Breadcrumb
الأمم المتحدة تؤكد ضرورة تحمل أطراف الصراعات المسؤولية والمساءلة عن منع وصول الإغاثة للأطفال
عقد مجلس الأمن الدولي اجتماعا حول الأطفال والنزاعات المسلحة تحمل عنوان "معالجة عواقب حرمان الأطفال من وصول المساعدات الإنسانية". ستمع الأعضاء خلاله إلى إحاطتين من الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، ونائب المديرة التنفيذية لليونيسف للعمل الإنساني وعمليات الإمدادات.
قال تيد شيبان نائب المديرة التنفيذية لليونيسيف، إن منع وصول المساعدات الإنسانية هو "انتهاك خطير ومنتشر ومتعدد الأوجه ومعقد بشكل خاص"، مشيرا إلى أنه ومنذ إنشاء آلية المراقبة بهذا الشأن تم التحقق من قبل الأمم المتحدة من نحو 23 ألف انتهاك من هذا القبيل، ومنها 15 ألفا في السنوات الخمس الماضية وحدها.
وقال: "إن عدم الوصول إلى الخدمات الإنسانية يخلق المزيد من نقاط الضعف ويزيد من انتهاكات حقوق الطفل الأخرى. الأطفال هم أول من يعاني وهم الذين سيتحملون العواقب الإنسانية الأطول أمدا".
وأشار السيد شيبان إلى التدهور المذهل في حالة أطفال غزة، والذي شاهده بنفسه مؤخراً خلال زيارته للقطاع. وقال إن الدمار واسع النطاق الذي لحق بالبنية التحتية اللوجستية، وشبه الحصار المفروض على شمال غزة، والرفض المتكرر أو التأخير في السماح بوصول القوافل الإنسانية، ونقص الوقود، وانقطاع التيار الكهربائي والاتصالات السلكية واللاسلكية، لها آثار مدمرة على الأطفال.
هذا بالإضافة إلى الهجمات على "العاملين في المجال الإنساني الذين يحاولون إطعام الجائعين" التي أثرت أيضاً بشكل خطير على وصول المساعدات الإنسانية، فيما شهدت الأمم المتحدة أعلى عدد من القتلى من موظفيها في تاريخ المنظمة.
كما تطرق نائب مديرة اليونيسف إلى المعاناة التي يعيشها أطفال السودان، والتي تفاقمت بشكل كبير بسبب "العنف والتجاهل الصارخ للإذن بإيصال المساعدات الإنسانية الضرورية لحمايتهم". وقال إن البلاد تواجه "أسوأ أزمة نزوح للأطفال في العالم" ومستويات قياسية من حالات سوء التغذية الحاد الوخيم، ومع ذلك فإن انعدام الأمن يمنع المرضى والعاملين الصحيين من الوصول إلى المستشفيات والمرافق الصحية الأخرى.
وشدد السيد شيبان على أن الأطراف تتحمل "مسؤولية قانونية وأخلاقية" لضمان حصول الأطفال على الخدمات الإنسانية. ودعا مجلس الأمن إلى تعزيز الصلاحيات المصممة لحماية وصول العاملين في المجال الإنساني وقدرتهم على التعامل مع جميع الجماعات المسلحة دون خوف من العواقب.
كما طلب من المجلس استخدام نفوذه للضغط على الجهات الفاعلة المسلحة الحكومية منها وغير الحكومية "لكبح وإنهاء منع وصول المساعدات الإنسانية إلى الأطفال، وحماية الجهات الفاعلة الإنسانية، والسماح للمنظمات الإنسانية بالوصول بأمان وفي الوقت المناسب إلى من هم في أمس الحاجة إليها، عبر الخطوط الأمامية وعبر الحدود".
الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح، فيرجينيا غامبا قالت إن جميع الأطراف يجب أن تتحمل المسؤولية والمساءلة عند منع الأطفال من الحصول على المساعدة المنقذة للحياة، مما يهدد وجودهم ويؤثر سلبا على نموهم وتطورهم.
وقالت غامبا إنه بينما أدان مجلس الأمن في السابق وأعلن منذ عام 2004 أن منع وصول المساعدات الإنسانية إلى الأطفال هو أحد الانتهاكات الجسيمة الستة التي يعاني منها الأطفال في أوقات الحرب، "فإن أطراف النزاع تواصل إعاقة تسهيل الإغاثة الإنسانية للأطفال المحتاجين، وتقارير الأمم المتحدة عن هذا الانتهاك تعكس ذلك باستمرار".
وفيما لا تغطي إحاطة المسؤولة الأممية الأحداث التي وقعت منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، أكدت أن البيانات التي تم جمعها للتقرير القادم لعام 2024 عن الأطفال والنزاع المسلح، "تظهر أننا نسير باتجاه أن نشهد زيادة مروعة في حوادث منع وصول المساعدات الإنسانية على مستوى العالم، وأن التجاهل الصارخ للقانون الدولي الإنساني مستمر في التزايد".
وأشارت إلى تقرير العام الماضي الذي رصد أعلى الأرقام للانتهاكات عام 2022 في الأرض الفلسطينية المحتلة، واليمن، وأفغانستان، ومالي. ونبهت إلى أنه من المتوقع أن يتفاقم الوضع بمرور الوقت بسبب اعتماد قوانين ومراسيم ولوائح إدارية مقيدة، وزيادة الرقابة على العمل الإنساني والعاملين فيه.
وأشارت إلى أن بعض الحالات تنطوي على مستويات عالية من العوائق التعسفية والحرمان التام من وصول المساعدات الإنسانية إلى الأطفال، بما في ذلك في حالات مثل الأرض الفلسطينية المحتلة، وهايتي على سبيل المثال لا الحصر.
آثار طويلة الأمد
وأفادت الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح بأن حالات الحرمان من وصول المساعدات الإنسانية تتصل بتقييد الأنشطة والتحركات الإنسانية، والتدخل في العمليات الإنسانية والتمييز ضد متلقي المساعدات، والهجمات المباشرة والعشوائية على البنية التحتية المدنية، والتضليل والاحتجاز والعنف ضد العاملين في المجال الإنساني وقتلهم، والنهب.
وأشارت إلى أن حوادث هذا الانتهاك لا تقتصر على ساحات القتال الريفية والحضرية، ولكنها تحدث أيضا في مخيمات النازحين غير الآمنة وفي الحالات التي يُحرم فيها الأطفال من الحرية.
وقالت غامبا "إن الحرمان من وصول المساعدات الإنسانية له آثار طويلة الأمد على رفاه الأطفال ونموهم وقد يؤدي إلى انتهاك حقوقهم الإنسانية الأساسية، بما في ذلك الحق في الحياة والتعليم وأعلى مستوى يمكن بلوغه من الصحة. كما أنه غالبا ما يحرم الأطفال من الوصول إلى الأماكن الآمنة كما هو الحال في السودان ومنطقة الساحل (في أفريقيا)".
وأوضحت أنه في بعض الحالات، يتم الحرمان من وصول المساعدات الإنسانية عبر احتجاز الجماعات المسلحة أو المنظمات الإجرامية القوافل، مما يؤدي إلى تأخير تقديم المساعدة للأطفال.
القيود على الفتيات
وتطرقت المسؤولة الأممية إلى أن تجربة الحرمان من وصول المساعدات الإنسانية هي بطبيعتها جنسانية لأن التعرض لها يختلف بين الأولاد والبنات.
وقالت إنه "على سبيل المثال، تشكل القيود المفروضة على حركة الفتيات تحديا أمام حصولهن على المساعدات في المناطق التي يمكن توزيعها فيها، بما في ذلك مخيمات النازحين داخليا، في حين يمكن أن يُنظر إلى الأولاد المراهقين على أنهم مرتبطون بطرف معارض، وبالتالي يُحرمون من هذا الوصول".
وأشارت كذلك إلى الحظر أو القيود المفروضة على الموظفات في المجال الإنساني في العديد من الحالات بما في ذلك أفغانستان واليمن قائلة إن لهذا عواقب فورية تهدد الحياة، وتمنع تقييم الاحتياجات وتقديم المساعدة للنساء والأطفال، وتلحق ضررا شديدا بجودة وفعالية العمل الإنساني.
وأوضحت أيضا أن "الحرمان من وصول المساعدات الإنسانية يكتسب أبعادا كارثية بين الأطفال الأضعف، أي الأطفال ذوي الإعاقة".
أداة لتحسين الرصد والإبلاغ
ودعت الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاع المسلح جميع الأطراف إلى السماح وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وفي الوقت المناسب ودون عوائق، وكذلك وصول الأطفال إلى الخدمات والمساعدة والحماية، وضمان سلامة وأمن العاملين في المجال الإنساني والأصول.
وقالت إنه يجب حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والعاملين فيها، وفقا للقانون الدولي الإنساني. وأضافت غامبا "أحث الأطراف على الامتناع عن الاستخدام العسكري للمدارس والمستشفيات".
وتطرقت إلى الطلب الذي تقدم به أعضاء مجلس الأمن في تموز/يوليو 2022 لمكتبها لإعداد مذكرة توجيهية لتحسين الرصد والإبلاغ عن انتهاك منع وصول المساعدات الإنسانية.
وقالت غامبا إن مثل هذه الأداة ستزود فرق العمل القطرية للرصد والإبلاغ بتوجيهات ملموسة حول المكونات العديدة والتفسيرات المختلفة لمنع وصول المساعدات الإنسانية باعتباره انتهاكا خطيرا، الأمر الذي سيؤدي بدوره إلى تعزيز قدرات الرصد والإبلاغ في البلدان الموجودة على خطة العمل لحماية الأطفال من آثار النزاع المسلح.
وختمت المسؤولة الأممية إحاطتها بالقول إنه بدون امتثال أطراف النزاع للسماح بالوصول الآمن والكامل ودون عوائق لتقديم المساعدة الإنسانية في الوقت المناسب، فإن بقاء الأطفال ورفاههم ونموهم معرض للخطر، "وستكون دعواتنا مجرد أصداء في هذه القاعة".
وأضافت "لا يمكننا أن نمنع الحرمان من وصول المساعدات الإنسانية إلى الأطفال ما لم نفهم ذلك، ونعزز قدرتنا على رصده ومنع حدوثه. يجب أن نواصل العمل".