Breadcrumb
مسؤول أممي يدعو قادة ليبيا لتنحية خلافاتهم وتشكيل حكومة تقود البلاد إلى الانتخابات
قال الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، عبد الله باتيلي إن التقدم على طريق إجراء انتخابات وطنية ذات مصداقية ليس ممكنا دون تسوية سياسية بين أصحاب المصلحة الرئيسيين في ليبيا.
وفي إحاطته أمام مجلس الأمن اليوم الخميس التي استعرض خلالها الأوضاع السياسية والأمنية والإنسانية في ليبيا، حث باتيلي قادة البلاد على "تنحية مصالحهم الذاتية جانبا والجلوس إلى طاولة المفاوضات بحسن نية، والاستعداد لمناقشة كافة القضايا المتنازع عليها".
وأكد باتيلي، الذي يرأس كذلك بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا (أونسميل)، أن التردد في القيام بذلك لا يدعو إلى التشكيك في التزامهم تجاه الانتخابات فحسب، بل أيضا تجاه وحدة ومستقبل بلادهم التي ينبغي أن يتحملوا مسؤوليتها. وشدد باتيلي في إحاطته عبر الفيديو أمام مجلس الأمن، على أنه من أجل تجنب انزلاق ليبيا إلى التفكك "كما هو متوقع من خلال العديد من المؤشرات المثيرة للقلق"، هناك "حاجة ماسة" إلى اتفاق سياسي بين أصحاب المصلحة الرئيسيين لتشكيل حكومة موحدة تقود البلاد إلى الانتخابات.
وأشار إلى أنه على الرغم من الانتهاء من الإطار الدستوري والقانوني للانتخابات من قبل اللجنة المشتركة 6+6 التي تضم ممثلين من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة في عام 2023 واعتماده لاحقا من قبل مجلس النواب، يبدو أن أصحاب المصلحة المؤسسين الليبيين الرئيسيين غير راغبين في حل القضايا العالقة المتنازع عليها سياسيا والتي من شأنها أن تمهد الطريق أمام الانتخابات التي طال انتظارها.
ونبه باتيلي إلى استمرار الأطراف الرئيسية في ليبيا "في صياغة الشروط المسبقة لمشاركته في الحوار كوسيلة للحفاظ على الوضع الراهن، وهو ما يبدو أنه يناسبهم". وحث جميع الجهات المؤسسية الليبية الفاعلة على المشاركة في الحوار دون شروط مسبقة.
تداعيات استمرار الانقسام
وأوضح الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا أن هناك حاجة إلى معالجة المخاوف والقلق الذي أعرب عنه بعض أصحاب المصلحة الرئيسيين، بما في ذلك إنشاء آلية مؤقتة للإدارة الشفافة والتوزيع العادل للموارد، وضمانات لتوفير فرص متكافئة لجميع المرشحين، وضمانات بأن الانتخابات لا تفضي إلى سيناريو الفائز يأخذ كل شيء على حساب الآخرين.
وأضاف أنه ينبغي أن تتضمن التسوية السياسية أيضا جدولا زمنيا صارما من الخطوات التي تقود إلى يوم الاقتراع.
وقال باتيلي إنه في مشاوراته مع شرائح أخرى من المجتمع الليبي، بما في ذلك مع الأحزاب السياسية والوجهاء والجهات الأمنية والمجتمع المدني والمجموعات الثقافية والنساء والشباب ومجتمع الأعمال من شرق ليبيا وجنوبها وغربها، سمع "إحباطهم إزاء الوضع الراهن وعدم قدرة قادتهم على القيام بما هو مطلوب لوضع البلاد على طريق السلام والتقدم المستدامين".
وحذر من أن استمرار الانقسام بين المؤسسات الوطنية في الشرق والغرب مع عدم وجود ميزانية وطنية معتمدة لتوجيه الإنفاق العام، يؤدي إلى إدامة الافتقار إلى الشفافية في استخدام التمويل العام والتوزيع غير العادل لثروات البلاد، كما أنه يزيد من تعرض الاقتصاد الليبي للاضطرابات الداخلية والخارجية.
وحث المسؤول الأممي جميع السلطات المعنية على رفع الحظر المفروض على أنشطة هياكل المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، داعيا حكومة الوحدة الوطنية إلى الإفراج عن مخصصات الميزانية المخصصة للمفوضية للسماح لها بتسريع الاستعدادات للانتخابات البلدية.
وأشار كذلك إلى معاناة المنطقة الجنوبية في ليبيا منذ فترة طويلة من التهميش الاقتصادي والسياسي الذي يجب علاجه.
الوضع الأمني
وأشار الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا إلى عدم تسجيل أي انتهاكات لاتفاق وقف إطلاق النار منذ آخر إحاطة، لكنه أوضح أن التقدم في تنفيذ الأحكام المعلقة من الاتفاق، وخاصة فيما يتعلق بالانسحاب، لا يزال يواجه عراقيل بسبب الجمود في المسار السياسي.
لكنه تحدث أيضا عن تطور إيجابي، حيث أفادت تقارير بأنه في مطلع كانون الثاني/يناير الماضي، عاد مئات المرتزقة التشاديين والمقاتلين الأجانب من ليبيا إلى تشاد، في إطار تنفيذ اتفاق السلام التشادي الموقع في الدوحة، في آب/أغسطس 2022.
ونبه إلى أن الوضع الأمني العالمي في جنوب ليبيا مازال مثيرا للقلق، مع ظهور الأزمات في السودان ومنطقة الساحل، فضلا عن استمرار المنافسات في طرابلس بين الجهات الأمنية لتحقيق السيطرة الإقليمية على المناطق الاستراتيجية في العاصمة.
وأعرب باتيلي عن القلق إزاء مشروع قانون المصالحة الوطنية الذي ناقشه مجلس النواب في 3 كانون الثاني/يناير، والذي يبدو أنه يتجاوز المجلس الرئاسي من خلال إنشاء آلية جديدة للمصالحة.
وأشار إلى أن هذا الاقتراح الجديد الذي يتعارض مع أفضل الممارسات الدولية، لم تتم صياغته من خلال مشاورات شاملة مع منظمات المجتمع المدني ومجموعات الضحايا ولا يتضمن ضمانات كافية للحفاظ على الحقوق الأساسية في معرفة الحقيقة والعدالة والتعويضات وعدم التكرار.
قلق بشأن المهاجرين واللاجئين
ودعا المسؤول الأممي إلى إطلاق سراح المعتقلين تعسفيا والسجناء السياسيين، مشيرا إلى تسليطه الضوء في إحاطته السابقة على قيام الجهات الأمنية باحتجاز ما لا يقل عن 60 شخصا بشكل تعسفي، بمن فيهم أطفال، في الأشهر التسعة الماضية بسبب انتماءاتهم السياسية الفعلية أو المتصورة.
وقال إن هذه الممارسات تلقي بظلال من الشك على مدى استعداد بعض الجهات الليبية الفاعلة لدعم عملية سياسية شفافة وشاملة. وتحدث باتيلي كذلك عن وضع حقوق الإنسان والوضع الإنساني وحالة الحماية للمهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء في ليبيا الذي وصفه بأنه "يثير قلقا متزايدا".
وأضاف "ما زلت أشعر بالقلق إزاء استمرار عمليات الطرد الجماعي للمهاجرين واللاجئين عبر الحدود بين ليبيا والدول المجاورة. وأكرر دعوتي إلى السلطات في جميع البلدان المعنية لوضع حد لعمليات الطرد القسري، التي تشكل انتهاكا للقانون الدولي".
ودعا كذلك إلى توفير الوصول الكامل وإجراء تحقيقات مستقلة في جميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة في مرافق الاحتجاز الليبية.
وفيما يتعلق بالفيضانات التي ضربت شرق ليبيا العام الماضي، رحب باتيلي بتقرير تقييم الأضرار والاحتياجات السريع للاستجابة للعواصف والفيضانات في ليبيا الصادر عن البنك الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في 24 كانون الثاني/يناير.
ودعا جميع القادة الليبيين إلى توجيه مواردهم الجماعية وخبراتهم نحو إعادة البناء ووضع حياة وسبل عيش الأشخاص المتضررين في المقام الأول.