تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الإذاعة: 100 عام من البث وما زالت الوسيلة الأكثر قدرة على الوصول إلى الجميع

تحتفل الأمم المتحدة في 13 شباط/فبراير باليوم العالمي للإذاعة، الذي يتزامن هذا العام مع مرور 100 عام على أول بث إذاعي مباشر على الأثير. المديرة العامة لليونسكو قالت إن هذا المعلم البارز يُذكرنا بأن الإذاعة منذ اختراعها في أواخر القرن 19 "ما زالت الرفيق الدائم الذي يجمعنا حول لحظات قوية ومشاعر مشتركة".

وترى المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي أن الإذاعة- رغم التأثير المتزايد للإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي- ما زالت مصدرا للإعلام والترفيه من الصف الأول، إذا تشير التقديرات إلى أن عدد مستمعيها تخطى 4 مليارات.

تنبع أهمية الإذاعة أيضا، وفق اليونسكو، من أنها الوسيلة الإعلامية التي تصل إلى أي مكان يتعذر على الوسائل الأخرى الوصول إليه. عام 2023، لم ينتفع ثلث سكان العالم بالاتصال اللائق بشبكة الإنترنت. وارتفعت النسبة إلى نصف سكان المناطق الريفية. 

وأثبتت الإذاعة دائما أنها الوسيلة الإعلامية التي تتفوق على سائر الوسائل الأخرى من حيث الشمول وسهولة المنال وخاصة في أوقات الأزمات، كما قالت أزولاي في رسالة خاصة بمناسبة اليوم العالمي.

تولي الأمم المتحدة اهتماما خاصا بالإذاعة، وتستخدمها في بعثاتها لنشر المعلومات الموثوقة والتوعية وتمكين السكان. بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في جنوب السودان (أنميس) من أفضل الأمثلة على ذلك.

في جنوب السودان يستمع إلى إذاعة مرايا التابعة للبعثة الأممية المتحدة نحو 70% من السكان. وتغطي الإذاعة طائفة منوعة من أهم القضايا والأولويات. للتعرف أكثر على عمل راديو مرايا، تحدثنا مع الزميل بَن دوستي مالور، الذي عاد للتو من جنوب السودان حيث تولى منصب مدير الاتصالات بالبعثة قبل أن يستأنف عمله بأخبار الأمم المتحدة بالمقر الدائم للمنظمة في نيويورك.

بَن مالور، مدير الإعلام الاستراتيجي ببعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان، مع أيرين لاسو المذيعة براديو مرايا التابع للبعثة.
UNMISS

بدأ مالور بالحديث عن أهمية راديو مرايا وموقعه في الخريطة الإعلامية بجنوب السودان.

بن مالور: راديو مرايا هو المحطة الإذاعية التابعة لبعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان. أستطيع أن أقول إنه مـَلك أو ملكة المنصات الإعلامية هناك، لأنه أكبر المنصات وأكثرها انتشارا وشعبية في  جميع أرجاء جنوب السودان. إذا كان المرء يريد إرسال أي معلومات بسرعة وبشكل مباشر إلى أكبر عدد ممكن من الأشخاص في جنوب السودان، فإن راديو مرايا هو المنصة المناسبة لذلك. لذا يعد جزءا مهما جدا من عمل الأمم المتحدة في جنوب السودان. 

أخبار الأمم المتحدة: كيف  يتمكن راديو مرايا من الوصول إلى هذا العدد الكبير في جنوب السودان، هل  لديه العشرات  من أجهزة الإرسال في جميع أنحاء البلاد؟ 

بن مالور: نعم، يوجد في المنطقة التي يخدمها راديو مرايا أكثر من 30 جهاز إرسال في جميع أنحاء البلاد. يتعين علينا توفير الموارد لإرسال موظفينا- في بعض الأحيان عندما تتعطل أجهزة الإرسال- للذهاب وإصلاحها، للتأكد من أن أكبر عدد ممكن من الأشخاص في جميع أنحاء البلاد يمكنهم الاستماع إلى البرامج المختلفة التي يقدمها راديو مرايا.

أخبار الأمم المتحدة: يبدو أن راديو مرايا يعد قصة نجاح حقيقية، ما هي أهم القضايا التي يغطيها لخدمة السكان في مختلف مناطق جنوب السودان؟

بن مالور: يقدم راديو مرايا مجموعة منوعة من البرامج التي تغطي جميع المجالات ذات الصلة بالسياسة والاقتصاد ومعيشة الناس وحماية المدنيين التي تعد جزءا أساسيا من ولاية بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان. تتناول أيضا البرامج الإذاعية قضايا حقوق الإنسان وانتهاكاتها، وأيضا أمورا متعلقة بالانتخابات المقرر إجراؤها في كانون الأول/ديسمبر 2024.

تهتم البعثة والإذاعة بإتاحة المساحة المدنية والسياسية المناسبة والمواتية لتمكين جميع مواطني جنوب السودان، من جميع الانتماءات والألوان، من المشاركة في التعبير عن قلقهم أو أفكارهم حول كيفية حكم البلاد وكيفية إجراء الانتخابات. لذلك هناك برامج للشباب أيضا تحظى بشعبية كبيرة، يتصل بها الأشخاص وتناقش القضايا المهمة. هناك برامج للنساء وبرامج للأطفال. في الواقع، في يوم الطفل الأفريقي في أيار/مايو، يُسلم المذيعون والمنتجون المحطة للأطفال الصغار الذين يأتون من مدارس مختلفة ويقومون هم بكل العمل المتعلق بالبرامج من الصباح حتى المساء. ومن الرائع للغاية مشاهدة هذه التجربة والاستماع إليها. 

بمناسبة الاحتفال بيوم الطفل الأفريقي، أتاح راديو مرايا، الذي تديره  بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان،  للأطفال  العمل كمذيعين  في برنامج صباحي لمدة ساعتين وتقديم الأخبار.
UN Photo/Isaac Billy

 

أخبار الأمم المتحدة: ما السبب في انتقالك من أخبار الأمم المتحدة في نيويورك إلى بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان؟

بن مالور: ذهبت إلى جوبا، جنوب السودان، بناء على طلب البعثة الأممية لحفظ السلام المعروفة باسم أنميس. طُلب مني الذهاب إلى هناك والعمل مديرا للاتصالات والإعلام، كي استغل خبراتي الممتدة لأكثر من 12 عاما في هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) في لندن، وعملي متحدثا رسميا ورئيسا بالنيابة لشؤون الإعلام مع الأمم المتحدة في ليبريا لمدة عامين، بالإضافة إلى خبرتي في مقر الأمم المتحدة  للانضمام إلى الزملاء الموجودين على الأرض في جنوب السودان حتى نتمكن من مساعدة البعثة على التواصل بشكل أفضل للمساعدة في دعم ولاية البعثة. 

هدفنا هو مساعدة جنوب السودان على تحقيق النجاح والتخلص من عدم الاستقرار وانعدام الأمن. لهذا السبب ذهبت ووجدت مجموعة من الأشخاص الأكفاء والمهنيين. عملت معهم لتحسين التواصل لنكون صوت السلام، ليكون راديو مرايا صوت السلام في البلاد الذي يُسهم في دعم قدرات الحكومة والمسؤولين والشخصيات غير الحكومية ولإتاحة المجال لسماع كل صوت في جميع أنحاء البلاد ودعم العملية الديمقراطية. 

أخبار الأمم المتحدة: ما التجربة التي تتذكرها من عملك مع بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان؟

بن مالور: هناك تجارب إيجابية بالفعل. يمكنني تسليط الضوء على قضية معينة مهمة جدا في جنوب السودان. هناك بلدة تسمى بنتيو. يمكن أن أصفها بأنها عاصمة النفط في جنوب السودان. بسبب الصدمات والتغيرات المناخية، غمرت المياه بالكامل المنطقة المحيطة ببنتيو لأميال وأميال. 

عندما تكون في طائرة أو مروحية، فإن كل ما ستراه هو أميال وأميال من المياه التي تغطي الأراضي. عند بنتيو، عملت قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بالتعاون مع شركاء آخرين، على بناء جدران ضخمة مثل السدود لحماية الناس وإبقاء هذه المياه بعيدا عنهم. عندما تحلق فوق بنتيو ستبدو لك كما لو كانت جزيرة، لأنها مثل قطعة الأرض التي يحيط بها الماء من كل جانب. وتقدم الأمم المتحدة جنبا إلى جنب مع المسؤولين الحكوميين، الدعم والرعاية للنازحين بالمنطقة.

بنتيو لم تكن لتوجد الآن لولا عمل الأمم المتحدة مع الشركاء لبناء هذه السدود الضخمة، لإبقاء المياه في مكانها حتى لا يتم إغراق الناس.