تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

غوتيريش: حقوق الإنسان تُخنَق واحدا تلو الآخر وتتعرض لضربات قاسية

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إن حقوق الإنسان هي "الأكسجين للإنسانية" لكنها "تُخنق واحدا تلو الآخر"، من قبل الحروب والعنف الذي يحرم السكان من حقهم في الغذاء والماء والتعليم، والمستبدين، ودعاة الحرب، والنظام الأبوي الذي يمنع الفتيات من الذهاب إلى المدرسة والنساء من الحقوق الأساسية.

جاء هذا في كلمته في افتتاح الدورة العادية الثامنة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف اليوم الاثنين، حيث نبه إلى أن هذه الدورة تبدأ "تحت وطأة حدث قاتم - الذكرى الثالثة لغزو روسيا لأوكرانيا، في انتهاك لميثاق الأمم المتحدة"، حيث قُتِل أكثر من 12,600 مدني وأصيب العديد غيرهم، وتحولت مجتمعات بأكملها إلى أنقاض، ودمرت مستشفيات ومدارس.

وأضاف الأمين العام: "يجب علينا ألا ندخر أي جهد لإنهاء هذا الصراع، وتحقيق سلام عادل ودائم يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي وقرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة".

وحذر أمين عام الأمم المتحدة من أن الصراعات مثل الحرب في أوكرانيا "تفرض ثمنا باهظا" على الناس، والمبادئ الأساسية مثل سلامة الأراضي والسيادة وسيادة القانون، والإعمال الحيوية لمجلس حقوق الإنسان، مؤكدا أنه سيواصل دعم العمل المهم للمجلس ومكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، "بينما نناضل من أجل حقوق الإنسان في كل مكان".

وقال غوتيريش: "بدون احترام حقوق الإنسان المدنية والثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، فإن السلام المستدام هو حلم بعيد المنال".

حقوق الإنسان وميثاق المستقبل

وحذر الأمين العام من أن "حقوق الإنسان على المحك وتتعرض لضربات قاسية"، مما يمثل تهديدا مباشرا لجميع الآليات والأنظمة التي تم اكتسابها بشق الأنفس والتي أنشئت على مدى السنوات الثمانين الماضية لحماية وتعزيز حقوق الإنسان.

لكنه أكد أن مـيثاق المستقبل الذي تم تبنيه مؤخرا، يوفر دليلا حول كيفية الفوز في النضال من أجل حقوق الإنسان على عدة جبهات.

وأوضح غوتيريش أن أول هذه الأمور التي يرسمها الميثاق هي "حقوق الإنسان من خلال السلام والسلام من خلال حقوق الإنسان".

وقال إن ميثاق المستقبل يدعو كذلك إلى عمليات ونهج سلام متجذرة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.

وأشار إلى ما تسببه الصراعات من انتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع.

وأضاف أنه في الأرض الفلسطينية المحتلة ارتفعت انتهاكات حقوق الإنسان بشكل كبير منذ الهجمات المروعة التي شنتها حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر ومستويات الموت والدمار التي لا تطاق في غزة.

وأضاف: "أشعر بقلق بالغ إزاء تصاعد العنف في الضفة الغربية المحتلة من قبل المستوطنين الإسرائيليين والانتهاكات الأخرى، فضلا عن دعوات الضم. نحن نشهد وقف إطلاق نار هشا. يجب علينا تجنب استئناف الأعمال العدائية بأي ثمن. لقد عانى أهل غزة بالفعل الكثير".

وشدد على أنه حان الوقت لوقف إطلاق النار الدائم، والإفراج الذي يتسم بالكرامة عن جميع الرهائن المتبقين، والتقدم الذي لا رجعة فيه نحو حل الدولتين، وإنهاء الاحتلال، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة، مع غزة كجزء لا يتجزأ منها.

وأشار أمين عام الأمم المتحدة إلى ما يحدث في السودان، حيث "يغمر سفك الدماء والنزوح والمجاعة البلاد".

ودعا جميع الأطراف المتحاربة إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين، ودعم حقوق الإنسان، ووقف الأعمال العدائية وإحلال السلام، مشددا على ضرورة السماح لآليات مراقبة حقوق الإنسان والتحقيق المحلية والدولية بتوثيق ما يحدث على الأرض.

وعن الوضع في جمهورية الكونغو الديمقراطية، قال إنه حان الوقت للدبلوماسية والحوار، وحان الوقت لإسكات الأسلحة.

مذبح التكنولوجيا

وأوضح الأمين العام أن ميثاق المستقبل يعمل على "تعزيز حقوق الإنسان من خلال التنمية"، مشيرا إلى أن أهداف التنمية المستدامة وحقوق الإنسان متشابكة بشكل أساسي.

وأضاف: "إنها تمثل الاحتياجات الإنسانية الحقيقية، الصحة والغذاء والمياه والتعليم والعمل اللائق والحماية الاجتماعية".

ونبه غوتيريش كذلك إلى أن الميثاق يقر بأن سيادة القانون وحقوق الإنسان تسيران جنبا إلى جنب، مضيفا أن "سيادة القانون، عندما تقوم على حقوق الإنسان، تشكل ركيزة أساسية للحماية"، حيث تحمي الفئات الأكثر ضعفا، وتشكل خط الدفاع الأول ضد الجريمة والفساد، وتحاسب مرتكبي الفظائع التي تنتهك حقوق الإنسان.

وتحدث الأمين العام كذلك عن "حقوق الإنسان من خلال العمل المناخي". وأشار إلى أن العام الماضي كان الأكثر سخونة على الإطلاق، حيث توج العقد الأكثر سخونة على الإطلاق.

وقال إن ارتفاع درجات الحرارة، وذوبان الأنهار الجليدية، والمحيطات الأكثر سخونة هي وصفة للكارثة، مشددا على أنه "يتعين علينا اختيار مسار مختلف".

وتطرق الأمين العام كذلك إلى "حقوق الإنسان من خلال حوكمة أقوى وأفضل للتكنولوجيا"، مضيفا أنه مع توسع التكنولوجيات سريعة الحركة في كل جانب من جوانب حياتنا، "أشعر بقلق عميق إزاء تقويض حقوق الإنسان".

ولفت إلى أن وسائل الإعلام في أفضل حالاتها تشكل أرضية لقاء للناس لتبادل الأفكار وإثارة النقاش المحترم، ولكنها يمكن أن تكون أيضا ساحة للقتال العنيف والجهل الصارخ.

وأضاف كذلك أن الوعد العظيم للذكاء الاصطناعي يقترن بخطر لا حدود له لتقويض استقلالية الإنسان، والهوية البشرية، والسيطرة البشرية – "ونعم، حقوق الإنسان".

لكنه أكد أنه "في مواجهة هذه التهديدات، يجمع الميثاق الرقمي العالمي العالم سويا لضمان عدم التضحية بحقوق الإنسان على مذبح التكنولوجيا".

وختم الأمين العام للأمم المتحدة كلمته بالتأكيد على أنه "يمكننا المساعدة في إنهاء خنق حقوق الإنسان من خلال إحياء ميثاق المستقبل وعمل هذا المجلس. فلنفعل ذلك معا. ليس لدينا لحظة نضيعها".