Breadcrumb
مفوض حقوق الإنسان من معبر رفح: وراء هذه البوابات كابوس مستمر في غزة
عند معبر رفح الحدودي بين مصر وقطاع غزة، رأى مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ما وصفها بالبوابات المؤدية إلى "الكابوس المستمر الذي يختنق في ظله الناس تحت القصف المتواصل، يبكون على فقدان أسرهم، ويكافحون بحثا عن الماء والغذاء والكهرباء والوقود".
وذكر فولكر تورك أن زملاءه في مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان من بين المحاصرين وأولئك الذين فقدوا أفرادا من عائلاتهم.
وقال إن معبر رفح كان شريان حياة لنحو 2.3 مليون شخص في غزة خلال الشهر الماضي، لكنه أضاف أن شريان الحياة هذا كان ضعيفا بشكل غير منصف ومثير للغضب.
دعوة عاجلة
ودعا المفوض السامي كل الأطراف إلى الاتفاق بشكل عاجل على وقف إطلاق النار لتحقيق ثلاثة أهداف مُلحّة تتعلق بحقوق الإنسان، يتعين تلبيتها في آن معا وهي:
- إيصال الاحتياجات الإنسانية بمستويات كبيرة إلى جميع أنحاء غزة.
- إطلاق سراح كل الرهائن المحتجزين منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، فورا وبدون شروط.
- تمكين الحيز السياسي من إنهاء الاحتلال بشكل دائم قائم على حقوق الفلسطينيين والإسرائيليين في تقرير المصير، وعلى مصالحهم الأمنية المشروعة.
مصابون في مستشفى العريش
وتحدث المفوض السامي لحقوق الإنسان عن زيارته لمستشفى العريش شمال سيناء. وقال إنه قابل هناك السيدة إكرام التي كانت حاملا في شهرها الثامن عندما أصيبت بشظية في بطنها، ففقدت جنينها واضطرت للخضوع إلى عملية استئصال للرحم. "هي ما زالت حيّة لكن عينيها كانتا بلا حياة" كما قال.
والتقى تورك أيضا بمحمد، البالغ من العمر 12 عاما، من جباليا الذي يعاني من إصابات في العمود الفقري وكسور في العظام. وذكر أن محمد وصل إلى رفح بدون مرافق، ويقول إنه لا يتذكر ما حدث، "لكن الصدمة كانت واضحة على وجهه".
جرائم حرب
وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان إن الفظائع التي ارتكبتها الجماعات الفلسطينية المسلحة في 7 تشرين الأول/أكتوبر كانت شنيعة ووحشية وصادمة. وذكر أن تلك الهجمات واستمرار احتجاز الرهائن، جرائم حرب.
وأضاف أن العقاب الجماعي الذي تفرضه إسرائيل على المدنيين الفلسطينيين يرقى هو أيضا إلى جريمة حرب، مثله مثل الإخلاء القسري غير القانوني للمدنيين.
وأشار إلى أن الحصيلة الأخيرة للقتلى من وزارة الصحة في غزة تشير إلى مقتل 10,500 شخص، منهم 4,300 طفل و2,800 امرأة.
وقال: "لقد سقطنا في الهاوية. ولا يمكن لهذا الوضع أن يستمر. حتى في سياق الاحتلال المستمر منذ 56 عاما، فإن الوضع الحالي هو الأكثر خطورة منذ عقود، بالنسبة للناس في غزة وإسرائيل والضفة الغربية وأيضا على المستوى الإقليمي".
لا مجال للمعايير المزدوجة
وأشار فولكر تورك إلى أنه سمع خلال زيارته الكثير من المخاوف عن اتباع المعايير المزدوجة في التعامل مع هذا الصراع. وقال إن العالم لا يمكن أن يحتمل كلفة المعايير المزدوجة.
وشدد على ضرورة التأكيد على المعايير العالمية التي يجب تقييم هذا الوضع على أساسها، وهي قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
وذكر أن تلك المعايير واضحة وتشمل التزام أطراف النزاع بالتأكد دائما من تحييد السكان المدنيين والمنشآت المدنية. وقال إن "أفعال أحد الطرفين لا تعفي الطرف الآخر من التزاماته بموجب القانون الدولي الإنساني". وشدد على أن الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين في المجال الطبي والجرحى والمرضى محظورة.
المفوض السامي لحقوق الإنسان قال إن التزامات إسرائيل باعتبارها قوة احتلال لا تزال سارية بشكل كامل، وهو ما يتطلب منها ضمان وصول أكبر قدر من ضروريات الحياة إلى كل من يحتاج إليها.
شمال غزة
وأكد تورك الضرورة الملحة للوصول إلى السكان الذين تتعمق عزلتهم، بما في ذلك في المناطق الشمالية والوسطى من القطاع، الذين تنقطع عنهم المساعدات المحدودة للغاية التي تدخل غزة.
وقال إن مكتبه تلقى في الأيام القليلة الماضية تقارير عن دار للأيتام في المحافظة الشمالية تضم 300 طفل بحاجة إلى مساعدة عاجلة، "ومع انقطاع الاتصالات، والطرق غير السالكة وغير الآمنة، ليس باستطاعتنا أن نصل إلى هؤلاء الأيتام".
وذكر مفوض حقوق الإنسان أن الصحفيين الذين يحاولون توثيق الأحداث في غزة وتغطيتها يدفعون الثمن بحياتهم. مشيرا إلى مقتل 32 صحفيا فلسطينيا على الأقل في القطاع الشهر الماضي.
واختتم تورك بيانه بالقول إن "ما يريد المتطرفون منا أن نفعله هو النظر إلى العالم بلونين: إما أبيض أو أسود، بدون أي قيمة للألم الذي يشعر به الجانب الآخر. لا يمكننا أن نسمح لأنفسنا بالانجرار إلى هذه النظرة أحادية اللون للعالم".