Breadcrumb
ممثلة الأمين العام تدعو إلى حماية العراق من الانجرار إلى صراع أوسع نطاقا
دعت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق إلى ضرورة وقف الهجمات التي تنطلق من داخل حدود العراق وخارجه، مشيرة إلى أن هذه الهجمات من شأنها أن تفضي إلى تراجع استقرار العراق الذي تحقق بشق الأنفس.
وقدمت جنين هينيس-بلاسخارت إحاطة لمجلس الأمن، اليوم الثلاثاء، بشأن الوضع في العراق جددت خلالها التأكيد على ضرورة "كبح جماح الجهات المسلحة التي تعمل خارج سيطرة الدولة. ولا يمكن المبالغة في تقدير المخاطر الهائلة والعواقب المدمرة المحتملة لهذه الأعمال".
كما أكدت رئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) على ضرورة توفير بيئة مواتية كي يواصل العراق مسيرته على طريق الاستقرار والتقدم، الأمر الذي قالت إنه يتطلب ضبطا للنفس من كافة الأطراف. وقالت إنه من الأهمية بمكان أن تتوقف جميع الهجمات "إذ لا يزال العراق- بل والمنطقة بأسرها- على حافة الهاوية، حيث يهدد أقل سوء تقدير باندلاع مواجهة كبرى".
ومع اشتعال الصراع في غزة، قالت إن جهود الحكومة العراقية تتركز على تجنب تداعيات ذلك على الصعيدين المحلي والإقليمي. "ومع ذلك، أضحت الهجمات المستمرة واقعا مُرا. وتنطلق هذه الهجمات من داخل حدود البلد وخارجها". ومضت قائلة: "إن أرسال الرسائل من خلال الضربات لا يؤدي إلا إلى تصعيد للتوترات وإلى قتل الناس أو إصابتهم وإلى تدمير الممتلكات. وبدلا من اللجوء إلى استخدام القوة، ينبغي أن تركز جميع الجهود على حماية العراق من الانجرار بأي شكل من الأشكال إلى صراع أوسع نطاقا".
ومن الأمثلة على ذلك، وفقا للمسؤولة الأممية، الهجوم الذي وقع في 28 كانون الثاني/يناير، والذي أسفر عن مقتل وإصابة جنود أمريكيين. وقد شوهد هذا مرة أخرى مع الضربات الانتقامية في 2 شباط/فبراير، والتي أسفرت أيضا عن وقوع ضحايا. وأضافت جنين هينيس-بلاسخارت أن الكثيرين أعربوا عن صدمتهم إزاء الهجوم الصاروخي الإيراني على أربيل قبل بضعة أسابيع، والذي أسفر عن قتل مدنيين - بما في ذلك فتاة صغيرة. "وكانت هذه الأفعال التي استندت إلى اتهامات فنّدتها الحكومة العراقية بشدة، متعارضة تماماً مع الجهود الكبيرة المبذولة بشأن الاتفاق الأمني بين العراق وإيران".
الانتخابات
تمت الانتخابات المحلية في 2023 بطريقة سلمية على نطاق واسع وبشكل سليم من الناحية الفنية، وفقا للسيدة بلاسخارت، مشيرة إلى أن ذلك مثّل محطة أخرى في جهود الحكومة للخروج من حلقات القصور السابقة. وأعربت عن أملها في أن تدل إعادة إنشاء الهيئات التمثيلية المحلية على المضي في خطوة رئيسية أخرى إلى الأمام.
وقالت: "سيكون التحدي الذي يواجه الانتخابات المستقبلية هو حشد نسبة إقبال أعلى من الناخبين، والأهم من ذلك، تشجيع الناخبين العراقيين الذين يحق لهم التصويت على التسجيل".
مستقبل أكثر إشراقا للعراقيين
وقالت ممثلة الأمين العام إن الإصلاحات والتنمية ضروريان لفتح آفاق مستقبلٍ أكثر إشراقا لجميع العراقيين. "مستقبل يستطيع فيه الشباب الاستفادة من مهاراتهم وقدراتهم لتحسين حياتهم ومجتمعاتهم، بدلاً من التظاهر في الشوارع بسبب اليأس، أو القيام بما هو أسوأ من ذلك: حمل السلاح". وأشارت إلى أن مشاركة العراق في مؤتمر الأطراف (COP28) نتجت عنها بعض الالتزامات الواعدة، وشددت على ضرورة أن يتحول التركيز الآن إلى تخفيف الآثار والتكيّف. وقالت إنه من دون الانتقال من مرحلة الوعود إلى العمل، فقد تضيع الفرص بسرعة ومضت قائلة:
"غالبا ما تؤدي مشاعر الإقصاء والتهميش إلى دورات متكرّرة من الصراع. إن إدارة التنوع ليست سهلة أبدا، ولكن إذا تمت بشكل جيد فإنها تمثل مكسباً كبيراً في الحيلولة دون زعزعة الاستقرار وانعدام الثقة والعنف، وتعزيز احترام حقوق الإنسان. والأمر الأساسي في ذلك هو سيادة القانون".
إقليم كردستان
بشأن الوضع في إقليم كردستان، قالت جينين هينيس-بلاسخارت إن التأجيلات المستمرة للانتخابات لا تخدم مستويات الثقة المتدنية أساسا، ولا تساهم في استقرار العراق. وقالت إن التشاحن مستمر بين بغداد وأربيل بشأن المسائل المالية والمتعلقة بالميزانية. "والناس هم من يعانون. إن التمويل لشهر كانون الثاني هو موضع ترحيب، ولكن هناك حاجة ماسة إلى حل أكثر ديمومة".
وشددت على أنه ليس بإمكان حكومة أن تقوم بذلك بمفردها، معربة عن أملها في أن يواصل جميع السياسيين العراقيين السعي لوضع البلاد على أوضح طريق للنجاح، بما يخدم مصالح جميع العراقيين. والأمر نفسه ينطبق على أي طرف فاعل آخر في داخل العراق أو خارجه: يتوقع منهم أن يدعموا هذا الهدف، بدلاً من إحباطه، حسبما قالت.
"إن الحاجة إلى تقدم مستدام، نحو الإصلاح الحقيقي، وتحسين مستويات المعيشة لن تتراجع. حيث ينمو عدد سكان العراق كل عام. وبينما تحتفظ خطط الحكومة بالمفتاح لتلبية هذه الاحتياجات، فإن تحقيقها سيصبح أصعب مع مرور الأعوام. لقد حان وقت العمل".
بلاسخارت تغادر منصبها
وفي ختام إحاطتها، أعلنت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق ورئيسة بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) أنها تتوقع مغادرة منصبها نهاية أيار/مايو، بعد خمس سنوات قضتها في هذا المنصب الذي شغلته منذ 2018. وقالت: "إنه ليس أمرا سهلا. وفي السراء والضراء، أصبح العراق ببساطة جزءا مني. لا يسعني إلا أن آمل أن يتعرّف الناس من جميع أنحاء العالم يوما ما، إن شاء الله، على العراق الحقيقي. إنه بلد ذو جمال هائل. بلد ذو تنوع وثقافة غنيين، حيث توجد العديد من الفرص لاغتنامها".
وأشادت بجميع العراقيين- رجالا ونساء- على تضحياتهم وقوتهم وعمق التزامهم ببناء عراق مزدهر وديمقراطي وسلمي. واختتمت حديثها بالقول: "عاش العراق".