Breadcrumb
في مجلس الأمن، نداء من طفل: اتخذوا إجراءات صارمة للحد من الصراعات المسلحة والمخاطر التي تواجه الأطفال
في اجتماع في مجلس الأمن، شارك فيه أكثر من 80 مسؤولا ودبلوماسيا، جلس فتى يبلغ من العمر 16 عاما لينقل للعالم تجربته الشخصية لتكون مثالا حيا لوضع الأطفال أثناء الصراعات المسلحة، متحدثا عن معاناته منذ ولادته وتجنيده واستخدامه في الصراع.
وفي المناقشة المفتوحة التي عقدها المجلس حول أوضاع الأطفال أثناء الصراعات في ضوء التقرير السنوي للأمين العام بهذا الشأن، سلط الفتى جون بيير الضوء على المعاناة التي لازمته منذ ولادته. وتحدث عن التجارب المروعة التي مر بها الأطفال مثل الاختطاف على يد الجماعات المسلحة، والعمل القسري.
جون بيير، الذي لم يُكشف عن اسمه الكامل ولم يظهر وجهه على الشاشة احتراما لخصوصيته باعتباره طفلا، وصف نفسه بأنه مثال على معاناة أطفال الكونغو الديمقراطية حيث قال: "أُجبرت على الانضمام إلى جماعة مسلحة بينما كنت أسير إلى المدرسة".
وناشد توفير دعم دولي لحماية حقوق الأطفال وتوفير التعليم، والتأكيد على الحاجة الملحة للسلام والأمن في مناطق الصراع، وخاصة للأطفال الضعفاء. وأضاف: "حان الوقت لكي يتحد العالم أجمع خلف جمهورية الكونغو الديمقراطية ويتخذ إجراءات أكثر صرامة لوضع حد لجميع الصراعات المسلحة والمخاطر التي تواجه الأطفال، حتى يتمكنوا من التمتع الكامل بحقوقهم، بما فيها التعليم".
وقدم الشاب الكونغولي رسالة قال فيها: "رسالتي هي أن نرى تعزيز الحماية والأمن في كافة المناطق، وخاصة تلك التي تسيطر عليها الجماعات المسلحة، حتى تكون المدارس والمستشفيات آمنة، ووضع حد لاستخدام المدارس والمستشفيات للأغراض العسكرية، وإطلاق سراح جميع الأطفال المجندين لدى الجماعات المسلحة حتى يتمكنوا من التمتع بحقوقهم مرة أخرى".
زيادة الانتهاكات
في اجتماع المجلس، اليوم الخميس، سلط مسؤولان أمميان الضوء على الانتهاكات "البغيضة" التي يتعرض لها الأطفال في النزاعات المسلحة حول العالم، ونادا إلى تعاون وتضامن دوليين لوضع حد لهذه المأساة.
فيرجينيا غامبا الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والصراعات المسلحة استعرضت بالتفصيل تقرير الأمين العام حول الأطفال والصراعات المسلحة، مشيرة إلى أن التقرير يبين مرة أخرى، أن الأطفال ما زالوا يشكلون الضحايا المباشرين وغير المباشرين للنزاعات المسلحة. ونبهت إلى أن تدابير الحماية الخاصة للأطفال لا تُحترم وتتآكل في مختلف أنحاء العالم بنسبة مثيرة للقلق.
وأضافت أن الإحصائيات الواردة في التقرير لا تمثل النطاق الكامل للانتهاكات الجسيمة التي يعاني منها الأطفال في جميع المواقف الواردة في هذا التقرير، نظرا للتحديات الشديدة في الرصد والوصول إلى الأطفال في عام 2023، والموارد القليلة والمتضائلة المتاحة لأنشطة الرصد والإبلاغ.
في 25 دولة ووضعا إقليميا تغطيها ولايتها، تحققت الأمم المتحدة من وقوع 32,990 انتهاكا جسيما مروعا ضد 22,557 طفلا عام 2023. وهذا هو أكبر عدد من الانتهاكات السنوية منذ ما يقرب من عشر سنوات.
وكانت حالات الأطفال والنزاعات المسلحة التي شهدت أكبر عدد من الانتهاكات الجسيمة خلال عام 2023 هي إسرائيل والأرض الفلسطينية المحتلة- بما في ذلك غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية- وجمهورية الكونغو الديمقراطية وميانمار والصومال ونيجيريا والسودان.
وقالت غامبا إن وراء كل حادثة انتهاك لحقوق الأطفال في حالات النزاع المسلح تكمن التجربة البغيضة الفريدة التي يعيشها الطفل. "لا يمكننا أن ننسى هذا".
بصيص أمل
برغم كل ذلك، أكدت المسؤولة الأممية أن التعاون والتضامن والإرادة السياسية للتخفيف من الانتهاكات ضد الأطفال ووقفها وإنهائها ومنعها في نهاية المطاف هو السبيل الوحيد للمضي قدما، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة واصلت مشاركتها البناءة مع أطراف النزاع، مما أدى إلى تقدم في بعض الحالات، بما في ذلك في جمهورية أفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية، والعراق، وموزامبيق، ونيجيريا، والفلبين، والصومال، وسوريا وأوكرانيا واليمن.
معاناة مذهلة
تيد شيبان نائب المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، سلط الضوء على الاتجاهات المثيرة للقلق في تقرير الأطفال والنزاعات المسلحة لعام 2023 المقدم إلى مجلس الأمن. وحث شيبان على وقف إطلاق النار الفوري ووصول المساعدات الإنسانية إلى غزة والسودان، مشددا على الالتزامات الدولية بحماية الأطفال في الصراع.
وقال إن الأطفال في إسرائيل ودولة فلسطين لا يزالون يعانون من معاناة تستعصي على الفهم - وخاصة في قطاع غزة حيث يتصاعد حجم الموت والدمار بشكل مذهل. وفي عام 2023، تم التحقق من مقتل أو تشويه 4,312 طفلا فلسطينيا و70 طفلا إسرائيليا، وهو ما يمثل 37 بالمائة من جميع حالات القتل والتشويه التي تم التحقق منها والمدرجة في التقرير.
وأضاف: "بعد ما يقرب من تسعة أشهر من الصراع المروع، لا تزال اليونيسف والجهات الفاعلة الإنسانية الأخرى تكافح من أجل الوصول إلى الأطفال المحتاجين. ويرجع ذلك إلى أننا لا نزال نواجه عقبات أمام الحركة الآمنة للمساعدات إلى غزة وعبرها، وترتبط هذه العقبات بشكل مباشر بالعدد المتزايد من الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد".
أما بشأن الوضع في السودان، فقال شيبان إن البلاد أصبحت الآن، بعد أكثر من عام من الحرب، موطنا لأكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم، حيث يقدر عدد الأطفال السودانيين النازحين داخليا وعبر الحدود بنحو 4.6 مليون طفل، وزيادة بنسبة 300٪ تقريبا في الانتهاكات الجسيمة.
وأشار إلى تعرض عدد لا يحصى من الأطفال للعنف المروع. وتحققت الأمم المتحدة من مقتل وتشويه 1,244 طفلا على يد أطراف النزاع عام 2023، وتم الإبلاغ عن انتهاكات جسيمة واسعة النطاق حتى الآن في عام 2024.
معاناة لا يمكن التعبير عنها بالأرقام
الأمين العام السابق للأمم المتحدة بان كي مون والذي تحدث في الجلسة بصفته نائبا لرئيسة مجلس الحكماء*، قائلا إن الإحصائيات الواردة في التقرير الحالي للأمين العام تحكي قصص هؤلاء الأطفال.
وأضاف: "ولكنني أعرف من تجربتي الخاصة أن الصدمة التي يعاني منها الأطفال في الصراعات المسلحة لا يمكن التعبير عنها بالأرقام وحدها. عندما كنت صبيا صغيرا خلال الحرب الكورية، واجهت الصدمة والنزوح المؤلمين الناجمين عن الفرار من منزلي أثناء الصراع، حيث كان الموت والدمار من حولي. إن المعاناة الإنسانية التي شهدتها عندما فررت من قريتي المحترقة مع والدي ظلت تطاردني في الأيام والسنوات التالية".
وشدد بان كي مون على أنه لا ينبغي لأي طفل أن "يعاني مثلما عانيت أنا عندما كنت صبيا"، أو عانى منه عدد لا يحصى من الأولاد والبنات اليوم، من غزة إلى أوكرانيا، ومن السودان إلى ميانمار، ومن جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى اليمن، والعديد من الصراعات الأخرى التي لا تحظى باهتمام من صناع القرار أو وسائل الإعلام في العالم.
ودعا بان كي مون جميع الدول الأعضاء، بما فيها الأعضاء الخمسة دائمو العضوية في مجلس الأمن، إلى اغتنام هذه الفرصة لبناء مستقبل أفضل وأكثر أمانا لأطفال العالم. "ويجب وضع حد لإفلات من ينتهك حقوقهم الأساسية من العقاب. "التاريخ سيحكم على جهودكم".
*أسس الزعيم الجنوب أفريقي نيلسون مانديلا مجلس الحكماء عام 2007. ووفق موقعه الرسمي، مجلس الحكماء هو "مجموعة مستقلة من القادة الدوليين الذين يعملون من أجل السلام وحقوق الإنسان والتنمية المستدامة".