تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الحوار بين الأديان: مفتاح لمواجهة التحديات العالمية وبناء مستقبل مستدام للشباب

ما دور القادة الدينيين الشباب في مواجهة التحديات العالمية الملحة مثل تغير المناخ والفقر وعدم المساواة؟ وكيف يساهمون في تعزيز القيم الإنسانية المشتركة وبناء مجتمعات أكثر تسامحا وسلاما؟ هذه الأسئلة وأكثر كانت محور فعالية شارك في عقدها منتدى التعاون الإسلامي للشباب التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، على هامش فعاليات قمة المستقبل بمقر الأمم المتحدة.

الفعالية حملت عنوان "استجابات الشباب من مختلف الأديان لأكبر تحديات القرن: إسهامات المؤسسات الدينية في قمة المستقبل" وعقدت بالشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة، ومنظمة أديان من أجل السلام، بالتعاون مع وزارة الشباب والرياضة في جمهورية غامبيا، ووكالة شؤون الشباب في جمهورية أوزبكستان.

وكانت الفعالية، وفقا للجهات المنظمة، بمثابة منصة لاستكشاف الكيفية التي يمكن بها التعاون بين الأديان، بمشاركة الحكومات من جميع أنحاء العالم، ومعالجة التحديات العالمية الحرجة مثل تغير المناخ والفقر وعدم المساواة.

شباب العالم الإسلامي يعانون من وطأة العنف

وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة، أكد طه أيهان، رئيس منتدى التعاون الإسلامي للشباب أن قمة المستقبل واجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة تقدمان فرصا بالغة الأهمية للمنظمات الشبابية لمعالجة التحديات العالمية الملحة مثل الفقر وتغير المناخ والتفاوت الاقتصادي. وسلط الضوء على التحديات الفريدة التي يواجهها الشباب في العالم الإسلامي، بما فيها الصراعات وعدم الاستقرار.

وأشار إلى أن العديد من مناطق الصراع تقع في دول أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، حيث يتحمل الشباب وطأة العنف وعدم الاستقرار، مشددا على أهمية قيام الشباب بدور نشط في البحث عن الحلول، على الرغم من مواجهة الحواجز مثل الفرص المحدودة والمشاركة في عمليات صنع القرار.

وتطرق طه أيهان إلى غزة كمثال، معربا عن أسفه لغياب إجراءات جادة تهدف لمعالجة الأزمة الإنسانية في القطاع والتي وصفها بأنها "كارثة من صنع الإنسان". وأشار إلى أن الشباب العالمي، بمن فيهم من يعيشون في العالم الإسلامي، يتقاسمون تحديات مشتركة، مثل التعليم غير الكافي والوصول المحدود إلى السوق.

وفي ظل وجود ما يقرب من مليار شاب تحت سن الخامسة والثلاثين في العالم الإسلامي، دعا السيد طه أيهان إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتوفير التعليم والفرص والتخفيف من حدة الفقر. وفي حين أقر بالوضع الحالي القاتم، أعرب عن أمله في أن تؤدي المبادرات الجارية إلى تحسين مستقبل الشباب الإسلامي والإنسانية ككل.

بعض الحضور في فعالية استضافها منتدى التعاون الإسلامي للشباب التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، على هامش فعاليات قمة المستقبل في نيويورك.
UN News/Abdelmonem Makki
بعض الحضور في فعالية استضافها منتدى التعاون الإسلامي للشباب التابع لمنظمة التعاون الإسلامي، على هامش فعاليات قمة المستقبل في نيويورك.

الشباب عنصر حاسم في تعزيز عالم مسالم

أما وزير الشباب والرياضة في جمهورية غامبيا، بكاري بادجي فقد أكد، في حوار مع أخبار الأمم المتحدة، الدور الحاسم للحوار بين الأديان في تعزيز التنمية والسلام، مسلطا الضوء على الحاجة الملحة لإشراك الشباب والمنظمات الدينية لمكافحة العنف الديني العالمي وتعزيز عالم مسالم.

وبما أن قمة المستقبل تهدف إلى معالجة القضايا التي ستؤثر على الأجيال القادمة، بما فيها التحديات البيئية وتغير المناخ والصراعات، أكد بادجي على الحاجة إلى معالجة القضايا التي تؤثر على الشباب، مثل العنف وعدم الاستقرار، وخاصة في سياق منطقة جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا، التي قال إنها تعاني من العديد من الصراعات. وشدد على أهمية القيم الديمقراطية واستخدام الدين كأداة للتعايش والسلام.

وشدد الوزير الغامبي على أهمية تمكين الشباب الأفريقي من خلال التعليم. وحث الشباب على السعي إلى المعرفة والاستفادة من الفرص التي توفرها الاقتصادات الرقمية بهدف تحسين حياتهم. وأعرب بكاري بادجي عن تفاؤله بالمستقبل، داعيا إلى مشاركة الشباب في جهود بناء السلام والتنمية.

على اليسار: وزير الشباب والرياضة في جمهورية غامبيا، بكاري بادجي.
UN News/Abdelmonem Makki

 

القضاء على "العنف البنيوي الرقمي"

أما هانا بلوك، ممثلة مجلس شباب الإيمان من أجل الأرض التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، فقد تحدثت عن دور الشباب في تعزيز العمل المناخ والاجتماعي من خلال المسار المعني بتحقيق مستقبل رقمي للجميع، وهو أحد المسارات الخمسة التي تركز عليها قمة المستقبل. وأكدت أهمية دمج القيم الأخلاقية والروحية في التقدم التكنولوجي، مشيرة إلى أن التكنولوجيا يجب أن تعزز ازدهار الإنسان بدلا من أن تفاقم التفاوتات.

وقالت بلوك لأخبار الأمم المتحدة إن التكنولوجيا تؤثر على 70% من أهـداف التنمية المستدامة، مما يجعل دور الشباب، وخاصة "المواطنين الرقميين"، حاسما لتحقيق هذه الأهداف. وتحدثت عما وصفته بـ "العنف البنيوي الرقمي" الذي يشهده عالمنا حاليا، في إشارة إلى الفجوات والتفاوتات في المجال الرقمي بين المجتمعات المتطورة والنامية.

ولمكافحة هذا "العنف البنيوي الرقمي"، دعت بلوك إلى زيادة إمكانية الوصول والإدماج في مناقشات التكنولوجيا، مؤكدة على الحاجة إلى التدريب من أجل محو الأمية الرقمية داخل المجتمعات الدينية لضمان سماع الأصوات المهمشة في صنع السياسات. وأكدت على الدور الحاسم لقادة الأديان في سد هذه الفجوات.

هانا بلوك، ممثلة مجلس شباب الإيمان من أجل الأرض التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.
UN News/Abdelmonem Makki
هانا بلوك، ممثلة مجلس شباب الإيمان من أجل الأرض التابع لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.

 

"لا مستقبل بدون سلام وتعايش بين الأديان"

السفير حميد أوبيلوييرو، المراقب الدائم لمنظمة التعاون الإسلامي لدى الأمم المتحدة أكد لأخبار الأمم المتحدة أنه "لا مستقبل بدون سلام وتعايش بين الأديان"، مشيرا إلى أن مثل هذه الفعاليات ضرورية لحشد طاقات الشباب من جميع الفئات وبالذات المجتمعات الدينية الذين قال إنهم يلعبون دورا مهما للغاية في تنفيذ القرارات والأهداف التنموية.

وفي سبيل تحقيق هذه الأهداف، أكد السفير حميد أوبيلوييرو على ضرورة بذل الجهود في مجالات مختلفة مثل السلام والأمن والهجرة الشرعية والتعليم وتنمية المرأة.

كما أكد ضرورة السعي لحل قضية الشرق الأوسط بما فيها قضية فلسطين والأقليات المسلمة في العالم، قائلا إن منظمة التعاون الإسلامي تبذل جهودا في كل هذه الجوانب. وتطرق أيضا إلى أهمية التعاون فيما بين بلدان الجنوب.

القضاء على كراهية الإسلام

وفي حديثها لأخبار الأمم المتحدة، قالت الدكتورة فضيلة قرين كبيرة المستشارين لدى منتدى التعاون الإسلامي للشباب إن المتحدثين في الفعالية أكدوا على ضرورة أن يتوحد الضمير الإنساني ويقودنا إلى السلام والازدهار والتنمية المستدامة

وقالت إن الشباب لهم دور في إنهاء خطاب الكراهية والإسلاموفوبيا ونشر قيم السلام والتعايش بين الأديان والأفكار والثقافات. وأضافت أن الضمير الإنساني ينبغي أن يتناول كافة القضايا التي تمس الشباب ولا سيما الشباب في مناطق مثل غزة واليمن. وقالت إن الشباب في منطقة منظمة التعاون الإسلامي تعصف بهم الحروب. ومضت قائلة: 

"باعتباري عربية أشارك في قمة المستقبل، أشعر بالكثير من الحزن كون أنني أترك من ورائي المنطقة العربية تعاني أكثر مما عانته في أي وقت مضى من الحرب والخراب والدمار ومن الخطر الذي يتهدد مستقبل الشباب والأطفال".

 الدكتورة فضيلة قرين كبيرة المستشارين لدى منتدى التعاون الإسلامي للشباب.
UN News/Abdelmonem Makki
الدكتورة فضيلة قرين كبيرة المستشارين لدى منتدى التعاون الإسلامي للشباب.

 

وأكدت الدكتورة فضيلة قرين ضرورة أن تُعلي قمة المستقبل أصوات الشباب العرب وأن تشملهم في القرارات المهمة التي ستصدر عنها وتابعت بالقول: "أتمنى ألا يغض القادة المشاركون في قمة المستقبل الطرف عن هؤلاء الشباب المحرومين في المنطقة العربية. أظن أن القادة العرب سيشاركون، بقوة، أيضا، ولأول مرة تجتمع جامعة الدول العربية مع المجموعة الإسلامية من أجل إيصال أصوات مهمة عن موضوع غزة وفلسطين وموضوعات عربية شائكة. وهذا يشعرني بالكثير من الفخر".

دور القيم الروحانية في معالجة التحديات العالمية

تحدث لأخبار الأمم المتحدة أيضا السيد فرانسيس كوريا كاجيما الأمين العام للمجلس الأفريقي للزعماء الدينيين - أديان من أجل السلام مؤكدا أهمية حوار الأديان بين الشباب من أجل خلق مستقبل أكثر إشراقا.

ومن منظور الأديان المختلفة والمسيحية، سلط الضوء على الحاجة إلى الاعتراف بتكامل البشرية، بما في ذلك الأصول الروحية والفضائل مثل الحب والرحمة والشفقة. مؤكدا أهمية هذه الصفات من أجل تعزيز رفاهية الأفراد وتعزيز الازدهار المشترك.

ودعا كاجيما الشباب إلى الاستفادة من هذه الأصول الروحية لتشكيل مستقبل مزدهر بشكل تعاوني، مشددا على دور الروحانية في معالجة التحديات العالمية وتعزيز الإنسانية الجماعية.

يجلس في المنصة شمالا: السيد فرانسيس كوريا كاجيما الأمين العام للمجلس الأفريقي للزعماء الدينيين - أديان من أجل السلا
UN News/Abdelmonem Makki
يجلس في المنصة شمالا: السيد فرانسيس كوريا كاجيما الأمين العام للمجلس الأفريقي للزعماء الدينيين - أديان من أجل السلا