Breadcrumb
منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية: 60 عاما من العمل ودور أكثر أهمية من أي وقت مضى
أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن الحق في التنمية مرتبط ارتباطا وثيقا بالتجارة التي يحق لأفقر بلدان العالم أن تسعى إلى تحقيقها بشروط أكثر عدالة، منبها إلى أن هذه البلدان التي أصبحت الآن "غارقة في الديون" دون أي خطأ من جانبها.
وفي كلمة ألقاها بمناسبة مرور 60 عاما على إنشاء منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية - التي كانت تعرف سابقا باسم مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)- سلط الأمين العام الضوء على التحديات المتعددة التي تقف في طريق اقتصاد عالمي أكثر استدامة وشاملا للجميع.
متحدثا في منتدى قادة التجارة والتنمية التابع للأمم المتحدة، في جنيف، اليوم الأربعاء، قال الأمين العام "إن الصراعات الجديدة والممتدة لها تأثير مضاعف عبر الاقتصاد العالمي. فقد ارتفعت الديون العالمية بينما تراجعت مؤشرات التنمية الرئيسية، بما فيها الفقر والجوع".
كشف عيوب النظام العالمي
و كرر السيد غوتيريش تحذيراته السابقة من أن البنية المالية الدولية في العالم أصبحت "قديمة وغير فعالة وغير عادلة"، مشيرا إلى أن البنية المالية الدولية فشلت في توفير شبكة أمان للدول النامية الغارقة في الديون، مشيرا إلى أن النظام التجاري الدولي يواجه ضغوطا "من جميع الجهات"، إلى الحد الذي أصبح فيه الآن "يتأرجح على حافة التفكك".
وفي ظل هذه الخلفية المثيرة للقلق البالغ، وفي خضم التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، وتزايد التفاوت وارتفاع الديون، أكد غوتيريش أن دور وكالة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية، ومقرها جنيف، بات "أكثر أهمية من أي وقت مضى" في العمل من أجل اقتصاد عالمي أكثر استدامة وشمولا، من خلال التجارة والاستثمار.
وقال الأمين العام إن الوكالة الأممية لا يمكن أن تكون محايدة بشأن مشاكل التنمية - "تماما مثلما لا يمكن لمنظمة الصحة العالمية أن تكون محايدة بشأن الملاريا"، في إشارة إلى الكلمات الشهيرة لراؤول بريبيش، أول أمين عام للأونكتاد.
وأضاف أن التجارة أصبحت سلاحا ذا حدين: "مصدر للازدهار وعدم المساواة؛ الترابط والاعتماد؛ والابتكار الاقتصادي والتدهور البيئي". وحث على المزيد من الحوار بين الدول في مواجهة تضاعف الحواجز التجارية بمعدل ثلاث مرات تقريبا منذ عام 2019، "والتي يرجع الكثير منها إلى التنافس الجيوسياسي، دون الاهتمام بتأثيرها على البلدان النامية"، وفقا للأمين العام.
وقال غوتيريش إن العالم لا يمكنه أن يتحمل الانقسامات إلى كتل متنافسة، مؤكدا الحاجة إلى سوق عالمية واحدة واقتصاد عالمي واحد، حيث لا يوجد مكان للفقر والجوع، بهدف تنفيذ أهداف التنمية المستدامة وضمان تحقيق السلام والأمن.
الذكاء الاصطناعي: أكبر ثورة منذ اختراع الإنترنت
من ناحية أخرى، وصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش الذكاء الاصطناعي بأنه "أكبر ثورة منذ اختراع الإنترنت - وربما أكبر من ذلك". جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في مجلس الاتحاد الدولي للاتصالات في جنيف، اليوم الأربعاء، مشيرا إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في دفع التنمية المستدامة، وتعزيز العدالة الاجتماعية، وتحويل حياتنا إلى الأفضل.
ووصف منصة الذكاء الاصطناعي من أجل الخير التابعة للاتحاد الدولي للاتصالات بأنها مثال رائع لكيفية دفع تبادل أفضل الممارسات عبر الحدود والقطاعات إلى تغيير ذي معنى.
وقال الأمين العام إن القمة العالمية للذكاء الاصطناعي من أجل الخير - التي عقدت الشهر الماضي - والتي شهدت تقديم أكثر من 400 مشروع من قبل 47 وكالة أممية - سلطت الضوء على الكيفية التي يمكن بها للذكاء الاصطناعي أن يعزز العمل المناخي، الصحة، التعلم مدى الحياة، الاستجابة للكوارث، والعديد من المجالات الأخرى - وخاصة في البلدان النامية.
ولكن مع ذلك، يفرض الذكاء الاصطناعي أيضا مخاطر شديدة - وحتى وجودية - تتراوح من ترسيخ التحيزات إلى تقويض الثقة والتماسك الاجتماعي، وتعطيل أسواق العمل، وتهديد الخصوصية وحقوق الإنسان وحتى تعريض السلام والأمن الدوليين للخطر، وفقا للأمين العام.
وقال غوتيرش إن أدوات الذكاء الاصطناعي يتم نشرها اليوم مع القليل من حواجز الأمان والحذر، مشيرا إلى أن وتيرة الابتكار تتجاوز القدرة على تنظيمه، مؤكدا على ضرورة أن نوحد قوانا لضمان عدم تمكين الذكاء الاصطناعي من تعزيز التفاوت، مضيفا بالقول: "يتطلب مثل هذا التحدي الفريد حلولا فريدة".
أربعة مجالات للعمل
وقال أنطونيو غوتيريش إن الهيئة الاستشارية رفيعة المستوى بشأن الذكاء الاصطناعي التي أنشأها العام الماضي حددت أولويات واضحة للعمل:
أولا، إنشاء لجنة علمية دولية بشأن الذكاء الاصطناعي يمكنها تقديم المشورة العلمية المنتظمة والمستقلة.
ثانيا، الحاجة إلى حوارات سياسية منتظمة - تربط المبادرات العامة والخاصة القائمة على كل المستويات - حتى نتمكن من البناء على مبادرات الحوكمة الناجحة وتنسيق الجهود القائمة بشكل أفضل.
ثالثا، ضرورة توحيد المعايير لكل من الهيئات التنظيمية وصناعة الذكاء الاصطناعي، منبها إلى أن الانقسام من شأنه أن يلحق الضرر بشكل خاص بالدول النامية والشركات الصغيرة.
رابعا وأخيرا، تحتاج البلدان النامية إلى المساعدة التقنية والاستثمارات - في البيانات، وقوة الحوسبة، والمواهب - للمشاركة الكاملة في ثورة الذكاء الاصطناعي والاستفادة منها.
مكتب أممي معني بالذكاء الاصطناعي
وقال الأمين العام إن عمل الاتحاد الدولي للاتصالات لبناء القدرات في البلدان النامية - كما أظهرته مبادرة الذكاء الاصطناعي من أجل التأثير الجيد - هو جزء مهم من جهودنا لمنع انقسام جديد في مجال الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يؤدي فقط إلى تفاقم التفاوتات القائمة.
ورحب باقتراح الهيئة الاستشارية بإنشاء مكتب للأمم المتحدة معني بالذكاء الاصطناعي والذي من شأنه أن يعمل بشكل طبيعي بالتعاون الوثيق مع الاتحاد الدولي للاتصالات في جهوده لتعزيز نهج عالمي منسق ومتماسك ومتكامل للجميع.