Breadcrumb
الأمم المتحدة: هناك ما يبعث على الأمل في اليمن ويجب حماية التحسن الهش للوضع الإنساني
قالت السيدة نجوى مكي المسؤولة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إن الوضع الإنساني في اليمن شهد "تحسنا هشا" على مدى العامين الماضيين بفعل الهدنة المستمرة إلى حد كبير بشكل غير رسمي منذ تبنيها عام 2022.
وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة اليوم الجمعة، أكدت السيدة مكي رئيسة فرع الاتصالات الاستراتيجية بالمكتب الأممي أن هذا التحسن ترجم على أرض الواقع من خلال زيادة قدرة المنظمات الإنسانية على الوصول إلى الناس في كافة المناطق اليمنية، على الرغم من المخاطر المستمرة التي تواجهها.
وقالت مكي إنها رأت خلال زيارتها مؤخرا إلى اليمن مبادرات محلية "تبعث على الأمل"، يقوم بها اليمنيون أنفسهم بهدف إنهاء الفقر ودعم التنمية.
في البداية سألناها عن المعلومات التي وردت اليوم حول احتجاز سطات الأمر الواقع للحوثيين عددا من موظفي الأمم المتحدة في اليمن.
نجوى مكي: كل ما يمكنني أن أقوله الآن هو أننا طبعا قلقون للغاية بشأن هذه التطورات وندعو إلى إطلاق سراح زملائنا بطريقة عاجلة وبطريقة آمنة وبدون شروط.
أخبار الأمم المتحدة: لقد عدت للتو من اليمن. أخبرينا عما رأيتيه على الأرض هناك وما الغرض من زيارتك؟
نجوى مكي: الغرض من زيارتي كان الاطلاع على آخر التطورات الإنسانية في اليمن، والنظر في كيفية تسليط الضوء مجددا على الوضع هناك. في وقت ما كان اليمن من أكبر الأزمات الإنسانية التي تشغل الأمم المتحدة. الوضع الإنساني لا يزال متدهورا. هناك بعض التحسن، ولكن لا بد من مواصلة تسليط الضوء على معاناة الأسر والمجتمعات المحلية والأطفال في اليمن. ما لاحظته هو أن هناك تحسنا هشا بفضل الهدنة التي تتواصل رغم أنها انتهت رسميا. لا بد من دعم هذا التحسن الهش وتعزيز التحسنات والتطورات التي نشهدها في اليمن خلال السنتين الماضيتين.
أخبار الأمم المتحدة: هناك خطر الآن على هذه الهدنة غير الرسمية الهشة بسبب بعض التطورات في المنطقة وفي اليمن. كيف أثر ذلك على الظروف المعيشية للناس؟
نجوى مكي: بناء على ما رواه الزملاء والمجتمعات المحلية التي حصل لي الشرف أن اجتمعت بها في اليمن، الواضح هو أن هناك كما ذكرت تحسنا هشا. نلاحظ أن عدد الوفيات الناتجة عن النزاع، على سبيل المثال، قد انخفضت. تستطيع الأمم المتحدة أن تتنقل بشكل أفضل في كل محافظات اليمن، ولكن لا زال هناك العديد من المخاطر لأن اليمن يعيش مخلفات عشر سنوات من الحرب، وأزمة اقتصادية قوية ومستمرة، سنوات وسنوات من سوء التنمية.
الحاجة إلى التعليم لا تزال متواصلة بالنسبة للأطفال. هناك 4.5 مليون طفل لا يذهبون إلى المدارس حاليا. سوء التغذية متواصل ويشكل أزمة مستدامة في اليمن لم تتحسن. 17.6 مليون شخص في اليمن يعانون من سوء التغذية، من بينهم خمسة ملايين طفل يعانون من سوء التغذية الحاد. من أهم المخاطر التي يواجهها اليمنيون حاليا هي الألغام ومخلفات الحروب غير المنفجرة. إذا هناك تحسن في الوضع الإنساني بفضل عودة القطاع الخاص مثلا، ولكن لا يمكن أن ننسى أن هناك احتياجات، وأن هذه الاحتياجات لا بد من أن تعالج.
أخبار الأمم المتحدة: هل أثرت الهجمات التي تقوم بها جماعة أنصار الله في البحر الأحمر والضربات الأمريكية والبريطانية على مناطق سيطرتهم على العملية الإنسانية في البلاد؟
نجوى مكي: ما نلحظه هو أنه بفضل الهدنة المستمرة، هناك قدرة أكبر لدى الأمم المتحدة على الوصول إلى مناطق قد تكون في وقت ما غير آمنة. لذا، داخليا، من وجهة نظر قدرتنا على التحرك داخل اليمن- طبعا نحن نواجه أحيانا تهديدات- ولكننا نأخذ التدابير الأمنية اللازمة لكي نقوم بتنسيق العملية الإنسانية بالنسبة لنا في الأوتشا وبالنسبة للمنظمات الإنسانية بصفة عامة لتوفير المساعدات الإنسانية.
هدفنا الأول والأخير هو الوصول إلى المجتمعات المتضررة، ومدها بالمساعدات الإنسانية اللازمة، والعمل من أجل توفير مجتمع آمن بالنسبة للأطفال والأمهات والأسر والفئات الضعيفة داخل اليمن.
أخبار الأمم المتحدة: مع تحول الأنظار إلى أزمات أخرى، طبعا تمويل العملية الإنسانية في اليمن يواجه صعوبات كبيرة. كيف يبدو الوضع التمويلي؟
نجوى مكي: للأسف تمويل العمليات الإنسانية في اليمن وفي مختلف الدول التي تنشط فيها المنظمات الإنسانية منخفض بصفة تبعث على القلق. فنسبة تمويل النداءات الإنسانية عالميا لا تتجاوز حاليا 17 بالمائة، ونحن كما تعلمون في الشهر السادس من العام.
لذا لن نتمكن من توفير الاحتياجات التي يتطلبها الأشخاص المستضعفون في اليمن في مختلف المناطق التي نعمل فيها. لذلك هناك نداء عاجل للمانحين لكي يقوموا بتمويل البرامج الإنسانية في اليمن وطبعا في غيره من الدول.
أخبار الأمم المتحدة: أريد أن أعود قليلا إلى زيارتك. من خلال حديثك مع الناس، ماذا سمعت منهم على الأرض؟
نجوى مكي: أعتقد أن هناك ما يبعث على الأمل فيما رأيته في اليمن. على سبيل المثال، خلال زيارتي لصنعاء قمت بزيارة مركز النماء، وهي منظمة يمنية تقوم بمساعدة الشباب والأمهات اليمنيين لكي تمكنهم من الشروع في مشاريع صغيرة من خلال التمويل والتدريب. تقوم المنظمة بتنظيم دورات تكوينية لتمكين الشباب المتخرجين حديثا من الجامعات العاطلين عن العمل لبعث مشاريع صغيرة أو تحسين قدرتهم على البحث عن العمل.
ما يبعث على الأمل في هذه الزيارة أن هناك إمكانية للمجهود اليمني لمساعدة اليمنيين، وهذا هو هدفنا كعاملين في المجال الإنساني. نحن نريد أن تتوفر الإمكانيات للمجهود الوطني لمساعدة المجتمعات الوطنية، وهذا يذكرنا أيضا بأهمية العمل التنموي.
المنظمات الإنسانية هدفها طبعا إنقاذ الحياة والتدخل السريع للقيام بتوفير ما يحتاج إليه كل فرد - كل أم و طفل وأسرة – بشكل عاجل، بما في ذلك المياه والتعليم والتغذية. ولكن هدفنا هو أن تتوفر المساعدة على المدى الأطول لكي يتمكن المجتمع اليمني من مساعدة أفراده. وهذه هي الطريقة المستدامة لإنهاء الفقر والاستغناء على المساعدات الإنسانية.
أخبار الأمم المتحدة: انطلاقا من هذا الأمل الذي عبرت عنه، قال السيد مارتن غريفيثس قبل أيام خلال مؤتمر صحفي في نيويورك إن البشرية "تفشل في إنهاء الحروب"، رغم تعبيره كما تفضلت عن بعض الأمل بشأن اليمن. هل تعتقدين أننا سنتمكن من كسب معركة إنهاء هذه الحرب؟
نجوى مكي: لا يوجد هناك خيار آخر. الخيار الوحيد هو الأمل. الخيار الوحيد هو أن نقوم بفعل كل ما نستطيع القيام به. وهذه مسؤولية لا تقع فقط على عاتق العاملين في المجال الإنساني، هي مسؤولية مشتركة. لا خيار لنا سوى أن نقوم بكل ما نستطيع فعله لإنهاء الحروب.