Breadcrumb
الأمم المتحدة والحكومة المصرية تعملان جنبا إلى جنب في خضم أزمتي غزة والسودان
أكدت إلينا بانوفا المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر أن المنظمة الأممية تعمل جنبا إلى جنب مع الحكومة المصرية والهلال الأحمر المصري لدعم جهود تنسيق وتوصيل المساعدات الإنسانية إلى غزة. وقالت نيفين القباج وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر، ونائبة رئيس جمعية الهلال الأحمر المصري إن الجمعية كانت على أهبة الاستعداد لتعزيز جهودها منذ اليوم الأول للتصعيد.
جاء ذلك في حوار مشترك أجرته أخبار الأمم المتحدة مع السيدة بانوفا والسيدة القباج حول التعاون بين مصر والأمم المتحدة لتعزيز جهود الإغاثة المتجهة إلى غزة، ومساعدة اللاجئين الفارين من الحرب في السودان بحثاً عن الأمان.
وقالت القباج إن الهلال الأحمر المصري وفر العديد من المتطوعين منذ بداية الأزمة في غزة لاسيما أن لديه 36 ألف متطوع مستعدون لحالات الطوارئ، مشيرة إلى أن لديهم "غرف عمليات مجهزة على أعلى المستويات تراقب الوضع، وتنسق مع الهلال الأحمر الفلسطيني".
وأضافت أنه منذ بداية الأزمة في غزة، "جهزنا أنفسنا عبر مستودعاتنا، وارتباطنا باللجنة العليا للطوارئ في البلاد ومع المحافظين المعنيين، ونتأكد من أن لدينا البضائع، والأطقم الطبية، والتنسيق فيما يخص المسائل الطبية، ومستلزمات الصدمات (الرضوح) والنظافة، وتوفير مرافق الغذاء والمياه، فضلا عن التنسيق مع المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية".
وتطرقت كذلك إلى ضرورة توفير السيولة النقدية من أجل تدريب المتطوعين على خطورة الحدث، وأهمية وجود المتطوعين، علاوة على توفير الدعم النفسي والاجتماعي، والاستعدادات في مدينة العريش في محافظة شمال سيناء والمحافظات المحيطة.
وأوضحت القباج أن جمعية الهلال الأحمر المصري موجودة في المستشفيات، وتساعد كذلك على توفير السكن والغذاء وخصوصا للفلسطينيين العالقين في العريش، والذين "يحتاجون إلى المساعدات النقدية من أجل المعيشة طوال فترة إقامتهم في مصر. إن الدعم النقدي موضع تقدير كبير".
دعم التنمية في وضع الطوارئ
وقالت منسقة الأمم المتحدة المقيمة في مصر، إلينا بانوفا إن الأزمة في غزة وقبلها السودان تضافان إلى أزمتين كبيرتين أخريين، هما وباء كوفيد-19 وتداعيات الحرب في أوكرانيا.
وأضافت أن "كل هذه الأمور أجبرتنا على إعادة التفكير في الطريقة التي نعمل بها، لأننا في وضع يتعين علينا فيه دعم تحقيق التنمية في وضع الطوارئ"، مشيرة إلى أن الدور الرئيسي لفريق الأمم المتحدة في مصر كان يهدف في الأساس قبل تلك الأزمات إلى دعم تسريع تحقيق أهـداف التنمية المستدامة في مصر.
وأكدت أن فريق الأمم المتحدة استطاع توسيع نطاق عمله بسرعة، مشيدة بالشراكة "الوثيقة للغاية" مع الحكومة المصرية، خاصة وزارتي التضامن الاجتماعي والصحة والسكان اللتين "تقودان الاستجابة لتلك الأزمات"، هذا علاوة على جمعية الهلال الأحمر المصري.
وعن التعاون بشأن غزة، قالت بانوفا إن الأمم المتحدة تعمل "جنبا إلى جنب" مع الحكومة المصرية والهلال الأحمر المصري لدعم عملية توصيل المساعدات عبر الحدود "المتطلِبة للغاية" إلى غزة.
وأوضحت أن الأمم المتحدة نشرت فريقا تقنياً إنسانياً صغيراً في مدينة العريش يعمل مع الهلال الأحمر المصري، ويتكون بشكل أساسي من متخصصين في المجال اللوجستي، فضلا عن خبراء في سلسلة الإدارة، وأشخاص لدعم تنسيق المساعدات الإنسانية وإدارة المعلومات.
وأضافت أنه من بين عدد الشاحنات التي وصلت إلى غزة منذ بداية الأزمة من معبر رفح ومن كرم أبو سالم، حوالي أكثر من 35 في المائة منها عبارة عن مساعدات قامت الأمم المتحدة بتعبئتها من خلال العديد من الهيئات و الوكالات الأممية وهي: برنامج الأغذية العالمي، واليونيسيف، وبرنامج الأمم المتحدة للسكان، ومنظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمة الأمم المتحدة للمرأة، ومنظمة الهجرة الدولية، والمفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
وأكدت أن عملية إيصال المساعدات "معقدة للغاية" حيث تخضع شاحنات المساعدات القادمة من العريش إلى التفتيش عند معبر نيتسانا ثم تعود لتدخل إلى غزة من معبر رفح، ليتم فحص كل شاحنة على حدا من قِبل السلطات الإسرائيلية.
ونبهت المسؤولة الأممية إلى استخدام نظام ترميز تزوَد به شاحنات المساعدات الذي وصفته بأنه "أمر مهم للغاية لإدارة النقل وكذلك للشفافية فيما يتعلق بالمساعدات التي يتم تسليمها إلى غزة".
وأثنت على تعاون السلطات المحلية في شمال سيناء مع الأمم المتحدة حيث قام محافظ شمال سيناء بتوفير أراض إضافية لاستخدامها لإدارة وتخزين المساعدات الإنسانية.
مساعدة الجرحى ونقل الأطفال المبتسرين
بدورها، أكدت وزيرة التضامن الاجتماعي أن السلطات المصرية "دأبت على إبقاء معبر رفح مفتوحا من جانبها". وأشارت إلى التحديات التي واجهتهم في البداية لإيصال المساعدات بما في ذلك المتطلبات التي حددتها السلطات الإسرائيلية، والعوائق التي حالت دون توصيل مواد بعينها، والمسافة المسموح للشاحنات بقطعها داخل غزة.
وأضافت أنهم أقاموا مستودعات كبيرة في العريش وفي المحافظات المحيطة بها ومنها الإسماعيلية ودمياط والشرقية، تم تخصيصها "ليس للهلال الأحمر المصري فحسب، وإنما أيضا لجميع وكالات الأمم المتحدة والوكالات الأخرى".
وقالت المسؤولة المصرية إن الأمر لا يتعلق بتنظيم عملية نقل المساعدات وإدارتها، وإنما "بمسألة كفاية المعابر وحاجة الفلسطينيين".
وتطرقت القباج إلى الدور الذي تقوم به مصر في استقبال الجرحى من قطاع غزة وأولئك الذين يحتاجون للرعاية الطبية، قائلة "تتولى وزارة الصحة والسكان رعاية المصابين وتقديم كافة أنواع الدعم لهم. لدينا 38 مستشفى جاهزا في العريش والمناطق المحيطة بها وكذلك في القاهرة، وتم توفير مرافق النقل من خلال السلطات المصرية، وكذلك من خلال المنظمات غير الحكومية، وخاصة الحاضنات وأجهزة الاستنشاق والتخدير وغيرها".
وأكدت كذلك أنهم استقبلوا في مستشفى العريش أطفالا مبتسرين من قطاع غزة، مشيرة إلى أنهم يقومون "بإدارة الحالة لكل طفل" بعد تلقيهم عددا كبيرا من طلبات الحضانة. وأضافت أنهم ينسقون على نطاق واسع من خلال السلطات المصرية لتوسيع عمليات الإجلاء للمصابين، فضلا عن تقديم الدعم النفسي والاجتماعي وإعادة التأهيل للأشخاص الذين بُتِرت أطرافهم أو أصيبوا بالشلل الرباعي.
ومن جانبها، أكدت منسقة الأمم المتحدة المقيمة في مصر أن فرق الأمم المتحدة لاسيما منظمتا الصحة العالمية واليونيسف، تعمل بشكل وثيق مع وزارة الصحة والسكان المصرية على صعيد عمليات الإجلاء الطبي من غزة.
وأضافت "جميع الفرق الآن تساعد في تعزيز قدرات المستشفيات في مصر التي تستقبل الجرحى من غزة".
مزيد من الدعم والمعابر
وتحدثت وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر ونائبة رئيس جمعية الهلال الأحمر المصري عن الدعم المطلوب على الصعيد العملياتي، قائلة "يجب أن نضمن أن هناك نظاما للتخزين في المستودعات من حيث زيادة عددها وقدرتها الاستيعابية، فضلا عن أتمتة تلك المستودعات كي تكون فعالة وشفافة بقدر الإمكان، لاسيما أن أغلب المساعدات تمر عبر الهلال الأحمر المصري".
وشددت على أنه مع تزايد عدد المتطوعين، فإن هناك حاجة إلى تدريبهم والتأكد من "أننا جاهزون عملياتيا ليس فقط لهذه الأزمة، ولكن لأي أزمة قد تطرأ".
وعن الوضع داخل غزة، أكدت أن هناك حاجة إلى ملاجئ ومرافق صرف صحي متنقلة، إضافة إلى توفير مناطق معزولة داخل ملاجئ وكالة الأونروا للمصابين بالأمراض المعدية، وأماكن معزولة للجثث التي لا يتم دفنها في الوقت المناسب مع ارتفاع عدد الضحايا.
وشددت على أن هناك حاجة لفتح مزيد من المعابر لدخول المساعدات بما في ذلك معبر بيت حانون، علاوة على توفير آبار مياه ومواد لتنقية المياه والمزيد من المساعدات الطبية الأساسية.
دعم اللاجئين القادمين من السودان
وتأتي أزمة غزة في وقت يستمر فيه الصراع في السودان والذي دفع مئات الآلاف للجوء إلى مصر. وتقول وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر إن 45 في المائة تقريبا من اللاجئين في مصر هم من السودانيين، حيث يبلغ عددهم 4.4 مليون شخص من إجمالي 9 ملايين لاجئ.
وقالت إن "الهلال الأحمر المصري كان موجودا منذ اللحظات الأولى لمساعدة الأشخاص على عبور الحدود بأمان ونقلهم إلى مواقع مختلفة في مصر"، مشيرة إلى أن مصر استقبلت أكثر من 300 ألف أسرة عبرت الحدود مع السودان منذ اندلاع الأزمة الأخيرة.
وأوضحت القباج أن وزارة التضامن الاجتماعي قدمت الدعم للاجئين بما في ذلك المواد الغذائية والأغذية الجافة وكل ما يتعلق بالمساعدة الاجتماعية.
وأضافت "أقمنا مراكز خدمة للهلال الأحمر المصري في منافذ الدخول، وقدمنا خدمات الإغاثة الإنسانية ومستلزمات النظافة، وقمنا أيضا بتوزيع المواد الغذائية والإمدادات، وإصدار بعض الأوراق الثبوتية التي يمكنهم استخدامها للمرور لأن ليس كلهم يحملون بطاقاتهم الشخصية أو أوراقا رسمية".
وأشارت أيضا إلى أن الوزارة قامت بدفع تكاليف سكن اللاجئين في أول شهرين لدخولهم مصر، وكذلك تكاليف الرعاية الصحية لهم، فضلا عن التحويلات النقدية "سواء من خلال المنظمات غير الحكومية أو المؤسسات الدينية المصرية وغيرها من المؤسسات والسودانيين الآخرين في مصر الذين يدعمونهم بالتحويلات النقدية".
دعمٌ ومساحات آمنة للنساء
ونوهت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية إلى الدعم المقدم للنساء والأطفال اللاجئين من السودان.
وفي هذا الصدد، قالت منسقة الأمم المتحدة المقيمة في مصر إن فريق الأمم المتحدة دعم الشركاء في مصر لإنشاء "مساحات آمنة" للنساء اللاتي يتعرضن أثناء فرارهن من الصراع في السودان للعنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي "ويحتجن إلى مساحة آمنة حيث يمكنهن الحصول على الدعم النفسي والاجتماعي والدعم الطبي".
وأضافت بانوفا أن حوالي 300 شخص يصلون إلى مصر يوميا من السودان، "لذا، يمكنك أن تتخيل، الأعداد التي تأتي إلى مصر والضغط الذي تتحمله عندما يتعلق الأمر بالنظام الاجتماعي ونظام التعليم والنظام الصحي".
وأوضحت أنه بعد فترة وجيزة من بدء وصول أول اللاجئين إلى مصر، خصص منسق الأمم المتحدة للإغاثة في حالات الطوارئ، مارتن غريفيثس، تمويلا من الصندوق المركزي للإغاثة في حالات الطوارئ لفريق الأمم المتحدة في مصر من أجل التمكن من توسيع نطاق الاستجابة.
وأفادت المسؤولة الأممية بأنهم عملوا على إقامة مرافق مياه وصرف صحي ونظافة صحية على الطريق الذي سلكه اللاجئون في طريقهم إلى مصر، كما تلقى أكثر من 270 ألف شخص مساعدات نقدية من الأمم المتحدة، ودعما طبيا أساسيا.
جهود دؤوبة
ووجهت منسقة الأمم المتحدة المقيمة في مصر، إلينا بانوفا الشكر لجميع العاملين في المجال الإنساني في غزة، وفي السودان وكذلك في جميع بلدان الصراع الأخرى، "لأنهم يقومون بأعمال منقذة للحياة، وغالبا ما يحمل ذلك مخاطر كبيرة على حياتهم".
واستحضرت ذكرى أكثر من 150 زميلا من موظفي الأمم المتحدة فقدوا حياتهم في غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، إضافة إلى العاملين في الهلال الأحمر الفلسطيني الذين قضوا نحبهم هناك.
وأشادت بالزملاء في مصر والأمم المتحدة ومجتمع المنظمات غير الحكومية والهلال الأحمر المصري، وكذلك الحكومة المصرية "لجهودها الدؤوبة في إقامة العمليات الحيوية والمنقذة للحياة". وقالت إن "ما يوحدنا هو إنسانيتنا المشتركة لخدمة كل المحتاجين".
بدورها، قدمت وزيرة التضامن الاجتماعي في مصر خالص تعازيها لمن فقدوا حياتهم من موظفي الأمم المتحدة والصحفيين والإعلاميين، وكذلك من الأطقم الطبية في غزة.
وأعربت عن الشكر والعرفان لوكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية التي تعمل بنشاط في دعمها وشراكاتها مع الحكومة المصرية من أجل تقديم المساعدات.