تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

"فقدت 150 من أفراد عائلتي في غزة": حوار مع طبيبة فلسطينية أمريكية

"تعرضت النساء في غزة لرعب هائل لا يمكن تصوره، سيكون له تأثير دائم يمتد لأجيال قادمة. ما من امرأة ولا طفل يستحق أن يعاني مثلما عانى النساء والأطفال في غزة". هذا ما قالته الطبيبة الأمريكية من أصل فلسطيني، رولا الفرا التي فقدت 150 من أفراد عائلتها في الحرب الجارية في غزة. 

 

اليوم الأربعاء، شاركت الدكتورة رولا الفرا في فعالية افتراضية بعنوان: "الحرب على غزة وتأثيرها على النساء والأطفال الفلسطينيين" نظمتها لجنة الأمم المتحدة المعنية بممارسة الشعب الفلسطيني لحقوقه غير القابلة للتصرف، على هامش فعاليات الدورة الثامنة والستين للجنة وضع المرأة.

وخلال الفعالية، شاركت الدكتورة الفرا قصصا وصورا لبعض أفراد عائلتها الـ 150 الذين قُتلوا في غزة، "وكان أكثر من 90 منهم من النساء والأطفال"، مشيرة إلى أن الكثيرين منهم ماتوا بسبب نقص العلاج الضروري لمداواة الجروح التي أصيبوا بها. "أما الباقون فينتظرون الموت".

وكانت الدكتورة الفرا ضمن مجموعة من الفلسطينيين- من عائلات ضحايا الحرب في غزة- الذين حضروا إلى مقر الأمم المتحدة في نيويورك، الأسبوع الماضي، والتقوا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش. كما تحدثوا إلى الصحفيين في المقر الدائم.

وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة، قالت الدكتورة رولا الفرا إن الحرب في غزة أثرت، بشكل غير متناسب، على النساء والأطفال الذين يمثلون أكثر من 70% من الأشخاص الذين قتلوا في الحرب. وقالت إن فعالية اليوم هدفت إلى تسليط الضوء على القضايا والمشاكل المهمة المتعلقة بالتأثير الإنساني والنفسي والاجتماعي والطبي على النساء والأطفال. وتضيف: "أنا طبيبة وخبيرة في صحة المرأة، ولكني في الواقع أقدم وجهة نظر شخصية لأنني فقدت أكثر من 150 فردا من عائلتي في غزة".

وقف الحرب وحده الكفيل بإنهاء المعاناة

تراعي هذه الجدة الفلسطينية حفيدتها غزل، 4 سنوات، في مستشفى ناصر في خان يونس- جنوب قطاع غزة. أصيبت غزل بعد محاصرة منزلها في مدينة غزة بالدبابات. ولعدم توفر الرعاية الطبية اللازمة لعلاجها فور إصابتها، اضطر الأطباء إلى بتر ساقها لإنقاذ حياتها.
© UNICEF/Abed Zaqout

كما تحدثت الفرا عن العواقب طويلة المدى للأثر النفسي لهذه الحرب على النساء في غزة، مشيرة إلى أن السبيل الوحيد للحد من هذه العواقب يكمن في وقف الحرب ومضت قائلة: "تعرضت النساء لرعب كبير لا يمكن تصوره، سيكون له تأثير دائم يمتد لأجيال قادمة. ويرتبط التأثير النفسي والاجتماعي بالإعاقات النفسية مثل اضطراب ما بعد الصدمة، والقلق، والاكتئاب، والانتحار".

وشددت الطبيبة الأمريكية الفلسطينية على الأهمية البالغة لوضع حد لكل هذه المعاناة وضرورة التأكد من حصول المرأة في غزة على خدمات الصحة النفسية الكافية، والتي تقول إنها لا تتوفر لها في هذا الوقت. كما يحتجن أيضا إلى مساحات آمنة والحماية والأمان.

قتل آلاف الأطفال وجرح آلاف آخرون فيما لا يزال الآلاف خارج أسوار المدارس، ومن المحتمل أن تستمر معهم الصدمة الناجمة عن هذه الحرب لأجيال قادمة. تقول الدكتورة رولا إن جميع المدارس إما تعرضت لأضرار أو دمرت. ولا توجد بنية تحتية تعليمية في هذا الوقت. 

وتضيف: "سيكون لهذا الأمر تأثير سلبي طويل المدى على النمو النفسي والاجتماعي والنمو المعرفي والصحة النفسية للأطفال. لذا، مرة أخرى، أعتقد أن أفضل طريقة لمساعدة الأطفال في غزة هي الدعوة إلى وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب وهذا الاعتداء على أطفال غزة وإنشاء البنى التحتية التعليمية، حتى يتمكن الأطفال من مواصلة النمو بطريقة صحية ويتحسن نموهم النفسي بصورة جيدة".

جهد من الجالية العربية-الأمريكية لدعم غزة

سألنا الدكتورة رولا الفرا عن الكيفية التي يمكن أن يساعد بها المجتمع العربي في الولايات المتحدة النساء في غزة وما إذا كانت هناك مبادرات لدعم المرأة الفلسطينية هناك. تقول الدكتورة رولا إن هناك العديد من المنظمات غير الحكومية والمنظمات الخيرية التي تنشط في إرسال التبرعات لأطفال غزة. "والعديد منا يتبرع لمنظمات أخرى. نقوم بتعبئة الجهود، وفي الواقع، أستطيع القول إن الجمعية الطبية الوطنية العربية الأمريكية (ناما) تعمل بالفعل على خريطة طريق لإعادة بناء غزة والتي ستركز على بناء البنية التحتية للرعاية الصحية والاجتماعية في القطاع".

رسالة لنساء غزة وللمجتمع الدولي

كما سألنا الدكتورة رولا الفرا عما إذا كانت لديها رسالة للنساء في غزة وللمجتمع الدولي فقالت: "بالنسبة للنساء. أقول لهن إننا نحس بألمكن ومعاناتكن. نحن حزينون. ما من امرأة ولا طفل يستحق أن يعاني من الألم الذي عانيتموه. نبذل قصارى جهدنا والذي أقر أنه لم يكن كافيا لوضع حد لمعاناتكن. سنركز على إصلاح وإعادة بناء غزة حتى يتسنى لكن ضمان كرامتكن وحقوقكن الأساسية".

أما رسالتها للمجتمع الدولي فهي: "أستطيع القول إن الإنسانية خذلت النساء والأطفال في غزة. أقدر وجود تضامن عالمي، معظمه من شعوب العالم، وليس بالضرورة من حكومات العالم. وهذا موضع تقدير كبير. ولكنه لم يكن كافيا حقا، ولست متأكدة مما ينبغي فعله لوضع حد لهذه المعاناة على الفور. ولذلك نحن بحاجة إلى أن نتكاتف ونتضامن. نحن بحاجة إلى أن نكون أكثر فعالية في الوصول إلى حكوماتنا للدعوة إلى وقف إطلاق النار. حجم المعاناة غير مسبوق والأوضاع كارثية. ونحن مدينون لكل إنسان، وخاصة شعب غزة، بحماية تلك الحقوق وحمايتهم من الموت والدمار".