تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مسؤول أممي: الصحة في إقليم شرق المتوسط مهددة على نحو لم يسبق له مثيل

قال المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، الدكتور أحمد المنظري إن النظام الصحي في قطاع غزة يقف "على شفير الهاوية". وأشار كذلك إلى أن الناس في الإقليم لا يقوون على تحمل المزيد من الحرمان من الرعاية الصحية المنقذة للحياة.

وفي الكلمة الافتتاحية في جلسة الإحاطة الإعلامية للمكتب الإقليمي لشرق المتوسط اليوم الاثنين، قال المنظري إن النظام الصحي في غزة يسعى بكل ما أوتي من قوة إلى مواصلة أداء وظائفه وسط تحديات جسيمة وتهديدات بالتعرض للهجمات.

وأضاف أنه مع وجود 15 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى يؤدي وظائفه، على نحو جزئي، يتلقى العديد من المرضى المصابين العلاج وهم يفترشون الأرض داخل المرافق الصحية المكتظة. وقال المسؤول الأممي إن "كثيرا من هؤلاء الذين يمكن إنقاذهم يموتون بسبب نقص الأطباء المتخصصين، وانعدام الوقود والكهرباء، والدواء والغذاء، والماء النظيف".

وأوضح أنه نتيجة للقيود والتأخيرات المفروضة على إيصال الوقود والأدوية والمساعدات الأخرى، "ما زالت معاناة الناس في غزة ومخاطر وفاتهم وإصابتهم بالأمراض على نحو لا يتصوره عقل في زيادة مستمرة". وأشار إلى أن المنظمة دعت طوال 100 يوم إلى زيادة تدفقات المعونة الإنسانية إلى غزة، وتيسير الوصول إليها دون عوائق، ووقف الأعمال العدائية، التي تتسبب كذلك في تداعيات مقلقة في كل من لبنان واليمن. 

فريق أممي بقيادة منظمة الصحة العالمية يزور مستشفى الشفاء، شمال غزة في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر 2023 لتقييم الوضع على الأرض.
WHO
فريق أممي بقيادة منظمة الصحة العالمية يزور مستشفى الشفاء، شمال غزة في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر 2023 لتقييم الوضع على الأرض.

حالات طوارئ جديدة تجتاح الإقليم

وتحدث المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط عن الوضع في المنطقة قائلا "إن الناس في إقليمنا - وهم من أكثر الناس ضعفا في العالم - لا يَقْوون على تحمل المزيد من الحرمان من حقوقهم الأساسية في الحياة، ومن الحصول على الرعاية الصحية المنقذة للحياة"

وأشار المسؤول الأممي إلى النداء الذي أطلقته منظمة الصحة العالمية اليوم الاثنين لجمع 1.5 مليار دولار أمريكي لحماية صحة السكان الأكثر ضعفا في 41 حالة طوارئ حول العالم في عام 2024. ويغطي النداء حالات الطوارئ التي تتطلب أعلى مستوى من الاستجابة من منظمة الصحة العالمية، بهدف الوصول إلى أكثر من 87 مليون شخص. وقال المنظري "نطلق هذا النداء في وقت باتت فيه الصحة في إقليم شرق المتوسط مهدَّدة على نحو لم يسبق له مثيل".

وأوضح أنه في النصف الثاني من 2023، اجتاحت إقليم شرق المتوسط ست حالات طوارئ جديدة، "منها فاشية كبرى للكوليرا في السودان على خلفية الصراع المتصاعد هناك، والفيضانات في ليبيا، والزلازل الكبرى في المغرب وأفغانستان، والمأساة المستمرة التي تتوالى فصولها في الأرض الفلسطينية المحتلة، وهي واحدة من أصعب الأزمات الإنسانية والصحية العامة في تاريخ الإقليم الحديث".

وقال المنظري إن أكثر من 15 مليون شخص في سوريا يحتاجون إلى الخدمات الصحية في ظل نظام صحي يعاني من تكرار الصدمات التي تضمنت تفشي الأمراض، وغياب الاستقرار الاقتصادي، ووقوع الزلزال المدمر الذي ضرب كلا من الجمهورية العربية السورية وتركيا مطلع العام الماضي. ونبه كذلك إلى أن اليمن لا يزال يواجه أزمة إنسانية حادة، إذ يحتاج ما يقرب من 18 مليون شخص إلى المساعدات الصحية. 

تدعم منظمة الصحة العالمية العاملين الصحيين في السودان بالأدوية الأساسية والإمدادات الجراحية والوقود للحفاظ على الخدمات الصحية.
© WHO/Lindsay Mackenzie
تدعم منظمة الصحة العالمية العاملين الصحيين في السودان بالأدوية الأساسية والإمدادات الجراحية والوقود للحفاظ على الخدمات الصحية.

20 % في المائة من السكان يحتاجون مساعدة

وأكد أن 140 مليون شخص في إقليم شرق المتوسط يحتاجون إلى مساعدات إنسانية، وهو ما يمثل 20% تقريبا من سكان الإقليم، وما يقرب من 40% من جميع المحتاجين على مستوى العالم. وأوضح أيضا أنه في عام 2024، ستحتاج منظمة الصحة العالمية إلى ما يقرب من 706 ملايين دولار للاستجابة لحالات الطوارئ الكبرى في إقليم شرق المتوسط.

وأفاد المنظري بأن الاستجابة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية ستركز في 2024 بالتنسيق مع السلطات الصحية والشركاء وجميع المستويات الثلاثة للمنظمة، على حالات الطوارئ متعددة البلدان، بما يشمل الجفاف وانعدام الأمن الغذائي في منطقة القرن الأفريقي الكبرى، وفاشيات الكوليرا المنتشرة في 9 بلدان من بلدان الإقليم البالغ عددها 22 بلدا، وحُمى الضنك. 

ونبه إلى أنه بالرغم من أن كوفيد-19 لم يعد يمثل طارئة صحية عالمية، "فإننا لا نزال ملتزمين بالعمل مع البلدان والمجتمعات المحلية للوقاية من تزايد انتشاره، مع العمل في الوقت نفسه على بناء القدرات للتعامل مع الجوائح في المستقبل".

عزم وصمود

وتعد هذه هي الإحاطة الإعلامية الأخيرة للمدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، الدكتور أحمد المنظري الذي تنتهي مدة ولايته البالغة خمس سنوات في 31 كانون الثاني/ يناير 2024. وقال المنظري إنه رأى على مدى خمس سنوات مرارا وتكرارا كيف تؤثر حالات الطوارئ على حياة الأبرياء.

وأضاف "بينما أغادر منصب المدير الإقليمي، يعتصر الحزن قلبي على ما آلَ إليه الوضع في إقليمنا. فالمكاسب الهشة التي تحققت تقف الآن في مهب الريح نتيجة خلط الصحة بالسياسة، في وقت تتزايد فيه حدة تأثير تغير المناخ على الصحة العامة". وقال المسؤول الأممي إنه رأى في الوقت نفسه الأثر الذي تتركه منظمة الصحة العالمية وشركاؤها للمساعدة في إنقاذ الأرواح وتعزيز النظم الصحية لجميع من يحتاجون إليها.

وأشار إلى أنه رغم أن الوضع في غزة كشف مؤخرا هشاشة الاعتقاد الراسخ بقدسية الصحة، فإنه "قد أوضح لنا في المقابل عزم العاملين الصحيين والجهات الفاعلة في مجال العمل الإنساني على بذل قصارى جهدهم - حتى لو كان ذلك على حساب سلامتهم وعافيتهم - للوصول إلى المحتاجين وإمدادهم بالرعاية المنقذة للحياة".

وخاطب شعوب الإقليم بالقول "إن قدرتكم على الصمود في وجه التحديات وتصميمكم على بناء مستقبل أفضل لأسركم وبلدانكم هو مبعث إلهام لنا جميعا". وحث الجميع، لا سيما دول الخليج "التي تتمتع باستقرار اقتصادي وسياسي"، على استخدام مواردها وإعلاء صوتها "لدعم شعوبنا التي تعاني من بعض أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم أجمع".