تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

في اجتماع طارئ لمجلس الأمن حول لبنان، الأمم المتحدة تدعو إلى وقف القتل وتجنب حرب شاملة

عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا طارئا بطلب من فرنسا لبحث التطورات في لبنان، بعد حملة القصف الإسرائيلي الأكثر كثافة منذ تشرين الأول/أكتوبر. خلال الاجتماع دعا أمين عام الأمم المتحدة جميع الأطراف إلى وقف القتل والدمار وتخفيف حدة الخطاب والتهديدات، والتراجع عن حافة الهاوية.

وفي إحاطته لأعضاء المجلس أشار الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى تبادل حزب الله وغيره من الجماعات المسلحة غير الحكومية في لبنان والقوات الإسرائيلية إطلاق النار بشكل يومي تقريبا، والذي شكل انتهاكا متكررا لقرار مجلس الأمن رقم 1701.

وأفاد بأنه منذ تشرين الأول/أكتوبر، فر ما يقرب من 200 ألف شخص داخل لبنان وأكثر من 60 ألف شخص من شمال إسرائيل من منازلهم. وقال إن العديد من الأرواح فقدت، مضيفا أنه "يجب أن يتوقف كل هذا. لابد أن تتمكن مجتمعات شمال إسرائيل وجنوب لبنان من العودة إلى منازلها، والعيش في أمان وأمن، دون خوف".

وأشار إلى تكثف الجهود الدبلوماسية لتحقيق وقف مؤقت لإطلاق النار، مما يسمح بإيصال المساعدات الإنسانية وتمهيد الطريق لاستئناف سلام أكثر ديمومة، مؤكدا دعم الأمم المتحدة لتلك الجهود بشكل كامل.

الأمين ا لعام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يتحدث أمام اجتماع مجلس الأمن الطارئ لبحث الوضع في لبنان.
UN Photo/Manuel Elías
الأمين ا لعام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش يتحدث أمام اجتماع مجلس الأمن الطارئ لبحث الوضع في لبنان.

وأكد أمين عام الأمم المتحدة أنه على الرغم من الظروف الخطيرة، فإن قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في لبنان لا تزال في مواقعها. وناشد الأمين العام مجلس الأمن العمل على المساعدة في "إخماد هذه النيران". ودعا جميع الأطراف إلى "تجنب حرب شاملة بأي ثمن، فمن المؤكد أنها ستكون كارثة شاملة".

وقال: "إن شعبي لبنان وإسرائيل وشعوب العالم لا يستطيعون تحمل أن يصبح لبنان، غزة أخرى".

وإلى جانب أعضاء المجلس الخمسة عشر، من المقرر أن تتحدث دول أخرى من بينها لبنان وإسرائيل وإيران وسوريا. 

الجزائر

وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف قال إن "العدوان الذي يتعرض له لبنان يمثل جزءا لا يتجزأ من سياسة التصعيد التي جعل منها الاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني نهجا مفضلا واستراتيجية متعمدة على أكثر من جبهة وعلى أكثر من وجهة في منطقة الشرق الأوسط".

وأشار إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي لم يعد يكتفي بحرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها ضد الشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية، بل صار يشعل الأزمة تلو الأخرى، ويسعى، اليوم تلو الآخر، لبسط إجرامه وفرض جبروته على كافة دول الجوار في اليمن وسوريا وإيران وحاضرا في لبنان".

وقال الوزير عطاف إن الأوان قد آن كي يدرك مجلس الأمن أن مسألة الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط لا يمكن أن "تبقى رهينة أهواء وأوهام الاحتلال الإسرائيلي يتصرف فيها ويعبث في مصيرها كيفما يشاء".

وأشار إلى أن "الاحتلال الإسرائيلي أثبت أنه لا يؤمن بالسلام ولا يريد السلام وأنه يعتبر نفسه استثناء من كل ما يجمعنا تحت منظمتنا هذه من مراجع وثوابت وقواعد وضوابط وأحكام". وأكد موقف الجزائر في أن العمل من أجل وقف التصعيد هو أقل ما يمكن انتظاره من مجلس الأمن اليوم قبل الغد، وحذر من أن منطقة الشرق الأوسط أحوج ما تكون إلى تضافر جهود الجميع لتجنيبها "ويلات حرب شاملة تلوح في الأفق القريب".

فرنسا

وزير الخارجية الفرنسي جان نويل باروت قال إن الوضع في لبنان قد يصل إلى "نقطة اللا عودة" حيث تخطى مستوى التصعيد. وأكد أن الضربات الإسرائيلية التي تسببت بمقتل مئات المدنيين، بينهم عشرات الأطفال، "أمر غير مقبول"، معربا عن تضامن بلاده الكامل مع المدنيين اللبنانيين. 

وأضاف: "أذكـّر بأن احترام القانون الدولي الإنساني ليس خيارا. فالمدنيون، سواء كانوا لبنانيين أو إسرائيليين، يجب ألا يتعرضوا بتاتا للاستهداف".

وقال الوزير الفرنسي إن التوتر بين حزب الله وإسرائيل "قد يدفع بالمنطقة إلى نزاع شامل"، مؤكدا أن لبنان "الذي أصبح ضعيفا جدا لن يتعافى من هذه الحرب". ودعا إلى الاستفادة من وجود عدد كبير من القادة في نيويورك هذا الأسبوع "لكي نفرض حلا دبلوماسيا ولكي نعكس دوامة العنف"، وقال: "هذه الحرب ليست حتمية، والحل الدبلوماسي ما زال ممكنا".

وأفاد السيد باروت بأن بلاده عملت مع الولايات المتحدة للتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار لعشرين يوما للسماح بالمفاوضات. وأضاف: "نعول على الطرفين لقبول ذلك من دون تأخير لكي نحمي السكان المدنيين ولكي نسمح بمفاوضات دبلوماسية. لقد عملنا مع الأطراف لتحديد المعايير للتوصل إلى حل دبلوماسي بالاستناد إلى قرار مجلس الأمن رقم 1701. إنه مسار يتطلب الكثير، ولكنه ممكن". وقال الوزير الفرنسي إنه سيعود في نهاية الأسبوع إلى بيروت للعمل مع الأطراف المعنية في هذا المجال.

الولايات المتحدة الأمريكية

نائب المندوبة الأمريكية الدائمة لدى الأمم المتحدة، روبرت وود أكد أن بلاده انخرطت بشكل مكثف مع جميع الأطراف في المنطقة. وأضاف: "هدفنا واضح وهو تجنب حرب أوسع نطاقا نعتقد أنها ليست في مصلحة أي طرف، لا شعب إسرائيل ولا شعب لبنان".

وأوضح أن الحل الدبلوماسي المتوافق مع القرار 1701 يظل المسار الوحيد لوقف دورة التصعيد بشكل دائم وتمكين النازحين في كل من إسرائيل ولبنان من العودة إلى ديارهم.

وأفاد بأن بلاده تشعر بالقلق العميق إزاء التقارير التي تفيد بمقتل مئات المدنيين اللبنانيين في الأيام الأخيرة. وقدم تعازيه لمقتل اثنين من موظفي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وشدد على أن ما يحدث يجب أن ينتهي بتفاهم شامل فيما يتعلق بالخط الأزرق (الفاصل بين لبنان وإسرائيل) مع آليات تنفيذ حقيقية. وأعاد التأكيد على أن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ضد هجمات حزب الله، داعيا جميع الأطراف إلى الامتثال للقانون الدولي الإنساني واتخاذ جميع الخطوات المعقولة لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين.

وأكد دعم بلاده القوي لقوات الـيونيفيل وأهمية أن تعمل جميع الأطراف على ضمان سلامة أفراد الوة وأمنهم في هذه اللحظة الخطيرة. وقال نائب السفيرة الأمريكية إنه "من الضروري أن نعمل معا لمساعدة شعب لبنان والمنطقة على تجنب المزيد من المأساة".

لبنان

رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي قال إن إسرائيل "تنتهك وتستبيح" سيادة بلاده عبر إطلاق طائرات ومسيرات في سمائها "وقتل المدنيين شبابا ونساء وأطفالا وتدمير المنازل وإرغام العائلات على النزوح في ظل ظروف إنسانية قاسية وبث الترهيب والرعب في نفوس المواطنين اللبنانيين "على مرأى من العالم كله دون أن يرف لهم جفن".

وأشار إلى أن بلاده وقعت "ضحية عدوان إلكتروني سيبراني جوي بحري قد يتحول إلى عدوان بري بل إلى مسرح لحرب إقليمية واسعة". وأعرب عن أمله في العودة إلى لبنان متسلحا بموقف مجلس الأمن الصريح الداعي لوقف هذا العدوان واحترام سيادة بلده وسلامته.

وأوضح نجيب ميقاتي أن "ما نشهده اليوم هو تصعيد غير مسبوق، قائلا "إن المعتدي يزعم أنه لا يستهدف إلا المسلحين والسلاح، ولكني أؤكد لكم أن مستشفيات لبنان تعج بالجرحى المدنيين وبينهم العشرات من النساء والأطفال".

ثم تساءل قائلا: "من يضمن عدم حصول هكذا اعتداءات على دول أخرى إذا لم تتخذ إجراءات رادعة وعقابية حاسمة بحق المعتدي؟ من يكفل لنا كدولة لبنانية أو أي دولة أخرى سلامة غذائها ومائها أو أي مواد تدخل أراضيها من أي ضرر؟"

وأضاف رئيس الوزراء اللبناني أن هذا الوضع ليس جديدا على بلاده، فلبنان، حسبما قال، مر بفترات طويلة من التوترات والاعتداءات التي كانت تهدد استقراره وسلامة مواطنيه. لكنه أكد أن "لبنان يبقى عصيا على كل التحديات واللبنانيون يواجهون بشجاعة كل الاعتداءات على كل حبة من تراب الوطن".

وأضاف قائلا: "وجودي هنا ليس لتقديم شكوى فقط ولا لتقديم عرض مفصل عن عدد الشهداء والجرحى والدمار الذي هجر البشر ودمر الحجر فذلك مثبت للرأي العام العالمي بالصوت والصورة، وإنما وجودي هنا للخروج من هذه الجلسة بحل جدي يقوم على تضافر جهود جميع أعضاء المجلس الأمن للضغط على إسرائيل لوقف فوري لإطلاق النار على كل الجبهات وعودة الأمن والاستقرار لمنطقتنا".

إسرائيل

قال السفير الإسرائيلي داني دانون إن حزب الله أطلق ما يقرب من 9000 صاروخ ومئات الصواريخ المضادة للدبابات "على المدنيين، مستهدفا منازلهم وعائلاتهم ودولتهم" منذ 8 تشرين الأول/أكتوبر، مما أجبر 70 ألف شخص على الفرار من منازلهم. 

وذكر أن أي دولة لن تقف مكتوفة الأيدي بينما يتعرض مواطنوها للهجوم، وبالتالي، خلال الأسبوع الماضي، كانت إسرائيل تنفذ "ضربات دقيقة في لبنان ضد مراكز قيادة حزب الله ومواقع الإطلاق والصواريخ ومخازن الأسلحة".

وقال: "لن يختبئ الشعب اليهودي مرة أخرى من الوحوش التي هدفها في الحياة قتل اليهود. لن نمنح فرصة الشك مرة أخرى لأولئك الذين يعلنون عن نيتهم ​​في قتل اليهود. عندما يخبروننا ويبينون لنا من هم، سنصدقهم. سنتخذ جميع الخطوات اللازمة في حدود حقوقنا ووفقا للقانون الدولي لتحييد هذا التهديد".

وقال السفير الإسرائيلي إن بلاده لا تسعى إلى حرب شاملة، لكنه أكد أن "إسرائيل تتعرض للهجوم"، بما في ذلك إطلاق صاروخ باليستي باتجاه تل أبيب هذا الصباح. وقال إن جماعة حزب الله "تختبئ خلف" المدنيين و"تطلق النار من أماكن بالقرب من مواقع اليونيفيل، مما يعرض قوات حفظ السلام من جميع أنحاء العالم للخطر بشكل متهور".

وأضاف أن هذه ليست مجرد حرب ضد إسرائيل، بل هي حرب "ضد الإنسانية يشنها وكلاء إيران لاحتجاز شعب لبنان كرهينة". وأضاف: "باعتبارها رأس الأفعى الإرهابية، نشرت إيران سمها ضد المدنيين الإسرائيليين الأبرياء، من الحوثيين في اليمن الذين يحاولون خنق التجارة العالمية، إلى هجمات حزب الله الصاروخية، ومن ممارسة حماس للاغتصاب والخطف، إلى الميليشيات الشيعية في سوريا والعراق التي تستهدف أفرادا غربيين. نحن جميعا نعلم أن آية الله يقف وراء كل ذلك".

وقال السفير الإسرائيلي إنه لا يمكن أن يكون هناك سلام في المنطقة حتى يتم تفكيك التهديد الإيراني، ودعا مجلس الأمن إلى المطالبة بالتنفيذ الفوري للقرار 1701، وتصنيف حزب الله والحرس الثوري كمنظمتين إرهابيتين.

إيران

وزير خارجية إيران سيد عباس عراقجي قال إن الوضع في المنطقة قابل للانفجار، وإن عدم اتخاذ إجراء بهذا الشأن سيؤدي إلى كارثة شاملة غير مسبوقة. وأضاف أن "نظام إسرائيل المحتل، نظام الفصل العنصري، يستمر في وحشيته في فلسطين المحتلة ويشن الآن حربا غير عادلة ضد لبنان ويستهدف المدنيين في عمق الأراضي اللبنانية".

وقال إن "العدوان الإسرائيلي على لبنان لا ينفصل عن الوضع في المنطقة، وإن أفعال إسرائيل تؤكد أنها كيان إرهابي حقيقي لا يعطي قيمة للسلم وحقوق الإنسان وإنها تهدف إلى جر المنطقة إلى حرب شاملة".

ودعا المسؤول الإيراني إلى العمل المشترك لعدم السماح "بتطبيع الشر والفظائع"، وقال إن على كل الدول مناشدة مجلس الأمن الاضطلاع بمسؤولياته بموجب مـيثاق الأمم المتحدة. وذكر أن الوقت قد حان لمساءلة إسرائيل عن أفعالها.

وقال إن السبيل الوحيد لمنع مزيد من التصعيد واضح وهو أن توقف إسرائيل فورا حربها على غزة واعتداءاتها على لبنان، "بدون وقف إطلاق النار في غزة ما من ضمانات للسلم في المنطقة".

مصر

بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري قال إن ما يحدث في لبنان هو عدوان مكتمل الأركان وانتهاك صارخ لسيادة دولة عضو مؤسس للأمم المتحدة. وذكر أن المأساة التي يعيشها لبنان هي نتيجة لا مفر منها "للعجز المخزي" لمجلس الأمن عن الاضطلاع بمسؤوليته بوقف الحرب المستمرة منذ عام في قطاع غزة.

وذكر أن مصر حذرت مرارا وتكرارا من أن استمرار الحرب في غزة ينذر باتساعها إلى ساحات إقليمية أخرى وبتهديد السلم والأمن الدوليين بمنطقة الشرق الأوسط. وقال: "إن ما شهدناه على مدار عام كامل في غزة وما نشهده في لبنان مرشح للتمدد في ساحات أخرى بالمنطقة، ما لم يقم المجتمع الدولي بمسؤوليته لوضع حد لآلة القتل والتدمير".

وشدد على ضرورة "وقف الحرب العدوانية على قطاع غزة، فهي الصراع الأساسي التي انبثقت عنها كل التوترات التي نشهدها حاليا في المنطقة برمتها". وأضاف أن الشرق الأوسط الآن أمام منعطف خطير وتهديد حقيقي، فإما وقف شامل لكل أشكال العدوان والقتال في كل الساحات أو مزيد من الانهيار وتوسع دائرة الصراع. 

سوريا

شدد بسام صباغ وزير خارجية سوريا على ضرورة تحرك مجلس الأمن بشكل فوري وعاجل لإدانة "العدوان الإسرائيلي متعدد الأوجه ووقف آلة القتل والتدمير ومنع إسرائيل من إشعال حرب شاملة في المنطقة عبر توسيع عدوانها".

وذكر أن "الحرب العدوانية الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني ترافقت مع اعتداءات ممنهجة ومتكررة على سوريا. حيث استهدفت قوات الاحتلال الإٍسرائيلي بالصواريخ مناطق عديدة في سوريا أدت إلى ارتقاء العديد من الضحايا المدنيين وجرح الكثيرين غيرهم".

وطالب الصباغ مجلس الأمن بإنهاء "حالة الشلل التي يعيشها والتحرك الفوري لوضع قراراته ذات الصلة بالصراع العربي الإسرائيلي، وفي مقدمتها القرارات 242 و338 و497 موضع التنفيذ".

وأكد أن المنطقة لن تنعم بالسلام والاستقرار ما لم يتم إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لجميع الأراضي العربية المحتلة في فلسطين وسوريا ولبنان.