Breadcrumb
رحلة نحو المجهول: آلاف العائلات الغزاوية تنزح من مدينة رفح بلا أدنى مقومات الحياة
أدت أوامر الإجلاء التي أصدرها الجيش الإسرائيلي للسكان في رفح جنوب غزة إلى التهجير القسري لعشرات آلاف الأشخاص، الكثيرون منهم نزحوا عدة مرات خلال الأشهر السبعة الماضية. وأكدت الأمم المتحدة ضرورة حماية المدنيين في غزة وتوفير احتياجاتهم الأساسية سواء غادروا أماكنهم أو بقوا فيها.
نزوح بعد نزوح، هكذا تبدو حياة آلاف العائلات الفلسطينية في غزة التي سلكت شارع الرشيد من مدينة رفح نحو وسط القطاع بعدما تقطعت بهم السبل، وهدمت منازلهم، وقتل أحباؤهم، وشردوا في أرضهم مرارا وتكرارا.
كانوا قد التجأوا إلى أقصى القطاع هربا من الموت والدمار وبحثا عن مكان آمن غير موجود. والآن يزاحمون الطريق الساحلي مجددا إلى مصير مجهول بعد أوامر الإخلاء التي تلقوها من السلطات الإسرائيلية.
"خربطونا"
بكلمة "خربطونا"، يصف السيد صبحي مسعود حيرته لمراسل أخبار الأمم المتحدة زياد طالب. فقد نزح الرجل المسن مرات عديدة بعدما قتل جميع أولاده ودمرت ممتلكاته في مخيم جباليا إلى أن آل به الأمر إلى مدينة رفح. إلا أن معاناته لم تنته عند هذا الحد، حيث قال: "كل يوم نصبح نازحين. كل ساعة ننزح"، بعد أن اضطر إلى النزوح مجددا إلى منطقة المواصي التي تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة. وأشار إلى عصاه التي يتكئ عليها قائلا: "كله راح. هذا الذي ظل. لا أجد فرشة أنام عليها. كنت أملك دورا مكونة من عدة طوابق".
"سئمت من الحياة"
المختار أبو كمال اليازجي - الذي نزح من حي النفق في مدينة غزة - يؤكد لمراسلنا أن ما يحدث في غزة لم يسبق له مثيل، وتساءل عن الذنب الذي اقترفه المواطنون العاديون، وقال عما تفعله إسرائيل في غزة: "هذه ليست عملية دفاع عن النفس. ما تقومون به هو انتقام".
وأضاف أنه لو سمحت له الفرصة لبيع ممتلكاته- ولو بنصف قيمتها- لترحيل أبنائه وأحفاده لفعل لتأمين مستقبلهم. وأوضح قائلا: "سئمت من الحياة لأن غزة لا توجد فيها حياة. غزة لا يوجد فيها مستقبل... الذي صار لم نشهده أو نمر به من قبل".
"غزة ما لها إلا الله"
بدأ مشوار نزوح الشاب محمد صلاح رجب من حي الزيتون إلى منزل أخته في خان يونس جنوبا ومن بعدها إلى منطقة حي السلام في رفح قرب الحدود المصرية. وبعد قصف على مدار الأيام القليلة الماضية وإبلاغ سكان المنطقة بضرورة الإخلاء، التجأ إلى منطقة دير البلح المحاذية للمواصي، ولا يعرف ما ينتظره بعد ذلك: "لا نعلم أين قدرنا. كنا نتوقع أن تُطبق الصفقة وأن نذهب إلى [مدينة] غزة، ولكن حصل العكس من ذلك. الله وحده يعلم ما الذي سيحصل لنا".
وأمل الشاب الغزاوي أن يصل صوته للعالم أجمع ليقف مع أهل القطاع في محنتهم، وقال: "غزة ما لها إلا الله".
فرصة حاسمة
وسط حالة من التوتر والقلق التي يعيشها السكان، حذر أمين عام الأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من العواقب الوخيمة التي ستترتب على شن هجوم واسع النطاق على رفح، ووصف اللحظة بـ "الفرصة الحاسمة" للفلسطينيين والإسرائيليين ولمصير المنطقة بأكملها.
ودعا إسرائيل وحماس إلى إبداء الشجاعة السياسية وبذل كل الجهود لتأمين التوصل إلى اتفاق الآن، "من أجل وقف سفك الدماء والإفراج عن الرهائن والمساعدة في استقرار المنطقة التي ما زالت تواجه خطر الانفجار. إن هذه فرصة حاسمة، لا تستطيع المنطقة ولا العالم تحمل تكلفة تضييعها".
وسط هذا المشهد القاتم، أعرب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن قلقه من إغلاق معبري رفح وكرم أبو سالم الحيويين، وأكد أن الإمدادات الإنسانية في غزة قد تدوم ليوم لا أكثر. وقال المتحدث باسم المكتب يانس لاركيه إن منع ادخال الوقود إلى القطاع لفترة طويلة وسيكون "وسيلة فعالة للغاية لوضع العملية الإنسانية في نعشها".