Breadcrumb
الأونروا: نحن باقون في غزة، وسكان القطاع يتطلعون إلى العودة إلى ديارهم
قال عدنان أبو حسنة، المتحدث باسم الأونروا في غزة، إن أهل القطاع يعيشون "أسوأ لحظات حياتهم" في ظل أوضاع مأساوية على جميع الأصعدة واستمرار تدفق النازحين إلى مدينة رفح والحدود الفلسطينية المصرية.
وفي اتصال هاتفي مع أخبار الأمم المتحدة من رفح، أكد السيد أبو حسنة أن الأمم المتحدة باقية في غزة من خلال الأونروا لتقديم ما يمكنها من مساعدات للسكان هناك، الذين يفضلون نصب الخيام فوق بيوتهم المهدمة على الانتقال إلى خارج القطاع.
وحذر أبو حسنة من تداعيات عملية عسكرية برية إسرائيلية محتملة في رفح، مؤكدا أن القطاع بات أمام "مكرهة صحية خطيرة وتدهور غير مسبوق" إذا بقي الوضع على حاله.
فيما يلي نص الحوار مع عدنان أبو حسنة المستشار الإعلامي للأونروا في غزة.
عدنان أبو حسنة: كان تعداد سكان رفح حوالي 250 ألف شخص أو في أقصى الحدود حوالي 270 ألفا، واليوم هذه المدينة أصبحت تؤوي أكثر من مليون وأربعمائة ألف فلسطيني. هذا يشكل ضغطا كبيرا على هذه المدينة. هم يعيشون أسوأ لحظات حياتهم. هناك عشرات الآلاف من الخيام العشوائية التي نصبت في الشوارع والأماكن الفارغة وحول مراكز الإيواء. الأوضاع على كافة المستويات - الأوضاع الإغاثية، الأوضاع الصحية، أوضاع المياه الصالحة للشرب أو المياه الصالحة للاستخدام الآدمي - كلها أوضاع سيئة للغاية. واستمرار هذه الأوضاع بهذه الطريقة حيث يتم تجميع معظم سكان قطاع غزة في مدينة رفح له أخطار غير مسبوقة على كافة المستويات النفسية والحياتية والمجتمعية والإغاثية بصفة عامة.
أخبار الأمم المتحدة: كيف تتعاملون مع هذا الوضع خاصة في ظل الضغوط التي تتعرض لها الأونروا حاليا فيما يتعلق بالموارد المالية؟
عدنان أبو حسنة: نحن نوفر مباشرة ما يصل إلينا عبر معبر رفح وعبر معبر كرم أبو سالم. يتم توزيع هذه المواد إما على مراكز الإيواء التابعة للأونروا - وهي متواجدة الآن في مدينة رفح ومنطقة دير البلح بوسط قطاع غزة. نحاول قدر استطاعتنا أن نوفر بعضا من المواد الغذائية وبعضا من المياه، ولكن للأسف الشديد ما نقدمه لا يكفي على الإطلاق. هناك احتياجات هائلة. يبلغ متوسط دخول الشاحنات يوميا إلى قطاع غزة 85 شاحنة تقريبا، بينما كان متوسط إدخال الشاحنات 500 شاحنة قبل هذا التصعيد الأخير. لذلك ما يدخل حتى الآن هو نقطة في بحر الاحتياجات الإنسانية. يضاف إلى ذلك انهيار الأوضاع الصحية. لم يعد للغزيين على مستوى الأفراد البنية الصحية لمقاومة الأمراض. هناك مئات الآلاف من المرضى المصابين بالتهابات معوية أو التهابات صدرية أو الأمراض الجلدية - حتى الجرب ينتشر - وأيضاً مرض التهاب السحايا والكبد الوبائي. نحن أمام مكرهة صحية خطيرة وتدهور غير مسبوق. ومن الواضح أنه إذا استمرت الأوضاع بهذه الطريقة، سنرى العديد من الوفيات في الأيام والأسابيع القادمة.
أخبار الأمم المتحدة: المساعدات طبعا لا تصل تقريبا إلى شمال القطاع، ولكن هل هي كافية في رفح حاليا؟ هل هناك خدمات تقدم في رفح؟
عدنان أبو حسنة: ما نقدمه في رفح هو ما يدخل من مساعدات عبر المعابر. هناك فرق صحية. لدينا حوالي مائة فريق صحي تعمل في مراكز الإيواء وخارجها. لدينا تقريبا خمس عيادات ما زالت تعمل وتستقبل عشرات الآلاف من المرضى. نزود ما تبقى من محطات تحلية المياه بالوقود وللبلديات والصرف الصحي وللعيادات والمشافي. هذا ما نقوم به. ولكن المنظومة ككل تتهاوى بصراحة.
أخبار الأمم المتحدة: هناك تحذيرات من انفجار الوضع على الحدود المصرية. ما الإجراءات التي تؤخذ لمنع ذلك؟
عدنان أبو حسنة: هذه إجراءات ليس بيدنا. عندما يتم الدفع بمعظم سكان قطاع غزة إلى الحدود الفلسطينية المصرية في ظل وجود أوضاع مأساوية ومتدهورة كل ساعة، يعني ما الهدف من ذلك؟ والآن هناك تهديدات بعمليات عسكرية في منطقة رفح أيضا. لا أحد يستطيع أن يتنبأ بصورة الأوضاع أو بما سيحدث.
أخبار الأمم المتحدة: قد لا يفهم البعض بشكل كامل الآثار المترتبة على انتقال النازحين من غزة عبر الحدود إلى مصر حتى تنتهي العمليات العسكرية، هل يمكنك توضيح سبب عدم جدوى ذلك؟
عدنان أبو حسنة: بالنسبة لنا كوكالة الأونروا، نحن سنبقى في غزة وسنواصل تقديم هذه المساعدات إلى الفلسطينيين النازحين، ولكن الأوضاع في غزة هي أوضاع خطيرة للغاية. الأمم المتحدة والأونروا لا يمكنهما على الإطلاق أن تساعدا في هذا الخيار (الانتقال عبر الحدود مع مصر). هذا الخيار صعب للغاية. وما نراه هو أن الناس يريدون العودة إلى بيوتهم. هذا ما نلمسه. الناس يريدون العودة إلى بيوتهم حتى لو كانت مهدمة. هم مستعدون لنصب الخيام هناك.
أخبار الأمم المتحدة: في ظل الوضع الذي شرحته للتو، ماذا يعني بدء عملية برية في رفح؟
عدنان أبو حسنة: العملية البرية تعني مئات القتلى والجرحى، بل يمكن أن يصل الحال إلى آلاف القتلى؛ تعني دمارا كبيرا؛ تعني ازدياد الضغوط الإنسانية على الأونروا وغيرها من المنظمات؛ وتعني عملية تدوير جديدة للنزوح. بعض العائلات نزحت سبع مرات أو أكثر، وبصراحة لا نعرف ما الذي يمكن أن يحدث. ليس لدينا تصور واضح لما يمكن أن يحدث إذا بدأت عملية برية في رفح.
أخبار الأمم المتحدة: كيف تبدو معنويات موظفي الأونروا- الذين يواصلون تقديم المساعدات والدعم- في ظل كل هذا الضغط الكبير الذي تتعرضون له؟
عدنان أبو حسنة: موظفو الأونروا هم بشر في النهاية. الآلاف من الموظفين العاملين في مراكز الإيواء هم نازحون أيضا، ولديهم أسر ولديهم معاناة شديدة في كل شيء، ولكنهم ملتزمون بالتفويض وبالواجب الأممي. فهم يواصلون تقديم المساعدات رغم مقتل حوالي 152 من الزملاء. هناك حوالي 148 منشأة للأونروا أصيبت إما بأضرار مباشرة أو أضرار غير مباشرة. تم استهداف مراكز عديدة للنازحين، وقتل حوالي 370 نازحا. في النهاية، موظفو الأونروا، كما كل الناس، لا يجدون مكانا آمنا في غزة. هم عرضة أيضا لخطر القتل والإصابة وتدمير بيوتهم، كما هو الحال في جميع أنحاء غزة.
لو ألقيت حجرا في غزة ستقتل وتجرح (في ظل كثافة السكان)، فما بالك بالدبابات والطائرات والصواريخ.