Breadcrumb
مسؤول في برنامج الأغذية العالمي يحذر من كارثة قد تؤدي إلى مجاعة في غزة
حذر ممثل برنامج الأغذية العالمي ومديره القُطري في فلسطين، سامر عبد الجابر من خطر حدوث "مجاعة" في غزة، إذا لم يقف المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية سويا لتوفير المساعدات الإنسانية "بالجهد المطلوب والكميات الضرورية".
وفي حوار خاص مع أخبار الأمم المتحدة، جدد عبد الجابر التأكيد على أن الوضع في غزة "مأساوي". وأضاف أن عددا متزايدا من الناس هناك يلجأون إلى "استراتيجيات التكيف السلبية" مع الوضع بما يؤثر على صحتهم، كما أن النازحين في الملاجئ غير قادرين على تأمين الشيء البسيط لهم ولأطفالهم، وهو ما وصفه بأنه "شيء مؤلم".
وأوضح المسؤول الأممي أن فرق برنامج الأغذية العالمي لم يعد بوسعها الوصول إلى شمال القطاع منذ انتهاء الهدنة الإنسانية مطلع كانون الأول/ديسمبر، مؤكدا أنهم يحاولون العمل مع كل الأطراف لتأمين وصول المساعدات إلى الشمال، "لأن الاحتياجات هناك كبيرة".
تقرير مرتقب
وأكد المدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في فلسطين أن البرنامج يعمل على المساعدة من أجل إعادة تشغيل المخابز في القطاع، إضافة إلى التجربة التي بدأها لإدخال كميات من الخبز الجاهز من خارج غزة.
وكشف عبد الجابر عن أن البرنامج يشارك في إعداد تقرير سيصدر خلال الأيام المقبلة يركز على الاحتياجات الغذائية على أرض الواقع في غزة، وكيفية وصول الناس للغذاء، "ويقدم لنا أيضا توقعات بشأن ما يمكن أن يصل إليه الوضع لو بقي الحال على ما هو عليه".
وقال المسؤول الأممي إن 2023 كانت سنة "صعبة جدا" بالنسبة لبرنامج الأغذية العالمي في فلسطين والعالم بأسره. لكنه أعرب عن الأمل في أن يكون عام 2024 "سنة خير على العالم. ونأمل أن تنجح الدبلوماسية في حل بعض من هذه الصراعات والنزاعات الموجودة في العالم".
فيما يلي نص الحوار الذي أجريناه مع ممثل برنامج الأغذية العالمي ومديره القُطري في فلسطين، سامر عبد الجابر.
أخبار الأمم المتحدة: بعد زيارة ميدانية أخيرة إلى قطاع غزة، حذر مسؤولو برنامج الأغذية العالمي من أن نصف سكان القطاع يعانون من الجوع الحاد، وأنت عدت أيضا من غزة مؤخرا. هل تطلعنا أكثر على الوضع الصعب الذي يعيشه سكان القطاع من خلال مشاهداتك؟
سامر عبد الجابر: بكل بساطة، الوضع في غزة مأساوي. عندما دخلنا غزة وشاهدنا وضع الناس بالملاجئ والشوارع، هذه ليست غزة التي نحن معتادون عليها. ونفس الوقت، دخلنا إلى محلات تجارية حيث الرفوف والثلاجات كلها فارغة.
ذهبنا إلى الملاجئ ورأينا كيف يدبر الناس أمورهم بأشياء بسيطة جدا استطاعوا أن يؤمنوها. هذا يعطينا مؤشرا على صعوبة الوضع. والناس التي نعرفها، الموظفون في برنامج الأغذية العالمي الذين رأيتهم قبل يومين من بداية الأحداث أول شهر تشرين الأول/أكتوبر ثم رأيتهم الآن عندما دخلت غزة، أقدر أن أقول لك إنهم خسروا الكثير من وزنهم وهؤلاء هم قد يكون ممن لديهم قدرة شرائية، ولكن لا يوجد أي شيء بالأسواق يستطيع الناس أن يشتروه. فما بالك بحال الناس الذين كنا نساعدهم قبل هذه الأزمة، وهم وضعهم صعب جدا جدا.
أخبار الأمم المتحدة: مع تفاقم تلك الأزمة، هل يمكن أن يتحول هذا الجوع الحاد إلى مجاعة؟
سامر عبد الجابر: بالتأكيد، إذا لم نستطع الوقوف سويا كمجتمع دولي ومنظمات إنسانية كي نساعد بالجهد المطلوب وبالكمية المطلوبة، أتخيل أننا سنرى كارثة إنسانية، مجاعة بقطاع غزة. كان 66 بالمئة من الناس في غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي. ولكن مع الوضع الحالي، أستطيع أن أقول لك إن الوضع أسوأ بالنسبة لهم. عدد الناس الذين يلجأون إلى استراتيجيات التكيف السلبية يزيد. والناس في الملاجئ غير قادرين على تأمين الشيء البسيط لهم ولأطفالهم، إنه أمر مؤلم للغاية. وأكيد المناطق في الشمال التي لا يستطيع أحد أن يصل إليها، تلوح فيها نذر كارثة قد تؤدي إلى مجاعة إذا لم نستطع أن نعمل مع بعضنا البعض.
أخبار الأمم المتحدة: على ذكر مناطق الشمال، شمال غزة هل هناك أي قوافل تصل الآن من جانب برنامج الأغذية العالمي إلى الشمال؟
سامر عبد الجابر: خلال الهدنة الإنسانية التي استمرت لمدة سبعة أيام، استطعنا توصيل ثلاث قوافل إلى شمال غزة، وكان الناس هناك بحاجة طبعا للمساعدات. ولكن منذ استئناف أعمال العنف مع بداية شهر كانون الأول/ديسمبر، لم نقدر أن نصل إلى الشمال. نحاول العمل مع كل الأطراف لتأمين المساعدات في مناطق شمال غزة، لأن الاحتياجات هناك كبيرة.
أخبار الأمم المتحدة: هل ما زالت هناك مخابز مدعومة من برنامج الأغذية تعمل في القطاع؟
سامر عبد الجابر: نحاول تشغيل كل المخابز. حاليا نتعامل مع جمعية أصحاب المخابز في غزة كي نحدد احتياجاتهم ونورد لهم على هذا الأساس. قبل أسابيع، كنا نورد لهم الطحين، والسولار كي يديروا ماكيناتهم. حاليا، بدأ الغاز يدخل إلى قطاع غزة. معظم الاحتياجات قد تكون الماء والطحين والملح وخميرة الخبز. نعمل مع المخابز ونزودها بكميات من تلك المواد حتى تتمكن من إعادة إنتاج الخبز للناس الذين هم بحاجة إليه.
وفي نفس الوقت، نحاول في الوجبات الغذائية التي نوزعها، زيادة كمية الخبز للناس من خلال المخابز أو من خلال تجربة نفذناها عبر إدخال خبز من خارج قطاع غزة لحين وقوف المخابز على أقدامها.
أخبار الأمم المتحدة: تم السماح بعبور شاحنات مساعدات مباشرة عن طريق معبر كرم أبو سالم إلى غزة. كيف تعلقون على هذا الأمر؟
سامر عبد الجابر: نحن مع زيادة المعابر التي يمكن أن تفيد في إدخال المساعدات لقطاع غزة. هذه أخبار جيدة بالنسبة لنا، أن نستطيع زيادة عدد الشاحنات التي تدخل إلى قطاع غزة. حاليا، العدد الذي يدخل لا يكفي أبدا، وقد يمثل أقل من 15 في المئة من الاحتياجات. فوجود معبر آخر قد يزيد من إمكانية دخول المساعدات، حتى نستطيع الوصول إلى الناس الذين يحتاجون لهذه المساعدات بشكل أسرع ومستمر.
أخبار الأمم المتحدة: يستعد البرنامج لإصدار تقرير حول الأمن الغذائي المرحلي، متى سيصدر هذا التقرير؟ وهل لك أن تطلعنا على العناوين الرئيسية التي يمكن أن يتضمنها ذلك التقرير بشأن الوضع الحالي في غزة؟
سامر عبد الجابر: التقرير لن يصدر عن برنامج الأغذية العالمي فقط، هو يصدر من عدة جهات بما فيها برنامج الأغذية العالمي. التقرير قد يصدر خلال هذا الأسبوع وسيركز على الاحتياجات الغذائية على أرض الواقع، وكيفية وصول الناس للغذاء. ويقدم لنا أيضا توقعات بشأن إلى أين يمكن أن يصل الوضع لو بقي الحال على ما هو عليه.
أتخيل أن هذا التقرير سيعطينا فكرة ممتازة عن الوضع بشمال وجنوب غزة فيما يتعلق بالاحتياجات الغذائية. نأمل أن يصل الجميع خلال هذا الأسبوع.
أخبار الأمم المتحدة: أيام وينتهي عام 2023. كيف كان هذا العام بالنسبة لبرنامج الأغذية العالمي في فلسطين؟ وكيف يمكن أن تتحسن الأمور في العام القادم؟
سامر عبد الجابر: أنا عندي دائما شعار حتى بأصعب الأوقات وهو "تفاءلوا بالخير تجدوه". سنة 2023 كانت سنة صعبة جدا بالنسبة لبرنامج الأغذية العالمي في فلسطين وفي العالم. في فلسطين كمثال، كنا في شهر حزيران/يونيو نتحدث عن تقليص المساعدات، واضطررنا إلى تقليص المساعدات بنحو 60 بالمئة بسبب نقص التمويل. الأحداث التي صارت طبعا غيرت من الوضع بالنسبة للتمويل، ولكننا ما زلنا بحاجة إلى تمويل عملياتنا في فلسطين.
أثر عام 2023 على معظم عمليات برنامج الأغذية العالمي. التمويل الذي وصل للبرنامج يمثل ثلث الاحتياجات تقريبا. هذا يعني أن هناك أناسا بدول عدة قد لا يستطيعون الوصول إلى المساعدات الغذائية المقدمة من برنامج الأغذية العالمي، وقد يكونون في أمس الحاجة إليها.
فعندما أقول "تفاءلوا بالخير تجدوه"، نأمل أن يكون 2024 سنة خير على العالم. ونأمل أن تنجح الدبلوماسية في حل بعض من هذه الصراعات والنزاعات في العالم.