Breadcrumb
سوء تغذية حاد بين الأطفال ومجاعة تقترب، برنامج الأغذية العالمي يرصد مشاهد من الأزمة الإنسانية في غزة
يجلس الطفل الفلسطيني فادي الزنط باكيا فوق أحد أسرة المستشفى الميداني الذي أقامته الهيئة الطبية الدولية في مدينة رفح جنوبي غزة، وأعراض سوء التغذية الحاد تبدو على وجهه وجسده الذي أصبح هزيلا ونحيلا.
الطفل فادي الذي يبلغ من العمر 6 سنوات، كان يتلقى العلاج في مستشفى كمال عدوان في مدينة غزة مع 22 طفلا آخر، لكن تم إجلاؤهم من ذلك المستشفى قبل أن يتم نقلهم من رفح إلى مصر لتلقي العلاج.
أسرة فادي تحيط به داخل إحدى خيام المستشفى الميداني - التي زارها فريق تابع لبرنامج الأغذية العالمي - في محاولة للتخفيف عنه. وتقول أمه، شيماء الزنط، "إنه لم يعد هناك شيء في غزة من مقومات الحياة البسيطة، لا توجد خضروات ولا لحوم ولا فواكه".
وأضافت "لقد حرم ابني من تلك الأشياء فأصبح جسمه هزيلا وضَعُف كثيرا وأصيب بالجفاف. كما أنه مصاب بالتليف الكيسي في صدره، مما أثر على حالته الصحية".
وحذر برنامج الأغذية العالمي من أن المجاعة وشيكة شمال غزة، وأن سوء التغذية بين الأطفال يتصاعد بوتيرة قياسية، حيث يعاني واحد من كل ثلاثة أطفال دون سن الثانية من سوء التغذية الحاد أو الهزال.
وبحسب البرنامج فإن الآباء في غزة لا يأكلون لعدة أيام في بعض الأحيان حتى يتمكن أطفالهم من ذلك، وأن حوالي 70% من السكان في الشمال يواجهون جوعا كارثيا.
أشخاص متعبون ويائسون
وداخل مستشفى الهيئة الطبية الدولية، يعلو بكاء أطفال آخرون تُلصق على أذرعتهم الهزيلة أشرطة حمراء تعني أنهم مصابون بسوء تغذية حاد.
وكان تقرير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الصادر في آذار/مارس أفاد بأن الحد الأقصى لانعدام الأمن الغذائي الحاد للمجاعة قد تم تجاوزه بشكل كبير، وأن سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة يتقدم بوتيرة قياسية نحو العتبة الثانية للمجاعة.
وضع لمسه ماثيو هولينغورث، المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في فلسطين بالإنابة الذي زار غزة في وقت سابق من هذا الشهر والتقى بالعديد من "الأشخاص الغاضبين والمتعبين واليائسين لأن أطفالهم ينامون كل ليلة جائعين. وعجائزهم يتلاشون بسبب نقص التغذية. وهم أنفسهم يبحثون بشكل يائس كل يوم عن المساعدات التي يحتاجون إليها للبقاء على قيد الحياة".
ومن أمام ركام أحد المباني الذي دُمر في الحرب، قال هولينغورث متحدثا من مدينة غزة التي وصفها بأنها مركز الأزمة في القطاع، إنه "لا يوجد مكان آخر في العالم يواجه فيه هذا العدد الكبير من الناس مجاعة وشيكة".
وأضاف المسؤول الأممي "نحن ببساطة لا نحصل على ما يكفي من المساعدات إلى مدينة غزة وشمال القطاع".
جهود منع المجاعة
وبينما يعاني الشمال من نقص في المساعدات، تبحث العائلات في الوسط والجنوب عما يسد رمقها بينما يستمر التصعيد.
وفي مدينة دير البلح وسط غزة وداخل إحدى خيام الإيواء الملاصقة لعدد كبير من الخيام التي تؤوي النازحين من كل حدب وصوب في غزة، تحلقت عائلة حول أطباق بسيطة وقت الإفطار في رمضان، حصلوا عليها في إطار الوجبات الساخنة التي يوفرها برنامج الأغذية العالمي في غزة.
ويقدم البرنامج الغذاء الذي يحتاجه بشدة 1.45 مليون شخص في غزة كل شهر، حيث يوزع الطرود الغذائية الجاهزة للأكل والوجبات الساخنة ودقيق القمح والمنتجات المتخصصة لمواجهة سوء التغذية.
وأكد البرنامج أنه لم يتمكن إلا من إرسال 11 قافلة محملة بالأغذية إلى الشمال منذ بداية العام، وأن هناك حاجة إلى عمليات توصيل يومية لمنع وقوع مجاعة.
وقال المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في فلسطين بالإنابة "نحن في حاجة ماسة إلى الظروف التي تمكننا من الوصول كل يوم لإغراق هذه المنطقة بالمساعدات الغذائية إذا أردنا منع المجاعة، ومنع المزيد من الوفيات، ومنع الهزال بين الأطفال، ومنع الوضع اليائس الموجود بالفعل".
وكان برنامج الأغذية العالمي قد دعا مرارا إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية، محذرا كذلك من أنه مع اقتراب المجاعة، فإن هجوما بريا إسرائيليا على جنوب غزة من شأنه أن يجعل مهمة البرنامج أكثر صعوبة.