تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

"بعضهن في سن الثامنة تعرضن للاغتصاب"، مسؤول أممي يصف المعاناة في السودان بين النزوح والمجاعة

قال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، جيمس إلدر إن الأزمة الإنسانية التي يعيشها الأطفال في السودان هي الأكبر من حيث الأرقام ووصفها بأنها "أزمة إهمال". وأضاف أنه من خلال غض الطرف عن السودان وتجاهل المعاناة الهائلة هناك، تواصل الأطراف المتحاربة والمجتمع الدولي سابقة خطيرة من عدم الاكتراث العالمي تجاه الأطفال.

إلدر كان يتحدث عبر الفيديو من السودان، في المؤتمر الصحفي لوكالات الأمم المتحدة في جنيف، حيث قال: "تحدثت بالأمس مع عاملة طبية كبيرة أطلعتني على حجم العنف الجنسي خلال هذه الحرب. وأوضحت أنها كانت على اتصال مباشر بمئات النساء والفتيات، بعضهن في سن الثامنة، اللاتي تعرضن للاغتصاب. واحتُجز العديد منهن لأسابيع متواصلة. كما تحدثت عن العدد المحزن من الأطفال المولودين بعد الاغتصاب، الذين يتم التخلي عنهم".

وقدم المسؤول الأممي صورة أخرى عن فريق كرة قدم محلي من الصبيان كان يلعب في أحد الأماكن الصديقة للأطفال التابعة لليونيسف في ولاية الخرطوم عندما سقطت قذيفة على ملعب كرة القدم، مما أسفر عن مقتل اثنين منهم، بينما أصيب الفريق بأكمله تقريبا.

وقال إلدر: "التقيت بهؤلاء الأطفال، سواء في المستشفى أو في أحد الأماكن الصديقة للأطفال التابعة لليونيسف. إنهم في حالة من الذهول".

الخوف الأكبر

وأفاد المتحدث باسم اليونيسف بأن خمسة ملايين طفل أجبروا على الفرار من منازلهم بمعدل مذهل يبلغ 10,000 فتاة وفتى نازح في كل يوم، مما يجعل السودان أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم، واضطر العديد منهم إلى القيام بذلك عدة مرات.

وأشار إلى الإعلان عن تفشي المجاعة في مخيم زمزم في ولاية شمال دارفور، مشددا على أنه "بدون اتخاذ أي إجراء، قد يموت عشرات الآلاف من الأطفال السودانيين خلال الأشهر المقبلة".

وقال إلدر كذلك: "إن الأمراض هي خوفنا الأكبر. وإذا تفشت الحصبة، أو الإسهال أو التهابات الجهاز التنفسي - مع الأخذ في الاعتبار أنه في ظل الظروف المعيشية الحالية، ومع هطول الأمطار الغزيرة والفيضانات، تنتشر هذه الأمراض مثل النار في الهشيم - فإن التوقعات المفزعة للأطفال في السودان سوف تتفاقم بشكل كبير".

ولفت إلى أن أطفال السودان وعائلاتهم يحتاجون بشكل عاجل إلى وصول إنساني آمن ودون عوائق باستخدام جميع الطرق، عبر خطوط الصراع، واحترام القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، وزيادة هائلة في تمويل المانحين، ووقف فوري لإطلاق النار.

صراع وحشي

وتحدث في المؤتمر كذلك رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان، محمد رفعت الذي قال إن الصراع في السودان "وحشي بشكل مروع"، واتسم بالاستهداف العرقي للمدنيين والمذابح المفزعة.

وأشار إلى أن "الشعب السوداني يواجه أزمة تلو الأخرى، ولا نهاية تلوح في الأفق. كل يوم - ويبدو الأمر وكأنه كل ساعة تقريبا - يزداد الوضع سوءا في السودان".

ونبه إلى أنه في السودان، لا يوجد منتصرون في هذه الحرب، وأنه في كل يوم، يتحمل الشعب السوداني وطأة هذا الصراع، حيث "يتم اقتلاع الأسر من جذورها؛ وتُحطَم مجتمعات بأكملها. وحولت مياه الفيضانات المنازل إلى أنقاض، وحول العنف الأحياء إلى مقابر".

وأفاد رفعت بأن واحدا من كل خمسة أشخاص صار نازحا داخليا، وأن أكثر من نصف هؤلاء من الأطفال.

نازحون يصلون إلى موقع لتجمع النازحين في كسلا، السودان.
© UNHCR/Ayem Alfadil
نازحون يصلون إلى موقع لتجمع النازحين في كسلا، السودان.

جوع ينتشر

وتطرق المسؤول الأممي كذلك إلى الجوع الذي وصل إلى مستويات كارثية، حيث يعيش جميع النازحين تقريبا في جميع أنحاء السودان أي نحو 97 في المائة منهم، في مناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي الحاد أو ما هو أسوأ.

وأفاد بأنه خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، "من المتوقع أن يواجه ما يقدر بنحو 25.6 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الشديد مع انتشار الصراع واستنفاد آليات التكيف".

وقال إن مزيج انعدام الأمن الغذائي والنزوح المستمر، من المرجح أن يؤدي إلى مزيد من التنقل عبر الحدود، مضيفا أن 84 في المائة من اللاجئين السودانيين في تشاد قالوا إن انعدام الأمن الغذائي كان السبب الرئيسي لتنقلهم.

وأشار كذلك إلى تأثير الفيضانات والأمطار الغزيرة التي تسبب المزيد من المعاناة للمجتمعات الضعيفة بالفعل بسبب الصراع المستمر، حيث تأثر أكثر من 73,000 شخص في 11 ولاية من ولايات السودان الـ 18 منذ حزيران/يونيو.

ولفت إلى أن القيود المفروضة على الوصول الإنساني، حدت بشدة من قدرة منظمات الإغاثة على توسيع نطاق عملها وإنقاذ الأرواح، وخاصة خلال موسم الأمطار الحالي.

شعب يستحق السلام

وحذر رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في السودان من أنه "بدون استجابة عالمية فورية وواسعة النطاق ومنسقة، فإننا نخاطر بوقوع عشرات الآلاف من الوفيات التي يمكن منعها في الأشهر المقبلة".

وأشار كذلك إلى أنه "في أسرة المنظمة الدولية للهجرة في السودان، أصبح الحزن رفيقا دائما. كل أسبوع، نحزن على فقدان صديق أو فرد من العائلة، أخذه العنف أو المأساة بعيدا عن أحبائه".

وأثنى على شجاعة شعب السودان التي لا تصدق، "لكنهم يحتاجون إلينا الآن أكثر من أي وقت مضى للوقوف معهم". وقال رفعت: "كل يوم نتأخر فيه، نفقد المزيد من الأرواح، وتتحطم المزيد من الأحلام، ويُسرق المزيد من المستقبل".

وأضاف: "يتعين علينا معا أن نضمن ألا يفقد شعب السودان الأمل، وألا يقف وحيدا في أحلك ساعاته. كفى. يستحق شعب السودان السلام"