Breadcrumb
الأمم المتحدة تكرم أصحاب القبعات الزرقاء: نموذج حي لتعددية الأطراف
احيت الأمم المتحدة، اليوم الخميس، اليوم الدولي لحفظة السلام حيث عُقدت فعاليتان في مقر الأمم المتحدة في نيويورك جرى خلالهما تسليط الضوء على الدور الحيوي الذي يؤديه الآلاف من حفظة السلام المنتشرين حول العالم، كما تم تكريم من جادوا بأرواحهم حفاظا على السلام.
في الفعالية الأولى وضع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إكليلا من الزهور على نصب تذكاري تكريما لأرواح أكثر من 4,300 شخص من حفظة السلام العسكريين والشرطيين والمدنيين الذين لقوا حتفهم أثناء تأدية واجبهم منذ أن نشرت الأمم المتحدة أول بعثاتها عام 1948.
76 عاما من الخدمة والتضحية
على مدى 76 عاما، عمل حفظة السلام التابعون للأمم المتحدة على إنقاذ الأرواح وتغيير حياة الناس الذين يعيشون في الأوضاع السياسية والأمنية الأكثر هشاشة في العالم. منذ عام 1948، ساعد أكثر من مليوني فرد من الأفراد النظاميين والمدنيين البلدان على الانتقال من الحرب إلى السلام. واليوم، ينتشر أكثر من 76 ألف رجل وامرأة من 121 دولة في 11 عملية أممية لحفظ السلام.
ويأتي احتفال هذا العام تحت شعار: "مستعدون للمستقبل، نبني معا بشكل أفضل"، وهو يسلط الضوء على المساهمات القيمة التي قدمتها قوات حفظ السلام العسكرية والشرطية والمدنية على مدى العقود السبعة الماضية، ويجسد روح التقدم والعمل الجماعي نحو خلق عالم أكثر مساواة وعدالة واستدامة.
وفي الفعالية الثانية، قدم الأمين العام أيضا "ميدالية داغ همرشولد" تكريما لذكرى 61 امرأة ورجلا، من 33 دولة، من حفظة السلام، ممن جادوا بحياتهم، خلال العام الماضي، أثناء تأدية واجبهم في بعثات حفظ السلام بمختلف أنحاء العالم.
كما سلّم الأمين العام الرائدة راديكا سين، من الهند، جائزة الأمم المتحدة المرموقة لمناصرة النوع الاجتماعي في صفوف العسكريين لعام 2023.
مختلفون في وجهاتهم ولكنهم متحدون في هدفهم
وقبل البدء في كلمته في الفعالية، طلب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من الحضور الوقوف دقيقة صمت، تكريما لحفظة السلام الذين ضحوا بحياتهم من أجل قضية السلام. وقدم عميق تعاطفه مع عائلات وأصدقاء الضحايا من حفظة السلام. وأكد قائلا: "لن ننساهم ابدا".
وقال إن ذكرى من سقطوا من أصحاب القبعات الزرقاء تذكرنا بالتكلفة الإنسانية المأساوية للصراع، وتؤكد كل خسارة في الأرواح على الحاجة الملحة لمنع العنف، وحماية الفئات الأكثر ضعفا، وعدم ادخار أي جهد لإنهاء هذه الصراعات المميتة. وأوضح أن أصحاب القبعات الزرقاء يأتون من جميع أنحاء العالم لكنهم متحدون في مهمتهم من أجل السلام، ويقومون بعملهم الأساسي في بعض أخطر الأماكن في العالم.
وقال الأمين العام إن حفظة السلام هم نموذج فعلي لتعددية الأطراف "لقد أظهروا لنا كيف يبدو السلام من خلال حماية الفئات الأكثر ضعفا. والحفاظ على اتفاقات وقف إطلاق النار الهشة. ونزع فتيل الصراعات المحلية. وإزالة الألغام الأرضية والمتفجرات من مخلفات الحرب. وتعزيز المؤسسات المحلية والأنظمة الديمقراطية التي يعتمد عليها السلام والتنمية".
الإصغاء لأصوات النساء ودعمهن وحمايتهن
منذ ما يقرب من 25 عاما، اعتمد مجلس الأمن القرار التاريخي رقم 1325 بشأن المرأة والسلام والأمن. وأكد القرار من جديد الدور الحيوي للمرأة في منع الصراعات وحلها. وأقر بأن المشاركة الكاملة والمتساوية للمرأة وإشراكها أمر ضروري للسلام.
ومنذ ذلك الحين، قال الأمين العام إن قوات حفظ السلام الأممية بذلت جهودا حثيثة لتحقيق هذا الالتزام، وحققت تقدما لضمان سماع صوت النساء اللاتي يعشن في مناطق النزاع ودعمهن وحمايتهن وتمكينهن.
وفي هذا الصدد، هنأ الأمين العام الرائدة راديكا سين على فوزها بجائزة مناصرة النوع الاجتماعي، مشيدا بعملها في بيئة صراع متصاعدة في شمال كيفو (جمهورية الكونغو الديمقراطية)، حيث شاركت قواتها بنشاط مع المجتمعات المتضررة من النزاع، بما في ذلك النساء والفتيات بشكل خاص.
وأضاف: "الرائدة سين هي قائدة حقيقية ونموذج يحتذى به. تمثل خدمتها فخرا حقيقيا للأمم المتحدة بأسرها. أشكرها وأشكر جميع حفظة السلام على خدمتهم وقيادتهم والتزامهم بأجندة المرأة والسلام والأمن".
منظور النوع الاجتماعي في عمليات حفظ السلام
عملت الرائدة راديكا سين في جمهورية الكونغو الديمقراطية في الفترة من آذار/مارس 2023 حتى نيسان/أبريل 2024، حيث قامت بتعزيز أصوات النساء، وخلقت مساحات آمنة للرجال والنساء للعمل معا، وعززت عمليات حفظ السلام التي تراعي الفوارق بين الجنسانية. وهي ثاني جندية حفظ سلام هندية تحصل على هذه الجائزة. وفي الفعالية جرى عرض فيلم قصير عن عملها في الميدان.
متحدثة في الفعالية، قالت الرائدة سين: "هذه الجائزة خاصة بالنسبة لي لأنها تعترف بالعمل الشاق الذي يؤديه جميع حفظة السلام الذين يعملون في بيئة مليئة بالتحديات".
وأضافت أنه من خلال عملها أتيحت لها فرصة الانخراط والتفاعل مع المجتمعات المحلية حول موضوعات تتراوح بين المرأة والصحة والتعليم ورعاية الأطفال والمساواة بين الجنسين وتوظيف المرأة ومكافحة العنف الجنسي في الصراع، إلى جانب برامج تنمية المهارات المختلفة لتعزيز الاعتماد على الذات.
وأكدت أن منظور النوع الاجتماعي في عمليات السلام الأممية أمر ضروري لعملية سلام فعالة وشاملة ومستدامة، مشيرة إلى أن النساء والفتيات يتأثرن بشكل غير متناسب بالصراع، ويواجهن مخاطر وانتهاكات متزايدة.
من لبنان إلى جنوب السودان حفظة السلام يحدثون الفرق
من جانبه، قال وكيل الأمين العام لعمليات السلام جان بيير لاكروا إن قوات حفظ السلام تحدث فرقا ملموسا في حياة ملايين الأشخاص حول العالم.
وأضاف: "في جنوب لبنان يلعب حفظة السلام دورا حاسما بين قوات الجيش الإسرائيلي والقوات المسلحة اللبنانية للمساعدة في منع تصاعد التوترات الخطيرة الحالية بشكل أكبر. ويحمون مئات الآلاف من المدنيين في جمهورية أفريقيا الوسطى وجنوب السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية. واليوم، نحيي أكثر من 4,300 رجل وامرأة فقدوا أرواحهم أثناء الخدمة تحت راية الأمم المتحدة منذ عام 1948".