تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مسؤول أممي: حفظة السلام يواصلون عملهم الحيوي بشجاعة، رغم التحديات الهائلة

قال وكيل الأمين العام لعمليات السلام، جان بيير لاكروا إن بعثات حفظ السلام تواجه بشكل متزايد محركات الصراع التي لا حدود لها، مثل الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، والاستغلال غير القانوني للموارد الطبيعية وتأثير تغير المناخ، منبها إلى أن الصراعات تتطور.

جاء هذا أثناء إحاطته أمام مناقشة مفتوحة لمجلس الأمن الدولي عقدت اليوم الاثنين بشأن إصلاح عمليات حفظ السلام، أكد فيها أن "حفظ السلام يواجه تحديات هائلة، مثلما يواجه النظام متعدد الأطراف تحديات كبيرة".

وأوضح لاكروا أنه مع تصاعد التوترات الجيوسياسية، بما في ذلك في مجلس الأمن، وفي خضم الديناميكيات العالمية والإقليمية المتغيرة، أصبحت عمليات حفظ السلام غير قادرة بشكل متزايد على الاعتماد على الدول الأعضاء للعمل بطريقة قوية وموحدة لدعم جهود حفظ السلام أو العمليات السياسية التي تم تفويضها بدعمها.

وشدد على أنه رغم كل التحديات، "يواصل اليوم أكثر من 70 ألفا من حفظة السلام عملهم الحيوي بشجاعة. تعمل قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة كل يوم على إحداث الفارق في حماية المدنيين، وإزالة الألغام ومخلفات الحرب من المتفجرات، ومراقبة وقف إطلاق النار الهش ومنع تصعيد الأعمال العدائية".

وضرب مثالا بالدور الحاسم الذي تلعبه قـوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) في تجنب سوء التقدير وإساءة الفهم بين الجانبين على جانبي الخط الأزرق الفاصل بين لبنان وإسرائيل باعتبارها القناة الوحيدة للاتصال بين الجانبين.

خمس رسائل

وتحدث المسؤول الأممي عن خمس رسائل حول المتطلبات الأساسية لحفظ السلام الفعال، أولها أن الهدف النهائي لجميع عمليات حفظ السلام هو هدف سياسي، وأنه تم تصميمها لدعم اتفاقات السلام بين أطراف النزاع.

وقال لاكروا: "نحن بحاجة إلى تحالفات واسعة النطاق من الدول الأعضاء لدعم الجهود السياسية التي تبذلها قوات حفظ السلام".

أما الرسالة الثانية التي تحدث عنها لاكروا فهي أن الأداء الأمثل لعمليات حفظ السلام يعتمد على تفويضات توفر اتجاها استراتيجيا واضحا، وأنه يجب أن تكون هذه التفويضات ذات أولوية وقابلة للتحقيق وقابلة للتكيف مع الظروف المتغيرة ومجهزة بالموارد الكافية، مضيفا أن "هذا عامل حاسم لكي تكون أي بعثة مناسبة للغرض".

أما الرسالتان الثالثة والرابعة وفقا لوكيل الأمين العام لعمليات حفظ السلام، فهما أنه لا يمكن معالجة التحديات المعقدة اليوم إلا من خلال التعددية الشبكية والشراكات القوية محليا وإقليميا وعالميا، وأنه يتعين على عمليات حفظ السلام نفسها أن تسعى باستمرار إلى التحسين.

وأشار إلى التقرير الأخير للعمل من أجل حفظ السلام الذي يوثق التحسينات في عدد من المجالات الرئيسية منها سلامة وأمن ورفاه حفظة السلام.

"عصر هش"

ولفت لاكروا إلى أن مؤتمر الأمم المتحدة الوزاري لحفظ السلام الذي سينعقد في أيار/مايو 2025 سيكون فرصة رئيسية للنظر في مستقبل عمليات حفظ السلام والتعهد بالقدرات الحاسمة لكل من نماذج البعثات العملياتية الحالية والمستقبلية المحتملة.

وقال لاكروا كذلك: "إن أجندة المرأة والسلم والأمن تشكل ضرورة سياسية واستراتيجية في كل جهودنا. والاتجاهات العالمية فيما يتصل بحقوق المرأة مقلقة للغاية، ولكن الدعوة والمشاركة في عمليات حفظ السلام لدينا أحدثت فرقا".

وكانت الرسالة الخامسة التي تحدث عنها لاكروا هي أنه حتى مع كل الالتزام السياسي والاستثمارات الضرورية، فإن حفظ السلام له حدوده.

وشدد على أن قمة المستقبل التي تنعقد هذا الشهر ستكون بمثابة فرصة لإعادة تقييم وتأكيد نقاط القوة المتأصلة التي جعلت حفظ السلام ناجحا على مدى ما يقرب من ثمانية عقود.

وختم المسؤول الأممي إحاطته بالقول "كل يوم، ينقذ حفظة السلام التابعون للأمم المتحدة بشجاعة أرواحا لا حصر لها مقابل استثمار صغير نسبيا. لكن بعثاتهم تحتاج إلى الاهتمام والدعم السياسي والموارد التي تستحقها. وهناك عدد قليل من الأدوات الأفضل لتأمين السلام في عصر هش".

تراجع وإحجام

زيد رعد الحسين، رئيس معهد السلام الدولي ومديره التنفيذي تحدث أمام المجلس عما وصفه "تراجع رغبة الدول في استضافة البعثات التي تعتبرها منتهية الصلاحية، وإحجام دول أخرى عن توفير كتلة حرجة من الدعم السياسي لإنهاء الصراعات التي تبدو الآن وكأنها لا تنتهي".

وقال إن هذا يرجع حسب وصفه إلى ضعف إيمان الأمم المتحدة بنفسها وقدرتها على أن تكون منظمة سلام في أصعب الظروف، مضيفا أن استعداد العديد داخل الأمم المتحدة للتنازل في أذهانهم عن المسؤوليات الصعبة المتمثلة في إجراءات الإنفاذ للاتحاد الأفريقي يدل على ذلك أيضا.

ولفت إلى أن بعض العلامات على ذلك كانت موجودة منذ سنوات. واقترح زيد رعد الحسين إجراءين يمكن اتخاذهما أولهما أنه "إذا اخترتَ الأشخاص المناسبين وأدخلتهم في أصعب المواقف، فغالبا وعلى الرغم من كل الصعوبات، تحدث المعجزات الصغيرة وتحدث بسرعة".

وقال إن مجلس الأمن عليه أن يقلق بشكل أقل بشأن البنية الدقيقة للتفويضات المستقبلية، وأن يركز أكثر على التأكد من اختيار الأشخاص المناسبين.

الثقة في الأمين العام

أما الأمر الثاني الذي اقترحه رئيس معهد السلام الدولي أمام مجلس الأمن فهو "العودة للأساسيات".

وقال إنه عندما يكون هناك تهديد ناشئ أو فعلي للسلام والأمن الدوليين، يجب على المجلس أن يفوض الأمين العام للأمم المتحدة دون أي تحديد مسبق على الإطلاق بالذهاب شخصيا إلى قلب النقطة الساخنة وتقييم الموقف قبل تقديم تقرير إلى المجلس مع مجموعة من الاقتراحات.

وأضاف موجها كلامه للمجلس: "يجب أن تسمحوا للعالم بتحديد نوع الجراحة المطلوبة على النحو الذي يفهمه أفضل جراح لديكم. الأمين العام هو الشخص الذي يقود المنظمة. الأمين العام هو الذي لديه الفهم الأكثر اكتمالا لنظام الأمم المتحدة بأكمله. وهو أيضا الذي لديه الرؤية الأكثر وضوحا لرقعة الشطرنج الاستراتيجية".

وشدد على أن المجلس ملزم بالثقة في الأمن العام، وفي حكمه المحايد والجيد، مضيفا "عندما نتحدث عن الأمور المتعلقة بالسلام والأمن، إذا كنتم تعتقدون أن الأمين العام قادر على ذلك، فاحترموا قدراته وفقا لذلك. فوضوه وأرسلوه، واستمعوا إليه ثم تصرفوا مع الأزمة على هذا الأساس".