Breadcrumb
خبراء أمميون: السودان يواجه مجاعة غير مسبوقة في التاريخ الحديث تتطلب اهتماما عالميا فوريا
واتهم الخبراء المستقلون* في بيان اليوم الخميس القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع باستخدام "تكتيكات التجويع" ضد 25 مليون مدني في البلاد. وقالوا إنه "لم يسبق في التاريخ الحديث أن واجه هذا العدد الكبير من الناس المجاعة كما هو الحال في السودان اليوم".
وقال الخبراء: "يجب على العالم أن ينتبه إلى أكبر مجاعة حديثة تتشكل في السودان حاليا. ندعو إلى وقف فوري لإطلاق النار وإيجاد حل سياسي لإنهاء هذا الرعب وتقديم المساعدة العاجلة. لقد وجهنا تحذيرات متكررة إلى السلطات في الماضي، وحثثنا على اتخاذ إجراءات لمنع هذه الكارثة المتكشفة، لكن الوضع وصل الآن إلى مستويات حرجة تتطلب اهتماما عالميا فوريا".
يواجه معسكر زمزم في شمال دارفور، الذي يسكنه حاليا نصف مليون نازح، بعضا من أسوأ الظروف. ويلوح خطر المجاعة في مخيمات أخرى في الفاشر. وفقا للخبراء، تم تشريد أكثر من 8.4 مليون شخص قسرا من منازلهم إلى أماكن داخل السودان أو إلى دول مجاورة، "مما يشكل تهديدا خطيرا لمعظم حقوقهم الإنسانية".
ما السبيل إلى وقف المجاعة؟
من أجل وقف المجاعة في السودان، دعا الخبراء الأمميون قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية إلى التوقف فورا عن عرقلة توصيل المساعدات في السودان من خلال الحواجز البيروقراطية والإدارية والهجمات ضد المستجيبين المحليين. كما دعوا الحكومات الأجنبية إلى وقف الدعم المالي والعسكري للقوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.
وأكد الخبراء الأمميون على ضرورة السماح للمنظمات الإنسانية بتوسيع عملياتها وتسليم المواد الغذائية والأدوية الأساسية.
وقال الخبراء: "من الأهمية بمكان أن تستخدم المنظمات الإنسانية جميع القنوات المتاحة لإيصال المساعدات الإنسانية لضمان وصول المساعدات إلى السكان الأكثر ضعفا. كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، إلى جانب داعميهم الأجانب، مسؤولون عما يبدو أنه استخدام متعمد للتجويع، الأمر الذي يشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب بموجب القانون الدولي".
الدمار والهجمات يعيقان الزراعة
وفي مناطق دارفور والجزيرة والخرطوم، تعرضت الأسواق للهجوم، وتسببت الأعمال العدائية في العديد من المناطق إلى ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وتضررت المزارع والمحاصيل والآلات. وتفيد شبكات المجتمع المدني المحلية بفرض قوات الدعم السريع ضرائب إلزامية على الزراعة والثروة الحيوانية في دارفور، وعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية في ولاية النيل الأزرق.
ومع اقتراب موسم الحصاد في نوفمبر/تشرين الثاني، قد لا يتمكن العديد من المزارعين من الزراعة مرة أخرى بسبب الدمار الذي طال البنية التحتية وارتفاع تكاليف البذور والخوف من السرقة والهجمات، وفقا للخبراء. وقال الخبراء: "يعيش ثلثا سكان السودان في المناطق الريفية، وتدمر الحرب سبل عيشهم. ونحث السلطات المحلية على تسهيل المشاركة الآمنة في الأنشطة الزراعية من خلال دعم لجان حماية المحاصيل".
وبرغم أن معبر أدري الحدودي- بين تشاد والسودان- قد أعيد افتتاحه في 15 آب/أغسطس/آب الماضي، لمدة ثلاثة أشهر، بهدف السماح بإيصال المساعدات الإنسانية، إلا أن حجم المساعدات التي يتم إدخالها حاليا عبر هذا المعبر لا يكفي لتلبية احتياجات السكان، وفقا للخبراء.
الأمطار تفاقم الوضع
وقد تفاقم الوضع بسبب الأمطار والفيضانات التي ضربت شرق السودان والولاية الشمالية. ورغم صعوبة تقدير حجم الأضرار التي لحقت بالزراعة والثروة الحيوانية، فإن هذه الخسائر كبيرة، فضلا عن التعدين وتلوث المياه، الأمر الذي يزيد من تعقيد الأزمة. ولا يزال الخوف من المجاعة يلوح في الأفق.
وأعرب الخبراء عن انزعاجهم إزاء عدم وفاء الجهات المانحة والحكومات الدولية بتعهداتها، مشيرين إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية في السودان، التي خصصت 1.44 مليار دولار للمساعدات الإنسانية، لم تحصل سوى على 50.8 في المائة من التمويل المطلوب، مما ترك فجوات كبيرة.
قبل بدء الصراع، كان ثلثا سكان السودان يعيشون بالفعل في فقر مدقع، والآن يواجه المزيد من الناس احتمال الفقر التام.
غرف الطوارئ: شريان حيان للمدنيين
ودعا الخبراء المنظمات الإنسانية الدولية والجهات المانحة إلى زيادة التمويل بشروط مرنة، وأن تفكر في تزويد مجموعات الإغاثة المحلية بالنقود والسيولة، ومساعدة المزارعين المحليين على شراء البذور وغيرها من المدخلات الزراعية وتحسين القدرة الشرائية من خلال التحويلات النقدية لمنع المزيد من تعميق الفقر.
وأوضح الخبراء أن غرف الاستجابة للطوارئ والمطابخ الجماعية تعتبر إحدى أكثر الوسائل موثوقية لتوصيل الغذاء إلى المدنيين. ومع ذلك، يتعرض المتطوعون بشكل متكرر للاستهداف والمضايقة والهجوم من قبل أطراف النزاع.
ووصف الخبراء منظمات الإغاثة المحلية بأنها "شريان الحياة الرئيسي للمدنيين في هذه الحرب. ويجب دعمها وحمايتها بشكل أفضل من قبل المنظمات الإنسانية الدولية".
الخبراء الذين أصدروا البيان هم:
مايكل فخري، المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء؛ بالاكريشنان راجاجوبال، المقرر الخاص المعني بالحق في السكن اللائق؛ أوليفييه دي شوتر، المقرر الخاص المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان؛ بيدرو أروجو-أغودو، المقرر الخاص المعني بحق الإنسان في مياه الشرب المأمونة والصرف الصحي؛ فريق العمل المعني بحقوق الفلاحين وغيرهم من العاملين في المناطق الريفية؛ تلالينغ موفوكينغ، المقررة الخاصة المعنية بحق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحة البدنية والعقلية؛ باولا غافيريا بيتانكور، المقررة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للنازحين داخليا.
*يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهو جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم. ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.