Breadcrumb
الأمم المتحدة تدعو إلى تعزيز جهود مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود
قال الأمين العام للأمم المتحدة إن الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية تشكل "تهديدا شرسا" للسلم والأمن والتنمية المستدامة، محددا- أمام مجلس الأمن- ثلاث أولويات للعمل من أجل التصدي لها.
وأضاف أنطونيو غوتيريش في كلمته أمام جلسة نقاش مفتوحة لمجلس الأمن، عُقدت اليوم الخميس، أن الجريمة المنظمة تعمل في كل مكان وفي كل البلدان الغنية منها والفقيرة.
وقال إن أنشطة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية تتخذ أشكالا عديدة، "لكن التداعيات هي نفسها: ضعف الحكم، والفساد والخروج على القانون، والعنف المفتوح، والموت، والدمار".
وتحدث أمين عام الأمم المتحدة عن الأشكال العديدة للجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية بما فيها التدفقات المالية غير المشروعة التي وصفها بأنها ليست أرقاما مجردة، بل تساوي المليارات من فرص التنمية الضائعة، وضياع سبل العيش، وتفاقم الفقر.
كما تحدث عن الاتجار بالبشر الذي لا يزال مستمرا في ظل الإفلات من العقاب، مشيرا إلى أن الأمر يزداد سوءا وخاصة بالنسبة للنساء والفتيات، اللاتي يشكلن أغلبية الأشخاص الذين يتم الاتجار بهم والذين تم تحديدهم على مستوى العالم.
ونبه غوتيريش كذلك إلى أن الاتجار بالمخدرات - وهو العمل الأكثر ربحا بالنسبة لجماعات الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية ــ بلغ مستويات غير مسبوقة، فضلا عن تزايد التجارة غير المشروعة للأسلحة النارية والتي تؤجج الصراعات وتقتل وتشوه الملايين.
الجريمة محفز للصراع
وقال الأمين العام إن "الجريمة هي محفز للصراع. وعندما يحتدم الصراع، تزدهر الجريمة". وأشار إلى أن الصراع يقوض سلطة وفعالية مؤسسات الدولة، ويؤدي إلى تآكل سيادة القانون، وزعزعة استقرار هياكل إنفاذ القانون.
وأضاف أنه في جميع أنحاء العالم، "تنشر الجماعات الإجرامية العنف والخوف وانعدام الأمن أثناء سعيها للسيطرة على طرق الاتجار". وقال غوتيريش إنه في العديد من النزاعات، تتداخل وتتقاطع أنشطة الجماعات الإجرامية العابرة للحدود الوطنية والجماعات المسلحة، مما يزيد من صعوبة حل النزاعات.
واستشهد بما يحدث في عدد من الدول مثل هايتي التي وقعت "في حلقة مفرغة من انهيار الدولة، وتصاعد عنف العصابات، والتجارة غير المشروعة المتزايدة للأسلحة النارية المهربة إلى البلاد".
العلاقة بين الإرهاب والجريمة المنظمة
ونبه أمين عام الأمم المتحدة إلى أن الصلات بين الجريمة المنظمة والإرهاب مثار قلق بشكل خاص، قائلا إن جماعات الجريمة المنظمة تقوم بتكوين تحالفات انتهازية مع الجهات الفاعلة المسلحة التي يصنفها مجلس الأمن على أنها جماعات إرهابية، وذلك غالبا للاستفادة من أشكال مختلفة من الاتجار.
وأضاف أنه في الوقت نفسه، تسعى الجماعات الإرهابية إلى إقامة علاقات مع الجريمة المنظمة لتمويل أنشطتها. وقال غوتيريش إن الشبكات الإجرامية تستخدم مبالغ طائلة من الأموال التي تجنيها من أنشطتها لاستئجار الجماعات المسلحة كي توفر لها الحماية، الأمر الذي يضيف مزيدا من التعقيدات للصراعات الدائرة، كما هو الحال في ليبيا.
التعاون متعدد الأطراف
ودعا الأمين العام لبذل المزيد كي "نقوي من دفاعنا"، محددا ثلاث أولويات للعمل في مواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، أولها "تعزيز التعاون".
وقال غوتيريش "إن التعاون متعدد الأطراف هو السبيل الوحيد الجدير بالثقة لاستهداف الديناميكيات الإجرامية التي تغذي العنف وتطيل أمد دورات الصراع".
وأكد أن المخطط موجود للتعامل مع تلك القضية وهو اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية وبروتوكولاتها الإضافية الثلاثة، داعيا جميع الدول الأعضاء إلى التنفيذ الكامل للاتفاقية والعمل معا ومساعدة بعضها البعض في التحقيق مع مجموعات الجريمة المنظمة ومحاكمتها.
أما ثاني أولويات العمل التي ذكرها الأمين العام فهي "تعزيز سيادة القانون". وقال "إن سيادة القانون أمر أساسي لجهودنا الرامية إلى إيجاد حلول سلمية للصراعات، والتصدي للتهديدات متعددة الأوجه التي تشكلها الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية".
وحذر من أنه عندما تكون سيادة القانون ضعيفة، فإن العواقب تمتد إلى جميع مجالات الحياة العامة والخاصة، فيسود الإفلات من العقاب، وتزدهر الجريمة، ويتزايد خطر الصراع العنيف بشكل كبير. وأوضح أن رؤيته الجديدة لسيادة القانون تهدف إلى "تعزيز مركزيته في جميع أنشطة منظمتنا".
تعزيز الوقاية والإدماج
ودعا الأمين العام كذلك إلى "تعزيز الوقاية وتدعيم الإدماج" كأولوية ثالثة للعمل من أجل التصدي للجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية.
وقال إن هذا يعني مضاعفة الجهود لتحقيق خطة التنمية المستدامة لعام 2030، "وهي أفضل أداة لدينا لتهيئة الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي لا يمكن للجريمة المنظمة أن تنجح فيها".
وأضاف أن هذا يعني أيضا ضمان احترام جميع حقوق الإنسان، ومعالجة الجرائم الإلكترونية وإحباط الجماعات الإجرامية التي تستخدم التكنولوجيا في كل خطوة من أنشطتها الضارة، بشكل أكثر فعالية.
وحث غوتيريش على تحقيق توازن أفضل بين الاستجابات الوقائية والأمنية، مضيفا أنه "يجب ألا تُستخدم مكافحة الجريمة أبدا كذريعة للتعدي على حقوق الإنسان للناس". وختم الأمين العام كلمته بالقول "فلنلتزم معا بخلق عالم أكثر سلاما واستقرارا، لا مكان فيه للجريمة المنظمة".
دعم العمليات وتحسين القدرات
بدورها، قالت غادة والي، المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في كلمتها أمام الجلسة إن رؤية المكتب ترتكز على أولويات العمل التي حددها الأمين العام. وأضافت "ندعم عمليات إنفاذ القانون ونعمل على تحسين القدرات لتعطيل الجماعات الإجرامية المتطورة بشكل متزايد".
وأوضحت كذلك أن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة يعزز التحقيقات المالية وشبكات مصادرة الأصول، فضلا عن المساعدة في تطوير قوانين وسياسات ومؤسسات تركز على النزاهة وحقوق الإنسان، وضمان أن تكون السجون أماكن لإعادة التأهيل، وليست أماكن للتطرف أو العمليات الإجرامية.
وقالت والي إنه من أجل تحسين التعاون الدولي، يعمل المكتب على مواءمة الاستجابات من خلال الاتفاقيات المتعلقة بالجريمة المنظمة والفساد، وإنشاء شبكات ومستودعات ومنصات لمسؤولي العدالة الجنائية للتعاون وتبادل المعلومات بسهولة.
وأوضحت المسؤولة الأممية أن المكتب يعمل كذلك على المساعدة في تخصيص ضباط اتصال على الحدود، بما في ذلك في المناطق الحدودية الحساسة التي كثيرا ما تستغلها الجريمة المنظمة.
وأضافت "نساعد المجتمعات في العثور على سبل عيش كريمة ومشروعة تكسر دوائر الجريمة والفقر، بما في ذلك في أماكن مثل كولومبيا وأفغانستان وميانمار".
وأكدت على حماية وتمكين النساء والفتيات، اللاتي يواجهن الاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي.
دعوة لمجلس الأمن
ودعت المديرة التنفيذية لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة مجلس الأمن إلى اتخاذ إجراءات للتصدي للآثار المدمرة للجريمة المنظمة.
وحثت على اتخاذ مجموعة من الإجراءات منها الاستثمار في تحسين جمع البيانات من أجل توقع ورصد ديناميات التهريب والجريمة المنظمة بشكل أفضل والاستجابة بشكل استباقي.
كما دعت كذلك إلى دمج تدابير مكافحة الجريمة المنظمة في التدخلات والقرارات المتعلقة بالسلام والأمن، فضلا عن تعزيز إدراج منع الجريمة المنظمة في أطر التعاون في مجال التنمية المستدامة.
وشجعت مجلس الأمن كذلك "على مواصلة تكريس اهتمامه للتهديد الخطير المتمثل في الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، والذي يشكل أساس العديد من تحديات السلام والأمن التي يتصدى لها".