Breadcrumb
في مجلس الأمن، دعوة أممية لتهدئة الوضع المتوتر والخطير في سوريا
أعربت نجاة رشدي نائبة المبعوث الأممي الخاص لسوريا عن قلقها العميق إزاء احتمال حدوث تصعيد أوسع نطاقا، مشيرة إلى أن آثار التطورات المأساوية في الأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل لا تزال تنعكس داخل سوريا.
جاء ذلك في إحاطة قدمتها لمجلس الأمن، اليوم الثلاثاء، عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، واستهلتها بالتأكيد على الحاجة الملحة لوقف التصعيد في سوريا وجميع أنحاء المنطقة.
ودعت نائبة المبعوث الأممي مجلس الأمن وجميع أصحاب المصلحة- السوريين وغير السوريين- إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس وبذل الجهود بشكل عاجل لتهدئة الوضع المتوتر والخطير في سوريا.
وقالت نجاة رشدي إن في نهاية الأسبوع الماضي استهدفت غارات جوية إسرائيلية مرة أخرى مطار دمشق، مما أدى إلى إيقاف الخدمة الجوية الإنسانية التابعة للأمم المتحدة مؤقتا.
وتعمل الخدمة الجوية الإنسانية من هذا المطار وتخدم البرامج الإنسانية في سوريا. وأكدت رشدي أن استهداف البنية التحتية المدنية محظور بموجب القانون الدولي.
نهج للحل السياسي
الصراع السوري يستمر بجميع أبعاده الأخرى، حيث شهدت الأشهر الماضية نشاطا عسكريا مكثفا ومزيدا من الخسائر في صفوف المدنيين.
وأكدت نجاة رشدي أن الطريقة الوحيدة لمعالجة هذا الوضع الراهن غير المستدام تكمن في اتباع نهج موثوق وشامل لحل سياسي، يضع جميع القضايا التي تهم أصحاب المصلحة على الطاولة، مما يسمح للسوريين بتحقيق تطلعاتهم المشروعة ورسم طريق لاستعادة سيادة سوريا ووحدتها واستقلالها وسلامة أراضيها، تماشيا مع قرار مجلس الأمن رقم 2254.
كما أكدت الحاجة إلى دعم مجلس الأمن الكامل والموحد لإعادة العملية السياسية إلى مسارها الصحيح، مشددة على ضرورة استئناف عمل اللجنة الدستورية وتمكينها من المضي قدما.
وقالت نجاة رشدي إن الاهتمام بسوريا قد تراجع إلى حد ما نظرا للأزمة الرهيبة في المنطقة. ونبهت إلى أن الوضع في سوريا خطير للغاية بحيث لا يمكن تركه دون مراقبة.
وأضافت قائلة: "إذا لم نمنح الأطراف السورية والشعب السوري أفقا من الأمل ومسارا سياسيا لحل الصراع، فإنني أخشى من احتدام الصراع أكثر فأكثر وامتداده في مرحلة تشهد فيها المنطقة بالفعل أزمة تاريخية".
أربع رسائل مهمة
وكررت نجاة رشدي الرسائل الأربع التي نقلها المبعوث الخاص غير بيدرسون الشهر الماضي وهي:
- أولا، الحاجة إلى وقف التصعيد داخل سوريا، بشكل يقود نحو وقف إطلاق النار على الصعيد الوطني واتباع نهج تعاوني لمواجهة الجماعات الإرهابية المدرجة على قائمة مجلس الأمن، بما يتماشى مع القانون الدولي؛
- ثانيا، على جميع الأطراف الفاعلة – السورية وغير السورية – ممارسة أقصى درجات ضبط النفس؛
- ثالثا، أن تعمل جميع الجهات الفاعلة في إطار الامتثال الكامل للقانون الدولي الإنساني؛
- ورابعا، إعادة تركيز التعاون الدولي على العملية السياسية المهملة.
العنف ضد النساء
وبمناسبة الحملة السنوية لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات، كررت السيدة رشدي كلمات نائبة الأمين العام التي ألقتها الأسبوع الماضي، حيث دعت إلى تهيئة الظروف التي تمكن النساء والفتيات من الازدهار.
في سوريا، قالت رشدي إن العملية السياسية لإنهاء الصراع المستمر منذ ثلاثة عشر عاما تمثل نقطة واضحة يمكن البدء بها في هذا الصدد – "عملية تأخذ في الاعتبار عواقب الصراع على النساء والفتيات وتضع اللبنات الأساسية التي تساعدهن على تجاوز أهوال الحرب وإعادة بناء حياتهن وبلدهن".
استمرار القتال يفاقم معاناة المدنيين
متحدثة في جلسة مجلس الأمن، قالت إيديم وسورنو، مديرة العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن الوضع في سوريا لا يزال خطيرا، حيث أدى استمرار القتال ونزوح عشرات الآلاف من الأشخاص إلى تعميق الاحتياجات الإنسانية وتفاقم معاناة المدنيين.
وقالت إن قصفا على جنوب إدلب، في نهاية الأسبوع الماضي، تسبب في مقتل تسعة مدنيين - من بينهم امرأة وستة أطفال - بينما كانوا يقطفون الزيتون.
وإجمالا، قُتل وجُرح عشرات المدنيين في أعمال العنف، خلال الشهر الماضي ونزح أكثر من 120 ألف شخص. وعلى الرغم من تمكن العديد من العائلات من العودة إلى منازلها إلا أن ما لا يقل عن 12,000 شخص لا يزالون نازحين.
وسلطت إيديم وسورنو الضوء على التأثير الكبير للعنف على المرافق المدنية والبنية التحتية الحيوية.
اقتراب فصل الشتاء يفاقم المعاناة
ومع اقتراب فصل الشتاء، قالت السيدة وسورنو إن الافتقار إلى الحماية من درجات الحرارة المنخفضة يشكل مخاطر صحية كبيرة، خاصة بالنسبة للشرائح الضعيفة من السكان مثل الأطفال وكبار السن.
وأشارت إلى تقديرات فرق الأمم المتحدة الموجودة على الأرض بأن 5.7 مليون شخص في جميع أنحاء سوريا يحتاجون إلى دعم في الإيواء لمساعدتهم خلال أشهر الشتاء الباردة. ومن بين هذه المشاكل عدم كفاية المأوى، والافتقار إلى التدفئة المناسبة، وعدم كفاية الملابس والأدوات المنزلية.
وقالت إن الأمم المتحدة تبذل قصارى جهدها لتلبية هذه الاحتياجات، مشيرة إلى تزويد 26,000 أسرة بمساكن كريمة، مع استمرار الجهود لتقديم دعم مماثل لـ 7,000 أسرة أخرى.
ولكن وسورنو قالت إن الأمم المتحدة تواجه عجزا مقلقا بنسبة 70 في المائة في الأموال اللازمة لتقديم هذا الدعم الحيوي.
الملايين لا يتلقون المساعدات
وقالت المسؤولة في مكتب أوتشا إن النقص في الموارد يؤثر على قدرة الأمم المتحدة على تلبية احتياجات ملايين الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إليها في جميع أنحاء سوريا.
وأضافت قائلة: "لم يعد 2.5 مليون شخص يتلقون المساعدات الغذائية التي يحتاجون إليها. وتفقد 2.3 مليون امرأة في سن الإنجاب إمكانية الوصول إلى خدمات الصحة الجنسية والإنجابية، بما في ذلك الرعاية الصحية للأمهات. ولا يتلقى ما يقرب من مليون طفل دون سن الخامسة التطعيمات الروتينية".
وأضافت أن ما يقرب من 6 ملايين شخص لا يتلقون المساعدة الغذائية العاجلة - 74 في المائة منهم من النساء والفتيات. ويشمل ذلك 200 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد، فيما تضطر مئات المستشفيات والمراكز الصحية إلى إغلاق عملياتها أو تقليصها بسبب نقص التمويل.
التزام مبدئي بمساعدة المحتاجين
وجددت إيديم وسورنو التزام الأمم المتحدة القائم على المبادئ بإيصال المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين في جميع أنحاء سوريا، بما في ذلك في الشمال الغربي، حيث تظل عمليات الأمم المتحدة عبر الحدود بمثابة شريان الحياة لأكثر من أربعة ملايين شخص.
ورحبت بتمديد الحكومة السورية، في وقت سابق من هذا الشهر، موافقتها للأمم المتحدة على استخدام معبري باب السلام والراعي لإيصال المساعدات من تركيا لمدة ثلاثة أشهر، حتى 13 شباط/فبراير 2024.