Breadcrumb
في فعالية لإحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست، الأمم المتحدة تدعو للتمسك بإنسانيتنا المشتركة وتجاوز الانقسامات
وفي فعالية بمقر الأمم المتحدة لإحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست (المحرقة) أقيمت اليوم الاثنين داخل قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال غوتيريش إن "إحياء الذكرى ليس مجرد عمل أخلاقي، بل هو دعوة إلى العمل. إن السماح للهولوكوست بالتلاشي من الذاكرة من شأنه أن يهين الماضي ويشوه المستقبل".
وأشار إلى أن إحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست يمثل علامة فارقة، مضيفا: "قبل 80 عاما، انتهت المحرقة. وبدأت جهودنا في إبقاء الحقيقة الرهيبة حية؛ بالبناء على عمل أولئك الذين سجلوا الفظائع النازية كما ارتُكبت حولهم وضدهم".
وقال إنه "بعد جحيم الهولوكوست"، اجتمعت البلدان وأسسوا الأمم المتحدة وميثاقها، مؤكدين على قيمة كل إنسان.
وأشار الأمين العام إلى مرور أكثر من عام منذ الهجمات الإرهابية المروعة التي شنتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، مرحبا بوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.
وقال: "إن الاتفاق يقدم الأمل، فضلا عن الإغاثة التي تشتد الحاجة إليها. وسنبذل قصارى جهدنا لضمان أن يؤدي ذلك إلى إطلاق سراح جميع الرهائن. ومنذ البداية، طالبنا بالإفراج الفوري غير المشروط عن جميع الرهائن ووقف إطلاق النار الدائم في غزة".
تجاوز الانقسام
وأفاد أمين عام الأمم المتحدة بأنه بعد 80 عاما من نهاية الهولوكوست، "لا تزال معاداة السامية موجودة بيننا - تغذيها نفس الأكاذيب والكراهية التي جعلت الإبادة الجماعية النازية ممكنة". وأشار إلى أن أوضح الأمثلة وأكثرها إزعاجا انتشار "سرطان إنكار الهولوكوست"، داعيا إلى الوقوف في وجه هذه الفظائع، وإدانة معاداة السامية أينما ومتى ظهرت.
وأضاف "يجب علينا أن ندين جميع أشكال العنصرية والتحيز والتعصب الديني التي نراها تتكاثر اليوم". وقال غوتيريش: "في هذه الأيام من الانقسام، من المهم للغاية أن نتمسك بإنسانيتنا المشتركة، وأن نجدد عزمنا على الدفاع عن كرامة وحقوق الإنسان للجميع".
واستشهد بما ينادي به الإعـلان العالمي لحقوق الإنسان قائلا: "يجب على كل منا أن يستجيب لهذا النداء: شجب الأكاذيب، ومقاومة الكراهية، وضمان أن إنسانيتنا المشتركة تتجاوز الانقسام".
وتحيي الأمم المتحدة كل عام اليوم الدولي لإحياء ذكرى ضحايا الهولوكوست (27 كانون الثاني/يناير) في اليوم الذي تم فيه تحرير معسكر الاعتقال والإبادة النازية الألمانية في أوشفيتز بيركيناو. وتهدف فعاليات اليوم الدولي إلى الإعراب عن التضامن والأسى وتكريم ذكرى ستة ملايين طفل وامرأة ورجل يهود قُتلوا في المحرقة، وإحياء ذكرى أعضاء الروما والسينتي والملايين غيرهم ممن عُذبوا وقُتلوا بأيدي النازيين والمتعاونين معهم.
"مسار مظلم ومألوف"
رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، فيليمون يانغ في كلمته أمام المشاركين في الفعالية قال "يجب ألا ننسى أبدا أن الهولوكوست لم تبدأ في غرف الغاز. لقد بدأت في عقول البشر، وأذكته خطاب الكراهية والدعاية والتمييز المنهجي. لقد كانت (الهولوكوست) النتيجة المدمرة للسماح للكراهية ومحو الإنسانية بالتجذر".
وشدد على أن الواجب الأخلاقي واضح الآن، حيث "يتعين علينا أن نبني مستقبلا يكون فيه التزامنا بالكرامة الإنسانية مطلقا وغير قابل للتنازل". وأوضح أن احترام الكرامة الإنسانية هو أحد مبادئه الأساسية في الدورة الـ 79 للجمعية العامة. وأعرب عن القلق مما يحدث اليوم من عودة ظهور خطاب الكراهية ومعاداة السامية وكراهية الأجانب والتمييز بجميع أشكاله في العديد من أنحاء العالم.
وأضاف: "ما يثير القلق بنفس القدر هو عدد الصراعات المسلحة في أجزاء من العالم والتي اتسمت بالوحشية اللاإنسانية والقتل الجماعي للمدنيين الأبرياء، بما في ذلك النساء والأطفال، والتجاهل التام للقانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني. لا ينبغي التسامح مع مثل هذه الممارسات في الحرب. وهناك علامات تحذيرية بأننا نخوض في مسار مظلم ومألوف، وهو نفس المسار الذي أقسمنا على التخلي عنه بوعد رسمي بعدم تكرار ذلك مرة أخرى".
وجدد التأكيد على أن التعليم وزيادة الوعي بتلك الفظائع يظلان أقوى أداة ضد موجة الكراهية، مضيفا أنه من خلال تعزيز التعليم وزيادة الوعي وتعزيز التفكير النقدي والتعاطف، نجعل الأجيال القادمة تتعرف على بذور التعصب وترفضها قبل أن تتجذر.
وقال رئيس الجمعية العامة: "في ذكرى أولئك الذين لقوا حتفهم وتكريما لمن نجوا، يجب أن نلتزم بخلق عالم تُعَز فيه الكرامة الإنسانية، وبأن يسود عالم من المساواة والعدالة، وحيث ترشدنا دروس الماضي نحو مستقبل أكثر إشراقا وحرية وعدالة".
"الحب وليس الكراهية"
ديميترو ميكليسكو أحد الناجين من المحرقة وهو من جماعة الروما، الذي جاء من رومانيا للمشاركة في الفعالية قال إن ما عانوه آنذاك من إبادة جماعية، وقتل جماعي، وإعدامات، وظلم كان ببساطة لأنهم أعضاء من الروما ويهود.
وأضاف أنه كان يبلغ من العمر ثمانية أعوام عندما تم ترحيله مع عائلته إلى منطقة ترانزنستريا على متن قطار، "حيث مات العديد من الأشخاص قبل أن يصلوا إلى الوجهة التي تم ترحيلهم إليها". وقال: "لقد سُلِبت منا بيوتنا وأراضينا وكرامتنا، ولم يتم رد أي شيء منها إلينا. وعانينا لعقود تحت حكم الشيوعية".
ودعا رومانيا وكل الدول إلى تضمين تاريخ الروما كجزء من التاريخ الوطني وأن يعرض في المتاحف الوطنية.
أما الناجية ماريان ميلر التي جاءت من إسرائيل برفقة عائلتها والتي ولدت أثناء فترة الهولوكوست، فوجهت رسالة إلى العالم قائلة: "أتيت إلى هنا في رحلة طويلة لأمثل ستة ملايين إنسان لا صوت لهم ولا حياة لهم، وربما أمثل أيضاً قطاعا ضعيفا للغاية من المجتمع. إنهم يزدادون مرضا أو ضعفا، ويموت الناجون من الهولوكوست يوما بعد يوم".
وأضافت أن أفظع شيء في الهولوكوست هو أنها لم تحدث في العصور الوسطى، بل حدثت قبل 80 عاما فقط، وما زال الناس على قيد الحياة ليخبروا ويشهدوا على أن القصة التي لا تصدق كانت حقيقية.
وقالت ميلر: "أريد أن أخبر العالم أن الله خلق البشرية ليس للكراهية، بل للحب. احكموا العالم بالحب لا الكراهية. الكراهية شيء فظيع. ابحثوا عن الخير، وابحثوا عن العيون الطيبة، وساعتها يمكنكم دائما تغيير العالم إلى الأفضل".
مفترق طرق
الرئيس الإسرائيلي، إسحاق هرتسوغ بدأ كلمته في الفعالية متحدثا عن الرهائن في غزة. ودعا جميع الممثلين في الجمعية العامة وكل من يعتبر نفسه جزءا من العالم المتحضر، إلى إلقاء ثقلهم لضمان عودة الرهائن إلى ديارهم.
وأضاف موجها كلماته للجمعية العامة: "اليوم، نجد أنفسنا مرة أخرى عند مفترق طرق خطير في تاريخ هذه المؤسسة"، متسائلا عن كيف يمكن أن تصبح "البوصلة الأخلاقية للبعض مشوشة" لدرجة أنهم لم يعودوا يدركون الحقيقة الواضحة وهي أنه "كما يستخدم الإرهابيون المدنيين كدروع بشرية، فإنهم أيضا يستغلون المؤسسات الدولية"، مما يقوض السبب الأساسي والأكثر جوهرية لإنشائها.
وأضاف: "لا تزال معاداة السامية والوحشية والقسوة والعنصرية مزدهرة على كوكبنا، وهي مزدهرة لأن العديد من الدول الممثلة هنا لا تواجهها".
وأشار إلى أن بلاده عقدت تحالفات وأبرمت اتفاقات غيرت وجه الشرق الأوسط، وأعرب عن أمله في أن "يأتي اليوم الذي نحقق فيه السلام مع مزيد من الدول في منطقتنا، وأن يعيش كل شعوب الشرق الأوسط، الإسرائيليون والفلسطينيون والجميع، في سلام جنبا إلى جنب".