Breadcrumb

الذكرى الثالثة للحرب الروسية الشاملة في أوكرانيا: معلم قاتم وتذكير بالمعاناة التي تحملها المدنيون

وخلال حديثه للصحفيين في جنيف اليوم الجمعة، قال ماتياس شمالي منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في أوكرانيا إن العام الماضي شهد زيادة بنسبة 30 بالمئة في عدد الضحايا المدنيين مقارنة بعام 2023، وإن الوضع الإنساني يتدهور، وخاصة في مناطق الخطوط الأمامية. وأوضح أن 36 في المئة من سكان أوكرانيا - أي 12.7 مليون شخص - بحاجة إلى مساعدات إنسانية في عام 2025.
ونبه إلى أن الشتاء يفاقم الوضع، مشيرا إلى أن الهجمات على البنية التحتية للطاقة تُخاطر بترك المستشفيات والمنازل بدون كهرباء وتدفئة خلال الأشهر الأشد برودة في السنة. ومع دخول الحرب عامها الرابع، قال المنسق الأممي إن الاحتياجات الإنسانية لا تزال حادة. "كل يوم، يُقتل ويُصاب المدنيون، وتُدمَّر المنازل والمدارس، وتتحطم سُبل العيش".
وحدد المنسق الأممي أربع أولويات لعام 2025، أولها دعم المدنيين المقيمين في الخطوط الأمامية وتقديم المساعدة حيثما تشتد الحاجة إليها.
الأولوية الثانية هي إدارة عمليات الإجلاء من مناطق الخطوط الأمامية. فعندما تتعرض مجتمعات الخطوط الأمامية للهجوم، يفر المدنيون دون سابق إنذار، وغالبا ما يتركون كل شيء وراءهم.
الأولوية الثالثة هي العمل مع المنظمات المحلية للاستجابة لحالات الطوارئ للضربات.
أما الأولوية الرابعة للمنسق الأممي فهي ضمان حلول أكثر استدامة للأشخاص النازحين داخليا. وقال في هذا السياق: "هذه هي أكبر أزمة نزوح في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. لا يزال أكثر من 10 ملايين شخص مُشردين من ديارهم. نزح حوالي 3.7 مليون شخص داخل أوكرانيا. يعيش الكثيرون في ملاجئ غير مُناسبة أو مجتمعات مضيفة مكتظة، ويواجهون مُستقبلاً يتسم بعدم اليقين".

تصاعد انتهاكات حقوق الإنسان
على صعيد ذي صلة، قالت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا، دانييل بيل إن النزاع واسع النطاق في أوكرانيا تسبب في انتهاكات مستمرة ومتصاعدة لحقوق الإنسان وخروقات للقانون الإنساني الدولي. وأكدت في بيان على ضرورة أن تظل حقوق الإنسان لجميع المتضررين من الحرب في صميم أي مفاوضات من أجل التوصل إلى سلام مستدام.
تحققت البعثة الأممية من مقتل أكثر من 12,654 مدنيا، من رجال ونساء وفتيات وفتيان، وجرح أكثر من 29,392 منذ 24 شباط/فبراير 2022، حيث وقعت 84 بالمائة من الإصابات في الأراضي التي تسيطر عليها حكومة أوكرانيا، و16 بالمائة في الأراضي التي تحتلها روسيا.
وقالت السيدة بيل: "يواجه المدنيون أضرارا مستمرة ومتفاقمة مع استمرار النزاع. إن الاستخدام واسع النطاق للأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان لم يقتل ويُصب المدنيين في جميع أنحاء أوكرانيا فحسب، بل أدى أيضاً إلى نزوح الملايين الذين فروا من العنف وتعطيل الخدمات الأساسية الضرورية لحياة ورفاه المدنيين".
ارتفاع مقلق في عمليات الإعدام
وقالت بعثة الأمم المتحدة لمراقبة حقوق الإنسان في أوكرانيا إنها مستمرة في توثيق انتهاكات خطيرة ضد الأفراد العسكريين، بما في ذلك عمليات الإعدام والتعذيب والعنف الجنسي وغيرها من الأعمال اللاإنسانية والمهينة.
منذ آب/أغسطس 2024، سجلت البعثة ارتفاعا مقلقا في عمليات الإعدام المبلغ عنها للجنود الأوكرانيين الأسرى على أيدي القوات المسلحة الروسية، بما في ذلك مزاعم ذات مصداقية بإعدام 81 جنديا أوكرانيا خلال تلك الفترة. وثقت البعثة حالة واحدة خلال فترة الإبلاغ نفسها لعضو في القوات المسلحة الأوكرانية يُعدِم جنديا روسيا
وأفادت البعثة بإعدام ما لا يقل عن 170 مدنيا في المناطق التي تسيطر عليها السلطات الروسية، بما في ذلك في أماكن الاحتجاز. وعلاوة على ذلك، روى حوالي ثلاثة أرباع المعتقلين المدنيين المفرج عنهم الذين قابلتهم البعثة أعمال التعذيب وسوء المعاملة.

أطفال أوكرانيا يواجهون خسارة وحرمانا عميقين
من ناحية أخرى، نبّه صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) إلى أن الحرب خلّفت لدى الأطفال والمراهقين خسارة وحرماناً عميقين، مما يؤثر على نموهم ورفاههم في مراحل حاسمة من حياتهم. وأفاد مسح نشرته الوكالة اليوم الجمعة بأن طفلاً واحداً من بين كل خمسة أطفال في أوكرانيا أبلغ عن فقدان قريب أو صديق مقرب منذ تصاعد الحرب قبل ثلاث سنوات.
وقالت المديرة التنفيذية لليونيسف، كاثرين راسل: "لفترة طويلة للغاية، ظل الموت والدمار حاضرين باستمرار في حياة الأطفال في أوكرانيا. يتسبب هذا المستوى من العنف في خوف ومعاناة لا حدود لهما ويعطّل كل جانب من جوانب حياة الطفل".

العام الأكثر دموية للأطفال
وفقا لمنظمة اليونيسف، كان العام الثالث من الحرب واسعة النطاق في أوكرانيا أكثر دموية بالنسبة للأطفال من العام السابق. فقد ارتفع عدد الضحايا من الأطفال في عام 2024 بأكثر من 50 بالمئة مقارنة بعام 2023. قُتل أو جُرح أكثر من 2520 طفلاً منذ شباط/فبراير 2022. ومن المرجح أن يكون العدد الحقيقي أعلى من ذلك بكثير، لأن هذه الأرقام، بحسب اليونيسف، لا تشمل سوى الضحايا الأطفال الذين تم التحقق منهم من قبل الأمم المتحدة. وتم التحقق من تضرر أو تدمير أكثر من 1600 منشأة تعليمية وما يقرب من 790 منشأة صحية على مدى السنوات الثلاث الماضية.
وأوضحت اليونيسف أنها تعمل مع شركاء في جميع أنحاء أوكرانيا لتقديم دعم حيوي منقذ للحياة، بما في ذلك الوصول إلى الرعاية الصحية والمياه الآمنة والمساعدة النقدية والتعليم وخدمات حماية الطفل للأطفال في جميع المناطق الأمامية. كما تعمل اليونيسف على إصلاح وإعادة تأهيل شبكات المياه والصرف الصحي وضمان حصول العائلات التي لديها أطفال على الوقود والملابس لإبقائهم دافئين خلال فصول الشتاء القاسية.
في الوقت نفسه، تعمل اليونيسف مع الحكومة والشركاء لدعم التعافي والتنمية طويلة الأجل، وتعزيز التماسك الاجتماعي، من خلال تقوية الأنظمة التي تخدم الأطفال وأسرهم. ويشمل ذلك ضمان قدرة أنظمة حماية الطفل والاجتماعية والصحة والتعليم على توفير الدعم والرعاية والفرص الأساسية في الوقت المناسب والجيد للأطفال.
وقالت راسل: "يجب حماية الأطفال دائماً من آثار الحرب وفقاً للقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. أكثر من أي شيء آخر، يحتاج الأطفال في أوكرانيا إلى سلام مستدام، وفرصة لتحقيق كامل إمكاناتهم".