإنسانية ويعرض للخطر عمل مرافق الصحة والمياه وإنتاج الغذاء.

الوضع في الضفة الغربية

أما بالنسبة للأوضاع في الضفة الغربية، قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إنه والأونروا يقومان بتقييم احتياجات النازحين خلال العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة طولكرم وفي مخيم اللاجئين هناك في وقت سابق من هذا الأسبوع.

ونقل المكتب عن تقارير أن خمسة فلسطينيين على الأقل قُتلوا في غارات بطائرات بدون طيار شنتها القوات الإسرائيلية يوم الاثنين. بدورها، أبلغت وكالة الأونروا عما لا يقل عن 169 عملية تفتيش واعتقال مسجلة قامت بها القوات الإسرائيلية في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة في الفترة ما بين 15 و21 تموز/يوليو.

وقالت إن قوات الأمن الإسرائيلية اعتقلت أكثر من 110 فلسطينيين خلال تلك الفترة، وتم تسجيل مقتل ثلاثة فلسطينيين. وأشارت أيضا إلى أنه في 15 تموز/يوليو، قامت القوات الإسرائيلية بهدم خمسة منازل في قرية الولجة، شمال بيت لحم، مما أدى إلى تهجير ما يقدر بنحو 39 لاجئا فلسطينيا.

وأضافت الأونروا أنه بعد إصدار الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية في 19 تموز/يوليو، تم الإبلاغ عن هجمات شنها مستوطنون إسرائيليون ضد المجتمعات الفلسطينية في حوارة وبورين شمال الضفة الغربية، وفي مسافر يطا جنوب الضفة الغربية.

وتشير أحدث البيانات التي جمعها مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية بشأن عمليات الهدم والتهجير في الضفة الغربية إلى وقوع أكثر من 820 عملية هدم لمبان مملوكة للفلسطينيين منذ بداية العام. وفي ظل معدل التدمير الحالي، قد يتم هدم 1400 مبنى بحلول نهاية العام، وهو ما يتجاوز الرقم القياسي السابق البالغ 1177 في عام 2023 و1094 في عام 2016.