Breadcrumb
اليوم الدولي للمرأة: الاستثمار في حقوق المرأة يبني عالما أفضل للجميع
يواجه العالم أزمات متعددة تضع ضغوطاً هائلة على المجتمعات، بما يجعل تحقيق المساواة بين الجنسين أكثر أهمية من أي وقت مضى. فضمان حقوق النساء والفتيات في جميع جوانب الحياة هو السبيل الوحيد لتأمين اقتصادات مزدهرة وعادلة وترك كوكب صحي ومسالم للأجيال القادمة.
أحد التحديات الرئيسية أمام تحقيق المساواة بين الجنسين بحلول عام 2030 هو النقص المقلق في التمويل الموجه لتلك الجهود. ولهذا السبب، ركز الاحتفال هذا العام باليوم الدولي المرأة – الذي يحتفل به في 8 آذار/ مارس من كل عام - على الاستثمار في المرأة.
وفي فعالية بمقر الأمم المتحدة، اجتمع المسؤولون الأمميون وممثلو الدول الأعضاء والقطاع الخاص والمجتمع المدني ونشطاء حقوق المرأة للاحتفال بالإنجازات التي تم تحقيقها حتى الآن، والدعوة إلى تسريع التقدم نحو هذا الهدف النبيل.
"واقع مخز"
طرحت سفيرة النوايا الحسنة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة والحائزة على جائزة الأوسكار الممثلة الأمريكية آن هاثاواي، سؤالاً بسيطاً في رسالتها المصورة إلى الاحتفال: إذا كانت النساء متساويات في العدد مع الرجال، فلماذا لا يتم تقديرهن على قدم المساواة؟
وقالت السيدة هاثاواي: "إن الواقع المخزي المستمر هو أن المرأة لا تحظى بالتقدير على قدم المساواة"، كما هو واضح في فشل النظام الاقتصادي العالمي تجاههن. وقالت إن أربعة في المائة فقط من مساعدات التنمية الرسمية مخصصة لجهود تحقيق المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة بشكل رئيسي، بينما تم توجيه 0.3 في المائة من هذه الأموال فقط نحو إنهاء العنف ضد النساء والفتيات. وقالت: "دعونا نوقف هذا المعيار المزدوج السخيف، وأخيراً، نستثمر في النساء كما نستحق".
وأشارت سفيرة النوايا الحسنة إلى أن الإنفاق العسكري في العالم وصل إلى مستوى قياسي بلغ 2.2 تريليون دولار العام الماضي، ومع ذلك يتم إخبار النساء مراراً وتكراراً بأنه لا توجد موارد كافية لسد العجز البالغ 360 مليار دولار في الإنفاق السنوي على تدابير المساواة بين الجنسين، وأن التغيير يحدث ببطء ولذلك عليهن التحلي بالصبر.
تحدي الأعراف المجتمعية
ومن بين الناشطات والقادة في مجال حقوق المرأة المشاركين في الحدث كانت فريدا أوينغا، سيدة الأعمال الكينية التي كرست عقوداً من حياتها لدعم وتمكين المرأة في مجال الأعمال. وقالت إن تحدي الأعراف المجتمعية التي تحد من فرصة المرأة في الوصول إلى رأس المال في مجال الأعمال، والوصول إلى الأسواق المناسبة، سيساعد المرأة على التقدم.
وشددت السيدة أوينغا على ضرورة تهيئة بيئة تشعر فيها المرأة بالتمكين لتحمل المخاطر والابتكار والقيادة دون خوف من التمييز أو التحيز أو الفشل، لأن "الفشل هو مجرد نقطة انطلاق نحو النجاح".
وكانت رسالتها للنساء واضحة: "ثقي بنفسك. ثقي بقدراتك. لا تدعي أحداً يخفت نورك أو يملي عليك عالمك. احتضني تفردك. ولا تخافي من متابعة أحلامك ورغباتك. كوني مرنة وجريئة، وقبل كل شيء كوني أنت دون اعتذار، لأن الاندماج يبدأ معك".
سونيا لوبيز البالغة من العمر 20 عاماً طالبة في جامعة نيويورك وهي الرئيسة المشاركة لنادي شتيرن للنساء في الأعمال. أخبرت الحضور أن الاستثمار في المرأة الشابة يخلق الأساس لتغيير دائم وعالي العائد – الأمر الذي تتحمس كثيرا لتحقيقه.
وأضافت أن الاستثمار المبكر في هذا الصدد لا يحقق عوائد مالية كبيرة فحسب، بل يزرع أيضاً ثقة الشابات والفتيات، "مما يضمن إدراكهن لإمكاناتهن في مختلف المسارات الوظيفية والإيمان بوجود مستقبل دائم التطور ومليء بالفرص لنجاحهن".
وقالت إن هذا يمكن أن يؤدي إلى نتائج حقيقية وملموسة للغاية، من إدراك الأب أنه ليس مضطراً إلى تزويج ابنته من أجل استقرارها المالي، إلى إنقاذ الفتيات الصغيرات من الوقوع ضحية لصناعة الاتجار بالجنس، إلى إعطاء الاقتصاد العالمي دفعة بقيمة سبعة تريليونات دولار عن طريق سد الفجوة بين الجنسين.
"عالم أفضل لنا جميعا"
من جانبه، أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على أهمية التوفيق بين الخطابات والموارد لتحقيق المساواة بين الجنسين، وأضاف قائلاً: "يجب علينا الاستثمار في النساء والفتيات، لتعزيز التقدم وبناء عالم أفضل لنا جميعا".
وأطلق السيد غوتيريش خطة جديدة لتعزيز تمكين النساء والفتيات في جميع أنحاء العالم، تحت مسمى "خطة تسريع المساواة بين الجنسين على مستوى منظومة الأمم المتحدة"، والتي تلتزم بوضعهن في قلب عمل المنظمة في جميع المجالات. وأوضح قائلا: "سندعم الحكومات في تصميم وتنفيذ السياسات والميزانيات والاستثمارات التي تستجيب لاحتياجات النساء والفتيات".
وتأتي الخطة الجديدة في الوقت الذي يشهد فيه العالم ما وصفه الأمين العام بـ "رد الفعل العالمي العنيف ضد حقوق المرأة" الذي يهدد ويعكس التقدم في البلدان النامية والمتقدمة على حد سواء، مضيفا أن الأزمات العالمية الحالية تؤثر بشدة أيضا على النساء والفتيات، بما في ذلك الفقر والجوع والكوارث المناخية والحروب والإرهاب.
300 عام لبلوغ المساواة
وشدد الأمين العام على أنه بمعدل التغيير الحالي، "ستكون المساواة القانونية الكاملة للمرأة على بعد حوالي 300 عام" - كما هو الحال مع نهاية زواج الأطفال - وبحلول عام 2030، ستظل أكثر من 340 مليون امرأة وفتاة تعيش في ظروف فقر قاسية.
قال: "هذا إهانة للنساء والفتيات وكابح لجميع جهودنا لبناء عالم أفضل. المساواة بين الجنسين هي أساس خطة عام 2030 بأكملها - من القضاء على الفقر إلى تأمين السلام. علينا أن نسرع وتيرة التغيير بشكل كبير".
وسلط الأمين العام الضوء على ثلاثة مجالات ذات أولوية للعمل على جعل الاستثمارات في النساء والفتيات حقيقة واقعة، بما في ذلك زيادة التمويل طويل الأجل للتنمية المستدامة بشكل عاجل، وإعطاء الحكومات الأولوية للمساواة للنساء والفتيات، فضلا عن زيادة عدد النساء في المناصب القيادية.
للفقر وجه أنثوي
وفي كلمتها أيضاً خلال الاحتفال، قالت المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، سيما بحوث، إن العالم أصبح مقيداً بالمواجهات والتشرذم والخوف وعدم المساواة. وأضافت: "واحدة من كل عشر نساء في العالم تعيش في فقر مدقع. للفقر وجه أنثوي".
وشددت السيدة بحوث على أن الاستثمار في النساء والفتيات هو السبيل الوحيد لمواجهة التحديات الأكثر إلحاحا في العالم، وأضافت: "عندما يتم تمكين المزيد من النساء اقتصاديا، تنمو الاقتصادات؛ وعندما يتم تمثيل المرأة على قدم المساواة في الحكومة، يزدهر الحكم؛ وحيث تكون المرأة حرة في أن تعيش حياتها دون التهديد الدائم بالعنف، تزدهر الأسر وتستفيد الشركات؛ وحيثما يكون للمرأة دور أكبر في عمليات السلام، يتم التوصل إلى السلام في وقت أقرب ويكون أكثر استدامة".
وقالت المديرة التنفيذية إنه يمكن انتشال أكثر من مائة مليون امرأة وفتاة من الفقر إذا أعطت الحكومات الأولوية للتعليم والرعاية الصحية والأجور العادلة والمتساوية وتوسيع المزايا الاجتماعية.
وفي ختام كلمتها، كررت السيدة البحوث دعوتها إلى وقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة، حيث قُتلت أكثر من تسعة آلاف امرأة على الأقل. وقالت: "لا يمكننا العودة إلى طريق السلام دون تحقيق العدالة لجميع الناجين من هذا الصراع - وأقول جميع الناجين من هذا الصراع - وبدون نهاية للعنف العشوائي في غزة".