Breadcrumb
لجنة فلسطين في الأمم المتحدة: النكبة الفلسطينية عملية مستمرة
أحيت الأمم المتحدة اليوم الجمعة- للعام الثاني على التوالي- ذكرى النكبة الفلسطينية خلال فعالية استضافتها اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف. أقيمت الفعالية تحت عنوان "1948-2024: النكبة الفلسطينية المستمرة"، وناشدت خلالها اللجنة المجتمع الدولي مضاعفة جهوده لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وهذه هي المرة الثانية في تاريخ الأمم المتحدة التي يتم فيها إحياء ذكرى النكبة. وكانت المرة الأولى العام الماضي وفقا لقرار اعتمدته الجمعية العامة في 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2022.
رئيس اللجنة والممثل الدائم لدولة السنغال لدى الأمم المتحدة، شيخ نيانغ بدأ كلمته في افتتاح الفعالية بالإشارة إلى التصعيد المستمر في غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي قائلا "إن ما شهدناه على مدى الأشهر السبعة الماضية، والذي تم بث معظمه على الهواء مباشرة في جميع أنحاء العالم وحتى من قبل الضحايا أنفسهم، لا مثيل له في التاريخ الحديث".
وشدد على أن انتهاك الأعراف من قبل مجموعة ما لا تبرر انتهاكات القانون الدولي والأعراف من قبل مجموعة أخرى.
وقال نيانغ "نكبة اليوم هي تكرار لنكبة 1948. وطوال هذه الفترة (ما بين التاريخين) شهدنا احتلالا إسرائيليا ومصادرة للممتلكات الفلسطينية، حرمانا من الحقوق، اعتقالات تعسفية بما في ذلك للأطفال، واستخداما وحشيا وغير متناسب للقوة، وتهويدا للقدس الشرقية ورموزها الثقافية، وتهجيرا. وبالتالي فإن النكبة هي عملية مستمرة أثرت على الشعب الفلسطيني لأجيال عديدة".
"وقت مظلم"
وشدد رئيس اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف على أنه يتم انتهاك المعايير الدولية، بينما يبدو مرتكبو الجرائم محصنين من المساءلة.
وأضاف أن "هذا وقت مظلم بالنسبة للعدالة الدولية، وللمساءلة بموجب القانون الدولي، وللنظام الدولي القائم على القواعد والذي تأسست هذه المنظمة لدعمه". ونبه إلى أن الصراع ينتشر في الشرق الأوسط، بينما يبدو مجلس الأمن عاجزا والدول الأعضاء منقسمة.
وأكد أن اللجنة تلعب دورا رئيسيا عبر الدعوات التي توجهها في مختلف المحافل بما فيها مجلس الأمن والجمعية العامة وفعاليات مثل تلك التي يتم عقدها اليوم، فضلا عن الزيارات ذات الصلة التي ينظمونها.
وشدد على "ضرورة ضمان احترام الأعراف التي وضعناها لأنفسنا ولدول العالم. وأن هذه القواعد تنطبق على الجميع، وألا أحد فوق القانون، وأن الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي والأعراف الدولية يجب أن يكون لها عواقب".
وناشد المجتمع الدولي والدول الأعضاء مضاعفة الجهود لإنهاء الاحتلال "وهذه النكبة المستمرة" وتحقيق حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حق تقرير المصير والاستقلال، والتوصل إلى حل عادل لمحنة اللاجئين الفلسطينيين.
وأكد أن اللجنة ستواصل العمل "من أجل اليوم الذي يتمتع فيه الشعب الفلسطيني بحقوقه غير القابلة للتصرف، ويعيش في دولة خاصة بهم في سلام ورخاء".
"أمتنا لن تموت أبدا"
السفير رياض منصور، المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة، تحدث أمام الحاضرين قائلا إن إحياء هذه الذكرى اليوم "يأتي في وقت يجري فيه أحد أفظع فصول هذه النكبة المستمرة". وأضاف "أهلنا في غزة محاصرون، ويقصفون، ويتم تجويعهم بهدف واحد وهو إما تدميرهم أو إخراجهم (من غزة)".
وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية لم تعد تخفي نواياها الحقيقية، "فأمام الفلسطينيين ثلاثة خيارات وهي التهجير أو القهر أو الموت؛ التطهير العرقي أو الفصل العنصري أو الإبادة الجماعية".
ونبه إلى أن حرمانهم من حقوقهم، وإنكار دولتهم مستمران، مشددا على أن نهوض الشعب الفلسطيني بعد عام 1948 "ينبغي أن يقنع أي شخص بأن أمتنا لن تموت أبدا، ولكن هذا ليس سببا للسماح بقتل شعبنا مرة أخرى".
"الحرية يجب ألا تتأخر"
وقال السفير الفلسطيني إنه بدلا من أن يشهد أهل غزة ومعظمهم من اللاجئين، نهاية للنكبة، فإنهم يعيشونها الآن مرة أخرى، داعيا إلى وقف الألم والمعاناة. ودعا إلى "إنهاء المذبحة والاحتلال، والمساعدة في إنهاء الهجرة الجماعية وإنقاذ الأجيال القادمة من الموت والعبودية والتهجير القسري".
وأشار إلى المظاهرات الطلابية التي شهدتها الولايات المتحدة والعديد من دول العالم مؤكدا أن "فلسطين أصبحت رمزا لكل الأمم المحبة للحرية والسلام".
وأضاف أن "مصير فلسطين كان وسيظل الحرية، والتي يجب ألا تتأخر أكثر من ذلك".
"اكتبي اسمي يا أمي"
وبعد كلمتيْ رئيس اللجنة والسفير الفلسطيني، كان للشعر مكان، حيث ألقت الشاعرة الفلسطينية الأمريكية زينة عزام عددا من قصائد الشعر حملت عناوين "والدي أصبح ذكرى"، و"اكتبي اسمي"، و"ألوان المهجر".
وقالت عزام قبل قراءة قصيدتها "بينما أشاهد الإبادة الجماعية المستمرة في غزة، أصبح لدي فهم أكبر للصدمة التي عانى منها والداي كلاجئين من فلسطين".
وأوضحت أن والديها كانا في الأصل من الناصرة ونشأت والدتها في يافا، وأنهما بعد زواجهما، كانا يعيشان في حيفا، لكن في عام 1948، أُجبرا مع أخيها الأكبر وعائلتهما الكبيرة بأكملها على الفرار أثناء الحرب.
القصيدة الأولى كانت عن ذكرى والدها، أما الثانية فكتبتها بعدما علمت أن الآباء في غزة يكتبون على سيقان أطفالهم أسماءهم حتى يتمكنوا من التعرف عليهم إذا قضوا في الحرب.
وتقول بعض أبياتها "اكتبي اسمي على رجلي يا أمي. استخدمي قلم الحبر الأسود الذي لا يزول إذا تعرض للبلل، الذي لا يذوب إذا تعرض للحرارة. اكتبي اسمي على رجلي يا أمي. اجعلي الخطوط سميكة وواضحة. وأضفي زخارفك الخاصة، لأشعر بالراحة عند رؤية خط يد أمي. عندما أذهب للنوم اكتبي اسمي على رجلي يا أمي".
عدد لا يحصى من الإجراءات
وبعد الجلسة الافتتاحية للفعالية، أقيمت حلقة نقاشية بمشاركة عدد من الباحثين وأساتذة الجامعات بمن فيهم أدري إمسيس الأستاذ المساعد في جامعة كوينز بكندا والذي ينصب تركيزه على تقاطع السلطة والسياسات والقانون والعدالة وتأثيرها على العلاقات الدولية بشكل عام.
وعمل أمسيس في سنوات سابقة مع وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
وقال إمسيس عن أحداث النكبة وما تبعها إن "التطهير العرقي الذي تمارسه إسرائيل بحق اللاجئين الفلسطينيين، وسلب ممتلكاتهم بالجملة واغتصابها، وحرمان اللاجئين من حق العودة واسترداد ممتلكاتهم، تشكل انتهاكات جسيمة ومنهجية للقانون الدولي ذي الصلة، والتي لا تزال مستمرة حتى يومنا هذا".
وأضاف أنه على مدى ما يقرب من ثمانية عقود، تفاقمت هذه المشاكل بسبب عدد لا يحصى من الإجراءات الإدارية والتشريعية والقضائية والعسكرية التي اتخذتها إسرائيل.
وأوضح أنه حتى قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر "حرمت إسرائيل غزة من أي شيء يسمح يضمان حياة كريمة لشخص واحد، ناهيك عن 2.3 مليون شخص"، مشيرا كذلك إلى 56 سنة من الاحتلال العسكري الإسرائيلي غير القانوني لغزة، "والذي تفاقم بسبب 16 سنة من الحصار الإسرائيلي للقطاع".