Breadcrumb
مندوبون من أنحاء العالم يجتمعون في جدة لمناقشة "أحد أكثر التهديدات الصحية العالمية إلحاحا"
في الإعلان السياسي، تعهدت الجمعية العامة المؤلفة من 193 دولة عضوا بالأمم المتحدة، باتخاذ إجراءات متضافرة بشأن المخاوف الصحية الخطيرة التي لا تحظى بالاهتمام الكافي، بما في ذلك العمل للحد من الوفيات المرتبطة بمقاومة مضادات الميكروبات بنسبة 10% بحلول عام 2030. ويشار إلى أن هذه الوفيات تقدر بنحو خمسة ملايين وفاة سنويا.
وتحدث مقاومة مضادات الميكروبات عندما لا تستجيب البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات للأدوية، مما يؤدي إلى صعوبة أو استحالة علاج العدوى، وزيادة خطر انتشار الأمراض والإصابة بالمرض الشديد والوفاة.
عشية انعقاد المؤتمر الوزاري الدولي الرابع حول مقاومة مضادات الميكروبات في جدة، اجتمعت الأطراف المعنية من مختلف أنحاء العالم في فعالية ركزت على جهود المنظمات غير الحكومية والأوساط الأكاديمية في معالجة "أحد أكثر التهديدات الصحية العالمية إلحاحا وتحديات التنمية".
وزير الصحة السعودي فهد الجلاجل شدد على الحاجة إلى اعتماد نهج موحد "صحة واحدة" يعالج بشكل منهجي العقبات الماثلة أمام التقدم حيث تؤثر مقاومة مضادات الميكروبات على البشر والبيئة على حد سواء.
وقال: "يمثل اجتماع جدة فرصة حاسمة لتعزيز استجابتنا العالمية الجماعية لمخاطر هذه الجائحة الصامتة المتنامية".
ومن المتوقع أن يجمع المؤتمر رفيع المستوى- الذي يُفتتح رسميا غدا الجمعة ويُحتتم يوم السبت- ممثلين عن 57 دولة، بما في ذلك 48 وزيرا ونائب وزير، وأكثر من 450 مشاركا من منظمات دولية ومنظمات مجتمع مدني رائدة، بما في ذلك مكاتب الأمم المتحدة ووكالاتها.
والهدف من ذلك هو الانتقال من "الإعلان إلى التنفيذ" من خلال شراكات متعددة القطاعات في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، التي كانت لها آثار كارثية على الصحة والاقتصادات والمجتمعات، لا سيما في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
ويتناول الاجتماع الأولويات، بما في ذلك المراقبة والإشراف، وبناء القدرات، وتوفير التمويل، والحوكمة، والابتكار، والبحث، والتطوير.
الالتزام السياسي على أعلى مستوى
تحدثت أخبار الأمم المتحدة مع كاثرين أوربايز المديرة التنفيذية للمنظمة غير الحكومية "تحالف الدبلوماسية الصحية" التي تتخذ من جنيف مقرا لها والتي تركز على المناصرة والدبلوماسية للنهوض بقضايا الصحة العالمية.
قالت أوربايز إن جائحة كوفيد-19 أثبتت الأهمية الحيوية لسياسات "صحة واحدة" وحشد التعاون والوعي عبر القطاعات وأصحاب المصلحة.
وشددت السيدة أوربايز على ضرورة الانتقال من الالتزامات إلى الإجراءات العملية، وأضافت أن الإعلان السياسي للجمعية العامة ومؤتمر جدة خطوتان كبيرتان في الاتجاه الصحيح، والمطلوب هو ضمان استمرار الزخم السياسي. وشددت على أن تنفيذ الالتزامات ممكن إذا توفرت الإرادة السياسية للقيام بذلك، وأن إنشاء "آلية للرصد والمساءلة" أمر أساسي.
وأضافت: "علينا أن نرى مقاومة مضادات الميكروبات من منظور صحي عالمي شامل حقا. أعتقد أنه من المهم إشراك السياسيين على أعلى المستويات، وليس فقط وزراء الصحة، أو البيئة أو الزراعة أو المالية. نحن حقا بحاجة إلى التزام سياسي للنهوض بسياسات مقاومة مضادات الميكروبات والانخراط في نهج الصحة الواحدة".
أكثر من مجرد تهديد صحي
إن تعقيد القضية، ونقص التمويل والإرادة السياسية في بعض الدول "مع القضايا الصحية المتنافسة التي يتعين على الحكومات التعامل معها" يجعل من الصعب الانتقال من الوثائق السياسية إلى العمل، وفقا لجوليان نياموباتشيتو نائبة مدير ReAct Africa، وهي شبكة عالمية معنية بتحفيز العمل بشأن مقاومة مضادات الميكروبات في المقام الأول في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
وفي الوقت الذي تقوم فيه البلدان باستعراض الخطط الوطنية الجديدة وتقييمها، قالت السيدة نياموباتشيتو إن مبادرة "ReAct Africa" تساعد الدول على تحديد أولويات الأنشطة الأكثر عملية، واستخدام الأدوات المتاحة لها للمساعدة في توجيه عملية صنع سياساتها، مثل أداة طورتها منظمة الصحة العالمية لتقدير التكاليف والميزانية.
وقالت إن الإعلان السياسي للجمعية العامة يمثل تحسنا مقارنة بما سبقه عام 2016، "وكان من الجيد أن نرى التزامات، وليس مجرد أهداف" بشأن التمويل. وقالت إن شعار المؤتمر وهو "الانتقال من الإعلان إلى التنفيذ" يأتي في الوقت المناسب للغاية وأعربت عن أملها في رؤية التزام جاد من قبل الوزراء في جدة.
وأضافت: "هذا بالفعل تهديد صحي عالمي، لا يؤثر فقط على قطاع الصحة، ولا يؤثر فقط على قطاعات الزراعة والبيئة، ولكنه في الواقع مشكلة اقتصادية أيضا".
"سوق المضادات الحيوية معطوب"
ميشيل بيترز هو ممثل الأمانة العامة لتحالف صناعة مقاومة مضادات الميكروبات، الذي يضم الشركات والمنظمات الصناعية في مجالات البحث والتطوير والمستحضرات الصيدلانية والأدوية الجنيسة والتكنولوجيا الحيوية والتشخيص. كما أنه يمثل القطاع الخاص الأوسع نطاقا في اللجنة التوجيهية لمنصة الشراكة بين أصحاب المصلحة المتعددين في مجال مقاومة مضادات الميكروبات.
قال بيترز لأخبار الأمم المتحدة إن المضادات الحيوية "تختلف اختلافا جوهريا" عن أي منتج آخر يتم طرحه في السوق حيث يكون الهدف هو بيع أكبر قدر ممكن منه. وقال إنه "مع المضادات الحيوية، فإن الهدف هو الحصول على الدواء المناسب للشخص المناسب عندما يحتاج إليه، وهو ليس دائما عملا مربحا".
كما أشار إلى أن تطوير المضادات الحيوية يتطلب "قدرا لا يصدق من الوقت والاستثمار" وفي كثير من الحالات لا تصل الأدوية إلى السوق، وبالتالي فإن "سوق المضادات الحيوية معطوب". وأضاف السيد بيتر أن هناك نقصا خطيرا في التمويل الحكومي والحوافز للبحث والتطوير في مجال المضادات الحيوية، ولكن القلق الأكبر هو أن "الباحثين الذين يتطلبهم الأمر للقيام بالعمل العلمي في المختبرات يغادرون هذا المجال"، على عكس أمراض مثل السرطان، على سبيل المثال، حيث تكون الأبحاث قوية.
وقال ممثل القطاع الخاص إنه تم إحراز الكثير من التقدم منذ انعقاد الاجتماع الأول رفيع المستوى بشأن مقاومة مضادات الميكروبات عام 2016، ولكن لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به و"لا يمكن لأحد معالجة هذه المشكلة بمفرده".
وقال إن مؤتمر جدة والاجتماع العام لمنصة الشراكة بين أصحاب المصلحة المتعددين، اللذين يعقدان بالتوازي في اليوم الختامي، مهمان للغاية لرؤية "ليس فقط ما يمكننا وضعه على الورق، ولكن ما سنفعله بالفعل".
والهدف من ذلك هو الانتقال من "الإعلان إلى التنفيذ" من خلال شراكات متعددة القطاعات في مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، التي كانت لها آثار كارثية على الصحة والاقتصادات والمجتمعات، لا سيما في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل.
جائحة صامتة
تزيد مقاومة الأدوية من خطر انتقال الأمراض والإعاقة والوفاة من خلال جعل المضادات الحيوية وغيرها من الأدوية المضادة للميكروبات غير فعالة بما يجعل علاج العدوى أكثر صعوبة أو مستحيلا. وفي الإعلان السياسي الذي اعتمدته الجمعية العامة، دعا قادة العالم إلى تمويل وطني مستدام وتمويل تحفيزي بقيمة 100 مليون دولار، للمساعدة في تحقيق هدف تمويل 60 % على الأقل من البلدان لخطط عمل وطنية بشأن مقاومة مضادات الميكروبات بحلول عام 2030.
كما أضفى الإعلان طابعا رسميا على الأمانة الرباعية المشتركة المعنية بمقاومة مضادات الميكروبات، التي تضم منظمة الصحة العالمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) إلى جانب المنظمة العالمية لصحة الحيوانات، باعتبارها الهيكل التنسيقي المركزي لدعم الاستجابة العالمية.