Breadcrumb
مشروع ضخم لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بأسوان بالتعاون بين مصر والأمم المتحدة
يسعى الهدف السابع من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة إلى تعزيز الحصول الأوسع على الطاقة والاستخدام المحسَّن للطاقة المتجددة. وفي السادس والعشرين من كانون الثاني/يناير تحيي الأمم المتحدة اليوم الدولي للطاقة النظيفة تأكيدا لدورها الحيوي في الحد من انبعاثات غازات الدفيئة في عالم يكافح تغير المناخ مع توفير احتياجات كل المجتمعات.
مراسلنا في مصر خالد عبد الوهاب يلقي الضوء في التقرير التالي على مشروع عملاق للطاقة الشمسية في محافظة أسوان بصعيد مصر (الجنوب). ونقل عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي القول إن مصر بدأت برنامجا طموحا لإصلاح سياسة الطاقة، بهدف أن تأتي 40٪ من الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2035، لافتا إلى أنها تقوم بتحويل سوق الطاقة لديها من خلال الاستثمار في كفاءة الطاقة وتنويع مزيج الطاقة لديها من خلال الاستثمار بشكل أكبر في مصادر الطاقة المتجددة البديلة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
المزيد في التقرير التالي.
يعد مشروع توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بقرية ببنبان، التابعة لمركز دراو شمال مدينة أسوان بمصر، من المشروعات العملاقة في مجال إنتاج الطاقة النظيفة والمتجددة، كما يقول الدكتور هاني مصطفى المنسق العام لمشروع الطاقة الشمسية ببنبان بأسوان:
"هذا المشروع عبارة عن أربعين محطة طاقة شمسية تنتج الواحدة منها 50 ميجا بإجمالي إنتاج 2000 ميجا، وهي تعد أكبر محطة شمسية مجمعة على مستوى العالم، وجاءت فكرة إنشائها بتوجيه من الرئيس عبد الفتاح السيسي عام 2014 بإنتاج الكهرباء بالطاقة النظيفة. وقد وفر المشروع نحو 30 ألف فرصة عمل لمهندسين ومشرفين وفنيين وعمال، وتبلغ مساحة المحطة الواحدة 250 فدانا، وتنتج تلك المحطات ما يقارب 90% من إنتاج السد العالي. وروعي في اختيار منطقة بنبان بمركز دراو بمحافظة أسوان لتنفيذ المشروع أنها الأكثر سطوعا للشمس على مدار العام في مصر، وتكون ذروة الإنتاج في فترة الظهيرة من الساعة الثانية عشرة إلى الواحدة ظهرا ".
ويقول وزير الكهرباء الدكتور محمد شاكر إن مشروع بنبان للطاقة الشمسية في محافظة أسوان أهم المشروعات القومية التي شهدتها مصر في مجال الطاقة النظيفة، كما يعد من أكبر المشروعات العالمية في مجال الطاقة المتجددة:
"جاء اختيار موقع قرية بنبان بأسوان لطبيعة موقعها الجغرافي واستمرار سطوع الشمس فيها على مدار العالم، ما يجعل محطاتها الشمسية الأكثر غزارة في إنتاج الكهرباء، ليس فقط على المستوى المحلي، بل على مستوى العالم في الوقت الحالي".
وعلاوة على تواجد ما يقارب الأربعين شركة في مشروع إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية في بنبان بأسوان، فإن هناك مشاركات دولية في المشروع لكل من الاتحاد الأوروبي والبرنامج الإنمائي للأمم المتحدة. ويقول السيد أليساندرو فراكاسيتي، الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر "سيساعدنا هذا المشروع على دفع عجلة تحول مصر لسوق الطاقة الخضراء وإطلاق العنان لإمكانات الابتكار في مجال الطاقة الشمسية" وتسريع انتقال البلاد نحو التنمية المستدامة، وهذا ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر المناخ بشرم الشيخ.
وأضاف "خلال قمة شرم الشيخ للمناخ في مصر العام قبل الماضي، أكدت خطة العمل في هذه القمة التزام المجتمع الدولي بالحفاظ على متوسط ارتفاع درجة الحرارة لما دون درجتين مئويتين، وفقا لأحدث تقرير للمرجع العالمي لعلوم تغير المناخ والهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. ولذا فإن هذا الأمر يتطلب إجراء فوريا لتقليل العرض والطلب على الوقود الاحفوري والانتقال إلى الطاقة المتجددة على نطاق واسع وسيظل الاتجاه العالمي للانتقال للطاقة المستدامة مدفوعا بتقدم غير مسبوق في تقنيات الطاقة، وهو ما يتيح فرصا كبيرة أمام الاستثمارات الأجنبية في البلدان النامية".
وأضاف المسؤول الأممي أن الحكومة المصرية منحت فرصا هائلة إذ وقعت اتفاقيات لتعزيز الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة، بما في ذلك اتفاقية تاريخية لنشر 10 جيجا وات من الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، مع توفير 5 جيجا وات من المرافق غير الفعالة التي تعمل بالغاز.
وأثنى ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي على دور مصر لإصدارها تقرير المساهمات المحددة وطنيا، الذي قال إنه يتضمن أهدافا طموحة لزيادة مساهمة الطاقة المتجددة في الطاقة الكهربائية إلى 42% بحلول عام 2035 وخفض الانبعاثات في قطاع الكهرباء بنسبة 33% ومن الغازات المصاحبة للنفط والغاز بنسبة 65%. وأضاف أن ذلك يتطلب عملا جادا ليس فقط من جانب الحكومة المصرية وإنما أيضا من جانب شركائها في التنمية والقطاع الخاص.
وقال: "يدعم برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بمصر منذ فترة طويلة التحول للطاقة النظيفة بتعزيز كفاءة تقنيات الطاقة المتجددة واللامركزية، فعلى سبيل المثال تم بيع أكثر من 200 مليون مصباح ليد موفر للطاقة في السوق المصرية منذ عام 2014، وجاء هذا نتيجة الشراكة بين البرنامج الإنمائي ووزارة الكهرباء المصرية في إطار تحول السوق للإضاءة الموفرة للطاقة".
وتم تخصيص 10 % من أرباح مشروع الطاقة الشمسية ببنبان لدعم المجتمع المحلي المحيط، وهذا ما يؤكده المهندس حسام سلطان مدير جمعية مستثمري الطاقة الشمسية بأسوان:
"يعد هذ المشروع ضمن أكبر أربعة مشروعات للطاقة الشمسية على مستوى العالم، وقمنا باستهداف المجتمع المحيط بخطة للمسؤولية المجتمعية، ودرسنا احتياجات الناس هنا في بنبان ووجدنا أن هناك احتياجا للتدخل في ثلاثة قطاعات هي الصحة والتعليم والتمكين الاقتصادي. وساهمت الجمعية في إنشاء مدرسة ثانوية فنية للطاقة الشمسية يتدرب طلابها بشكل عملي في هذا المشروع".
وتؤكد المهندسة أميرة غندور، التي تعمل في إحدى الشركات بالمشروع، أن المشروع يساهم في حل المشكلات المجتمعية في المجتمع المحلي:
"لم يقتصر المشروع على المباني والأعمال الإنشائية والفنية، وإنما عمل القائمون على المشروع على خدمة المجتمع المحيط بتوفير وحدات للغسيل الكلوي لعلاج مرضى الفشل الكلوي، بالإضافة لتوفير فرص تعليمية مميزة لأبناء القرية من خلال مدرسة الطاقة الشمسية".
حصل مشروع الطاقة الشمسية ببنبان على العديد من الجوائز، ومنها الجائزة السنوية للبنك الدولي كأفضل مشروعات البنك المتميزة على مستوى العالم عام 2019، وجائزة التميز الحكومي العربي في دورتها الأولى كأفضل مشروع تطوير بنية تحتية، وبالتوازي مع المشروع وفي قرية بنبان تم إنشاء مدرسة ثانوية مشتركة للطاقة الشمسية، وهناك التقينا بمدير المدرسة السيد يوسف فؤاد مع الطالبة إسراء عبد الحميد:
"المنهج الدراسي في المدرسة يحوي مواد ثقافية كاللغة العربية والإنجليزية والرياضيات والكيمياء والفيزياء وهناك مواد عملية متعلقة بالكهرباء كالدوائر والتركيبات والصيانة والرياضة التخصصية".
"أدرس بمدرسة الطاقة الشمسية دراسة عملية كتوصيل الكابلات وكيفية حل المشاكل. اخترت هذا المجال لأنني أرى أن المستقبل للطاقة الشمسية المتجددة. ويسعدني أن أخدم بلدي من خلال هذا المجال الذي فيه فائدة كبيرة لبلدي مصر".
بشراكة بين الحكومة المصرية والقطاع الخاص وعدد من المنظمات الدولية منها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، يعمل مشروع توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية في بنبان على توفير الطاقة المتجددة للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة في مصر، وتحسين الوصول إلى الطاقة النظيفة، وتعزيز التنمية الاقتصادية المحلية، والحد من استهلاك الوقود الأحفوري، سعيا لتحقيق الهدف السابع من أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
خالد عبد الوهاب - لأخبار الأمم المتحدة.