Breadcrumb
مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان يواصل رصد أعمال عسكرية في غزة
قال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن مكتبه يواصل رصد الغارات وعدد من الحوادث التي أدت إلى سقوط أعداد كبيرة من القتلى في جميع أنحاء غزة، بما في ذلك الغارات على المناطق السكنية في جباليا ومدينة غزة والبريج والنصيرات والمغازي وخان يونس.
وأضاف فولكر تورك في مؤتمر صحفي بالعاصمة الأردنية عمان: "بالنظر إلى المستوى المرتفع من الضحايا المدنيين والنطاق الواسع من الدمار الذي لحق بالمرافق المدنية، لدينا مخاوف جدية للغاية من أن يرقى ذلك إلى مستوى الهجمات غير المتناسبة، في انتهاك للقانون الدولي الإنساني".
وقال إن الهجمات الفظيعة التي شنتها حماس ضد إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر ينبغي أن تثير غضب الجميع، مشددا على ضرورة إعادة الرهائن إلى ديارهم ووقف إطلاق الصواريخ بشكل عشوائي على إسرائيل.
لكنه قال إن الأمن الدائم لا يمكن ضمانه عبر "ممارسة أفعال الغضب والألم والانتقام" ضد أناس ليسوا مسؤولين عن الجرائم التي ارتكبت - بمن في ذلك موظفو الأونروا.
وشجب المفوض السامي مقتل 99 موظفا في الأونروا في غزة منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر وقال إن هذا أمر غير مسبوق وشائن ومفجع للغاية.
قوانين الحرب
وذكر فولكر تورك أن للقصف الإسرائيلي المكثف على غزة- بما في ذلك استخدام الأسلحة المتفجرة شديدة التأثير في المناطق المكتظة بالسكان وتسوية عشرات آلاف المباني بالأرض- تأثيرا مدمرا على الوضع الإنساني وحقوق الإنسان.
وقال إن الآثار العشوائية لهذه الأسلحة في منطقة مكتظة بالسكان أصبحت واضحة. وشدد على ضرورة أن توقف إسرائيل فورا استخدام مثل هذه الأساليب ووسائل الحرب، والتحقيق في الهجمات.
وتطرق إلى كثافة الغارات الإسرائيلية على المستشفيات والمناطق المجاورة لها في مدينة غزة وقال إن القانون الدولي الإنساني واضح في هذا الشأن، فهو يوفر حماية خاصة للوحدات الطبية ويحتم حمايتها واحترامها في جميع الأوقات.
وذكر أن أي استخدام من جانب الجماعات الفلسطينية المسلحة للمدنيين لحماية نفسها من الهجمات يعد انتهاكا لقوانين الحرب.
ولكنه أضاف أن ذلك السلوك من قبل المجموعات الفلسطينية المسلحة لا يعفي إسرائيل من واجبها بضمان تجنيب المدنيين تبعات الحرب، واحترام مبادئ التمييز، والاحتياطات أثناء الهجوم، والتناسب. وقال "إن عدم القيام بذلك يعد أيضا انتهاكا لقوانين الحرب، مع ما يترتب عليه من آثار مدمرة على المدنيين".
وقف إطلاق النار
وأكد المفوض السامي لحقوق الإنسان أن الوضع الراهن لا يمكن أن يستمر، ودعا إلى بذل كل ما يمكن لإنهاء معاناة المدنيين. وقال إن على الدول الأعضاء ذات النفوذ أن تعمل بجد أكبر من أي وقت مضى لحمل الأطراف على التوصل إلى وقف لإطلاق النار، دون مزيد من التأخير.
ودعا إلى وقف العنف، وتأمين سلامة العاملين في المجال الإنساني وضمان الطرق الآمنة كي تصل المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين إليها، وإطلاق سراح الرهائن، وتقديم مرتكبي الانتهاكات الجسيمة إلى العدالة بما يتماشى مع قانون حقوق الإنسان.
وأضاف أن حل هذا الوضع هو إنهاء الاحتلال، والاحترام الكامل لحق الفلسطينيين في تقرير المصير. وجدد القول: "كي ينتهي العنف، يجب أن ينتهي الاحتلال. ويجب على الدول الأعضاء أن تبذل كل الجهود اللازمة لتحقيق سلام مستدام لجميع الفلسطينيين والإسرائيليين".
"الزملاء في غزة"
عبر الهاتف تحدث فولكر تورك مع زميل له في مكتب حقوق الإنسان في رفح. اضطر هذا الزميل إلى الخروج بسرعة من مدينة غزة مع زوجته، وهي حامل في شهرها السابع، وطفليه الصغيرين وأفراد آخرين من عائلته، بعد أن دمر القصف الإسرائيلي مبان محيطة بهم.
طفلاه، اللذان يبلغان تسعة وسبعة أعوام، يطرحان عليه أسئلة لا يعرف كيف يجيب عليها: "لماذا يحدث هذا لنا؟ ماذا فعلنا كي نستحق ذلك؟".
زميلة فلسطينية أخرى في فريق الأمم المتحدة في غزة روت للمفوض السامي كيف اضطرت للفرار في الواحدة صباحا مع أطفالها للعثور على مأوى بعيدا عن منزلهم، لكنها تُبقي حقائبَها قريبة دائما لأنها قد تضطر إلى الفرار مجددا في وقت قصير. قُتلت قريبة لها أمس، وقتل أيضا أصدقاء مقربون لها أول أمس.
أطفال في مستشفى العريش
وتحدث عن زيارته لمستشفى العريش القريبة من رفح في مصر، وقال إنه رأى العديد من الأطفال المصابين من غزة. وأضاف: "كان هناك طفل عمره ثلاث سنوات كُسرت ساقاه، وطفل وطفلة يبلغ كلاهما خمسة أعوام مصابان بحروق شديدة، وطفلة في الثامنة من عمرها تعاني من إصابات في العمود الفقري، بالإضافة إلى آخرين. هؤلاء هم الأطفال الذين يعتبرون محظوظين، إذ عانوا بشدة، ولكنهم ما زالوا على قيد الحياة، ويتلقون العلاج الطبي المناسب".
وأشار تورك إلى مقتل نحو 4400 طفل في غزة خلال الشهر الماضي، حسب وزارة الصحة في القطاع، والتقارير التي تفيد بأن كثيرين آخرين محاصرون تحت أنقاض المباني التي قُصفت.
ما يُسمى "بالمناطق الآمنة"
أعرب مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان عن القلق البالغ بشأن مطالبة المدنيين في غزة بالانتقال إلى "منطقة آمنة" محددة من قبل القوات الإسرائيلية. وقال إن ما تسمى بـ"المنطقة الآمنة"، عندما يتم إنشاؤها من جانب واحد، يمكن أن تزيد من المخاطر التي يتعرض إليها المدنيون، وتثير تساؤلات حقيقية حول إمكانية ضمان الأمن على أرض الواقع.
وأكد عدم وجود أي مكان آمن في غزة في الوقت الحالي، مشيرا إلى ورود تقارير عن القصف في جميع أنحاء القطاع.
الضفة الغربية
ناشد مفوض حقوق الإنسان السلطات الإسرائيلية، بشكل عاجل، اتخاذ تدابير فورية لضمان حماية الفلسطينيين في الضفة الغربية الذين يتعرضون يوميا للعنف من قبل القوات الإسرائيلية والمستوطنين الإسرائيليين، "ولسوء المعاملة والاعتقالات والطرد والترهيب والإذلال".
وقال إن العام الحالي كان بالفعل الأكثر دموية على الإطلاق بالنسبة للفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث قُتل 200 شخص تقريبا حتى قبل السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
ومنذ بداية شهر تشرين الأول/أكتوبر، قُتل ما لا يقل عن 176 فلسطينيا، من بينهم 43 طفلا وامرأة واحدة، معظمهم بنيران قوات الأمن الإسرائيلية، وثمانية منهم على الأقل من قبل مستوطنين. وأكثر من 2000 فلسطيني تم اعتقالهم واحتجازهم في عمليات قاسية في مختلف أنحاء الضفة الغربية، وقد وثق مكتب حقوق الإنسان حالات مزعجة من سوء معاملة بحق معتقلين وعائلاتهم.
وقال إن القوات الإسرائيلية استخدمت بشكل متزايد هذا العام تكتيكات عسكرية في عمليات تنفيذ القانون. وأشار إلى أن يوم أمس وحده، شهد مقتل 14 فلسطينيا على الأقل بنيران القوات الإسرائيلية في مخيم جنين للاجئين، كما وقعت أيضا أربع إصابات أخرى أمس في الضفة الغربية.
وشدد على ضرورة أن تتم عمليات تنفيذ القانون في الضفة الغربية المحتلة بما يتوافق بشكل صارم مع القانون الدولي لحقوق الإنسان.
ودعا السلطات الإسرائيلية إلى الالتزام بواجبها باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال، لحماية السكان الفلسطينيين، وإصدار أوامر واضحة لا لبس فيها لقوات الأمن لضمان حمايتهم من عنف المستوطنين، ومحاسبة أولئك الذين لا يمتثلون لتلك الأوامر.
وقال إن على إسرائيل كذلك ضمان التحقيق الفوري والفعّال في جميع حوادث العنف، وتوفير سبل الإنصاف الفعالة للضحايا. وأضاف أن استمرار الإفلات من العقاب على نطاق واسع في مثل هذه الانتهاكات أمر غير مقبول وخطير ويشكل انتهاكا واضحا لالتزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
نشطاء إسرائيليون وفلسطينيون
خلال حديثه مع نشطاء إسرائيليين مدافعين عن حقوق الإنسان، قالوا إنهم يشعرون بأسى وغضب شديدين إزاء محنة المدنيين في غزة، ويشعرون أيضا بالانزعاج مما يسببه ذلك لإسرائيل.
واقتبس منهم القول: "لا يُسمح لنا بالتظاهر من أجل السلام. سنخرج من هذه الحرب بحرية أقل بكثير. لا نعرف أي نوع من المجتمع سينتج بعد أن ينتهي كل ذلك".
وذكر المفوض السامي أن نشطاء فلسطينيين مدافعين عن حقوق الإنسان أعربوا أيضا عن مخاوفهم بشأن "ازدواجية المعايير". وشددوا على ما وصفوه بفشل المجتمع الدولي في الوفاء بالتزاماته بضمان احترام القانون الدولي الإنساني