تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مخاوف أممية: الأمراض المعدية قد تصبح أكثر فتكا من القنابل في غزة

أعرب الدكتور أياديل ساباربيكوف، رئيس برامج الطوارئ لدى منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة، عن قلقه البالغ إزاء احتمالات تفشي الأمراض المعدية في غزة، بما في ذلك شلل الأطفال.

وفي أعقاب زيارته الأخيرة للقطاع، أكد الدكتور ساباربيكوف أنه من بين سبع عينات بيئية تم جمعها من مياه الصرف الصحي في غزة، تأكد وجود فيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح المنتشر في ست منها. وأشار إلى أن النقص الحالي في المعدات والقدرة المختبرية في غزة حال دون إجراء الاختبارات البشرية، مضيفا أن منظمة الصحة العالمية واليونيسف تخططان لإحضار مجموعات العينات إلى القطاع يوم الخميس لجمع العينات البشرية.

وفي حديثه للصحفيين في جنيف عبر تقنية الفيديو من القدس، قال رئيس برامج الطوارئ إنه في ظل النظام الصحي المعطل، ونقص المياه والصرف الصحي، فضلا عن عدم حصول السكان على الرعاية الصحية الأولية، "قد نواجه وضعا سيئا للغاية في غزة. قد يكون لدينا عدد أكبر من الأشخاص الذين يموتون بسبب أمراض معدية مختلفة مقارنة بحالات مرتبطة بالإصابات".

مياه الصرف الصحي والنفايات تتجمع بالقرب من خيام النازحين في رفح، جنوب قطاع غزة.
© UNICEF/Eyad El Baba
مياه الصرف الصحي والنفايات تتجمع بالقرب من خيام النازحين في رفح، جنوب قطاع غزة.

توصيات يصعب اتباعها

وقال إن منظمة الصحة العالمية وشركاءها عبر شبكة المبادرة العالمية لشلل الأطفال يقومون بإجراء تحقيق وبائي وتقييم للمخاطر، ويأملون في الانتهاء منه بحلول نهاية الأسبوع، وبعد ذلك سيصدرون مجموعة من التوصيات، بما في ذلك الحاجة المحتملة إلى حملة تطعيم جماعية.

وفي هذه الأثناء، تبذل شبكة التواصل بشأن المخاطر والمشاركة المجتمعية التابعة للمنظمة قصارى جهدها لتزويد السكان ببعض المعرفة حول ما يجب القيام به، وفقا للدكتور ساباربيكوف.

 إلا أنه قال: "نظرا للقيود الحالية في مجال المياه والصرف الصحي والنظافة في غزة، سيكون من الصعب جدا على السكان اتباع النصيحة بغسل أيديهم وشرب المياه الصالحة للشرب. فلكم أن تتخيلوا أن بعضهم سيتبع هذه النصيحة. ولسوء الحظ، فإن الأغلبية الذين يعيشون في ملاجئ بها مرحاض واحد لـ 600 شخص، وربما 1.5 إلى 2 لتر من الماء للشخص الواحد، لن يتمكنوا بالتأكيد من اتباع التوصيات التي سنقدمها".

وقال رئيس برامج الطوارئ إنه إذا تقرر إجراء حملة تطعيم واسعة النطاق، فسيكون من مسؤولية "وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق" – وهي الهيئة الإسرائيلية المسؤولة عن تنسيق تدفق المساعدات إلى غزة - تسهيل وصول اللقاحات إلى القطاع. وأضاف أن منظمة الصحة العالمية "تلقت حتى الآن تطمينات بأن ذلك سيتم".

رحلة قاسية إلى غزة

قال الدكتور ساباربيكوف للصحفيين إنه تم تخصيص حافلة واحدة فقط تقل 25 راكبا للعاملين في المجال الإنساني الذين يدخلون غزة أو يغادرونها مرتين في الأسبوع، يومي الثلاثاء والخميس. وقال: "إن ذلك يعيق الجهود الرامية إلى جلب فرق الطوارئ الطبية الإضافية وأطباء وممرضين، الذين تشتد الحاجة إليهم في غزة".

وقال إنه اضطر للسفر من القدس إلى عمّان قبل أن يتمكن من القيام بالرحلة إلى غزة. واستغرقت رحلته من عمان إلى رفح حوالي 12 ساعة، ومن بعدها أربع ساعات أخرى إلى دار الضيافة التابع لمنظمة الصحة العالمية في دير البلح.

من الأرشيف: تجمع من الناس حول مستشفى الشفاء المدمر بمدينة غزة الذي كان أكبر مستشفيات القطاع.
WHO
من الأرشيف: تجمع من الناس حول مستشفى الشفاء المدمر بمدينة غزة الذي كان أكبر مستشفيات القطاع.

دمار النظام الصحي

وبالانتقال إلى الدمار الذي لحق بالنظام الصحي في غزة، قال الدكتور ساباربيكوف إن أقل من نصف مرافق الرعاية الصحية الأولية تعمل، وأن 16 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى في القطاع "يعمل جزئيا"، مما يعني أن تلك المستشفيات لا تقدم سوى الحد الأدنى من خدمات الرعاية الصحية.

وكانت منظمة الصحة العالمية وشركاؤها قد قاموا يوم الاثنين بمهمة إلى مستشفى الشفاء في مدينة غزة، حيث قاموا بإعادة تأهيل قسم العيادات الخارجية، الذي تم تدميره في آذار/مارس، وتحويله إلى قسم للطوارئ.

وفي هذا السياق، قال الدكتور ساباربيكوف: "إن المعدات العاملة الوحيدة التي بقيت للأسف في غزة [في مستشفى الشفاء] هي جهاز أشعة ثابت. ولسوء الحظ، تم تدمير جميع معدات المستشفى الرئيسية الأخرى، مثل آلات التنفس، وآلات التخدير، ومعدات غرفة العمليات، ويجب استبدالها".

وأضاف أن منظمة الصحة العالمية وشركاءها "يعملون على مدار الساعة" للتأكد من إدخال المعدات التي تشتد الحاجة إليها إلى غزة على الرغم من "القيود المفروضة على قائمة الاستخدام المزدوج"، أي المواد المحظور دخولها إلى القطاع لأن السلطات الإسرائيلية ترى أنه يمكن إعادة توظيفها للاستخدام العسكري.

كما سلط الدكتور ساباربيكوف الضوء على محنة المصابين الذين يحتاجون للإجلاء الطبي، فقال إنه منذ إغلاق معبر رفح الحدودي في شهر أيار/مايو، لم يتم إجلاء سوى 16 طفلا مصابا مع 25 مرافقا من غزة إلى مصر، مؤكدا أن هؤلاء سينقلون إلى إسبانيا يوم الخميس.

وأشار إلى أنه منذ إغلاق معبر رفح، وصل تراكم عدد المرضى الذين تمت الموافقة على مغادرتهم إلى 3000 مريض، مضيفا أن ما يصل إلى 14 ألف شخص - بمن فيهم مرضى السرطان - قد يحتاجون إلى طلب العلاج الطبي خارج قطاع غزة. ودعا إلى "التدفق المستمر" للمرضى خارج القطاع للحصول على الرعاية المنقذة للحياة.