Breadcrumb
نازح فلسطيني من ذوي الاحتياجات الخاصة ينقل ما يحدث في غزة عبر لغة الإشارة
يحمل الشاب باسم الحبل جوالا من الطحين حصل عليه من وكالة الأونروا، داخل أحد مراكز النزوح في مدينة دير البلح وسط قطاع غزة. تأمين الطعام والماء لأسرته الصغيرة يرسم معالم رحلته اليومية في ظل النزوح والحرب وتحديات فريدة أكثر صعوبة بالنسبة لباسم، وهو من مجتمع الصم والبكم في غزة.
داخل الغرفة التي تؤويه- في مدرسة تحولت إلى ملجأ للنازحين- والتي تضيق بما استطاع باسم وأسرته حمله من مقتنيات، قرر رب الأسرة الشاب نقل ما يحدث في محيطه الصغير وداخل القطاع إلى العالم عبر فيديوهات يومية يشاركها عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
باسم الحبل كان يتحدث لمراسلنا في غزة زياد طالب في زار المركز الذي لجأ إليه باسم وأسرته، وكانت تترجم ما يقوله شقيقة زوجته غالية الكيلاني التي تعلمت لغة الإشارة لتتمكن من التواصل مع شقيقتها، زوجة باسم وهي أيضا من مجتمع الصم.
قال باسم: "أردت أن أوجه رسالة إلى مجتمع الصم في جميع أنحاء العالم، فقررت أن أصور حياتي الطبيعية، وعندما تتعرض البيوت للقصف. واستخدم لغة الإشارة الأوروبية حتى تصل الفكرة إليهم، وكي يرى الناس ماذا يحدث في غزة".
وشبه ما يقوم به بالعمل الصحفي، ولكن للأشخاص ذوي الإعاقة من الصم، مؤكدا أن ما شجعه على الاستمرار في نقل كل ما يحدث في غزة هو زيادة عدد متابعيه في كل يوم، وقال: "صاروا يدعمونني ويدعمون غزة والقضية الفلسطينية".
إسعاد الأطفال رغم كل شيء
رغم هذا المتنفس الذي وجده باسم عبر منصات التواصل الاجتماعي، إلا أنه يعاني مثل الكثير من النازحين في غزة، من عدم وجود فرص العمل.
وقال "تعبت كثيرا، ويعتريني الخوف الشديد، أخاف على زوجتي وابنتي"، لكن ذلك لا يمنعه من مد يد المساعدة لكل من يحتاجه، "فعندما أرى أطفالا في الشارع أساعدهم حتى يبتسموا وينسوا القصف. المهم أن يكون الأطفال سعداء، وأن يبتعدوا عن الخوف".
ويُقدر أن 1.7 مليون شخص في قطاع غزة هُجّروا داخليا، وأكثر من نصفهم أطفال، ولا يحصلون على ما يكفي من الماء والغذاء والوقود والدواء. يوجد نحو مليون شخص في منشآت الأونروا التي تحولت إلى مراكز إيواء. ويعتمد حوالي مليوني شخص في غزة على دعم الأونروا المنقذ للحياة والذي تواجه الوكالة صعوبات جمة في إدخال إمداداته إلى القطاع.
مشقة وبحث عن عمل
استمرار الأعمال العدائية في غزة، يجعل باسم في خوف مستمر على طفلته الصغيرة وزوجته، كما أنه لا يسمع أصوات القصف، وتساعده سماعة خاصة إذا وضعها في إذنه على التقاط ولو صوت ضعيف لما يجري حوله.
وقال باسم "كلما بكت ابنتي احتضنها واطمئنها" ومع الظروف الصعبة والمشقة اليومية التي يعانيها في توفير المأكل والمشرب، لا يتوقف مسعى باسم للبحث عن فرصة عمل.
غالية الكيلاني، شقيقة زوجة باسم التي تساعده في نقل ما يقول لمن لا يفهم لغة الإشارة، قالت إن هناك تحديا كبيرا أمام مجتمع الصم في غزة في إدراك ما يحدث حولهم من قصف وإطلاق نيران مما يعرض حياتهم للخطر. كما أشارت إلى الصعوبة البالغة في حصول الأشخاص ذوي الإعاقة من الصم على فرص عمل في غزة، فبدأت تساعده في توصيل صوته ورسالته عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأضافت غالية إنها بدأت في مساعدته في ترجمة وإيصال كل ما يرصده ويصوره في محيطه في غزة إلى أن "صار عنده 26 ألف متابع".
قصص من الشمال
كان باسم قبل حديثه مع مراسلنا، يروي لمتابعيه واحدة من القصص لأصدقاء له من الأشخاص ذوي الإعاقة من الصم في شمال غزة التي نزح منها قبل قرابة سبعة أشهر، حيث قُتِل بعضهم لأنهم لم يسمعوا القصف وتعليمات القوات الإسرائيلية، وعندما حاول آخرون نقل جثثهم أصيبوا بأعيرة نارية.
ذلك الواقع الذي يعيشه الأشخاص ذوو الإعاقة من الصم، يجعل حياتهم غاية في الصعوبة كما قالت غالية الكيلاني التي أصرت قبل سنوات على تعلم لغة الإشارة من أجل مساعدة شقيقتها الوحيدة زوجة باسم.
باسم الحبل أكد من داخل غرفته الصغيرة في مركز النزوح أنه مستمر في نشر تلك الفيديوهات كي يشاهد العالم ما يحدث لهم، وتساءل "لماذا يشاهد العالم ما يحدث لنا ويلتزم الصمت؟". وأعرب عن أمله في "أن تتوقف الحرب وتعود الحياة لطبيعتها في غزة".