Breadcrumb
"سكان غزة حرموا من التفكير فيما يحمله الغد"، مسؤول أممي يصف الوضع بعد 300 يوم من الحرب
قال مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، أندريا دي دومينيكو إن ما شهده خلال الأشهر العشرة الماضية هو "تجريد منهجي من الإنسانية" ضد المدنيين في كل من قطاع غزة الضفة الغربية، فضلا عن الإرهاق الجسدي والنفسي المطلق الذي أصاب سكان غزة بالكامل.
وفي حديثه للصحفيين في نيويورك عبر الفيديو من القدس اليوم الخميس، نبه دي دومينيكو إلى أن "سكان غزة حرموا من مجرد التفكير فيما قد يحمله لهم الغد". وأضاف: "من المدهش كيف يستطيع سكان غزة أن يبتسموا عندما يلتقون بك. كلما ذهبت إلى هناك، ألتقي بهم وأجدهم يبتسمون. ولكن هذه الابتسامة مؤطرة بعيون حزينة".
واستشهد بتصريحات سابقة للأمين العام للأمم المتحدة بأن غزة أصبحت مقبرة للأطفال، قائلا "للأسف كان محقا، فهذا ما أصبح عليه قطاع غزة".
وأكد دي دومينيكو في آخر إفادة صحفية له قبل مغادرة المنطقة بسبب عدم تجديد تأشيرته للبقاء هناك، أنه ينبغي للمجتمع الدولي الإجابة عن سؤال: ما مدى المعاناة الإنسانية التي يمكن تحملها باسم الأمن؟
وقال إن "الأمر الخطير" بالنسبة له ولزملائه ولمنظمات المجتمع المدني والموظفين المحليين الذين كانوا دائما على الخطوط الأمامية، "أننا أصبحنا محصنين ضد الرعب".
وشدد على أنه "لا يجوز لنا أن نسمح بحدوث هذا. ولا أستطيع أن أشرح هذا لأطفالي. ما هي مصداقيتنا كأمم متحدة وكمجتمع دولي عندما نحاول تعزيز القانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان في أماكن أخرى، وفي سياقات أخرى، بعد هذه الصفحة المظلمة التي نشهدها في غزة".
اختراق ستار الضباب
مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة أعرب أيضا عن القلق بشأن الغضب المتزايد ضد إسرائيل، وهو الأمر الذي قد يوقظ القوى المظلمة التي يمكن أن تغذي معاداة السامية. وأكد أن الأمم المتحدة تواصل دعوة جميع القادة للتحدث ضد معاداة السامية والتعصب ضد المسلمين وخطاب الكراهية من جميع الأنواع، والذي لم يسفر إلا عن تعزيز الوصمة والتهميش.
وأكد دي دومينيكو أنه مازال يريد التمسك بـ "بصيص الأمل"، مستشهدا ببرنامج العودة إلى التعلم الذي أطلقته الأونروا اليوم الخميس. وأضاف: "لقد حاولنا وسنستمر في المحاولة لاختراق ستار الضباب الذي خيم على غزة".
ودعا إلى السماح للصحفيين الدوليين بدخول غزة، فضلا عن ممثلي الدول الأعضاء، مضيفا: "عند تنفس الغبار وروائح الظروف المعيشية في غزة، سيدرك العالم ماذا يحدث هناك".
وأكد المسؤول الأممي أنه لا يمكن إقامة سلام دون عدالة، مضيفا: "باسم الإنسانية، نحن بحاجة إلى وقف لإطلاق النار والتوصل إلى سلام دائم ليس لشعبي فلسطين وإسرائيل فحسب، وإنما أيضا لنا ولكم جميعا كبشر".
"وقت محزن"
قال مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة إنه من المصادفة أن يقدم إفادته للصحفيين "في هذا الوقت المحزن للغاية"، حيث يكمل الصراع 300 يوما. وأشار إلى أوامر الإخلاء في غزة التي أدت إلى نزوح المزيد من الناس، وتشمل مناطق أعلنتها إسرائيل بشكل أحادي مناطق إنسانية آمنة.
وذكّر بأن خسائر الحرب في ازدياد حيث قتل أكثر من 39,000 شخص في غزة، وأصيب أكثر من 91,000، فضلا عن نزوح 1.9 مليون شخص - وهو ما يمثل 90 في المائة من سكان القطاع. وأشار أيضا إلى وجود 115 رهينة إسرائيلية في غزة.
وأضاف دي دومينيكو: "في هذه البيئة، نقوم بالكثير. فنحن نوفر للناس المياه والطعام والخيام والملابس والمشاعل والمكملات الغذائية ومبالغ نقدية. ونجهز المستشفيات بأسِرة وأدوية ووجبات غذائية ونسهل الإخلاء الطبي".
لكنه أشار إلى أن تلك الجهود لم تصل إلى المستوى الذي يجب أن تكون عليه فيما يتعلق بمساعدة كل الأشخاص المحتاجين. وتحدث عن القيود المفروضة على دخول الوقود وتوزيعه، مشيرا إلى وجود سيطرة صارمة على طريقة توزيع الوقود.
وقال إن هناك تدخلات تقوم بها السلطات الإسرائيلية فيما يتعلق بالتحكم في المساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة.
الوضع في الضفة الغربية
وتحدث المسؤول الأممي عن الوضع في الضفة الغربية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، حيث تم التحقق من مقتل 572 فلسطينيا منذ ذلك الوقت، بمن فيهم 141 طفلا، ومعظم هؤلاء أصيبوا برصاص القوات الإسرائيلية. وأشار إلى استمرار عمليات الهدم هناك، والتي باتت منتشرة وتؤثر على منازل موجودة في مناطق لم يتم المساس بها لسنوات.
وأفاد بهدم أكثر من 1300 مبنى، 39 في المائة منها كانت مأهولة بالسكان، مما أدى إلى نزوح ما يقرب من 3,000 شخص. وتطرق دي دومينيكو إلى عنصر آخر مثير للقلق وهو عمليات التفتيش والاعتقال التي صارت أكثر تواترا.
وأشار إلى مصدر قلق آخر وهو أن سلوك القوات الإسرائيلية أصبح أكثر عدوانية، حيث "تم إيقافنا بشكل منهجي عند نقاط التفتيش، ويطلبون من الموظفين النزول من السيارة، وإخراج المفاتيح، والتحقق من هوية كل موظف على حدة. ويبدو أن هذا، للأسف، اتجاه متزايد".
ولفت كذلك إلى أنه بعد مرور عشرة أشهر، لا يستطيع معظم موظفي الأمم المتحدة المحليين دخول القدس الشرقية بسبب عدم وجود تصاريح، فضلا عن مساءلة التأشيرات التي باتت مشكلة للمنظمات غير الحكومية الدولية في الضفة الغربية.