Breadcrumb
رئيسة لجنة تحقيق أممية: دول قوية تساعد إسرائيل في انتهاكات حقوق الفلسطينيين
بعد اندلاع التوترات في القدس الشرقية المحتلة في نيسان/أبريل 2021 في بداية شهر رمضان أنشأ مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان لجنة تتألف من خبراء حقوقيين مستقلين للتحقيق في التقارير المتعلقة بانتهاكات القانون الدولي.
طلب القرار أيضا من اللجنة "التحقيق في جميع الأسباب الجذرية الكامنة وراء التوترات المتكرّرة وعدم الاستقرار وإطالة أمد النزاع، بما في ذلك التمييز والقمع المنهجيان على أساس الهوية الوطنية أو الإثنية أو العرقية أو الدينية."
أخبار الأمم المتحدة تلقي في هذا المقال نظرة فاحصة على عمل لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، وإسرائيل عبر لقاء مع رئيستها، مفوضة الأمم المتحدة السامية السابقة لحقوق الإنسان والقاضية نافي بيليه، التي قدمت رؤية للوضع المتطور هناك وما يحدث على صعيد القانون الدولي.
وقالت بيلاي لنا "إن كل دولة وكل عضو في الأمم المتحدة متساوون من حيث التزاماتهم بمراعاة القانون الدولي".
"يوم الغضب"
في عام 2021، أثار التهديد الوشيك بالإخلاء القسري لعائلات فلسطينية من منازلها والذي بدأته منظمات استيطانية إسرائيلية، اضطرابات في مدينة القدس القديمة وما حولها.
وامتد ذلك لاحقا إلى الضفة الغربية المحتلة على نطاق أوسع، وبلغ ذروته في "يوم الغضب" في 14 أيار/مايو 2021، عندما قتلت القوات الإسرائيلية 10 فلسطينيين، وهو أعلى رقم سجلته الأمم المتحدة في ذلك الوقت في يوم واحد.
دفعت هذه الأحداث المأساوية مجلس حقوق الإنسان إلى إنشاء لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بالأرض الفلسطينية المحتلّة، بما في ذلك القدس الشرقية، وإسرائيل للنظر في جميع الانتهاكات المزعومة للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان التي سبقت 13 نيسان/أبريل 2021 ومنذ ذلك التاريخ.
توسيع التحقيق
وبعد مرور ثلاث سنوات، أصبحت ولاية اللجنة أوسع نطاقا، لا سيما منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر الماضي بعد تصاعد الأعمال العدائية. وتشمل ولاية اللجنة الآن قضايا إضافية، بما في ذلك الإبلاغ عن الدول التي تنقل الأسلحة العسكرية وغيرها من الأسلحة إلى إسرائيل، مما يثير تساؤلات حول التواطؤ المحتمل في انتهاكات القانون الدولي.
وكانت رئيسة اللجنة نافي بيليه أول قاضية غير بيضاء في المحكمة العليا لجنوب أفريقيا، وقاضية في المحكمة الجنائية الدولية ورئيسة المحكمة الجنائية الدولية لرواندا. وقالت بيليه إن أحد الجوانب الفريدة للوضع الحالي في الشرق الأوسط هو أنه يتم جمع الأدلة على جرائم الحرب في الوقت الحقيقي (وقت حدوثها)، مما يعني أن العالم على علم بالأحداث الجارية.
وأضافت "لدي خبرة في جرائم حقبة الفصل العنصري في بلدي. لقد عملت قاضية ورئيسة لمحكمة رواندا. لقد حدثت الإبادة الجماعية في رواندا على مدى 100 يوم ولم يكن العالم يعلم حتى بحدوثها. لذلك، في قاعة المحكمة، كان علينا أن نعتمد كثيرا على ذكريات ما حدث".
لكن ليس هذا هو الحال بالنسبة للوضع المستمر في غزة، كما أكدت رئيسة اللجنة، قائلة "هنا، الأمور مختلفة تماما، ولهذا السبب فإن الأمر صادم بشكل أكبر".
أول من دعا إلى وقف الأعمال العدائية
وقالت رئيسة اللجنة إنه لم يكن بإمكان أحد أن يتنبأ بما حدث في 7 تشرين الأول/أكتوبر وما تلا ذلك، مشيرة إلى أن اللجنة كانت "الأولى" في 10 تشرين الأول/أكتوبر التي أصدرت بيانا يدعو إلى وقف الأعمال العدائية.
وأضافت أن هذا كان "قبل وقت طويل من قيام الأجهزة الأخرى للأمم المتحدة بالتحدث، وقبل وقت طويل من رد فعل الأجهزة السياسية للأمم المتحدة. وحتى الآن، لدينا آخر قرار من مجلس الأمن والذي يدعو إلى وقف إطلاق النار، ومع ذلك تشعر ممثلة الولايات المتحدة أن القرار ليس له أي صلاحية".
ونبهت إلى أنه من المثير للقلق أن تستمر دولة واحدة في انتهاك القانون الدولي بمساعدة الدول القوية التي تقول إنها تدعم حقوق الإنسان، قائلة "إنه أمر مزعج للغاية إذا أفلتت دولة من العقاب في هذا الأمر".
الحاجة المتزايدة لسيادة القانون
وأعربت الخبيرة الحقوقية عن اعتقادها بأن هناك عودة إلى سيادة القانون من جديد، وحاجة متزايدة إلى ذلك، وهو اتجاه أبرزه عدد غير مسبوق من الطلبات المقدمة إلى مـحكمة العدل الدولية منذ إنشائها عام 1945.
وقالت إن الدعوى الأخيرة التي قدمتها جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية بشأن انتهاكات إسرائيل المزعومة لالتزاماتها بموجب اتـفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها في قطاع غزة، يشير إلى تطور مهم في تطبيق الولاية القضائية العالمية. وأشارت إلى أن هذه أيضا هي المرة الأولى التي تقدم فيها دولة ثالثة دعوى إلى محكمة العدل الدولية.
وتساءلت بيليه "كيف يتم الآن فقط تحدي الاحتلال نفسه، ولم يُطلب من محكمة العدل الدولية تقديم المشورة القانونية بشأن شرعية الاحتلال نفسه وبشأن مسؤوليات الدول تجاه المسعى غير القانوني؟"
مزيد من الدعاوى
وقالت رئيسة لجنة التحقيق "إن الدعوة إلى الاعتماد على سيادة القانون كانت موجودة منذ فترة طويلة. أرى الآن أن لدينا تصاعدا في هذا الشأن، حيث تقدم دول دعاوى بشأن مزاعم الإبادة الجماعية ضد دول أخرى بسبب دعمها العسكري. لم نشهد هذا من قبل، والتشكيك في شرعية الاحتلال أمر جديد أيضا، وآمل أن ينتشر هذا الاتجاه".
وفي وقت سابق، قدمت نيكاراغوا طلبا أمام محكمة العدل الدولية لوقف المساعدات العسكرية الألمانية وغيرها من المساعدات لإسرائيل، بدعوى أنها تساعد على ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية وانتهاكات القانون الإنساني الدولي في غزة. ورفضت المحكمة الطلب في النهاية.
وقالت بيليه: "لم تكن إسرائيل لتتمكن من الاستمرار بهذا المستوى من الإجراءات ضد الفلسطينيين وانتهاكات الحقوق الفلسطينية لو لم تحصل على مساعدة دول أخرى فيما يتعلق بالمساعدات العسكرية".
وشددت على أنه قبل كل شيء، يجب على جميع الدول احترام القانون الدولي.