Breadcrumb
مقاومة المضادات الحيوية: تحدي صحي يودي بحياة الملايين وسلطنة عمان تقوم بدور ريادي
هذا ما أكده خبراء صحيون خلال اجتماع وزاري رفيع المستوى نظمته وزارة الصحة في سلطنة عمان - بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية وبرعاية مشتركة من مصر ومراكز السيطرة على الأمراض - حول الوقاية من العدوى ومكافحتها وإدارة استخدام مضادات الميكروبات في القطاع الصحي.
وضمن فعاليات الأسبوع رفيع المستوى لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، تبنى زعماء العالم إعلانا سياسيا بشأن مقاومة مضادات الميكروبات، التزموا فيه بالحد من الوفيات ذات الصلة بنسبة 10% بحلول عام 2030.
وخلال الاجتماع الوزاري، الذي نظمته عُمان، أكد خبراء الصحة الحاجة الملحة لرفع الوعي حول الاستخدام الحكيم للمضادات الحيوية، خصوصا في المناطق المتأثرة بالنزاعات مثل غزة والسودان، حيث تزداد المخاطر الصحية بسبب ضعف النظم الصحية.
في حوار مع أخبار الأمم المتحدة عقب الاجتماع، قال المسؤول العُماني الدكتور أحمد المنظري، والمسؤول السابق بمنظمة الصحة العالمية، إن بلاده ظلت تقود المبادرات في هذا المجال منذ سنوات، حيث استضافت المؤتمر الوزاري العالمي الثالث حول مقاومة مضادات الميكروبات عام 2022 من أجل حشد الجهود في مجال مكافحة العدوى ومنع انتقالها. وأضاف أن سلطنة عمان نجحت في حشد هذه الجهود ورفع الصوت من أجل تعزيز هذا الجانب.
منصة لرفع الوعي
وأوضح الدكتور المنظري أن عقد هذا الاجتماع ضمن فعاليات الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة ينبع من أن هذه الاجتماعات تعتبر منصة وفرصة من أجل ضمان استمرارية العمل في رفع مستوى وعي أفراد المجتمع فيما يخص استخدام المضادات الحيوية وربطها بما ينتج عن سوء استخدام هذه الأدوية من ظهور ميكروبات مختلفة تقاوم المضادات الحيوية.
وتحدث مقاومة مضادات الميكروبات عندما لا تستجيب البكتيريا والفيروسات والفطريات والطفيليات للأدوية، مما يؤدي إلى صعوبة أو استحالة علاج العدوى، وزيادة خطر انتشار الأمراض والإصابة بالمرض الشديد والوفاة.
وفقا لخبراء الصحة، تنتشر مسألة مقاومة الميكروبات في المناطق المتأثرة بالنزاعات على غرار غزة السودان.
وقال الدكتور المنظري - وهو أيضا المدير الإقليمي السابق لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط - إن هذه القضية تمثل تحديا كبيرا لإقليم شرق المتوسط "فمن أصل 22 دولة في الإقليم تعاني حوالي 10 دول من مختلف أنواع الطوارئ الصحية وخصوصا الطوارئ الناجمة عن عدم الاستقرار السياسي والحروب والنزاعات".
وأضاف الدكتور المنظري أن هذا الأمر تسبب في هشاشة النظم الصحية وعدم مقدرتها على التعامل مع التحديات ومن ضمنها التعامل مع الميكروبات المختلفة بسبب نقص وضعف البنية التحتية للقطاع الصحي، وكذلك القطاعات الأخرى المساندة مثل توفر مياه الشرب النظيفة، وطرق التعامل مع المخلفات البشرية لضمان عدم انتقال الأوبئة بين الأفراد.
واجب أخلاقي زمهني
ودعا المنظري إلى توحيد الجهود ومضى قائلا: هذه مسؤولية جماعية ليست فقط في الدول التي تعاني من هذه الطوارئ وهشاشة النظم الصحية، بل هو واجب أخلاقي ومهني لجميع الدول وبمختلف قطاعاتها".
واختتم الدكتور المنظري حديثه بالقول: أريد للمجتمع العربي أن يكون على قدر من الوعي حول أهمية استخدام المضادات الحيوية والاستخدام الحكيم والآمن وبالتالي توفير الموارد لأمراض وتحديات صحية أخرى وحماية الأرواح سواء داخل المؤسسات الصحية أو داخل المجتمع. فهذا واجب علينا جميعا كأفراد ومواطنين ومجتمعات في المقام الأول وكذلك النظم الصحية بمختلف تخصصاتها".
انعدام الخيارات العلاجية
تحدثت أخبار الأمم المتحدة أيضا إلى الدكتورة أمل سيف المعني، المديرة العامة لمراقبة ومكافحة الأمراض في وزارة الصحة بسلطنة عمان والتي قالت إن هذه الفعالية هدفت إلى التركيز على الوقاية ومكافحة العدوى والإدارة السليمة لاستخدام المضادات الحيوية بوصفها ركيزة أساسية من ركائز الحد من انتشار مقاومة المضادات الحيوية وتأثيراتها السلبية على المجتمعات والأفراد.
وأشارت إلى أن المشاركين في الفعالية أكدوا ضرورة توحيد الجهود وبناء القدرات على مستوى جميع الدول والأقاليم من أجل تعزيز الوقاية ومكافحة العدوى "لأنها السبيل الوحيد والسريع والأكثر فاعلية في الوقت الحالي لإيجاد حلول لمنع انتشار الالتهابات والعدوى وخاصة العدوى المقاومة للمضادات الحيوية والتي لا تتوفر لها خيارات علاجية".
ملايين الوفيات
ربما لا يكون الكثير من الناس على دراية تامة بخطورة قضية مقاومة المضادات الحيوية. لكن الدكتور أمل سيف تقول إن التقارير الحديثة أوضحت أن الوفيات المتصلة مباشرة بمقاومة المضادات الحيوية في الأمراض البكتيرية قدرت، على أقل تقدير، بخمسة ملايين حالة وفاة عام 2019.
وقالت إن الدول يقع على عاتقها مسؤولية رصد تأثيرات حجم المشكلة وتأثيراتها على الأفراد وعلى الاقتصاد العالمي وعلى التطور البشري في المستقبل والأنظمة الصحية.
ونبهت إلى أنه بدون إيجاد حل لهذه المشكلة لن تكون الأنظمة الصحية قادرة على توفير علاجات في المستقبل لعدد كبير من الأمراض "وبالتالي نرجع إلى عصر ما قبل المضادات الحيوية الأمر الذي يزيد من انتشار الأوبئة والوفيات الناجمة عنها".
مشكلة فعلية تحدث وليست مجرد تنبؤ
ووجهت الدكتورة رسالة للمواطن العربية بضرورة العلم بأن "مقاومة المضادات الحيوية أصبحت حاليا مشكلة فعلية تحدث وليست مجرد تنبؤ"، مشيرة إلى أن الكثير من الناس يأخذون العلاج ولديهم بكتيريا أو فيروس مقاوم للمضادات الحيوية.
ومضت قائلة: "الشخص العادي لابد أن يكون حريصا فيما يأكل وما يشرب، في النظافة وأساسيات النظافة، النظافة الشخصية، نظافة الأدوات ونظافة البيئة المحيطة به لمنع انتقال هذه العدوى إليه سواء من البيئة، أو من إنسان لإنسان آخر أو عن طريق تناول الأطعمة التي تستخدم فيها محفزات النمو التي تحتوي على عدد من المضادات الحيوية. الإنسان العادي يجب أن يكون أيضا متحدثا عن حقوقه وأحد حقوقه هو أن تنتبه الحكومات لموضوع استخدام المضادات الحيوية من الجهات غير الطبية وأيضا عدم المطالبة بوصفات طبية تحتوي على المضادات الحيوية إذا لم يكن علاجه يستدعي ذلك".
غزة والسودان مثالان
وخلالها حديثها في الاجتماع، سلطت الدكتورة حنان بلخي، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط الضوء على التحديات الكبرى الناجمة عن الهجمات على القوى العاملة الصحية وعلى مرافق الرعاية الصحية والتي تعقد من إمكانية الوصول إلى بعض المناطق التي تشهد نزاعات بهدف بناء النظام الصحي.
وتحدثت عن الخطر الكبير الناجم عن الكائنات الحية المقاومة للأدوية المتعددة بسبب الصراع في مناطق مثل غزة والسودان.
في غزة على سبيل المثال هناك حمام واحد لكل 3,600 فرد ويصطف الناس لساعات في سبيل الوصول إلى هذه الحمامات. وهناك آلاف النازحين السودانيين على حدود تشاد ودول أخرى ولا يتوفر لهم سوى مستشفى واحد فقط لأكثر من 440,000 شخص.