تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الأمم المتحدة: تنظيم داعش لا يزال يشكل تهديدا خطيرا للسلم والأمن الدوليين

على الرغم من التقدم المطرد الذي أحرزته الدول الأعضاء بالأمم المتحدة في الحد من القدرات العملياتية لتنظيم داعش، لا يزال لديه والجماعات التابعة له القدرة على شن هجمات تسفر عن خسائر كبيرة في صفوف المدنيين وعن معاناة إنسانية، وفق تقرير أصدره الأمين العام للأمم المتحدة. 

خلال إحاطة قدمها لمجلس الأمن الدولي اليوم الخميس، استعرض وكيل الأمين العام للأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب فلاديمير فورونكوف، التقرير الذي يتناول التهديد الذي يشكله تنظيم داعش للسلام والأمن الدوليين ونطاق الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة دعما للدول الأعضاء في مكافحة هذا التهديد.

وقال فورونكوف إن المأساة والدمار والمعاناة التي يسببها الإرهاب ينبغي أن تكون بمثابة حافز لتجديد الالتزام الدولي ليس فقط بمعالجة آثاره المروعة، ولكن أيضا، والأهم من ذلك، تكثيف الجهود لمنع مثل هذه الهجمات في المقام الأول.

وأوضح أن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب سيواصل العمل مع الدول الأعضاء لتحقيق هذه الغاية- بما في ذلك دعم النُهج التي تركز على الناجين وتراعي الفوارق الجنسانية وتتوافق مع حقوق الإنسان لمكافحة الإرهاب ومنع التطرف العنيف المفضي إلى الإرهاب.

وبالإضافة إلى السيد فورونكوف، استمع المجلس إلى إحاطتين من السيدة ناتاليا غيرمان، رئيسة المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب، والسيد يورغن شتوك، الأمين العام للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول)

واستعرضت السيدة ناتاليا غيرمان التقرير، الذي عبر عن القلق، بشكل خاص، بشأن النساء والفتيات المتضررات من العنف الجنسي والجنساني الذي يرتكبه تنظيم داعش في العراق. ودعا التقرير الدول الأعضاء إلى مواصلة العمل معا في جهودها لمكافحة داعش وتعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب.

وأكد التقرير أن استمرار التهديد الذي يشكله داعش- على الرغم من التقدم الكبير الذي تم إحرازه نتيجة جهود مكافحة الإرهاب- يسلط الضوء على محدودية النُهج التي تركز على الأمن، مشيرا إلى أن التصدي للتهديد يتطلب استجابات شاملة ومتعددة المستويات ومتعددة أصحاب المصلحة- بما في ذلك التركيز في المقام الأول على منع التطرف العنيف المفضي إلى الإرهاب.

خطر عودة التنظيم

رغم أن تنظيم داعش والجماعات المنتسبة إليه ظلوا يواجهون استنزافا في القيادة ونكسات مالية، إلا أنهم احتفظوا بقدرتهم على شن هجمات إرهابية والتخطيط لتهديد خارج مناطق عملياتهم. وظل خطر عودة ظهور التنظيم قائما في سوريا والعراق. وساهمت أنشطة الجماعات المنتسبة لداعش في تدهور الوضع في أجزاء من غرب أفريقيا ومنطقة الساحل، وفقا للتقرير.

وواصلت الأمم المتحدة دعم الدول الأعضاء في مكافحة تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى، بما في ذلك في تنفيذ استراتيجية الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الإرهاب وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، ومن خلال اتفاق الأمم المتحدة العالمي لتنسيق مكافحة الإرهاب.

في 3 آب/ أغسطس، أعلن تنظيم داعش عن زعيمه الجديد أبو حفص الهاشمي القرشي وعزت دول أعضاء تأخر الاعتراف بوفاة زعيم داعش السابق، أبو الحسين الحسيني القرشي إلى انقسامات داخلية بالتنظيم.

من الأرشيف: تعرض مدينة سنجار في كردستان العراق للنهب من قبل مقاتلي داعش عندما سيطرت عليها المجموعة الإرهابية.
UNOCHA/Giles Clarke

 

مصادر تمويل داعش

وفيما يتصل بالموارد المالية للتنظيم، أشار تقرير الأمين العام إلى استمرار تناقص إيرادات داعش الأساسية، فقد أوردت الدول الأعضاء أن الاحتياطات المتاحة تتراوح بين 10 و25 مليون دولار. 

وظلت مصادر تمويل التنظيم والجماعات المنتسبة إليه تعتمد على السياق. فالتنظيم في غرب أفريقيا واصل جمع الأموال محليا من الأنشطة الإجرامية بما فيها ابتزاز الصيادين والمزارعين وسرقة الماشية والاختطاف طلبا للفدية وبدأ مؤخرا في استكشاف الأنشطة الزراعية مثل الفلفل الأحمر في البلدان المجاورة لبحيرة تشاد.

وبرغم أن الدول الأعضاء أوردت زيادة في استخدام العملات المشفرة، إلا أن وسيلة المعاملات المالية الغالبة المستخدمة من جانب داعش والجماعات المنتسبة إليه ظلت تتمثل في حاملي الأموال النقدية والأنظمة البديلة للتحويل المالي(الحوالة). 

وظلت معظم الجماعات المنتسبة لداعش مستقلة ماليا، وقيل إن بعض هذه الجماعات تستعمل وسائل التواصل الاجتماعي لجمع الأموال عن طريق العملات المشفرة (العملات الرقمية).

العملات المشفرة
Unsplash/Kanchanara

 

سبل حصول داعش على الأسلحة

وأشار التقرير إلى قلق الدول الأعضاء إزاء انتشار الأسلحة في أفغانستان والشرق الأوسط وأفريقيا لاسيما استمرار تزايد استخدام داعش لمنظومات الطائرات المسيرة والأجهزة المتفجرة يدوية الصنع. وأبلغت دول عدة عن استمرار انتشار الأسلحة التي مصدرها المخزونات المتبقية في أفغانستان منذ استيلاء طالبان على السلطة.

إعادة التوطين من المخيمات

وأعرب التقرير عن قلق بالغ إزاء الحالة الأليمة والمأسوية في المخيمات وغيرها من مرافق الاحتجاز في شمال شرق سوريا، حيث "لا يزال الأفراد- ومعظمهم من النساء والأطفال- الذين يُدّعى أن لهم صلات بتنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى محتجزين في ظروف محفوفة بالمخاطر، ويواجهون تحديات كبيرة تتعلق بحقوق الإنسان المكفولة لهم وإمكانية حصولهم على المساعدة الإنسانية".

وأوضح التقرير أنه وعلى الرغم من التقدم الملحوظ الذي تم إحرازه العام الماضي، لا تزال الوتيرة العامة لإعادة هؤلاء الأفراد إلى أوطانهم بطيئة، مشيرا إلى أن تنظيم داعش يستغل هذه التحديات الأمر الذي ينطوي عليه تداعيات خطيرة على الأمن الإقليمي والدولي.

ونبّه التقرير إلى أن المخاطر المرتبطة بالمخيمات ومرافق الاحتجاز ستستمر لعدة سنوات بدون تغيير ملموس في وتيرة الإعادة الطوعية. وأشار التقرير إلى قلق بعض الدول الأعضاء بشأن قدرة السلطات الوطنية، في بعض المناطق، على التعامل مع الزيادة الكبيرة في وتيرة أو حجم عمليات العودة.

(من الأرشيف) لاجئون عراقيون يتوجهون إلى مخيم الهول في سوريا.
© UNICEF/Delil Souleiman

 

إعادة التأهيل والإدماج

في هذا الصدد، أشار تقرير الأمين العام إلى أن الأمم المتحدة واصلت دعم الدول الأعضاء في توفير برامج شاملة ومتوافقة مع حقوق الإنسان ومراعية للاعتبارات الجنسانية لمواجهة التحديات في إعادة تأهيل المواطنين العائدين وإعادة إدماجهم.

ورتبت المنظمة الدولية للهجرة ومفوضية شؤون اللاجئين واليونيسف زيارات من جانب السلطات العراقية إلى المخيمات ونظمت دورات للتوعية بالقانون الواجب التطبيق وتقديم المشورة والتمثيل في المحاكم لضمان حصول العائدين على مختلف الوثائق القانونية وقدمت اليونيسف الدعم المجتمعي لإعادة إدماج الأطفال العائدين بما في ذلك الخدمات الصحية والقانونية والتعليمية.