Breadcrumb
منسق عملية السلام في الشرق الأوسط يؤكد ضرورة معالجة الوضع الإنساني الكارثي في غزة على وجه السرعة
أمام مجلس الأمن الدولي، قال تور وينسلاند، منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط إن أي حل مستدام للتصعيد في غزة، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني الأوسع، "هو حل سياسي".
وأكد وينسلاند على أنه من الضروري تهيئة الظروف لإطار سياسي متفق عليه يحدد خطوات ملموسة لا رجعة فيها نحو إنهاء الاحتلال وإقامة حل الدولتين؛ إسرائيل، وفلسطين - التي تعد غزة جزءا لا يتجزأ منها- تعيشان جنبا إلى جنب في أمن وسلام على أساس قرارات الأمم المتحدة والاتفاقيات السابقة والقانون الدولي، وتكون القدس عاصمة للدولتين.
جاء هذا في إحاطته أمام جلسة لمجلس الأمن الدولي عقدت اليوم الثلاثاء لمناقشة الوضع في الشرق الأوسط، والتي استعرض خلالها وينسلاند التقرير الفصلي الـ 29 للأمين العام للأمم المتحدة بشأن تنفيذ قرار مجلس الأمن 2334 لعام 2016. يغطي التقرير الفترة ما بين 8 كانون الأول/ديسمبر و18 آذار/مارس.
وقال وينسلاند إن ذلك القرار يدعو إلى اتخاذ خطوات فورية لمنع جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال الإرهاب، وكذلك جميع أعمال الاستفزاز والتدمير، لكن "من المؤسف أن الصراع المدمر في غزة مستمر، إلى جانب العنف اليومي في الضفة الغربية المحتلة".
وأشار كذلك إلى أن الأنشطة الاستيطانية استمرت وتكثفت، رغم أن القرار يدعو إلى الوقف الفوري والكامل لجميع تلك الأنشطة في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، والاحترام الكامل لجميع التزاماتها القانونية في هذا الصدد.
نطاق هائل للموت والدمار
وأعرب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط عن الارتياع إزاء النطاق الهائل للموت والدمار والمعاناة الإنسانية الذي أحدثته الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة، حيث قُتِل المدنيون بمعدل غير مسبوق.
وقال "أدين مقتل آلاف المدنيين في غزة، وأغلبهم من النساء والأطفال والأفراد المحميين"، مضيفا أنه "لا شيء يمكن أن يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني".
وعبر عن القلق إزاء ما قد يكون انتهاكات للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك احتمال عدم الامتثال لمبادئ التمييز (بين الأهداف المدنية والعسكرية) والتناسب (في الرد) والاحتياط في الهجوم، مشددا على أن النزوح الجماعي للسكان في غزة دون ضمان إمكانية تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية يثير مخاوف جدية بشأن الامتثال للمتطلبات القانونية المعمول بها.
وجدد وينسلاند إدانته للهجوم المسلح المروع الذي شنته حماس والجماعات الأخرى في 7 تشرين الأول/أكتوبر، قائلا "لا شيء يمكن أن يبرر هذه الأعمال الإرهابية. ويجب إطلاق سراح الرهائن المتبقين فورا ودون قيد أو شرط. وأثناء احتجازهم، يجب معاملة الرهائن معاملة إنسانية والسماح لهم بتلقي الزيارات والمساعدة من الصليب الأحمر".
وقال إنه شعر بالفزع من النتائج التي توصلت إليها الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالعنف الجنسي أثناء الصراعات، براميلا باتن فيما يتعلق باستخدام العنف الجنسي خلال هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر والعنف الجنسي المرتكب ضد الرهائن، والذي قد يكون مستمرا، داعيا إلى محاكمة جميع مرتكبي تلك الأفعال ومحاسبتهم بشكل كامل.
استجابة جماعية وخلاقة
وشدد المسؤول الأممي على أنه ينبغي معالجة الظروف التي تهدد الحياة والتي يواجهها أكثر من 1.7 مليون نازح داخليا في مساحة تتضاءل باستمرار في غزة، مضيفا "أشعر بقلق بالغ إزاء الكابوس المحتمل المتمثل في تشريد أكثر من مليون شخص مرة أخرى إذا نفذت إسرائيل عمليتها البرية المخطط لها في رفح".
ودعا إسرائيل إلى الوفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك السماح وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بسرعة ودون عوائق إلى غزة وفي جميع أنحائها، وأن تكون الأمم المتحدة والشركاء في المجال الإنساني قادرين على تقديم المساعدة بأمان.
ورحب بفتح ممر بحري لتقديم المساعدة الإنسانية الإضافية التي تشتد الحاجة إليها عن طريق البحر، لكنه كرر التأكيد على أنه بالنسبة لتوصيل المساعدات على نطاق واسع، لا يوجد بديل حقيقي عن التوصيل عن طريق البر.
وجدد الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية، وحث جميع الأطراف على مضاعفة الجهود للتوصل إلى اتفاق يؤدي إلى وقف إطلاق النار الإنساني المطلوب وإطلاق سراح جميع الرهائن.
ونبه وينسلاند إلى أن "ضخامة التحديات الإنسانية والأمنية والسياسية التي نواجهها تتطلب استجابة جماعية وخلاقة وفورية. علينا أن نعالج الوضع الإنساني الكارثي في غزة على وجه السرعة".
وأعرب عن أسفه من أنه على الرغم من الجهود الدبلوماسية المكثفة، "لم نشهد اتفاقا على وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن".
وكان مجلس الأمن الدولي قد اعتمد قرارا يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان تحترمه جميع الأطراف، والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن، بتأييد 14 عضوا وامتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت.
لا غنى عن الأونروا
وتطرق وينسلاند إلى الادعاءات بالتورط المزعوم لموظفين في وكـالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) في الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، معبرا عن الارتياع من تلك الادعاءات ومؤكدا أنه يتم التحقيق في تلك الادعاءات بشكل شامل ومستقل.
وأكد أن الأونروا تظل العمود الفقري للاستجابة الإنسانية للأمم المتحدة في غزة، وأن الوكالة لا غنى عنها ولا يمكن استبدالها، وهي بمثابة شريان حياة للملايين من لاجئي فلسطين، وضرورية للاستقرار الإقليمي.
ورحب باستئناف التمويل من قبل بعض المانحين، داعيا بقية المانحين إلى استئناف تمويلهم للوكالة، حيث يجب ضمان استمرارية عمليات الأونروا.
العنف في الضفة الغربية
وأعرب منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط عن القلق العميق إزاء استمرار ارتفاع مستويات العنف والإصابات في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وفي إسرائيل.
وقال إن العمليات الأمنية الإسرائيلية المكثفة والاشتباكات الكثيفة مع فلسطينيين مسلحين تفضي إلى ارتفاع مستويات الضحايا وتدمير العديد من مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية، داعيا قوات الأمن إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وعدم استخدام القوة المميتة إلا عندما يكون ذلك أمرا لا مفر منه لحماية الأرواح.
كما دعا إسرائيل إلى التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الدولي، بما في ذلك ما يتعلق بالاستخدام المتناسب للقوة، وضمان إجراء تحقيقات شاملة ومستقلة وسريعة في جميع حالات الاستخدام المفرط المحتمل للقوة، ومحاسبة المسؤولين عنها.
وعبر وينسلاند كذلك عن القلق إزاء الهجمات التي نفذها مستوطنون إسرائيليون ضد فلسطينيين، بما في ذلك على مقربة من قوات الأمن الإسرائيلية، داعيا إسرائيل، باعتبارها السلطة القائمة بالاحتلال، إلى اتخاذ خطوات فورية للامتثال لالتزاماتها بموجب القانون الدولي لحماية السكان الفلسطينيين من جميع أعمال العنف أو التهديد بها.
وأضاف كذلك أنه يجب أن تتوقف الهجمات التي يشنها فلسطينيون ضد إسرائيليين، ويجب محاسبة جميع الجناة.
التوسع المتواصل للمستوطنات
وأعرب المسؤول الأممي عن القلق البالغ إزاء التوسع المتواصل للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، موضحا أن "الرقعة الاستيطانية الآخذة في التوسع، تزيد من ترسيخ الاحتلال، وتعيق بشدة ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير المصير".
وجدد التأكيد على أن جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، ليس لها أي شرعية قانونية وتشكل انتهاكا صارخا للقانون الدولي.
وأفاد وينسلاند بأن هدم ومصادرة المباني الفلسطينية، بما في ذلك المشاريع الإنسانية الممولة دوليا، ينطوي على انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان ويثير المخاوف بشأن خطر الترحيل القسري، داعيا حكومة إسرائيل إلى إنهاء هذه الممارسة، بما يتماشى مع التزاماتها الدولية، والسماح للمجتمعات الفلسطينية ببناء وتلبية احتياجاتها التنموية.
وقال أيضا "انطلاقا من روح شهر رمضان المبارك، أكرر التأكيد على الحاجة الماسة للحفاظ على الوضع الراهن للأماكن المقدسة في القدس" مرحبا بكل الجهود المبذولة للحفاظ على الهدوء، وداعيا جميع الأطراف إلى الامتناع عن الخطوات الأحادية التي من شأنها تصعيد التوترات خلال هذا الوقت الحساس.