Breadcrumb
المسؤول الأممي في السودان: الجانبان كانا يمهدان الطريق للحرب وعليهما إنهاء الصراع
قال فولكر بيرتس، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في السودان إن على قيادتي الجيش والدعم السريع وقف القتال. وشدد على أن الوقف الدائم للأعمال العدائية يتطلب إرادة سياسية وتدابير مراقبة قوية وقدرة على تحميل الطرفين مسؤولية عدم الامتثال.
وقدم بيرتس إحاطة لمجلس الأمن صباح اليوم الأربعاء، قال إنها ستكون إحاطته الأخيرة بصفته ممثلا خاصا للأمين العام للسودان ورئيسا لبعثة الأمم المتحدة هناك. وصرح بأنه طلب من الأمين العام إعفاءه من منصبه، بعد أكثر من عامين ونصف قضاها في هذا المنصب.
استخفاف صارخ بحقوق الإنسان
تسبب القتال المستمر في السودان منذ ما يقرب من خمسة أشهر في مقتل ما لا يقل عن 5,000 شخص، وإصابة أكثر من 12,000 آخرين. ومن المرجح أن يكون العدد الفعلي للضحايا أعلى من ذلك بكثير.
وفي دارفور، تفاقمت أعمال العنف بشكل كبير، وأظهرت الأطراف المتحاربة "استخفافها الصارخ" بحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي. وتم استهداف المدنيين على أساس عرقي وطردهم من الجنينة ومواقع أخرى في دارفور حسبما قال المسؤول الأممي.
وأضاف فولكر بيرتس: "اسمحوا لي أن أكون واضحا، من أجل التاريخ: بغض النظر عمّن أطلق الطلقة الأولى، فمن الواضح أن كلا الجانبين كانا يمهدان الطريق للحرب. لقد اختار الطرفان المتحاربان تسوية صراعهما عبر القتال، ومن واجبهما تجاه الشعب السوداني إنهاء هذا الصراع".
وشدد على أن هناك حاجة إلى القيادات العسكرية من كلا الجانبين للتفاوض ووقف الأعمال العدائية. "لكن لا ينبغي للقادة العسكريين أن يستمروا في حكم البلاد".
الأمم المتحدة تقف إلى جانب السودانيين
كما أكد الممثل الخاص أن الأمم المتحدة لن تظل محايدة أبدا عندما يتعلق الأمر بالحرب وانتهاكات حقوق الإنسان. "إننا نقف إلى جانب المدنيين السودانيين والنساء والسكان المستضعفين الذين يتحملون وطأة الصراع".
وأوضح أن بعثة الأمم المتحدة- المعروفة باسم يونيتامس- تواصل اتصالاتها مع جميع الأطراف، بما في ذلك من خلال اللجنة الدائمة لوقف إطلاق النار، وتدعم الجهود السودانية والإقليمية والدولية لإعادة إحلال السلام.
وحث الدول الأعضاء على وقف تدفق الأسلحة إلى السودان والموافقة على الامتناع عن إمداد أي من الجانبين بالأسلحة.
انتهاكات قد تصل إلى جرائم حرب
وقال السيد بيرتس إن هذا الصراع يترك إرثا مأساويا من انتهاكات حقوق الإنسان، مشيرا إلى أن الهجمات العشوائية ضد المدنيين التي ترتكبها الأطراف المتحاربة تشكل انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
وأفاد بتلقي مكتب الأمم المتحدة المشترك لحقوق الإنسان تقارير موثوقة حول وجود ما لا يقل عن 13 مقبرة جماعية في الجنينة والمناطق المحيطة بها نتيجة "لهجمات قوات الدعم السريع والميليشيات العربية على المدنيين، وأغلبهم من المساليت". وأشار إلى أن بعثة يونيتامس والزملاء في الأمم المتحدة يقومون بتوثيق الانتهاكات ويذكّرون بأن هذه الأفعال، إذا تم التحقق منها، قد تشكل جرائم حرب.
كما أعرب فولكر بيرتس عن قلقه إزاء التقارير التي تفيد بانتشار العنف الجنسي وغيره من أشكال العنف ضد المرأة. "نحن بحاجة إلى تحقيقات ذات مصداقية، والمساءلة عن هذه الجرائم، فضلا عن الخدمات المقدمة للناجين".
المحاسبة عن جرائم العنف الجنسي
كما شاركت في جلسة مجلس الأمن الناشطة السودانية ميادة عادل ممثلة للمجتمع المدني، حيث ركزت حديثها حول أمرين هما المحاسبة عن الجرائم ضد المدنيين وخاصة الجرائم المتعلقة بالعنف الجنسي وثانيا، أهمية تعزيز مشاركة النساء في الفضاء السياسي في السودان.
وشددت السيدة عادل على ضرورة وقف الحرب. وقالت إنها تتحدث نيابة عن النساء اللواتي تعرضن للاغتصاب في الخرطوم ودارفور ومن تم اختطافهن ولا يعرف مصيرهن حتى الآن.
وقالت إن من يرتكبون هذه الجرائم لا يزالون أحرارا وهم "يستخدمون أجساد النساء ساحات للمعارك".
استمرار القتال يفاقم معاناة المدنيين
استمع مجلس الأمن أيضا إلى إحاطة من السيدة إديم وسورنو، مديرة قسم العمليات والمناصرة في مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية والتي قالت إن القتال العنيف والمتواصل يحاصر المدنيين في الخرطوم ومناطق أخرى، بما في ذلك نيالا في جنوب دارفور، مما يزيد عدد القتلى والجرحى.
ويستمر الناس في الفرار من القتال، حيث بلغ عدد النازحين داخليا 4.1 مليون شخض، في حين عبر أكثر من مليون شخص الحدود إلى البلدان المجاورة، بما في ذلك جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان.
وقد أدى هذا النزوح وانعدام الأمن إلى دفع حالات العنف الجنسي إلى مستويات مؤلمة وفق ما قالته وسورنو.
نقص في الرعاية الصحية وانتشار للأمراض
وقالت المسؤولة الأممية إن النقص في الرعاية الصحية واستمرار القتال يجعلان من المستحيل تقريباً السيطرة على تفشي الأمراض المتزايدة بما في ذلك الحصبة والإسهال المائي الحاد والملاريا وحمى الضنك.
وتم الإبلاغ عن أكثر من 4,300 حالة اشتباه بالحصبة في 12 ولاية من أصل 18 ولاية.
وقالت إن المجتمع الإنساني- في ظل هذه التحديات الهائلة- يكافح من أجل توسيع نطاق العمليات وتلبية الاحتياجات المتزايدة. وأشارت إلى أن الأمم المتحدة نسقت حتى الآن تسليم أكثر من 2,400 شاحنة من إمدادات الإغاثة تحمل أكثر من 110,000 طن متري من المساعدات إلى أجزاء مختلفة من السودان.
وقد تلقى أكثر من 3.2 مليون شخص شكلا من أشكال المساعدة في الأشهر الأربعة الماضية. وقالت إن هذا الرقم يعادل 18 في المائة من جملة 18 مليون شخص تحاول الأمم المتحدة وشركاؤها الوصول إليهم.
دعوة إلى الحكومة السودانية
وأكدت إيديم وسورنو على ضرورة أن تظهر جميع الجهات الفاعلة الاحترام الكامل للقانون الإنساني الدولي وأن تحمي المدنيين والبنية التحتية المدنية. ويشمل ذلك ضمان المرور الآمن للمدنيين الفارين من العنف في الخرطوم ودارفور وغيرهما من مناطق الأعمال العدائية النشطة.
كما دعت السلطات السودانية إلى "مضاعفة جهودها لتسهيل العمليات الإنسانية من خلال تسريع إجراءات الحصول على التأشيرات، وتخفيف قيود السفر، وتسريع عمليات التخليص الجمركي التي ستمكننا من الاستجابة بالسرعة والحجم المطلوبين".
وأضافت وسورنو قائلة: "كلما طال أمد هذا الصراع، تعمقت هذه الكارثة، وتزايدت الخسائر في الأرواح وتدميرها. ولذلك فإنني أحث المجتمع الدولي على عدم ادخار أي جهد في سبيل البحث عن حل تفاوضي لإنهاء هذه الحرب".