Breadcrumb
حوار – الاقتصاد في غزة سيحتاج 7 عقود للعودة إلى مستويات النمو في 2022
قال خبير اقتصادي في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) إن الخطوات اللازمة لإنهاء دائرة التدمير الاقتصادي في غزة تستوجب دعما سياسيا غير مسبوق من المجتمع الدولي. وأكد أنه مع استمرار العملية العسكرية في القطاع فإن الخسارة التي يواجهها الاقتصاد، والوقت اللازم للتعافي من آثار هذه الحرب العسكرية سيكونان أكبر وأطول.
وفي حوار مع أخبار الأمم المتحدة، سلط رامي العزة الاقتصادي في وحدة مساعدة الشعب الفلسطيني في مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، الضوء على الصورة التي رسمها التقرير الذي أصدره الأونكتاد اليوم بشأن التدهور الاقتصادي والاجتماعي في قطاع غزة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وأوضح العزة أن التقرير حذر من أنصاف الحلول "حيث إن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعاني وسوف يظل يعاني إلى عقود لاحقة إذا ظل الوضع على ما هو عليه".
فيما يلي النص الكامل للحوار.
أخبار الأمم المتحدة: الأونكتاد أصدر تقريرا عن التدهور الاقتصادي والاجتماعي في غزة منذ بدء العملية العسكرية في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي. هل تطلعنا على أبرز ملامح التدهور التي رصدها التقرير؟
رامي العزة: التقرير في البداية اطلع على الوضع الاقتصادي في غزة مع نهاية عام 2023، أو بعد ثلاثة أشهر من بدء العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة. التقرير في تحليله أوضح أن الاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة خسر ربع قيمته عام 2023 مقارنة بعام 2022، وأغلبية هذه الخسارة أتت في آخر ثلاثة أشهر من السنة خلال العملية العسكرية.
كما قال التقرير إن نصيب الفرد من الناتج الإجمالي المحلي في قطاع غزة تراجع بنسبة 26%، وهو ما يوازي تراجعه في الـ 16 عاما الماضية من الحصار وست عمليات عسكرية إسرائيلية سابقة في القطاع. يسلط التقرير الضوء على حجم الدمار الاقتصادي غير المسبوق في قطاع غزة، حيث وصلت نسبة البطالة مع نهاية عام 2023 إلى 80%، أي أن ما تبقى من العمالة هي فقط للأمور الإغاثية والمستشفيات. غير ذلك، يقول التقرير إن جميع الأنشطة الاقتصادية تم تدميرها بالكامل.
كما سلط الضوء على حجم معاناة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة حيث إن الفقر زاد بنسبة 96% بنهاية 2023. ويسلط الضوء أيضا على أنه مع استمرار العملية العسكرية في قطاع غزة فإن الخسارة التي يواجهها الاقتصاد الفلسطيني في القطاع، والوقت الذي يلزم لتعافي قطاع غزة من آثار هذه الحرب العسكرية سيكون أطول. وما يحتاجه القطاع من دعم المانحين لإعادة الإعمار والتعافي سيكون أضعاف ما كان عليه بعد العملية العسكرية في عام 2014.
أخبار الأمم المتحدة: يؤكد تقييم الأونكتاد أن استعادة الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي كانت سائدة قبل بدء العملية العسكرية في غزة ستستغرق عقودا من الزمن، وتتطلب مساعدات خارجية كبيرة. هل تحدثنا أكثر عن هذه النقطة، وعن تلك المدة الزمنية المتوقعة كي يستعيد الاقتصاد في غزة عافيته؟
رامي العزة: يحدد التقرير الشروط اللازمة لتعافي اقتصاد غزة، وبداية هو وقف العملية العسكرية فورا، وبدء إعادة الإعمار فورا، والتدخل الكبير المطلوب من الدول المانحة والمجتمع الدولي في تمويل إعادة الإعمار بشكل كبير.
كما يقول التقرير إنه يجب دمج قطاع غزة والضفة الغربية تحت مظلة واحدة، وذلك يساعد للوصول إلى حل سياسي عبر حل الدولتين. وفي أحسن الأحوال، وإن كل هذه الشروط تمت، سوف يستغرق القطاع- مع نمو مستمر بمقدار 10%- سيستغرق حتى عام 2035 للعودة للمستويات التي كان عليها في 2006 أي قبل الحصار الاسرائيلي على القطاع.
كما يحذر التقرير من أن العودة إلى ما كان سائدا أو الوضع القائم قبل تشرين الأول/أكتوبر من عام 2023، لا يجب أن يكون خيارا مطروحا على الطاولة، حيث إن الاقتصاد في غزة في 16 عاما نما بمقدار 1% فقط. وكان معدل النمو في قطاع غزة خلال الستة عشر عاما الماضية هو 0.4% فقط.
وإذا حدث ذلك فإن عودة الاقتصاد أو الناتج المحلي لمستوياته التي كان عليها عام 2022، يحتاج فترة من الزمن تمتد حتى عام 2092. ولكن هذا ليس مطروحا على الطاولة حيث إن الأزمة الإنسانية هي شيء غير مسبوق. ولذا على المجتمع الدولي الآن أن يتدخل بشكل عاجل لإنهاء الحرب لإيجاد حل جذري لهذه الدائرة المفرغة من العنف في الأرض الفلسطينية المحتلة من خلال حل الدولتين.
ويحذر التقرير من أنه لا لأنصاف الحلول حيث إن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة يعاني وسوف يظل يعاني إلى عقود لاحقة إذا ظل الوضع على ما هو عليه.
أخبار الأمم المتحدة: في ظل كل هذه المعطيات ما هو حجم الالتزام المالي المطلوب من أجل دعم عملية تعافي الاقتصاد في غزة وإعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب؟
رامي العزة: الالتزام المالي المطلوب هو أضعاف ما كان مطلوبا بعد العملية العسكرية الإسرائيلية عام 2014، وكان 3.9 مليار دولار فقط لإعادة البناء.
ولكن حجم الدمار غير المسبوق الذي نراه الآن في غزة وحجم المأساة الإنسانية تستوجب دعما ماليا بأضعاف هذا الرقم فقط لتلبية الاحتياجات الإنسانية في قطاع غزة حاليا، ولإعادة الإعمار بشكل جاد مع فتح المعابر، وإنهاء الحصار على قطاع غزة، وإعادة دمج القطاع مع الضفة الغربية تحت إطار واحد لبناء مؤسسات أقوى تستطيع قيادة إعادة الإعمار في غزة.
أخبار الأمم المتحدة: هل هناك توصيات أخرى طرحها التقرير لكسر دائرة التدمير الاقتصادي التي جعلت ثمانين في المئة من السكان يعتمدون على المساعدات الدولية؟
رامي العزة: الخطوات اللازمة تستوجب دعما سياسيا غير مسبوق من المجتمع الدولي لإنهاء هذه الدائرة من التدمير الاقتصادي.
يجب أولا وثانيا وثالثا إنهاء العملية العسكرية الإسرائيلية في قطاع غزة الآن. ويجب التوصل من خلال حل الدولتين إلى حل جذري للمشكلة، حيث قال الأمين العام في إحاطته أمام مجلس الأمن إن هذه مشكلة تعود إلى عام 1967 والاحتلال الإسرائيلي و17 عاما من الحصار على قطاع غزة، والآن الدمار غير مسبوق. فيجب التحرك العاجل وبجدية على كل المستويات الإنسانية والتمويلية والسياسية لإيجاد حل جذري لما يحصل في قطاع غزة.