Breadcrumb
شُح الوقود يثير مخاوف انهيار الرعاية الصحية في غزة
ناشد مسؤولو الإغاثة في الأمم المتحدة إدخال الوقود ومواد الإغاثة الأخرى التي تشتد الحاجة إليها في قطاع غزة، بشكل مستدام، للحيلولة دون تفاقم الوضع الصعب في القطاع. وحذروا بشدة من العواقب الخطيرة لنقص الوقود.
وفي المؤتمر الصحفي الدوري لوكالات الأمم المتحدة في جنيف، قالت منظمة الصحة العالمية إن الأطباء يقومون بإجراء عمليات جراحية دون تخدير وغيره من الإمدادات الجراحية الأساسية.
وذكرت أن الوقود أصبح "السلعة الأكثر حيوية" في غزة، إذ يعتمد عمل المستشفيات على الوقود الضروري لتوليد الكهرباء اللازمة لعمل الأجهزة الطبية.
تمارا الرفاعي المتحدثة باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا)، قالت إنه بدون الكهرباء "لا يمكن للشاحنات أن تتحرك ولا يمكن توليد الكهرباء للمستشفيات والمخابز ومحطات تحلية المياه".
وحتى الآن، لم يدخل الوقود مع الإمدادات الأخرى على متن قوافل المساعدات التي سُمح لها بدخول قطاع غزة حتى الآن.
وناشد دكتور ريك برينان مدير الطوارئ لإقليم شرق المتوسط بمنظمة الصحة العالمية ضمان تنفيذ عمليات إنسانية مستدامة وواسعة النطاق تتمتع بالحماية في غزة.
متحدثا من القاهرة للصحفيين في جنيف، دعا برينان جميع القادرين على اتخاذ القرارات أو التأثير على صناع القرار، إلى إتاحة المساحة الإنسانية لعاملي الإغاثة لمعالجة الكارثة الإنسانية في غزة.
وقالت تمارا الرفاعي المتحدثة باسم الأونروا إن الشاحنات الأربع والخمسين التي عبرت إلى غزة من مصر في إطار ثلاث قوافل إغاثة منذ يوم السبت، تحتوي على مزيج من المواد الغذائية والإمدادات الطبية والمواد غير الغذائية.
وبالمقارنة بفترة ما قبل التصعيد الأخير، قالت الرفاعي إن 500 شاحنة كانت تدخل إلى غزة يوميا - وكان من بينها شاحنات تجارية وما لا يقل عن 100 شاحنة مساعدات، تحمل نحو 45 منها الوقود.
وذكرت الرفاعي أن المسائل اللوجستية والتنسيق والنقل والتخزين للقوافل الثلاث القادمة من رفح تم تنظيمها من جانب الأونروا في قطاع غزة.
وردا على سؤال حول المخاطر الأمنية المتمثلة في وقوع أي شحنات وقود في الأيادي الخطأ، أوضحت الرفاعي أنه كما هو الحال مع الإمدادات الأخرى، ستكون الأونروا مسؤولة عن استلام الوقود والتعامل معه وتسليمه إلى المستشفيات ومحطات تحلية المياه.
وشددت على أن الوكالة لديها نظام صارم للغاية للتأكد من أن أي إمدادات تتلقاها تُستخدم للأغراض الإنسانية.
تفشي الأمراض مسألة وقت
وسلط الدكتور برينان المسؤول بالمكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية الضوء على العواقب الوخيمة لعدم توفر المياه النظيفة، والذي يتفاقم بسبب الاكتظاظ في أماكن اللجوء.
وقال إن معدل نصيب الفرد في غزة من الماء يوميا في الوقت الراهن يتراوح بين لتر وثلاثة لترات، بينما يبلغ الحد الأدنى المفترض للفرد 15 لترا يوميا.
وأشار إلى أن الناس يُضطرون إلى استخدام المياه الملوثة، وقال إن انتشار الأمراض المعدية "مجرد مسألة وقت".
وتعمل منظمة الصحة العالمية مع الأونروا لإنشاء نظام لمراقبة تفشي الأمراض مع تقديم تقارير يومية عن الوضع. والأمراض المعدية الأكثر شيوعا هي التهابات الجهاز التنفسي والإسهال، ولكن من المتوقع أيضا انتشار جدري الماء والتهابات الجلد.
اكتظاظ المرافق الصحية
وسلطت منظمة الصحة العالمية الضوء على الوضع الصحي الخطير في قطاع غزة في ظل القصف الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من أسبوعين، فيما عُطل واحد من كل ثلاثة مستشفيات واثنتين من كل ثلاث عيادات عن العمل.
وتعمل المرافق الصحية والعاملون بها فوق طاقتهم لعلاج أعداد كبيرة من إصابات الرضوح، الكثير منها إصابات معقدة بسبب الانفجارات.
وأشار الدكتور برينان إلى نزوح 1.4 مليون شخص بأنحاء غزة - خلال فترة وجيزة - بما يمثل تحديا للقطاع الصحي، وقال: "أعمل في مجال المساعدة الإنسانية منذ 30 عاما ولا أستطيع أن أتذكر هذا العدد من النازحين خلال هذه الفترة القصيرة من الزمن".
وقد تم تسليم بعض أدوية وإمدادات منظمة الصحة العالمية من قوافل الإغاثة الثلاث التي سمح لها بدخول القطاع، إلى ثلاثة مستشفيات إحالة رئيسية في جنوب غزة وإلى جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني لتوزيعها على مرفقيها الصحيين وطواقم الإسعاف.
وقال دكتور برينان إن العاملين في مجال الصحة في غزة شعروا بالارتياح لحصولهم على مخزون جديد من الإمدادات، فأخذوا صناديق الأدوية من الشاحنات ونقلوها مباشرة إلى غرف العمليات.
ولفت الدكتور برينان الانتباه إلى أن ما يصل إلى 200 امرأة تلد يوميا في غزة فيما يواجهن صعوبة في العثور على مكان آمن للولادة. ومن المتوقع أن يعاني أكثر من نصفهن من مضاعفات ومخاطر لعدم الحصول على الرعاية التي يحتجن إليها.
وأضاف أنه بالإضافة إلى ذلك وفي ظل القصف المستمر، فإن احتياجات الصحة النفسية لسكان غزة هائلة.
توقعات بارتفاع الوفيات
وسلط مسؤول منظمة الصحة العالمية الضوء على محنة سكان غزة الذين يعانون من أمراض مزمنة، بما في ذلك أمراض الكلى والسكري ممن يواجهون صعوبات متزايدة في الحصول على الخدمات الضرورية. وحذر من أنهم سيواجهون مضاعفات وأن "الوفيات سترتفع".
وعلى الجانب الآخر من الحدود في مصر، قالت منظمة الصحة العالمية إن لديها أدوية ومعدات طبية إضافية تكفي لتوفير التدخلات الجراحية لـ 3700 مصاب، والخدمات الصحية الأساسية لـ 110 آلاف شخص، والرعاية لـ 20 ألف مريض بأمراض مزمنة.
مخاطر العمل في منطقة حرب
وشدد برينان على أنه بعد وصول الإمدادات عبر الحدود، فإن تسليمها إلى المستشفيات يواجه تحديات نقص الوقود والمخاطر الأمنية الهائلة التي يتعرض لها موظفو الأمم المتحدة وشركاؤها الذين يحاولون تقديم المساعدات إلى المستشفيات في منطقة حرب نشطة.
وقالت تمارا الرفاعي المتحدثة باسم الأونروا إن الوكالة تشعر بالحزن البالغ على فقدان 35 موظفا حتى الآن، معظمهم كانوا نازحين يعملون داخل ملاجئ الوكالة ومرافقها لمساعدة أكثر من 400 ألف نازح يبحثون عن الأمان.
وقد تعرضت 40 منشأة تابعة للأونروا للأضرار منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وردا على سؤال حول المساءلة عن الوفيات والدمار، أكدت الرفاعي أهمية احترام مبادئ القانون الإنساني الدولي في زمن الحرب. وقالت: "ما حدث لزملائنا ومبانينا أمر غير مقبول، بغض النظر عمن فعل ذلك".