Breadcrumb
أمين عام الأمم المتحدة أمام مجلس الأمن: الوضع الإنساني في غزة "وصمة عار أخلاقية علينا جميعا"
حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن نظام الدعم الإنساني في غزة يقترب من "الانهيار التام"، مع تكثيف العمليات العسكرية الإسرائيلية والقتال وتفشي الفوضى في جميع أنحاء القطاع، فيما تزيد احتمالات توسع التداعيات الإقليمية كل يوم نتيجة القصف اليومي المتبادل عبر الحدود مع لبنان.
جاء ذلك في كلمة الأمين العام التي أدلى بها نيابة عنه رئيس ديوانه كورتيناي راتراي، أمام اجتماع عقده مجلس الأمن اليوم الأربعاء حول الوضع في الشرق الأوسط برئاسة وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف. أكد السيد غوتيريش عدم وجود أي شيء يبرر "الأعمال الإرهابية المروعة" التي ارتكبتها حماس والجماعات المسلحة الأخرى في إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر، ولا يبرر "العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني".
وأشار إلى أن ما يقرب من نصف مليون شخص يواجهون مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي الحاد والأمراض المعدية آخذة في الارتفاع، وسط "تحديات شديدة ومخاطر مميتة" يواجهها العاملون الإنسانيون التابعون للأمم المتحدة على الأرض.
وقال السيد راتراي، نيابة عن الأمين العام، إن دخول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع وتسليمها إلى جميع أنحاء غزة، أمر ضروري لبقاء ورفاه المدنيين، وأضاف: "آن الأوان منذ وقت طويل لتوفير بيئة تمكينية آمنة لعمليات إنسانية فعالة في غزة، بما يتماشى مع القانون الدولي الإنساني".
ظروف خطيرة في الضفة الغربية
وبينما تتجه جميع الأنظار نحو غزة، قال الأمين العام على لسان رئيس ديوانه إن الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، تواجه "ظروفا محفوفة بالمخاطر". وأشار إلى أن أكثر من 550 فلسطينيا قتلوا منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر - من بينهم 138 طفلا - معظمهم على يد القوات الإسرائيلية، في حين قتل 22 إسرائيليا، من بينهم تسعة من قوات الأمن الإسرائيلية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن الإجراءات الإسرائيلية تقوض السلطة الفلسطينية، وتشل الاقتصاد الفلسطيني وتؤدي إلى انعدام الاستقرار وتسريع التوسع الاستيطاني بشكل كبير. وقال راتراي: "التطورات الأخيرة تغرز سكينا في قلب أي احتمال للتوصل إلى حل الدولتين. إن جغرافية الضفة الغربية المحتلة تتغير بشكل مطرد من خلال الخطوات الإدارية والقانونية الإسرائيلية".
إحدى هذه الخطوات هي نقل سلطات في الضفة الغربية المحتلة إلى نائب مدني في الإدارة المدنية الإسرائيلية، وهو ما وصفه الأمين العام- في كلمته- بأنه "خطوة أخرى نحو بسط السيادة الإسرائيلية على هذه الأرض المحتلة". وقال: "إذا تركت هذه التدابير دون معالجة، فإنها تهدد بالتسبب في أضرار لا يمكن إصلاحها".
تغيير المسار
وشدد الأمين العام على ضرورة تغيير المسار من خلال الوقف الفوري لكافة الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية ومحاسبة مرتكبي أعمال العنف. وقال إن المستوطنات الإسرائيلية انتهاك صارخ للقانون الدولي وعقبة رئيسية أمام السلام. وأكد على ضرورة أن تضمن إسرائيل سلامة وأمن السكان الفلسطينيين.
وأشار إلى أنه بفضل "الجهود الحثيثة التي تبذلها مصر وقطر والولايات المتحدة"، تستمر المفاوضات لصياغة اتفاق للإفراج عن الرهائن ووقف إطلاق النار وسط تقارير عن بعض التقدم. وقال رئيس ديوان الأمين العام وهو يقرأ كلمته أمام مجلس الأمن: "يجب أن تتوصل الأطراف إلى مثل هذا الاتفاق الآن. إن الوضع الإنساني في غزة وصمة عار أخلاقية علينا جميعا".
ووسط التقارير المستمرة عن انتهاكات خطيرة ضد الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل، أكد السيد غوتيريش مجددا ضرورة معاملة جميع المعتقلين بشكل إنساني، وإطلاق سراح المحتجزين دون سبب قانوني. وشدد على أن هذه "الحرب الرهيبة" يجب أن تنتهي ويجب استعادة الحكم في غزة إلى "حكومة فلسطينية شرعية واحدة".
وقال: "إن دعم السلطة الفلسطينية أمر بالغ الأهمية. ويجب تعزيز مؤسساتها حتى تكون مستعدة للحكم وقيادة جهود الإنعاش وإعادة الإعمار في غزة".
فلسطين
رياض منصور المراقب الدائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة استعرض الإجراءات الإسرائيلية منذ عام 1948، مرورا بعام 1967 وحتى الوقت الحاضر، وقال إن إسرائيل على مر العقود لجأت إلى الوسائل العسكرية للاستجابة للقضية السياسية "واستخدمت العنف ضد أمة بأكملها لتجنب الحل الوحيد الممكن وهو الحرية للشعب الفلسطيني والسلام للجميع".
وذكر أن السبب في سلوك إسرائيل هذا هو مراهنتها على أنها ستفلت دائما من المحاسبة، وأكد ضرورة أن تكون هذه المرة هي الاستثناء.
وتطرق رياض منصور إلى قرار مجلس الأمن رقم 2735 المتعلق بالوقف الفوري لإطلاق النار، وقال إنه لن يعيد الأرواح التي فُقدت أو الأطراف التي بُترت لكنه سينقذ الأرواح ويؤدي إلى الإفراج عن الرهائن ووقف التصعيد.
وأضاف مخاطبا أعضاء مجلس الأمن: "لكن (رئيس الوزراء الإسرائيلي) نتنياهو لا يهتم بأرواح المدنيين الفلسطينيين أو حتى أرواح الرهائن، ولا يهتم بالقانون الدولي أو اللياقة الإنسانية. إنه يهتم فقط ببقائه السياسي. فما الذي ستفعلونه لضمان أنه ليس من يتخذ القرارات؟ ولمنعه من مواصلة شن حرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني؟".
ودعا أعضاء المجلس إلى اتخاذ كل الخطوات الضرورية للوصول إلى هدف تحقيق السلام والازدهار المشتركين.
وأضاف: "ابدأوا اليوم. عززوا الذين يسعون إلى تحقيق السلام بدلا من أن تُسلحوا من يسعون إلى الإبادة. افرضوا العقوبات على من يحتلون بدلا من السماح لهم بمعاقبة من يعارضون اقتلاع المجتمعات وتشريدها. احموا الضحايا بدلا من الجناة. اعترفوا بالدولة الفلسطينية بدلا من أن تشهدوا تدمير حل الدولتين".
ودعا الأعضاء أيضا إلى العمل لتحقيق "الحل المعروف لهذا الصراع السياسي" بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وعدم الانتظار حتى يتحول الصراع إلى حرب دينية لا تنتهي. وأكد أن الشعب الفلسطيني لن يقبل أبدا التخلي عن حقوقه، وأن السلام لن يتحقق على حساب حقوق الفلسطينيين في الحياة والحرية والكرامة.
إسرائيل
السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة جلعاد إردان استهل كلمته بالقول إن غدا يوافق الذكرى الثلاثين "لمهاجمة عملية مشتركة بين إيران وحزب الله مركزا مجتمعيا يهوديا في بوينس أيريس، بالأرجنتين مما أدى إلى مقتل 85 شخصا وإصابة المئات".
وأضاف أن ذلك يجب أن يكون تذكرة بسعي إيران "لقتل اليهود في كل مكان" وبأنها قادرة على العمل على المستوى الدولي لتحقيق ذلك. وقال: "وها نحن اليوم نجتمع لبحث الوضع الأمني في الشرق الأوسط، وبدلا من التركيز على جذر المشكلة، سيركز المجلس على العَرَض وليس السبب".
ووصف إيران بأنها "دولة مارقة وفاشلة، تخذل شعبها منذ عام 1979 عندما أطلقت ثورة لم تؤد سوى إلى الدمار". واتهم إيران بالتورط في جميع الصراعات الكبرى في الشرق الأوسط.
ورفع السفير الإسرائيلي صورة قال إنها لساعة رقمية للعد التنازلي في طهران "تظهر عدد الأيام المتبقية حتى يتم تدمير إسرائيل عام 2040". وقال إن العالم إذا تجاهل هذه الدعوة العلنية لتدمير إسرائيل فقد تكون دوله الأخرى هي التالية.
وطالب باتخاذ إجراءات بهذا الصدد، وشدد على ضرورة عدم عقد أي اجتماعات مع المسؤولين الإيرانيين "حتى يزيلوا هذه الساعة ويتوقفوا عن دعم وتمويل الإرهاب ويتوقفوا عن الدعوة لتدمير بلدي" كما قال السفير الإسرائيلي.
وأضاف أن "جميع الجماعات الإرهابية" التي تستهدف إسرائيل بينها عامل مشترك، وهي أنها "موجهة من طهران". وقال إن إيران هي أكبر تهديد للاستقرار الدولي.
وذكر إردان أن حماس ممولة ومدعومة من إيران، وأن "طموحات الإبادة" من قبل إيران لا تعد فقط عنصرا مفقودا في أي نقاش حول غزة، بل إنها العنصر المحوري لما يحدث هناك. وأضاف: "بدون اتخاذ إجراء ذي مغزى ضد إيران، سيزيد ويتوسع القتل وسفك الدماء". وقال إن الوقت قد حان لأن يعالج مجلس الأمن "هذا السبب الجذري للحرب".
روسيا
قال سيرغي لافروف وزير خارجية روسيا، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن خلال الشهر الحالي، إن منطقة الشرق الأوسط تواجه مخاطر غير مسبوقة لأمن ورفاه وحياة شعوبها. وأكد أهمية إجراء حوار صادق حول وقف سفك الدماء والمعاناة والانتقال إلى تسويات الصراعات القديمة والجديدة. وأشار إلى أن بلاده تحتفظ تاريخيا بعلاقات جيدة مع جميع دول المنطقة.
وقال سيرغي لافروف إن الاتحاد الروسي يؤيد حصول فلسطين على عضوية كاملة بالأمم المتحدة. وشدد على ضرورة الامتثال لجميع قرارات الأمم المتحدة، وأهمية الحوار مع الدول العربية وجيرانها: إيران وتركيا.
وقال المسؤول الروسي إن هذه هي المرة الرابعة خلال 10 أشهر التي يجتمع فيها مجلس الأمن على المستوى الوزاري لبحث المسألة وإن المجلس اعتمد 4 قرارات بهذا الشأن. وأضاف أن استمرار سفك الدماء في الأرض الفلسطينية المحتلة يؤكد أن كل هذه القرارات تظل حبيسة الأوراق.
وأشار إلى إدانة بلاده بشكل لا لبس فيه للهجمات الإرهابية ضد إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023. وأضاف: "لكن ما يحدث الآن في غزة هو عقاب جماعي غير مقبول للسكان المدنيين".
وقال إن العمليات العسكرية واسعة النطاق التي تقوم بها إسرائيل مع حليفتها الولايات المتحدة أدت إلى وقوع الكثير من القتلى والتدمير، مضيفا: "خلال 10 أشهر قُتل نحو 40 ألفا وأصيب 90 ألفا من المدنيين الفلسطينيين- معظمهم من الأطفال والنساء. هذا الرقم يزيد عن ضعف عدد الضحايا المدنيين من الجانبين خلال عشر سنوات من الصراع في جنوب شرق أوكرانيا".
وقال إن الانفجار غير المسبوق للعنف في الشرق الأوسط، ناجم إلى حد كبير عما وصفها بالسياسات الأمريكية الفاشلة في المنطقة. وذكر أن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن "مرة تلو الأخرى لعرقلة" جهود وقف إطلاق النار بشكل دائم.
المزيد عن تفاصيل جلسة مجلس الأمن لاحقا.
يمكنكم متابعة الاجتماع على موقع البث الشبكي للأمم المتحدة مع اختيار الترجمة الفورية إلى اللغة العربية.