Breadcrumb
مفوض حقوق الإنسان: هجمات حماس ووحشية الرد الإسرائيلي، مروعة
شدد مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك على ضرورة انتهاء الحرب الدائرة في غزة. وقال: يبدو أنه لا توجد حدود، أو كلمات لوصف "الأهوال التي تتكشف أمام أعيننا في غزة"، مشيرا إلى أن جميع الأطراف ارتكبت انتهاكات واضحة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدول الإنساني ، بما في ذلك جرائم حرب وربما جرائم أخرى بموجب القانون الدولي.
وفي كلمته أمام الحوار التفاعلي حول تقريره بشأن وضع حقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة ضمن فعاليات الدورة الـ 55 لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، أشار تورك إلى مقتل وإصابة أكثر من 100 ألف شخص، منذ تشرين الأول/أكتوبر، وإلى أن واحدا تقريبا من كل 20 طفلا وامرأة ورجلا قد مات أو جرح.
وأضاف أن ما لا يقل عن 17 ألف طفل أصبخوا يتامى أو منفصلين عن أسرهم، في حين أن العديد من الأطفال الآخرين سيحملون ندوب الصدمات الجسدية والعاطفية مدى الحياة. وهناك عشرات الآلاف من الأشخاص في عداد المفقودين، ويُفترض أن العديد منهم مدفونون تحت أنقاض منازلهم.
"أمور مروعة وخاطئة"
وأشار مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إلى أن الهجمات على المدنيين الإسرائيليين في 7 و8 تشرين الأول/أكتوبر كانت "صادمة وغير مبررة على الإطلاق". وأضاف أن قتل المدنيين، والأنباء الواردة عن التعذيب والعنف الجنسي على أيدي حماس وغيرها من الجماعات الفلسطينية المسلحة، واحتجاز الرهائن منذ ذلك الوقت، "كلها أمور مروعة وخاطئة تماما. وكذلك وحشية الرد الإسرائيلي، والمستوى غير المسبوق من قتل وتشويه المدنيين في غزة، بمن في ذلك موظفو الأمم المتحدة والصحفيون؛ والأزمة الإنسانية الكارثية الناجمة عن القيود المفروضة على المساعدات الإنسانية، ونزوح ما لا يقل عن ثلاثة أرباع السكان عدة مرات في كثير من الأحيان، والتدمير الهائل للمستشفيات وغيرها من البنية التحتية المدنية، وفي كثير من الحالات، التدمير المنهجي لأحياء بأكملها، مما يجعل غزة غير صالحة للعيش إلى حد كبير".
وأكد تورك أن الوقت قد حان، لتحقيق السلام وإجراء تحقيقات وضمان المساءلة.
"جرائم حرب"
وقال مفوض حقوق الإنسان إنه على مدى الأشهر الخمسة الماضية من الحرب، سجل مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان "العديد من الحوادث التي قد ترقى إلى جرائم حرب من قبل القوات الإسرائيلية"، فضلا عن مؤشرات على أن القوات الإسرائيلية شاركت في استهداف عشوائي أو غير متناسب ينتهك القانون الدولي الإنساني.
وأضاف أن إطلاق الجماعات الفلسطينية المسلحة للقذائف العشوائية باتجاه إسرائيل، وحتى تل أبيب، "ينتهك أيضا القانون الدولي الإنساني، شأنه في ذلك شأن استمرار احتجاز الرهائن". وأوضح تورك أن الحصار المفروض على غزة يرقى إلى مستوى "العقاب الجماعي، وقد يرقى أيضا إلى مستوى استخدام التجويع كوسيلة للحرب ــ وكلاهما، إذا ارتكب عن عمد، يعد جرائم حرب".
وأشار كذلك إلى تهجير جميع سكان غزة تقريبا قسرا، واعتقال آلاف الأشخاص، العديد منهم بمعزل عن العالم الخارجي، في ظروف قد ترقى إلى مستوى الاختفاء القسري. وحذر تورك من أن "احتمال شن هجوم بري إسرائيلي على رفح من شأنه أن ينقل الكابوس الذي يعيشه الناس في غزة إلى بعد جديد مرير".
وأضاف أن هجوما بريا من شأنه أن يؤدي إلى خسائر فادحة في الأرواح، ويعد خطرا إضافيا يهدد بوقوع جرائم فظيعة، ويؤدي إلى نزوح جديد إلى منطقة أخرى غير آمنة؛ ويمثل توقيعا على مذكرة الإعدام لأي أمل في الحصول على مساعدات إنسانية فعالة.
وأضاف "من جهتي، لا أستطيع أن أرى كيف يمكن أن تكون هذه العملية متسقة مع التدابير المؤقتة الملزمة التي أصدرتها محكمة العدل الدولية"، داعيا جميع الدول ذات النفوذ إلى بذل كل ما في وسعها لتجنب مثل هذه النتيجة.
الوضع في الضفة الغربية
وتحدث مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن الوضع في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، قائلا إن استخدام القوات الإسرائيلية للغارات الجوية والمروحيات الهجومية والصواريخ المضادة للدبابات والمقذوفات المتفجرة المحمولة على الكتف وغيرها من أسلحة الحرب، آخذة في التزايد "مما أدى إلى نتائج مميتة، بما في ذلك قتل الأطفال".
وأوضح أن تقريره يشير إلى وجود نمط متزايد من القوات الإسرائيلية التي تمنع المسعفين من الوصول إلى الفلسطينيين، بما في ذلك الأطفال، الذين أصيبوا في مثل تلك العمليات. وذكـّر بأن العام الماضي، في الفترة من 1 كانون الثاني/يناير إلى 6 تشرين الأول/أكتوبر، شهد أعلى مستويات العنف من جانب أفراد الجيش الإسرائيلي والمستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، منذ بدء تسجيل البيانات بالأمم المتحدة عام 2005.
وأشار إلى أنه في الفترة من 7 تشرين الأول/أكتوبر وحتى 23 شباط/فبراير، قُتل ما لا يقل عن 401 فلسطيني في الضفة الغربية، من بينهم 102 طفل.
وأفاد كذلك بأنه منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، تم اعتقال أكثر من 7,000 فلسطيني بشكل تعسفي في الضفة الغربية المحتلة، فضلا عن وجود حوالي 9000 سجين محتجز حاليا "كسجناء أمنيين"، منهم أكثر من 3400 رهن الاعتقال الإداري دون تهمة أو احتمال للمحاكمة، إضافة إلى ما لا يقل عن 606 محتجزين بمعزل عن العالم الخارجي.
التمسك بوعد تحقيق السلام
ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان إلى وضع حد لتلك الأعمال العدائية، "ليس فقط (من خلال) وقف فوري لإطلاق النار، بل إنهاء هذه الحرب". وقال إنه يجب إطلاق سراح جميع الرهائن فورا ودون قيد أو شرط، وأيضا إطلاق سراح آلاف الفلسطينيين الذين تحتجزهم إسرائيل تعسفيا، وأن تتم مساءلة جميع الأطراف.
وأضاف أنه يجب اعتماد مجموعة من التدابير لإعادة إرساء حقوق الإنسان والمساواة والمساءلة والعدالة في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل. وحث "على الاستجابة بشكل إيجابي للطلبات المتكررة التي قدمها مكتبي للسماح بالوصول الكامل إلى إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة، لتوثيق الادعاءات الموثوقة بشأن انتهاكات حقوق الإنسان والتعديات والتحقيق فيها".
وقال تورك "إن إبقاء الفلسطينيين وحقوقهم في عزلة بعيدا عن الأنظار وبعيدا عن العقل، لم ينجح طيلة 56 عاما، ومن غير الممكن أن ينجح أبدا". وشدد على أنه ينبغي التمسك بالوعد بأن السلام يمكن تحقيقه في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل، مشيرا إلى أنه "لكي ينجح ذلك، يجب أن ينتهي الاحتلال".
وأضاف "يتعين على القادة الإسرائيليين أن يقبلوا حق الفلسطينيين في العيش في دولة مستقلة. ويجب على جميع الفصائل الفلسطينية أن تعترف بحق إسرائيل في الوجود بسلام وأمن".
وأنهى تورك كلمته بالقول "سواء في غزة أو في أي مكان آخر، فإنني أحثكم جميعا على تجنب حقبة جديدة من سياسات القوة التي تنحي جانبا القوانين والأعراف والمؤسسات التي بنيت بشق الأنفس. إن حقوقنا العالمية وإنسانيتنا الأساسية تعتمد على عكس مسار كهذا".