Breadcrumb
المفاوضات حول اتفاق التمويل المناخي الجديد تدخل مراحلها النهائية
ومن بين نقاط الخلاف الرئيسية التي برزت في المفاوضات على مدى الأيام الثمانية الماضية هي من أين ستأتي مئات المليارات - أو ربما تريليونات الدولارات التي تقول الدول النامية إنها تحتاجها للتكيف مع مناخ سريع الاحترار: من حكومات الدول الغنية أو البنوك متعددة الأطراف أو القطاع الخاص؟
وفي الوقت نفسه، وبعيدا عن المفاوضات، فإن الحاجة الملحة لخفض الانبعاثات، والتكيف مع المناخ المتغير، وتقليل آثار الأزمة، وحماية الناس من الظواهر الجوية الكارثية، هي من بين الموضوعات التي تناولتها العديد من خطابات المسؤولين الحكوميين ورؤساء وكالات الأمم المتحدة وخبراء المناخ وقادة المجتمع المدني.
يقطن المدن نصف سكان العالم، ومن المتوقع أن ينتقل نحو 2.4 مليار نسمة آخرين إلى المناطق الحضرية في غضون السنوات العشرين المقبلة. وتساهم المدن بشكل كبير في الانبعاثات العالمية وتتأثر بشكل غير متناسب بآثار تغير المناخ.
وفي أحدث تقرير له عن مدن العالم، يقول برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، وهو وكالة الأمم المتحدة التي تتعامل مع المستوطنات البشرية والتنمية الحضرية المستدامة، إن مليارات الأشخاص الذين يعيشون حاليا في المدن قد يتعرضون لارتفاع إضافي في درجة الحرارة لا يقل عن 0.5 درجة مئوية بحلول عام 2040.
وفي الوقت نفسه، لا تزال التدابير الرامية إلى التعويض عن تأثير تغير المناخ على سكان المناطق الحضرية لا تتناسب مع حجم وشدة التحديات التي تواجهها المدن. وحذرت أناكلوديا روسباخ، المديرة التنفيذية للبرنامج، في كلمة ألقتها في الاجتماع الوزاري في مؤتمر المناخ من أن التنمية الحضرية السريعة وغير المخططة تشكل تهديدات للتنوع البيولوجي والبيئة والأمن الغذائي.
كما يؤدي ذلك أيضا إلى التفتت الاجتماعي والتدهور المالي. وبينما يمثل قطاع البناء 40 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، قالت مديرة البرنامج إن هناك حاجة إلى بناء 96 منزلا كل يوم لتحقيق أهـداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.
ومن ثم فإن التمويل الكافي والتعاون على جميع المستويات ضروريان لمواجهة هذين التحديين المزدوجين. وشددت السيدة روسباخ على أنه "لا يوجد سوى طريق واحد يجب اتباعه، مسار واحد نسير فيه بشكل جماعي حيث تتم تلبية الاحتياجات الاجتماعية والحضرية والمناخية بشكل متناغم على أرضية اقتصادية صلبة".
وأضافت: "نعم، نحن بحاجة إلى مزيد من التمويل المتدفق إلى المدن. نحن بحاجة إلى التخطيط وتحديد الأولويات. الأرض شحيحة وتحتاج إلى أداء وظائفها الاجتماعية والبيئية. فالاحتياجات الاجتماعية والسكنية هائلة". وقالت "نحن نعتني بالناس، والناس يعتنون بالكوكب. وينبغي ألا نترك أحدا يتخلف عن الركب".
ارتفاع الانبعاثات
وفي جلسة منفصلة اليوم، أشار المتحدثون إلى قضية مستمرة يمكن أن تعرقل بشكل خطير العديد من الجهود المبذولة لمعالجة الآثار الناجمة عن المناخ في المدن وأماكن أخرى. وفقا لأحدث تقرير صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة، زادت الانبعاثات العالمية بنسبة 1.3 في المائة في عام 2023 - عندما كان ينبغي أن تنخفض.
وقالت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: "للحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية، ينبغي أن تمكن المساهمات الوطنية المحدثة - الالتزامات المناخية التي يقدمها كل بلد - من خفض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 42 في المائة بحلول عام 2030 و 57 في المائة بحلول عام 2035".
وأبرزت أن 52 في المائة من جميع انبعاثات الغازات الدفيئة تأتي من 25 مدينة كبرى فقط، بما في ذلك من بين أمور أخرى ، شنغهاي وبيجين وطوكيو وموسكو ومدينة نيويورك.
وقالت لرؤساء البلديات من جميع أنحاء العالم المجتمعين في هذا الحدث: "هذا يعني أن الإجراءات التي تتخذونها في وضع معايير لكفاءة الطاقة، وتحديد مصادر الطاقة، وإدارة النفايات وانبعاثات الميثان، وتحسين وسائل النقل العام، وتشجيع التنقل الكهربائي، وتعزيز المدن الصديقة للمشاة، يمكن أن يكون لها تأثير كبير".
السياحة وتغير المناخ
لأول مرة على الإطلاق ، تناقش قضية السياحة في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، في سياق تأثيرها على المناخ. في عام 2023، تعافى قطاع السياحة من ركود جائحة كوفيد-19، حيث انتعش عدد الوافدين الدوليين إلى ما يقرب من 90 في المائة من مستويات ما قبل الجائحة.
في ذلك العام، ساهم القطاع بنسبة ثلاثة في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ليصل إلى 3.3 تريليون دولار، ووظف واحدا من كل عشرة أشخاص في جميع أنحاء العالم. في مقابلة مع موقع اليونيفيد، كررت السيدة أندرسن دعوتها لأصحاب المصلحة في كوب-29 للتأكد من أن صناعة السياحة تقلل من بصمتها الكربونية.
وأضافت "علينا أن نفهم أن قطاع السياحة يتأثر بتغير المناخ. وبالتالي، فهو ضحية لتغير المناخ ومساهم فيه في الوقت نفسه. وهذا هو السبب في أن التركيز على السياحة لأول مرة في مؤتمر الأطراف مهم للغاية".
التحول في مجال الطاقة المتجددة
وفي الوقت نفسه ، ذكر سيلوين هارت المستشار الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بالعمل المناخي، الحاضرين في المؤتمر بأن البشرية لديها بالفعل المعرفة والأدوات اللازمة لمكافحة تغير المناخ بشكل فعال.
وقال "هناك ثورة في التحول إلى الطاقة المتجددة جارية بالفعل. ولا يمكن إيقافها. ومع ذلك، يبقى السؤال المطروح هو ما إذا كانت سرعة هذا التحول ستحول دون حدوث أسوأ عواقبه. وثانيا، ما إذا كانت ستكون عادلة بما يكفي للحد من عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها".
هل سيكون من الممكن تحقيق انفراجة في كوب-29؟
ستقدم نتائج المفاوضات في باكو إجابات على بعض هذه الأسئلة.
ينصب تركيز محادثات باكو على الاتفاق على هدف جديد لتمويل المناخ من شأنه أن يوفر للبلدان - لا سيما الأكثر ضعفا - الوسائل اللازمة لاتخاذ إجراءات مناخية أقوى. وعلى المحك تريليونات الدولارات التي تحتاجها البلدان النامية للتخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف مع الظروف المتغيرة بسرعة.
وشدد وزير البيئة وتغير المناخ في سيراليون، جيوه عبد الله، على القلق الذي تتشاطره العديد من البلدان النامية، بشأن الشكل الذي ينبغي أن تتخذه هذه الأموال. وقال: "لا تستخدم كلمة ’مانح‘. ”فهذا ينطوي على الصدقة. هناك دين مناخي يجب سداده. نحن نتحدث عن الأرواح وسبل العيش. إن شعبنا يدفع الثمن بحياته".
وتطرقت المناقشات أيضا إلى تعريف "البلد النامي" ذاته. جادل بعض المفاوضين بأن دولا مثل الصين أو بعض دول الخليج لم تعد تندرج ضمن هذه الفئة، نظرا لنمو اقتصاداتها منذ اعتماد اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام 1992.
وأشارت سيسيليا كينوثيا-نجينغا، مديرة شعبة الدعم الحكومي الدولي والتقدم الجماعي في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية، إلى أن كل وفد يأتي إلى مؤتمر المناخ بتطلعاته وآماله. وقالت: "في تعددية الأطراف، تختلف النتائج في بعض الأحيان عما يتخيله أي بلد واحد. وهذا يؤكد أهمية المرونة والتعاون والاستعداد للتكيف مع الظروف المتغيرة والعلاقات الدولية".