تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية تطلقان نداء عاجلا بقيمة 426 مليون دولار للاستجابة للأزمة الإنسانية

من داخل السرايا الحكومي في بيروت، أطلق رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ومنسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في لبنان عمران ريزا، نداء عاجلا لجمع 426 مليون دولار للاستجابة لاحتياجات المدنيين المتضررين من تصعيد الصراع في لبنان.

ومنذ 17 أيلول/سبتمبر، شهد لبنان ارتفاعا غير مسبوق في عدد الضحايا والنازحين، مما أدى إلى تفاقم الخسائر- التي كانت عميقة بالفعل- الناتجة عن الأعمال العدائية على مدى الأشهر الـ 11 الماضية، حيث قُتل أكثر من ألف شخص وأصيب 6 آلاف آخرون. بالإضافة إلى ذلك، تقدر السلطات اللبنانية أن أكثر من مليون شخص نزحوا منذ اندلاع القتال في تشرين الأول/أكتوبر 2023.

وفي حين تستمر بلاده في مواجهة أزمة اقتصادية طاحنة، قال السيد ميقاتي اليوم الثلاثاء إن هذه اللحظة الحرجة تتطلب الاهتمام والتحرك الفوري من المجتمع الدولي. وحث جميع الدول على تكثيف دعمها في تقديم المساعدات الإنسانية واستخدام نفوذها للمساعدة في إنهاء العنف.

مخاوف من تدهور الوضع

يسعى النداء العاجل إلى مساعدة ما يقرب من مليون شخص متضررين من الصراع من خلال معالجة الاحتياجات العاجلة في مجالات مثل الغذاء والمساعدات الأساسية والمأوى والرعاية الصحية والمياه والخدمات البلدية. وسيتم توجيه الأموال إلى الشركاء الإنسانيين المتعاونين كجزء من الاستجابة الطارئة التي تقودها الحكومة.

وفيما سلط المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية عمران ريزا الضوء على الحاجة إلى موارد كافية، أكد على أن أي قدر من المساعدات لا يمكن أن يعالج هذه الأزمة بشكل كامل "إذا استمر استهداف المدنيين".

وأضاف: "يجب أن نتحرك بسرعة وحسم لضمان حصول المتضررين من هذه الأزمة على الدعم الأساسي الذي يحتاجون إليه. ومن الضروري أن تفي جميع الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني لحماية المدنيين وإعطاء الأولوية للوصول الإنساني".

وفي حديثه إلى الصحفيين في جنيف، عبـّرالمتحدث باسم مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) يانس لاركيه عن مخاوفه العميقة بشأن التقارير التي تفيد ببدء هجوم بري إسرائيلي في جنوب لبنان. وقال إن النداء الذي أطلق اليوم هو من أجل "الاحتياجات التي نعرفها، لكننا نخشى أنه مع هذه التطورات، قد تسوء الأمور".

وقال إن الأوتشا حذرت مرارا وتكرارا منذ ما يقرب من عام من اتساع هذا الصراع، وقال: "أعتقد أنه إذا كانت هناك حقيقة عالمية واحدة في الشؤون الإنسانية، فهي أنه من الأسهل والأسرع بكثير كسر الأشياء وإيذاء الناس من إصلاحها. لذا خفضوا التصعيد الآن".

كارثة إنسانية وحقوقية

من جانبها، أعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان عن قلقها البالغ إزاء الأعمال العدائية المتزايدة في الشرق الأوسط وإمكانية "إغراق المنطقة بأكملها في كارثة إنسانية وحقوقية".

جاء ذلك على لسان المتحدثة باسمها، ليز ثورسيل، التي أخبرت الصحفيين في جنيف أن الأعمال العدائية بين حزب الله وإسرائيل كانت مروعة بالفعل، وسط مخاوف من أن يؤدي غزو بري إسرائيلي واسع النطاق إلى معاناة أكبر.

وأشارت إلى أن عشرات الآلاف من المنازل في جميع أنحاء لبنان دمرت، وتضررت مرافق طبية، حيث أغلقت عشرة في المائة من المراكز الصحية. بالإضافة إلى ذلك، أفادت التقارير بمقتل 41 عاملا طبيا وإصابة 111 آخرين منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، مع مقتل 14 منهم في اليومين الماضيين فقط.

وقالت السيدة ثروسيل إن صفارات الإنذار دوت في شمال إسرائيل وأجزاء من الضفة الغربية المحتلة، وتم توجيه السكان بالبقاء بالقرب من الملاجئ والحد من تحركاتهم وتجنب التجمعات، مضيفة أن التصعيد بين إطلاق الصواريخ المتبادل بين الحوثيين وإسرائيل أمر مقلق للغاية أيضا.

وأضافت: "لقد قُتل الكثير من الأطفال والنساء والرجال الأبرياء، وحدث الكثير من الدمار. ويحث المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك جميع الأطراف على مواصلة المفاوضات لإنهاء مسار الدمار والعنف الحالي الذي لا تظهر له نهاية في الأفق. ويذكـّر الجميع بضمان محاسبة المسؤولين عن انتهاكات القانون الدولي الإنساني التي وقعت أو المستمرة، أيا كان مرتكبوها، وضمان العدالة للضحايا".

قصة واحدة من ملايين

وقال رئيس وفد الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر في لبنان، كريستيان كورتيز، متحدثا من بيروت، إن شقيق زوجته، الذي كان عضوا في الدفاع المدني اللبناني، قُتل أثناء أداء واجبه بينما كان ينقذ آخرين، وانضم إلى "القائمة المفجعة للعاملين الإنسانيين والمدنيين اللبنانيين الذين فقدوا حياتهم بشكل مأساوي في التصعيد الأخير". وقال إن قصته ليست سوى واحدة من "ملايين القصص عن الخوف والصدمة" في لبنان.

وقال السيد كورتيز إن الأزمة الإنسانية المتصاعدة تأتي في ظل أزمة اقتصادية مدمرة بالفعل، حيث يعيش 75 في المائة من سكان لبنان تحت خط الفقر.

وقال إن الصليب الأحمر اللبناني يعمل على مدار الساعة واستجاب لآلاف الحالات الطبية الطارئة، لكنه يواجه نقصا في الإمدادات الطبية وسيارات الإسعاف والوقود، بالإضافة إلى نقص شديد في التمويل. وقال إن الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر خصص مليوني فرنك سويسري يوم الاثنين الماضي كجزء من استجابته للكوارث، لكن نداءه الإجمالي لجمع 55 مليون فرنك سويسري لا يزال ممولا بنسبة 12 في المائة فقط.

التوغل البري

وفي بيان صدر اليوم، أكدت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (الـيونيفيل) أن قوات حفظ السلام الأممية لا يزالون في مواقعهم على الرغم من التطور الخطير المتمثل بالإبلاغ الذي تلقته من الجيش الإسرائيلي عن نيته القيام بعمليات توغل برية محدودة داخل لبنان.

وشدد بيان صحفي صادر عن اليونيفيل على أن أي عبور إلى لبنان "يشكل انتهاكا للسيادة اللبنانية وسلامة أراضي لبنان، وانتهاكا للقرار 1701." وذكر جميع الأطراف بالتزاماتها إزاء احترام سلامة وأمن قوات حفظ السلام.

وحثت اليونيفيل جميع الأطراف على التراجع عن مثل هذه الأعمال التصعيدية "التي لن تؤدي إلا إلى المزيد من العنف وإراقة المزيد من الدماء". وقالت: "إن ثمن الاستمرار في مسار العمل الحالي باهظ للغاية. يجب حماية المدنيين، وعدم استهداف البنية الأساسية المدنية، واحترام القانون الدولي".

كما حثت اليونيفيل الأطراف بقوة على إعادة الالتزام بقرارات مجلس الأمن والقرار 1701 باعتباره الحل الوحيد القابل للتطبيق لإعادة الاستقرار إلى المنطقة.