تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

"لماذا قتلت عائلاتنا": العيد في غزة بطعم الحزن على فقدان الأحبة

في غزة، لم تحمل فترة عيد الأضحى هذا العام الفرحة بالنسبة للكثيرين من أهل القطاع، بل كانت لحظة للحزن واسترجاع الذكريات الأليمة على فقدان الأحبة. إبراهيم عودة ومحمد هاني هما نازحان من غزة فقدا الكثير من أحبائهما وهما يعانيان حاليا من مرارة النزوح المتكرر.

مراسلنا في غزة زياد طالب التقى بعودة وهاني لتسليط الضوء على المعاناة الشديدة التي يعيشانها مثل الآلاف من سكان القطاع. تحدث النازحان عن شعورهما وهما يقضيان العيد في التشرد بلا منزل ولا أهل.

إبراهيم عودة يقول إنه أحد الناجين القلائل من ضربة إسرائيلية وقعت بتاريخ 29 تشرين الأول/اكتوبر 2023، وتسببت في مقتل جميع أفراد أسرته بينما نجا هو مع طفلتين لشقيقه. يعيش عودة حاليا رحلة نزوح من شمال قطاع غزة بدأت في 27 تشرين الثاني/نوفمبر بحثا عن الامان تنقل خلال هذه الرحلة من رفح إلى خان يونس حتى استقر به المقام في الوقت الحالي بمنطقة الزوايدة وسط قطاع غزة. 

يستقبل إبراهيم عودة عيد الأضحى المبارك هذا العام دون عائلته ولم تتبق له سوى صورهم التي لا يزال يحتفظ بها في هاتفه المحمول. يتساءل إبراهيم حول الأسباب التي جعلته يفقد عائلته خلال الحرب الجارية منذ أكثر من 9 أشهر دون مبرر بصواريخ ثقيلة على أحياء مدنية.

ويضيف: "أنا الناجي الوحيد من مجزرة ارتكبت في حق عائلتي، عائلة الشهيد حسن عودة، حيث استشهد والدي ووالدتي وأختي وأخي وزوجته.  كنا في منزل عمي خالد عودة عندما حدث ذلك ونجا منها من عائلته هو وثلاثة من أبنائه واستشهدت زوجته واثنتان من بناته وابنه المصاب بمتلازمة داون وحفيدته، ونجوت أنا وابنتي أخي (5 و3 سنوات)".

ويمضي إبراهيم قائلا: "بعد أن تعافيت من الإصابة التي تعرضت لها نزحت إلى جنوب قطاع غزة لأن من المفترض أن جنوب قطاع غزة هو منطقة إنسانية آمنة وفق ما كان يوجه الجيش الإسرائيلي المواطنين المدنيين الذين كانوا موجودين داخل مخيم جباليا والذي استشهدت فيه عائلتي وكان يعتبر الأكثر كثافة سكانية على مستوى العالم في الوضع الطبيعي".

عيد بأية حال عدت!

يقول إبراهيم إن مخيم جباليا تعرض لقصف عشوائي مكثف جدا على رؤوس المدنيين الأمر الذي أجبره على الخروج إلى جنوب قطاع غزة.

ويضيف بالقول: "شعوري الإنساني هو أنني أفتقد عائلتي وأحتاج لفترة طويلة كي أتمكن من الخروج من الحالة التي مررت بها بعد فقدانهم. أنا افتقدهم كل يوم وليس فقط يوم العيد. أفتقدهم لأننا في الماضي كنا نحتفل صباح العيد ولنا ذكرياتنا وحياتنا الخاصة التي تختلف عن أي يوم عادي. اليوم كل الناس مع عائلاتهم. أنا ورغم رفضي لمشهد الخيام الذي نشاهده، ولكن كان من الممكن أن يكون الوضع أفضل حالا وأخف بمليون مرة بالنسبة لي لو كنت موجودا بين والدي ووالدتي في الخيمة مثل هؤلاء الناس. هل بإمكانك أن تتخيل كيف يكون العيد ولا أحد من أفراد أسرتك موجودا؟".

ساهمت مبادرة كلين شيلتر في بناء خيام للنازحين في منطقة المواصي في غزة.
Clean Shelter

 

"نجونا لنحدث العالم عما حدث لنا"

يتساءل إبراهيم عودة عما حدث له فيقول: "الآن نحن نتساءل - أنا وكثير من العائلات أو الكثير من الناجين ممن تم مسح عائلاتهم - لماذا تم قتل عائلاتنا؟ نحن عبارة عن مجموعة من المدنيين كنا نحتمي داخل منازل هي في الأصل منازل قديمة جدا. منازل مخيم جباليا عبارة عن منازل مشيدة بالأحجار والرمال والطين. كنا داخل هذه المنازل فتم قصفنا بصواريخ حربية كبيرة جدا من العيار الثقيل. واليوم نجونا لنتكلم ونحدث العالم عما حدث معنا".

نزوح للمرة الخامسة

محمد هاني، أحد النازحين من حي تل الهوى بمدينة غزة، عانى من النزوح للمرة الخامسة داخل محافظات قطاع غزة الجنوبية نتيجة الأعمال العسكرية المستمرة لأكثر من تسعة أشهر.

يحدثنا محمد هاني عن محنته فيقول: "نزحت لأول مرة إلى منطقة النصيرات، ثم بعد ذلك نزحت من النصيرات إلى خان يونس، ومن خان يونس نزحت إلى رفح وحاليا نزحت من رفح إلى المنطقة الغربية من خان يونس بسبب القصف من حولنا وبسبب الخوف. حاليا أنا موجود في منطقة صحراوية في خان يونس ليس بها لا ماء ولا أي شيء من مقومات الحياة".

ويضيف قائلا: "أريد فقط أن أوفر لأسرتي مأوى آمنا لأنه لا يوجد أمان. فقدت عمي وبنت عمي وست وفيات بسبب المرض لأنهم مرضى بضمور ولا يمكنهم العيش في أماكن مثل هذه. لأن المرضى بضمور العضلات لابد أن يكون لهم وضع خاص وهم بحاجة إلى علاج طبيعي وفقد فقدوا كل ذلك".