Breadcrumb
جنوب أفريقيا: الإفلات المؤسسي من العقاب سمح لإسرائيل بارتكاب جريمة إبادة جماعية صدمت ضمير الإنسانية
أمام محكمة العدل الدولية قال سفير جنوب أفريقيا لدى هولندا فوسي مادونسيلا إن إسرائيل لديها اعتقاد خاطئ بأنها معفاة من احترام القانون الدولي بسبب غياب الإجراءات التي تتصدى لأعمالها في غزة من قبل المجتمع الدولي، مضيفا أن "هذا الإفلات المؤسسي من العقاب دفع إسرائيل إلى الانخراط في هذه الإبادة الجماعية، التي صدمت ضمير الإنسانية".
جاء ذلك في افتتاح جلسة استماع عامة أمام محكمة العدل الدولية المتعلقة بطلب جنوب أفريقيا بجولة أخرى من التدابير المؤقتة الإضافية في سياق اتهامها لإسرائيل بانتهاك اتفاقية منع الإبادة الجماعية. وقال السيد مادونسيلا اليوم الخميس أمام المحكمة إن "الإبادة الجماعية الإسرائيلية" في غزة وصلت للتو إلى "مرحلة جديدة ومروعة".
وقال سفير جنوب أفريقيا إن الأدلة على "نية إسرائيل للإبادة الجماعية" لا تزال تتزايد، بما في ذلك دعوات المسؤولين الإسرائيليين "لتدمير الشعب الفلسطيني في غزة"، والتحريض من قبل المجتمع المدني الإسرائيلي وشخصيات بارزة أخرى.
وأضاف: "تأتي هذه الإبادة الجماعية في سياق النكبة المستمرة، التي تم احياء ذكراها السادسة والسبعين يوم أمس – التهجير القسري المستمر للشعب الفلسطيني، ومحو الوجود الفلسطيني في فلسطين، واستبدال السكان بالمستعمرين – عملية إجرامية ترسخت واستمرت على مدى 76 عاما من الفصل العنصري و56 عاما من الاحتلال الحربي غير القانوني. لا شك أن المشاهد المستمرة للفلسطينيين الذين يضطرون إلى الفرار مرارا وتكرارا للنجاة بحياتهم لا تذكرنا فقط بالنكبة عام 1948، بل هي استمرار لها".
منطقة غير صالحة للبشر
من جانبه، أكد البروفيسور فون لو من الفريق القانوني لجنوب أفريقيا، أنه إذا لم تتحرك محكمة العدل الدولية الآن، "سيتم تدمير إمكانية إعادة بناء مجتمع فلسطيني قابل للحياة في غزة، على الأقل مدى حياة أولئك الذين نجوا من الفظائع الحالية في غزة".
وقال البروفيسور إنه أصبح من الواضح بشكل متزايد أن تصرفات إسرائيل في رفح "هي جزء من اللعبة النهائية التي يتم فيها تدمير غزة بالكامل باعتبارها منطقة غير صالحة للسكن البشري. هذه هي الخطوة الأخيرة في تدمير غزة وشعبها الفلسطيني". وقال إنه بينما أجبرت الأحداث في رفح جنوب أفريقيا على العودة إلى المحكمة، فإن "جميع الفلسطينيين كمجموعة قومية وعرقية يحتاجون إلى الحماية من الإبادة الجماعية التي يمكن للمحكمة أن تأمر بها".
"قصة رعب لا يمكن تصوره"
وأشار إلى بعض عبارات الغضب من اتهام إسرائيل بالتصرف بهذه الطريقة والادعاءات بأن الجيش الإسرائيلي "هو الجيش الأكثر أخلاقية في التاريخ". وأوضح قائلا: "يبدو أن الناس، وخاصة في الغرب، غير مستعدين لقبول صحة الاتهامات. كيف يمكن للأشخاص الذين يشبهوننا ويبدون مثلنا أن يشاركوا في أي شيء يشبه الإبادة الجماعية؟ ولكن يجب مواجهة الأدلة".
وقال إن التصريحات على الساحة الدولية - بما في ذلك تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والرئيس الأمريكي جو بايدن وغيرهما - والصور التي تظهر من غزة "تروي قصة متسقة من الرعب الذي لا يمكن تصوره، وهي مستمرة بينما نحن نتحدث".
حق الدفاع عن النفس
وردا على ما تقوله إسرائيل بأن حربها هي دفاع عن النفس، أشار إلى حكم المحكمة بأن هذا الحق "لا يُمنح لدولة محتلة ضد الأراضي التي تحتلها"، مضيفا أن الدفاع عن النفس لا يمنح الدولة "ترخيصا باستخدام عنف غير محدود". وقال: "لا شيء - لا الدفاع عن النفس أو أي شيء آخر - يمكن أن يبرر الإبادة الجماعية على الإطلاق. إن حظر الإبادة الجماعية هو حظر مطلق، وهو قاعدة قطعية في القانون الدولي".
وقال السيد لو إن "هدف إسرائيل المعلن المتمثل في محو غزة من الخريطة" على وشك أن يتحقق، وإن الأدلة الإضافية على الجرائم والفظائع المروعة "يتم تدميرها وتجريفها حرفيا، مما يؤدي في الواقع إلى محو سجل أولئك الذين ارتكبوا هذه الجرائم والاستهزاء بالعدالة".
وقال إنه إذا استمرت إسرائيل في إنكار أن قصفها وتوغلاتها العسكرية وإغلاق الطرق والمعابر، وعملياتها العسكرية الأخرى في غزة، تمنع تنفيذ أوامر المحكمة، "فإن المحكمة بحاجة إلى توضيح ذلك صراحة لإسرائيل ولصالح أي دولة أخرى لا تزال تقدم العون أو المساعدة لإسرائيل في حملتها للقضاء على فلسطين".
"المراحل النهائية للخطة"
وقالت المحامية عادلة هاشم إن إسرائيل تحدت كل التدابير المؤقتة التي أشارت إليها محكمة العدل الدولية، وشددت على أن مستقبل الفلسطينيين في غزة على المحك حيث لا يزالون يتعرضون "لإبادة جماعية مستمرة ومكثفة على أيدي إسرائيل".
وأضافت أن: "الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها إسرائيل في رفح تجعل خطتها المنسقة التي تهدف إلى تدمير الأسس الأساسية للحياة الفلسطينية في غزة موضع تركيز مرعب. ونحن في المراحل النهائية من تلك الخطة المنسقة".
وأكدت السيدة هاشم أن إسرائيل لديها "السلطة على كل رجل وامرأة وطفل فلسطيني في غزة لتحديد ما إذا كانوا يعيشون أو كيف يموتون". وقالت إن التاريخ يحذر مما سيحدث بعد ذلك، وأضافت: "لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي في انتظار حدوث ذلك مرة أخرى".
وقالت إنه في ضوء الحقائق الجديدة على الأرض، تسعى جنوب أفريقيا إلى الحصول على أمر من المحكمة – "الأمر الوحيد الذي سيحمي بوضوح ما تبقى من الحياة الفلسطينية في غزة. فهي تسعى إلى إصدار أمر صريح بأن توقف إسرائيل أنشطتها العسكرية، ليس فقط في رفح، بل في جميع أنحاء غزة".
"خنق حياة الفلسطينيين"
وقالت إن إسرائيل تواصل قتل الفلسطينيين في غزة، بما في ذلك النساء والأطفال، بمعدل ينذر بالخطر، حيث تُقتل أمـّان وأربعة أطفال كل ساعة. وأضافت أن أكثر من 70 بالمائة من إجمالي المساكن في غزة قد تضررت أو دمرت، وأن إسرائيل تواصل منع دخول الغذاء والوقود والإمدادات الطبية، مضيفة أن "هذه الظروف المروعة تبدو وكأنها ستتفاقم مع الهجمات الإسرائيلية المستمرة على شمال ووسط وجنوب [القطاع]".
وأضافت: "في هذه الظروف، لا يمكن اعتبار إحباط المساعدات الإنسانية سوى خنق متعمد لحياة الفلسطينيين".
وقالت إنه لا شك في أن إسرائيل ستنكر وتلقي بالتشكيك مجددا في المعلومات التي قدمتها جنوب أفريقيا والأمم المتحدة والجهات الفاعلة الدولية الأخرى، بما في ذلك تلك التي تعتمد عليها محكمة العدل الدولية. وقالت: "في نهاية المطاف، إسرائيل تقول فقط ما يناسبها، فقط إذا وعندما يناسبها ذلك، بغض النظر عن الحقائق على الأرض التي تم عرضها هنا اليوم".
ومن المقرر أن تعقد محكمة العدل الدولية غدا الجمعة جلسة استماع أخرى تستمع خلالها إلى إسرائيل.